السجون العراقية مقابر جماعية للأحياء.. أجهزة مخابرات غربية تحقق مع المعتقلين..

انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

 السجون العراقية مقابر جماعية للأحياء.. أجهزة مخابرات غربية   تحقق مع المعتقلين.. واستخدام السحر في الطعام والشراب السجون العراقية مقابر جماعية للأحياء.. أجهزة مخابرات غربية   تحقق مع المعتقلين.. واستخدام السحر في الطعام والشراب

الحقيقة الدولية – عمان – مروان شحادة – علي شربة

يبدو من العسير على المرء فهم الأمور الجسيمة التي تحدث في داخل السجون العراقية العلنية منها أو السرية، فقد بدت هذه السجون بعيدة كل البعد عن المؤسسة الإصلاحية التي تعمل على قواعد قانونية وإنسانية محضة، وإنما باتت تحركها طبائع عدوانية ترتكز على مصالح القائمين عليها.


وإذا كان قد جرى الكشف في الفترة الماضية عن سجن الجادرية السري، ومن ثم سجن مطار المثنى، وسجن التسفيرات/ الرصافة، فإن هناك أنباء وتقارير صحفية ومعلومات يتم التكتم عليها تتعلق بوجود سجون أخرى في عراق ما بعد الاحتلال الأمريكي، كسجن "كاني كوما" وسجن "قره جولان" في السليمانية يعود إلى الأمن الكردي والقوات الأمريكية، حيث يتم تغييب آلاف المعتقلين هناك وتغيير أسمائهم والعمل على منع الاتصال بذويهم، ومن ثم مساومتهم على مبالغ مالية طائلة لإطلاق سراحهم. وعند الاستفسار عنهم بالطرق الرسمية يتم نفي وجود أسمائهم أصلاً.

فضلا عن ذلك يعيش السجناء والمعتقلون في تلك السجون أوضاعا مأساوية جراء التعذيب الشديد الذي يتعرضون له بشكل مستمر على أيدي الجلادين الذين توظفهم الحكومات العراقية من أجل ذلك.

كما يخضع السجناء والمعتقلون دوما لضغوط نفسية لإجبارهم على الانصياع للأجهزة الإستخباراتية الأمريكية أو الإيرانية أو الصهيونية، للكشف عن المعلومات المتوفرة لدى السجناء والمعتقلين في السجون العراقية، أو توريطهم في أعمال أستخباراتية ضد دولهم ضمن صفقة تعقدها معهم في داخل السجون العراقية.

ويعاني معتقلو سجن تسفيرات الرصافة الواقع قرب ملعب الشعب الدولي، من أوضاع مأساوية شديدة القسوة، لم تنفع معها كل الإضرابات والمواجهات التي نفذها المعتقلون في هذا السجن.

 


شاهد من الداخل

"الحقيقة الدولية" تمكنت من الاتصال بأحد السجناء الأردنيين من داخل هذا السجن، رغم صعوبة التواصل مع معتقلي وسجناء سجن تسفيرات الرصافة الذي يطلق عليه بالمخيم.

ويصف صالح الذي فضل عدم الكشف عن اسمه الكامل الأوضاع في السجون العراقية بأنها أقرب ما تكون إلى عبودية القرون الوسطى ولكن بشكل معاصر، إلى درجة أن السجون العراقية باتت أشبه ما يكون بالمقابر الجماعية التي لا يخرج منها أي شخص يدخل اليها حياً، إلا جثة هامدة أو معاقاً.
 
وقال صالح الذي يمضي حكما قضائيا في سجن تسفيرات الرصافة لمدة 15 عاما، قضى منها حتى اليوم خمس سنوات، ان الأوضاع في سجن تسفيرات الرصافة مأساوية جدا، فلا ماء ولا غذاء فضلا عن التعذيب الشديد والتعرية والأمراض التي باتت تستوطن أجسامنا.

وقدر صالح الذي تحدث مع "الحقيقة الدولية" عبر الهاتف خلسة عن أعين السجانين، عدد السجناء العرب في السجن بنحو 240 من مختلف الجنسيات العربية، وخاصة من الأردن والسعودية والمغرب وسورية وبعض الدول الأفريقية، كما يوجد هناك عدد من الجنسيات الغربية مثل الجنسية البلجيكية والفرنسية.

وأشار صالح إلى أن أعداد المعتقلين العراقيين في سجن تسفيرات الرصافة تتجاوز بكثير 13 ألف معتقل من مختلف المذاهب والأديان والقوميات.

