مصطفى إنشاصي
علق أحد الأصدقاء المتابعين لكتاباتي على الحلقة الماضية متسائلاً: لمن أكتب؟! هذا السؤال أطرحه على نفسي من فترة لأخرى لدرجة أني كدت أوقف الكتابة بعد الحلقة الثالثة لاستمرار البعض بالتخبيص بكلام يناقض بعضه وعاملين قادة! ولكن قرأت تصريحات متزنة لأبي بلال أحد قادة لجان المقاومة الشعبية بنفس مضمون كتاباتي: أن تضخيم قوة المقاومة ليس في مصلحتها ولا مصلحة القضية. ورد للدكتور محمود الزهار على سؤال: ماذا سيكون موقف حماس في حال حدث هجوم صهيوني على غزة؟ فأجاب: سندافع عن أنفسنا. دون تهديد ووعيد كالعادة! وكان مجمل رأي صديقي: أنه لا مخرج للجماهير الفلسطينية إلا بالثورة في فلسطين وكل مواطن الشتات على الفصائل واختيار قيادة جديدة بعيداً عنها! وذلك ما أنادي به منذ سنوات وقد كتبت فيه مقالات كثيرة بدءً من عام 2008 خلاصتها أنه يجب أن تخرج الفصائل الفلسطينية من حياة الجماهير لأنها هي سبب نكبتنا، وإن كانت صادقة فعليها ألا تشارك في تشكيل أي حكومة وتتفرغ لمعركة التحرير والتنافس في ميدان القتال وليس الصراع على كرسي وسلطة تحت الاحتلال، وطالبت أن تُشكل الحكومة من موظفين أكفاء تكون مهمتهم تسيير شئون أهلنا مع الاحتلال فقط ولا علاقة لهم بالسياسة، وقد أثارت مقالاتي حفيظة البعض مِمَنْ يعلم أننا نحمل هَم دين وأمة ولا نساوم على مشروع المقاومة في فلسطين بالذات بالأساليب الصحيحة تحت أي ذريعة كانت سياسية أو غير سياسية لأهميته في تحريك الأمة وتفعيل عوامل الوحدة والنهضة فيها وإفشال كل مخططات أعدائها ضدها، وبعضهم كتب تعليقات مسيئة وأرسلوا رسائل التهديد والوعيد والتشهير باختلاق قصة حياة ليست حياتي ووزعوها عبر النت واهمين أن ذلك يمكن أن يخيفنا أو يثنينا عن مواقفنا والتعبير عن آرائنا وعلقوا بمضمونها على بعض مقالاتي في مدونتي وكي أريحهم نشرتها وتركت للقراء التعليق عليها! وفي الحقيقة عندما يقف المرء مع نفسه ويتأمل الواقع وما يُنشر على الشبكة العنكبوتية يشعر أنه فعلاً لا فائدة من الكتابة خاصة إذا كان الكاتب منتمي إلى دين وأمة ووطن ويشعر بعبء المسئولية التي تقع على عاتقه بحكم علمه وثقافته وخبرته وتجربته وأنه مكلف ومسئول أمام الله تعالى وليس موظفاً ولا منتمي لحزب أو فكر ولا حريص على شهرة، ويجد الكاتب أوقات نفسه عاجز عن تقديم شيء متميز ما يجعله يفكر جدياً في وقف الكتابة!.
إقرأ المزيد: تأملات في واقع المقاومة الفلسطينية (الحلقة الأخيرة)
من المفارقات التي نسمعها هذه الأيام أنّه في مقابل الجرائم التي يقوم بها يومياً كيان يهود، والمجازر الوحشية التي يرتكبها في فلسطين، ومقابل الحقد الدفين والعداء السافر الذي تمارسه أميركا ضد الإسلام والمسلمين ومناصرتها ليهود في تثبيت كيانه في فلسطين رغم مجازره واعتداءاته المتكررة، رغم كل ذلك فإن تصريحات الحكام العرب ومسئولي السلطة لا زالت تطالب بالخطة العربية في مؤتمر القمة الأخير التي قدمتها (السعودية) والتي تركز على تطبيع الدول العربية مع كيان يهود مقابل الانسحاب من الأجزاء المحتلة في 1967م وتعدّ تحقيق ذلك نصراً مؤزراً مبيناً علماً. بأن اليهود قد اهتموا بموضوع التطبيع الوارد في الخطة وألقوا بموضوع الانسحاب وراء ظهورهم، واستمروا في تقطيع أوصال الضفة وغزة وجعلها كانتونات منفصلة معزولة عن بعضها لا حول لها ولا قوة، يدخلونها كيف يشاؤون ومتى يشاؤون يقتلون ويعتقلون ويفجرون ويهدمون ويجرفون المزروعات، وفي الوقت نفسه يرون في خطة العرب أمراً مهماً لهم وهو التطبيع.
