الأحد, 01 كانون2/يناير 2017 21:06
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

المفهوم الشرعي الطاعة



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الخلق واشرف المرسلين، وبعد:
يقول الله تعالى: {وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون} (آل عمران:132)، إن لله سننا في الأمم والأفراد فيما يتصل بهلاكهم أو عافيتهم، فمن شاء أن يرحم سواء كان أمة أو فردا فعليه بطاعة الله ورسوله.

أما الطاعة: فهي ضد المعصية ومعناها الانقياد والاستسلام والخضوع

وأما لمن تكون؟ 

فالأصل أن تكون الطاعة لله وللرسول قال تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} (الأحزاب:36)، وطاعة الرسول هي طاعة الله تعالى، قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} (آل عمران:31) ذلك لأن القرآن وحي الله إلى رسوله لفظا ومعنى، والحديث هو وحي الله إلى رسوله معنى واللفظ لرسول الله، وصدق الله العظيم: {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى} (النجم:3-4)

طاعة الله والرسول فيها الخير والبركة والسداد والنصر، فعندما ارتدت القبائل عن الإسلام بعد وفاة الرسول ، وقد عقد اللواء لأسامة بن زيد أن يتوجه إلى الشام قبل وفاته، وقف الصحابة معارضين إصرار أبي بكر على بعث جيش أسامة خوفا على المدينة أن تستباح من قبل المرتدين إذا خرج الجيش فقال أبو بكر: ( والله لو جرت الكلاب بأقدام أمهات المؤمنين ما حللت لواء عقده رسول الله) الله أكبر كلمات تكتب بماء الذهب!! ولا يعلم أجرها إلا الله، وألقى الله الرعب في قلوب المرتدين حيث قالوا: (ما كان ليبعث جيش أسامة لأطراف الشام إلا وله في المدينة من يدافع عنها). 

ومعصية الله والرسول فيها الانكسار والهزيمة والخذلان، وعندما أمر رسول الله الرماة في غزوة أحد أن يحفظوا ويلزموا أماكنهم ولو رأوا الطير تتخطف المسلمين، وينتصر المسلمون في أول المعركة ويتنادى الرماة: الغنائم الغنائم، فيتركوا موقعهم، وبحركة التفاف يقوم بها خالد بن الوليد وكان كافرا، فينفرط عقد المسلمين وكان درسا عمليا يتناسب مع عظم الحقيقة التي أراد الله لأمة الحق أن تتربى عليها أن الطاعة لله والرسول فيها النصر، وأن المعصية لله والرسول فيها الهزيمة، ولو انتصر المسلمون على ما فعلوه، لما كانت لهم بعد ذلك طاعة حيث يقولون: عصينا فانتصرنا وصدق الله العظيم: {إن تنصروا الله ينصركم} (محمد:7)

وأما أنواعها؟ فينبغي أن نعلم أن للطاعة مفهومان:
• مفهوم غير اسلامي: وهي الطاعة العمياء او طاعة المصالح او طاعة الخوف، او اي نوع من الطاعة بلا ضوابط ولا أصول نعود إليها من الكتاب والسنة وما ارشدا اليه من إجماع الصحابة والقياس، وهذا المفهوم للطاعة مرفوض.
• مفهوم إسلامي: وهي الطاعة المبصرة، الواعية، المدركة، التي يحكمها الكتاب والسنة وما ارشدا اليه من اجماع وقياس.