وتحدث صالح عن حالات التمييز الطائفي والقومي التي تجري في السجن، بالقول ان المشرفين على السجون في الغالب من الشيعة، وأن هؤلاء المشرفين ألطف في تعاملهم مع الشيعة داخل السجون، وقد تم الإفراج مؤخراً عن نحو 200 من أتباع التيار الصدري نتيجة صفقة سياسية في حين أن المعاملة السيئة والتعذيب تواجه كل أبناء السنة الذين لا أحد يسال عنهم، وهم خارج الصفقات السياسية، بسبب تغول طائفة محددة على السلطة السياسية والأجهزة الأمنية.


أجهزة مخابرات أوروبية وبريطانية وأمريكية تحقق مع المعتقلين

وكشف صالح أن السجناء العرب في السجون العراقية يتعرضون لاستجوابات من قبل ضباط مخابرات أجهزة أمن عالمية من مختلف الدول، بهدف تدريبهم على الطرق الحديثة للاستجواب والتعذيب، فقد تم استجوابنا من قبل ضباط تحت التدريب من أسبانيا وإيران وبريطانيا وأمريكا وكيان العدو الصهيوني، وضباط مخابرات من بعض الدول العربية.

وتابع أن بعض الضباط الأمريكان والصهاينة والإيرانيين عرضوا على بعض المعتقلين والسجناء العرب في السجون العراقية العمل مع مخابرات تلك الدول في مقابل إطلاق سراحهم وعودتهم إلى بلادهم بسرعة.

وبين أنه لم يتعرض لهذا الأمر ولكنه يعرف أشخاصا قريبين منه تعرضوا لمثل هذا الأمر وخاصة من قبل المخابرات الصهيونية والإيرانية.

وقال أن من يدخل السجون العراقية لا يخرج منها حتى لو أنهى محكوميته، مبينا أن عباس يوسف وهو أردني الجنسية حكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما مع وقف التنفيذ ولكن لم يطلق سراحه ولا يزال في السجن منذ خمس سنوات، ونفس الأمر حصل مع حسن محمود وهو سوري الجنسية الذي حكم أيضا بالسجن لمدة 15 عاما مع وقف التنفيذ ولم يطلق سراحه، ولا يزال فهد عقيل من السعودية في السجن منذ خمس سنوات رغم أنه حكم عليه بالسجن لمدة سنتين، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا.


استخدام السحر في الطعام والشراب أثناء التحقيق

ومن أغرب ما ذكره صالح، أن بعض المحققين كان يستخدم السحر لإضعاف المعتقل، وقد اكتشف ذلك بسبب خبرته السابقة في الرقى الشرعية وكشف السحر والحسد، حيث تبين أن بعض الطعام والشراب المقدم لهم مسحور، تفقد الشخص عقله وقوته خلال فترة وجيزة، بحيث أن قررت إدارة قوات التحالف الإفراج عن المعتقل يصبح عالة على أسرته ومجتمعه ولا يستفاد منه، وهو تدمير للشخصية المعنوية والاعتبارية بطرق شيطانية.

وأشار كذلك إلى أن الأكل الذي يقدم يحتوي على الكثير من المواد المسهلة، وهو أشبه ما يكون بموت بطئ، وقد تسمم العديد من السجناء بسبب هذه المواد المسهلة التي يحتويها الطعام المقدم لهم، حيث توفي قبل شهرين أحمد عبد الله إبراهيم العلي بسبب سوء الطعام.

وتحدث صالح عن تنامي ظاهرة الفساد في سجن تسفيرات الرصافة، قائلا ان السجانين يطلبون 800 دولار أمريكي من المفرج عنهم، ومن لا يدفع يبقى في السجن حتى لو أنتهت محكوميته، في حين أن البعض دفع أموالا طائلة من أجل عدم دخوله السجن ليوم واحد.


قتل بطيء بسبب انعدام الرعاية الصحية وسوء التغذية

وقال صالح انه ومنذ اعتقاله في عام 2005 وهو يعيش على المسكنات، ولا يزال يتألم من إصابته بعدة إصابات خطيرة في العمود الفقري والعين اليمنى والأذن التي بات لا يسمع ولا يرى بهما، مبينا أن السلطات الأمنية المسؤولة عن السجن لا توفر لهم أي علاج طبي سوى المسكنات التي يأخذونها لتخفيف حدة الآلام التي يعانون منها سواء جراء الإصابة أو التعذيب المتواصل، وقد توفي فيصل الأحمري وهو من جنوب السعودية بسبب معاناته من المرض ونقص الدواء.