مصطفى إنشاصي
في وقت تستمر معاركنا لتكريس الانقسام جغرافياً بين جناحي الوطن المحتل وتمزيق وحدة جماهيرنا الفلسطينية يستمر العدو الصهيوني في قضم وابتلاع الأرض الفلسطينية سواء في قطاع غزة كما أوضحنا في الحلقات الماضية أو في الضفة الغربية التي ابتلع منها 40% من أغنى مناطقها بالموارد الطبيعية وعلى رأسها المياه، تحت مبررات عدة منها: بناء وتوسعة المغتصبات أو الدواعٍ الأمنية أو بزعم مناطق عسكرية مغلقة أو مناطقها سياحية أو تجارية، وقد تصل نسبة المساحة التي سيتم التهامها بعد استكمال بناء الجدار(12% من مساحة الضفة) وتنفيذ المخططات التي تم الكشف عنها مؤخراً إلى 60% من مساحة الضفة الغربية! أما القدس التي لم يتبقَ منها جزء لم يتم تهويده والمسجد الأقصى الذي على وشك الانهيار فحدث ولا حرج، فبعد فتاوى شرعنة الانتخابات التشريعية الماضية بدونها الآن أحد شروط بدء التحضير لانتخابات قادمة لإنهاء الانقسام الحصول على تعهدات صهيونية ودولية بإجراء الانتخابات فيها، بدأت الآن معركة الفتاوى حول حِل أو حُرمة زيارة القدس في وضعها الحالي وانقسم شيوخ السلاطين والتنظيمات السياسية وتبعهم الكتاب وأنصاف المثقفين كل حسب مصلحته وتوجهه السياسية والأيديولوجي إلى جبهتي قتال يخوضون عليها أشرس معاركهم لتحرير القدس والأقصى ما بين تحيلها الزيارة وتحريمها!.
إقرأ المزيد: تأملات في واقع المقاومة الفلسطينية (الحلقة السادسة)
د. ياسر صابر
إن التنازلات المتتالية التى يقدمها قادة بعض الحركات الإسلامية ، تجعل الحليم حيراناً وتترك تساؤلات كثيرة ، ليس فقط عند العامة بل عند شباب الحركات الإسلامية أنفسهم ، والسؤال الذى يبحث عن إجابة ، لماذا بعدما إنتفضت الأمة على حكامها لتقول كلمة الحق ، تراجع هؤلاء القادة إلى الصفوف الخلفية ؟ ليس هذا فحسب بل ساروا فى إتجاه عكس إتجاه الأمة ! فبينما تريد الأمة التحرر وإنتزاع سلطانها من قبضة أعدائها ، نرى هؤلاء القادة يهرولون إلى الغرب يبتغون رضاه ، وبعد أن كانت كلمة الحق واجباً يطلبونه من شبابهم أيام الإستضعاف ، أصبح تركها من متطلبات المرحلة ، وبعد أن كان تطبيق الإسلام هدفهم ، أصبحوا اليوم يتنازلون عنه بطوعهم ، حتى الجملة التى كان يُزين حكام الضرار بها دساتيرهم ، وهى إتخاذ الشريعة الإسلامية مصدراً لتشريعهم ، أصبحت عند هؤلاء القادة مرفوضة ، بل شُبهةٌ تسىء إليهم عند من يشترون رضاهم.
مصطفى إنشاصي
عودٌ على بدء لمناقشة الخطاب الإعلامي للمقاومة بهدف تصحيح مسار خاطئ في أسلوب وتكتيك المقاومة وخطابها الإعلامي الذي يفتقد إلى فن الدعاية والحرب النفسية، وكم قلت لبعض الأصدقاء: أن الحرب الإعلامية فن يحتاج دراسة وتدريب ووعي وخبرة، وأنه لو كان لدينا فصائل تحترم نفسها قبل شعبها كانت أعدت لأولئك الذين لا يعون ما يقولون دورات خاصة قبل أن تعينهم ناطقين ومتحدثين رسميين باسمها، ولكن ما قيمة حتى الدورات إن كان معظم قادتها لا يعون أبعاد القضية والصراع على حقيقيته؟! وسنوضح خطأ قراءتهم لواقع المقاومة في فلسطين في ضوء الرؤية التي قدمناها عن خصوصية فلسطين كقضية أمة يقع عبء تحريرها على عاتق الأمة وليس الفلسطينيين الذين يُفترض أن يقتصر دورهم في التركيز على وسائل حرب عصابات توحيد الأمة خلفهم لإفشال مخططات ومشاريع التسوية التي تهدف لتفتيت أقطار سايكس-بيكو إلى مزيد من الكيانات وإعادة تشكل خارطة (الشرق الأوسط الجديد)، تلك المخططات التيما أن انتهت الانتفاضة وهدأ تفاعل الشارع العربي والإسلامي معها من المحيط إلى المحيط وخرج العدو الصهيوني من غزة وانشغل الفلسطينيون في اقتسام الغنائم حتى تمكن العدو من المباشرة في تنفيذها وتفتيت وتمزيق وحدة الأمة والوطن وكانت البداية من فلسطين، حيث قُسم الوطن والشعب المحتل إلى قسمين بات بعد خمس سنوات من الانقسام استحالة أو على الأقل صعوبة إنهائه في المدى القريب!لذلك قد يكون الحديث عن الانتصار والهزيمة في ظل الواقع الفلسطيني وواقع الأمة حديث تضليل وتزييف للوعي وبعيد عن الموضوعية!.
إقرأ المزيد: تأملات في واقع المقاومة الفلسطينية (الحلقة الخامسة)
المزيد من المقالات...
الصفحة 76 من 132