بعض الضوابط للطاعة على المطيع وذلك متخيل في ولي الامر او من هم دونه او في امير الحزب الذي يعمل لدين الاسلام بالأسس الشرعية او من هم دونه او لمن تجب له الطاعة:
1- السمع والطاعة في غير معصية الله، فمن امر بمعصية الله فلا طاعة له، عن علي بن أبي طالب قال: "استعمل النبي صلى الله عليه وسلم - رجلاً من الأنصار على سرية بعثهم وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا قال: فأغضبوه في شيء فقال: اجمعوا لي حطبا. فجمعوا فقال: أوقدوا نارًا فأوقدوا"، ثم قال: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى. قال: فادخلوها. قال: فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار. قال: فسكن غضبه وطفئت النار، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف".[رواه البخاري].
2- الحرص على تنفيذ الامر بأفضل صورة ممكنة والاجتهاد لنجاح الأمر بأتم وجه إن كان هناك مجال للاجتهاد، وان كان الامر على صورة معينة فعليه تنفيذها من غير زيادة ولا نقصان. ومن الامثلة على امور تحتاج الى حنكة واجتهاد وحرص على تنفيذ الامر ما قاله جندب بن مكيث الجهيني: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبي إلى بني الملوح بالكديد، وأمره أن يغير عليهم وكنت في سريته، فمضينا حتى إذا كنا بالقديد.. فعمدت إلى تل يطلعني على الحاضر، فانبطحت عليه، وذلك قبل غروب الشمس، فخرج رجل منهم فنظر فرآني منبطحا على التل، فقال لامرأته: إني لأرى سوادًا على هذا التل ما رأيته في أول النهار، فانظري لا تكون الكلاب اجترت بعض أوعيتك. فنظرت فقالت: والله ما أفقد منها شيئًا. قال: فناوليني قوسي وسهمين من نبلي، فناولته فرماني بسهم في جنبي، أو قال في جبيني، فنزعته فوضعته ولم أتحرك، ثم رماني بالآخر فوضعه في رأس منكبي فنزعته فوضعته ولم أتحرك، فقال لامرأته: أمَا والله لقد خالطه سهماي، ولو كان ريبة لتحرك، فإذا أصبحت فابتغي سهمي فخذيهما لا تمضغهما عليَّ الكلاب. قال: فأمهلنا حتى إذا راحت روايحهم وحتى احتلبوا وعطنوا وسكنوا، وذهبت عتمة من الليل شننا عليهم الغارة، فقتلنا واستقنا النعم".[البداية والنهاية 4/223].
ومن الامثلة على امور تحتاج الى تنفيذ الامر على وجهه دون زيادة ولا نقصان ما حصل في غزوة الخندق حيث قال حذيفة رضي الله عنه: "لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب. وأخذتنا ريح شديدة وقر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا رجل يأتيني بخبر القوم، جعله الله معي يوم القيامة؟) فسكتنا فلم يجبه منا أحد. ثم قال (ألا برجل يأتينا بخبر القوم، جعله الله معي يوم القيامة؟) فسكتنا فلم يجبه منا أحد. ثم قال (ألا برجل يأتينا بخبر القوم ، جعله الله معي يوم القيامة؟) فسكتنا فلم يجبه منا أحد فقال (قم يا حذيفة فأتنا بخبر القوم) فلم أجد بدًّا، إذ دعاني باسمي، أن أقوم. قال (اذهب فأتني بخبر القوم ولا تذعرهم علي) فلما وليت من عنده جعلت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم فرأيت أبا سفيان يصلى ظهره بالنار فوضعت سهما في كبد القوس فأردت أن أرميه فذكرت قول رسول الله (ولا تذعرهم علي) ولو رميته لأصبته فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمام فلما أتيته فأخبرته بخبر القوم، وفرغت، قررت. فألبسني رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها فلم أزل نائما حتى أصبحت فلما أصبحت قال (قم يا نومان)".[رواه مسلم].
3- اذا تم اختيار شخص لمهمة معينة من بين عدة اشخاص، فعليه ان يجتهد في مهمته في احسن صورة مثل قصة حذيفة بن اليمان في القصة السابقة، فان من اختاره يعلم قدرته وهو من يتحمل مسؤولية اختياره، اما هو فعليه القيام بها بأحسن وجه وان لم يكن له فيها رأي.
4- تبرز التقوى وقوة الشخص اذا امر بأمر صعب فيها مشقة، لان الامور الاعتيادية يطيع فيها الجميع اما الامور الصعبة فلا ينفذها إلا من هم أهل لها، عن أبي الوليد عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله تعالى فيه برهان، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم"[رواه البخاري ومسلم].
5- طاعة ولي الأمر فرض ونقصد بها الحاكم المسلم الحق وليس حكام اليوم وان ظلم وفسق واكل حقوق الرعية، قال عليه الصلاة والسلام ((اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله)) رواه البخاري وقوله ((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره)) رواه مسلم وقال عليه الصلاة والسلام ((تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ)) رواه مسلم، وهذا لا يعني ابد السكوت بل ان محاسبة الحكام فرض على المسلمين ان قصروا او هضموا حقوقها او ظلموها قال عليه الصلاة والسلام ((أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر)) ابو داود والترمذي وقال صلى الله عليه وسلم (( كلاّ والله لتأمرن بالمعروف و لتنهون عن المنكر و لتأخذن على يد الظالم و لتأطرنه على الحق أطرا و لتـقـصرنه على الحق قصرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم )) رواه أبو داود و الترمذي
6- حكام اليوم لا تجب طاعتهم لأنهم ليسوا ولاة أمر، بل تجب إزالتهم وإقامة حكم الإسلام على أنقاضهم.
7- طاعة المسؤول في الحزب واجبة، قال عليه الصلاة والسلام ((إِذَا كَانَ نَفَرٌ ثَلاثَةٌ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ)) مستدرك الحاكم، وان امارة الحزب وطاعتها من هذا الباب، وطاعة المسؤول واجبة وان عصى الله، فان معصيته لله لا توجب عدم طاعته بل يجب محاسبته على تقصيره وطاعته في امره.
8- اعتبار الامر العام في الطاعة لمجموعة من الاشخاص موجها للشخص بعينه وانه لا يتم إلا بطاعته، فأنت على ثغرة من ثغر الاسلام فلا يؤتين من قبلك، فلا يقولن قائل غيري يفعل وان لم افعل لن اضر العمل، فهذا ليس قول من اراد طاعة الله ورسوله، بل هو قول الكسالى المتواكلين.
9- ترتيب الطاعة معروف فأولا طاعة الله ورسوله ثم طاعة ولي الامر ثم طاعة امير الحزب ثم طاعة الوالدين ثم طاعة الزوجة لزوجها الى اخره مما يمكن تقديمه، قال عليه الصلاة والسلام: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)) ابن عبد البر في الاستيعاب، وقال تعالى: { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا} (لقمان:15) وعن عائشة قالت: ((سألت رسول الله : أي الناس أعظم حقا على المرأة؟ قال: زوجها؟ قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟ قال: أمه)) رواه البزار والحاكم وإسناد البزار حسن، وأما الحزب الذي يقوم بفرض فان طاعته مقدمة على غيره من البشر إلا ولي الأمر فطاعته واجبة على جميع المسلمين في غير معصية الله.