وأشار إلى أنه لم يزرنا أي مسؤول أردني خلال السنوات الماضية، وقد عرض علينا قبل فترة، إكمال مدة محكوميتنا في السجون الأردنية، وقد وافقنا على هذا الأمر ورحبنا به، وانتظرنا بفارغ الصبر أن نعود إلى بلدنا وأن كنا سنمضي بقية الحكم في السجن، ولكن لم يحدث أي شيء وبقينا في السجون العراقية.

وطالب صالح الموقوف منذ عام 2005 في السجون الأمريكية والعراقية، بزيارة منظمات حقوق الإنسان العربية والدولية للاطلاع على الأوضاع المأساوية التي يعيشها السجناء، وكذلك زيارة ممثلي البلدان العربية لتلك السجون للمساهمة في التخفيف من معاناتهم التي لا يمكن وصفها.

وكانت قضية الانتهاكات لحقوق السجناء في السجون العراقية عادت للظهور بقوة بعدما كشفت صحيفة لوس أنجلس تايمز الأمريكية في 19 نيسان الماضي عن انتهاكات بحق سجناء عراقيين في سجن المثنى السري، إذ ذكرت أن السجن كان يضم أكثر من 430 سجيناً قبل نقلهم إلى مراكز احتجاز أخرى في وقت مبكر من نيسان ولم يكن أحد يعرف بأماكنهم، وعلى مدار شهور، ولم يكن متاحاً لهم الاتصال بأسرهم أو محاميهم، كما لم تصدر بحقهم وثائق رسمية أو حتى أرقام احتجاز أو أرقام قضايا، فيما كان قاضي تحقيق ينظر في القضايا من حجرة قريبة من إحدى حجرات التعذيب في مركز الاحتجاز، بحسب أقوال المعتقلين.

وأكدت بعدها منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش في تقرير لها، صدر في السابع والعشرين من شهر نيسان الماضي، أن المحتجزين في مركز احتجاز سرّي في بغداد، وأحدهم بريطاني الجنسية، تعرضوا إلى "فظائع" تعذيب منهجية وعمليات اغتصاب، وأجبروا على التوقيع على اعترافات كاذبة، مطالبة السلطات العراقية بضرورة التحقق بشكل مستفيض بالأمر ومقاضاة جميع المسؤولين الحكوميين والأمنيين الضالعين في هذه القضية.

وبادرت الحكومة العراقية بعد الكشف عن السجن السري بالقول إنها ستحقق في مزاعم التعذيب، وأعلنت قيامها بالقبض على ثلاثة ضباط بالجيش على صلة بهذه الإساءات، فيما أصدر رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي قرارا بإلغاء السجن، ومحاسبة كل المسؤولين عن هذه الأعمال قضائيا.

 
15-06-2010م





إضافة تعليق

رمز الحماية
تغيير الرمز

اليوم

الخميس, 16 أيار/مايو 2024  
9. ذوالقعدة 1445

الشعر والشعراء

يا من تعتبرون أنفسكم معتدلين..

  نقاشنا تسمونه جدالا أدلتنا تسمونها فلسفة انتقادنا تسمونه سفاهة نصحنا تسمونه حقدا فسادكم تسمونه تدرجا بنككم...

التتمة...

النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ

نفائس الثمرات النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ والسـعدُ لا شــكَّ تاراتٌ وهـبَّاتُ النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ...

التتمة...

إعلام ُ عارٍ

إعلام عار ٍ يحاكي وصمة العار      عار ٍ عن الصدق في نقل ٍ وإخبارِ ماسون يدعمه مالا وتوجيها         ...

التتمة...

إقرأ المزيد: الشعر

ثروات الأمة الإسلامية

روائع الإدارة في الحضارة الإسلامية

محمد شعبان أيوب إن من أكثر ما يدلُّ على رُقِيِّ الأُمَّة وتحضُّرِهَا تلك النظم والمؤسسات التي يتعايش بنوها من خلالها، فتَحْكُمهم وتنظِّم أمورهم ومعايشهم؛...

التتمة...

قرطبة مثلا

مقطع يوضح مدى التطور الذي وصلت اليه الدولة الاسلامية، حيث يشرح الدكتور راغب السرجاني كيف كان التقدم والازدهار في  قرطبة.

التتمة...

إقرأ المزيد: ثروات الأمة الإسلامية

إضاءات

JoomlaWatch Stats 1.2.9 by Matej Koval