27 رجب 1342هـ ـ 3 مارس 1924م
مفكرة الإسلام: إنه الحدث الأهم والأخطر في أوائل القرن العشرين، والمصاب الجلل الذي أصاب أمة الإسلام في العصر الحديث، ولم يكن هذا السقوط مفاجأة، أو نتاج موقف أو هزيمة طارئة، بل محصلة جهود متضافرة ممتدة لعشرات السنين اشترك فيها أطراف متباينة، منهم عدو حاقد، وطاعن حاسد، وعميل خائن، وشعوبي جاهل، ومفتون متغرب، ومسلم أحمق ساذج، وفي النهاية سقطت الخلافة العثمانية التي ظلت تؤرق مضاجع صليبي أوروبا لأكثر من ستة قرون.
يرجع أصل العثمانيين إلى القبائل التركمانية، ويعتبر الأمير «عثمان بن أرطغرل» مؤسس الدولة العثمانية سنة 699هـ، في منطقة الأناضول أو آسيا الصغرى، وقد مرت الدولة العثمانية بسبعة مراحل انتقلت بها من حال إلى حال كما يلي:
أحمد تمام
كان انتصار صلاح الدين في معركة حطين على الصليبيين في (24 من ربيع الآخر 582هـ = 4 من يوليو سنة 1187م) حلقة هامة في حلقات الجهاد التي قام بها المسلمون، منذ أن نجح هؤلاء الغزاة في تكوين أربع إمارات صليبية في الشرق الإسلامي (في الرها وأنطاكية وبيت المقدس وطرابلس)، ولم يكن هذا النجاح الذي حققته الحملة الصليبية الأولى في العقد الأخير من القرن الخامس الهجري راجعًا إلى قوة عند الصليبيين أو إلى ضعف عسكري عند المسلمين بقدر ما كان راجعًا إلى ميراث الشك والعداوة والنزاع بين حكام المسلمين في هذه المنطقة، وكان بإمكانهم إبادة هذه القوات الغازية لو اجتمعت كلمتهم وتوحدت إرادتهم.
إقرأ المزيد: استرداد بيت المقدس.. مقدرة وعفو (في ذكرى استرداد بيت المقدس: 27 رجب 583هـ)
محمد علي شاهين
تعرّضت الدولة الإسلاميّة لهجمتين شرستين عاتيتين، جاءت الأولى كالإعصار من الشرق، وتولّى كبرها المغول بقيادة تيمورلنك وهولاكو من بعده، فجاسوا خلال الديار، وقوّضوا دولة بني العباس وحواضر الشرق الإسلامي، وقضوا على الحضارة الإسلاميّة العظيمة في بغداد عاصمة الخلافة ودمروها.
وجاءت الهجمة الثانية كالسيل من الغرب على شكل حملات صليبيّة متعاقبة، إلا أنّ قادة المسلمين وأمراءهم لم ييأسوا ولم يقنطوا، ونهضوا للدفاع عن دار الإسلام بشجاعة، وهبّوا لدفع الأخطار بجسارة، واستطاعوا تحويل الهزيمة إلى نصر ساحق في عين جالوت بقيادة المظفّر قطز، والظاهر بيبرس، وكذلك استطاع صلاح الدين يوسف بن أيوب توحيد الأمّة، والقضاء على أسباب الفرقة، وتحصين المدن الإسلاميّة، برفع أسوارها، ونصب أبراجها، وإحكام أبوابها، وبناء الحصون، والقلاع، والثغور المحصّنة على حدود الدولة من جهة البر والبحر، حتى تحرّرت القدس من الصليبيّين.
ا.د. محمد اسحق الريفي
كتبت الباحثة د. فدوى نصيرات مقالة قبل أسبوعين بعنوان "حقيقة موقف السلطان عبد الحميد الثاني من فلسطين"، زعمت فيها أنه سهل لليهود والصهاينة غزو فلسطين مالياً وبشرياً، وأنه كان ينوي بيعها لهم، معتمدة على تأويلات وتفسيرات خاطئة لمؤرخين غربيين، ومناقضة لحقائق تاريخية معروفة حول موقف السلطان عبد الحميد الثاني من بيع فلسطين.
جاء في المقالة المنشورة في "العرب اليوم" في 24 أبريل 2010 أن السلطان عبد الحميد الثاني فتح الباب على مصراعيه للنشاط الاقتصادي والسياسي والاستيطاني اليهودي في فلسطين، ما ساعدهم على غزو فلسطين مالياً وبشرياً. واعتمدت الباحثة في هذا الزعم على أقوال "وولتر لين" عن الصندوق القومي اليهودي. وجاء في المقالة أن السلطان عبد الحميد الثاني تفاوض مع "تيودور هرتزل" على بيع فلسطين لليهود، لسداد الديون العثمانية، وأن المفاوضات انتهت بالفشل، ليس بسبب مواقف السلطان الرافضة لبيع فلسطين، بل بسبب فشل "هرتزل" في جمع الأموال اللازمة من اليهود. وهذا يناقض ما عرف عن السلطان عبد الحميد الثاني من رفض قاطع للابتزاز اليهودي، ومن تمسك شديد بحق أمتنا في فلسطين.
ضياء دميرال
لقد حملت الدولة العثمانية منذ أن بزغ فجرها في القرن الثالث عشر م ، هموم الأمة الإسلامية بكل فخر واعتزاز ، وسَعَت بكل ما أوتيت من قوة إلى رعاية هذه الأمة وتأمين أمنها وراحتها وسلامتها في كل نواحي الحياة.
كما حرصت كل الحرص على نصرة الإسلام ونشر مبادئه وقيمه في أرجاء المعمورة، ثم رفعِ رايته خفاقة على جميع الأقاليم والبلدان... وما إن نتجول بين صفحات التاريخ ونتفحص المعلومات عن حياة سلاطين آل عثمان، حتى نجد معظمهم دائماً في مقدمة الصفوف يمتطون أحصنتهم ويقاتلون في ميادين الحرب ببسالة منقطعة النظير ، وعندما لم يقدروا على المشاركة في حرب ما، عدّوا أنفسهم عديمي الحظ ، وفاضت عيونهم بالدموع وامتلأت قلوبهم بالحزن والأسى..
الصفحة 2 من 2