بعض الامور التي يجب ان تكون في المطاع مثل ولي او من هم دونه او امير الحزب الذي يعمل لدين الاسلام بالأسس الشرعية او من هم دونه:
1- الاهلية لهذا المنصب، فان هذه المناصب تكليف لا تشريف، عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله ألا تستعملني؟؟ قال فضرب بيده على منكبي ثم قال: ((يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها)) رواه مسلم
2- مراعاة تقوى الله فيمن هو مسؤول عنهم، فان حسابه يوم القيامة اشد من حساب من هم دونه، قال عليه الصلاة والسلام : ((ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة)) رواه مسلم، وقوله عليه الصلاة والسلام (( كلكم راع ومسئول عن رعيته فالإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته، قال فسمعت هؤلاء من النبي صلى الله عليه وسلم وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال والرجل في مال أبيه راع ومسئول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)) رواه البخاري
3- الاجتهاد في اصدار الاوامر بما يحقق المصلحة الشرعية في احسن صورة وعدم الاستهتار بها، فان عدم العناية بهذا الامر نوع من الغش للرعية، قال عليه الصلاة والسلام: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)) رواه مسلم
4- مؤاخاة ومصاحبة من هو مسؤول عنهم وعدم إشعارهم بالطبقية أبدا، فقد قال أنس بن مالك: دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله ثم قال أيكم محمد؟؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم فقلنا له هذا الأبيض المتكئ...)) سنن ابي داود، حتى ان الصحابة بعد رسول الله حاسبوا عمر الخطاب في ثوب رأوه اطول من ثيابهم، لعدم تميزهم أبدا عمن هم مسؤولون عنهم.
5- عدم الفظاظة في التعامل مع من هو مسؤول عنهم، قال تعالى: {وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} ( 159 ال عمران)

وأخيرا فان الطاعة من المواضيع التي يجب فهمها فهما قويا بالنسبة الينا كمسلمين حتى يعرف كل منا واجبه وما هو ملقى على عاتقه من مسؤولية، وليعرف الجميع ان المسؤولية تكليف لا تشريف، وان النجاة لنا جميعا هو بطاعة الله ورسوله اولا ثم طاعة ولي الأمر أو المسؤول، وان المعصية أو عدم الاهتمام بهذا الموضوع الحساس يؤدي الى كثير من المشاكل في الدنيا والعذاب في الآخرة.

 

منقول

http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4778&hl=

 
الأحد, 01 كانون2/يناير 2017 21:00
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق
الترويض القذر للفصائل وأتباعها



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الخلق وأشرف المرسلين، وبعد:

نعيش في هذه الأيام مصائب تترى تنزل على رؤوس المسلمين، وهذه المصائب وان كان ظاهرها آلاما ودماء وأشلاء، إلا أنها تميز الخبيث من الطيب، وتكشف معادن الناس، وتبين حقيقة الرجال والحركات والأحزاب، وتكشف نفاق الكثير من المشايخ والقادة، وتجلي صورة أهل الحق بشكل أكثر إشراقا ووضوحا وتميزا عن غيره ممن أخطأ الطريق، وتجعل الناس تدعو الله وتتقرب إليه.

ليست هذه المآسي شيئا جديد يحل على المسلمين، فمن قرأ تاريخ المسلمين في الأندلس وبغداد أيام التتار وبلاد الشام أيام الصليبيين وغيرها، يجد أن المسلمين مروا في ظروف مشابهة هذا إن لم تكن أشد صعوبة من هذه الأيام، ومع ذلك تجاوزوها وبقي الإسلام عزيزا منيعا، صحيح أنه قتل من المسلمين خلق كثير، ولكن يعزينا أن الجميع سيقف يوم القيامة أمام الله ولن يضيع حق لمظلوم، ولن يفلت ظالم من العقاب مهما فعل، ولكن الإسلام بشكل عام محفوظ بحفظ الله إلى يوم القيامة، ولن يستطيع الكفار مهما فعلوا وظلموا وبطشوا أن ينالوا من المسلمين ويفنوهم، فإن الغلبة في النهاية هي للمسلمين، فإنهم وإن خسروا الدنيا، فحري بهم ألا يخسروا الآخرة، أما الكفار والظالمين فمهما علوا في الدنيا فإن العذاب الأليم بانتظارهم في الآخرة.

المسلم كيّس فطن، ويجب أن يكون يقظا ألا يقع في أخطاء من سبقوه، فالسعيد من اتعظ بغيره، أما أن يقع المسلم في الخطأ مرات ومرات، فهذا إنسان شقي، تكون الذبابة صاحبة الذاكرة الضعيفة أشد سعادة منه، ولكن للأسف ما زال بعض أبناء المسلمين يقعوا في ما وقع به إخوان لهم من الأخطاء، ويصلون في النهاية إلى نفس النتيجة، وليتها كانت نتيجة مخزية في الدنيا فقط، ولكن الأهم أن العذاب بانتظارهم يوم القيامة إن لم يغفر الله لهم.

نريد التحدث عن الفصائل السورية والهاوية التي نزلوا بها، وما حصل سابقا مع إخوتهم في الفصائل الفلسطينية والهاوية التي نزلوا فيها وأصلتهم إلى أن يكونوا حراسا للاحتلال اليهودي بشكل مباشر أو غير مباشر.

فالفصائل الفلسطينية هي فصائل وطنية نشأت كردة فعل على الاحتلال اليهودي لفلسطين، وقبلت الدعم من دول إقليمية أو من الدول الغربية مباشرة، أي أنها لم تنشأ بعد دراسة واقع المسلمين والحل لهذه الأمر من الكتاب والسنة، وإنما نشأت نتيجة ردة فعل للاحتلال لفلسطين، ولذلك لم تكن عندها أي مبادئ أو أفكار تبني أفعالها عليها، ولذلك قبلت الدعم من الدول الإقليمية أو الغربية وأصبحت رهينة لهذه الدول، وأصبحت لا تستطيع أن تخرج عن إرادة هذه الدول، وان فكرت بالخروج عن أوامر الدول فان أبسط أمر هو قطع المدد عنهم، فتنتهي حركتهم، ولذلك ولأنهم غير مبدئيين وليس لهم فكر معين يبنون عليه حركاتهم، ساروا كما تريد الدول الخارجية، وكلها تريد تثبيت كيان يهود في فلسطين، ولذلك ساروا في مخطط تثبيت كيان يهود في فلسطين وبأيد فلسطينية.

استطاعت هذه الحركات تجميع الناس حولها بإطلاق شعارات تجذب الناس إليها، فكانت شعاراتها كلها تصب في تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وأنهم سيجعلون السمك يشبع من لحوم يهود في البحر، وأنهم يريدون تحرير كامل التراب الفلسطيني من رجس يهود، وان من فكر بالتنازل ليهود ولو عن شبر واحد من فلسطين فهو خائن مجرم عميل يجب تصفيته والنيل منه، وأما الحركات التي لها صبغة إسلامية منها فزادت على هذه الشعارات أنها تريد أن تقيم دولة إسلامية (بشكل مبهم غير واضح) في فلسطين بعد تحريرها، ولذلك لعبت على الوتر الديني عند المسلمين، وجذبت إليها الكثير من أبناء المسلمين.

ولكن هذه الحركات والدول التي تدعمها لا تدعمها من أجل تحرير فلسطين سواء منها الوطنية الخالصة أو الوطنية الممزوجة بنكهة إسلامية، ولذلك بدأت الضغوط على هذه الحركات للسير في طريق بيع قضية فلسطين، ولكن هذا الأمر لن يتم بخطوة واحدة، بل يجب أن يتم بخطوات، وطبعا هذا ليس من اجل أن القيادة العليا تعارض، ولكن لان الأفراد وبعض القيادات قد تعارض، وكان من السهل ترويضها وذلك أنها حركات قد نشأت نتيجة كردة فعل على الاحتلال وليست حركات مبدئية، ولذلك سهل التنازل عندها.

في البداية بدأ الترويج أن طرق تحرير فلسطين كثيرة منها الطرق العسكرية ومنها الطرق السلمية بالمفاوضات، وبدأت الاتصالات بين قيادات هذه الحركات والاحتلال بداية بطريق غير مباشر ثم بطرق مباشرة، ثم بدأ التركيز أن لا مانع من الجلوس مع الاحتلال لمعرفة ما يريده هذا الاحتلال، وأنهم يريدون إحراج الاحتلال في المحافل الدولية، وما درى هؤلاء (المساكين أو الخونة) أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة كلها اذرع للكفر وتريد تثبيت كيان يهود في فلسطين، نعم أرادوا أن يحرجوا الاحتلال حسب زعمهم، فبدأت المفاوضات؛ مرة لإطلاق سراح أسرى ومرة لهدنة معينة ومرة لمعرفة ما يريده الاحتلال، وفي هذه الحالة بدأت ما تسمى عملية ترويض الأتباع لجلوس قيادتهم مع الاحتلال والتفاوض معه، وكانوا طبعا يضحكون عليهم أنهم يفاوضون من منطلق قوة، وأنهم سيجبرون الاحتلال على الخضوع، وأنهم لن يعطوا تنازلا واحدا إلا بعد أن يعطي الاحتلال عشرة تنازلات، وأنهم سيردون بقوة على أي خرق للاحتلال اليهودي،وأنهم وأنهم من الادعاءات الكاذبة المخادعة، وكانت المفاوضات دائما تأتي بالويلات لهم ولأتباعهم، وذلك لأنهم الطرف الأضعف ولان داعميهم يريدون تثبيت كيان يهود.

بين فترة وأخرى كانوا دائما يقومون ببعض العمليات المدروسة من قبل الداعمين لهم وتحت إشرافهم، وذلك لإبعاد صفة الخيانة عنهم ولإبعاد تفكير الأتباع عن خياناتهم في الجلوس مع الاحتلال، فكل فترة تسمع عن عمليات ضد يهود، وبطبيعة الناس البسيطة وحبهم لأي عمل ينال من يهود، كانت الناس تفرح، ولكنهم ما عرفوا أن كثيرا من هذه العمليات كانت تحت إشراف الدول الداعمة ليهود، حتى وإن كان يهود لا يعجبهم هذا الأمر ولكن الدول الكبرى كأمريكا وبريطانيا كانت تشرف على هذه الأمور من وراء ستار.

واستمر مسلسل التنازلات ليهود حتى وصلت مفاوضاتهم إلى دويلة بجانب دولة يهود، وهي في الحقيقة لا تعدو أن تكون منطقة لتجميع بعض أبناء فلسطين الذين ارتضوا لأنفسهم الذل ليحرسوا يهود، وبدأت السلطة منذ ذلك الوقت تمارس عملها كحكومة "ظاهريا" لأهل فلسطين وكمليشيا قذرة لحراسة يهود في "السر"، ولكن مع الوقت ظهرت حقيقتها النتنة جدا، والمهم أن السلطة (حركة فتح) طيلة سيرتها روضت أتباعها من مقاومة الاحتلال إلى حراس للاحتلال ولكن بطرق متدرجة وبالأموال حينا وبالمناصب حينا وبالأكاذيب المفضوحة حينا آخر، حتى أصبحنا نرى سوأتها اليوم في أبشع وأقذر صورة، ونرى للأسف استماتة من الأتباع المنتفعين والمنافقين في الدفاع عنها وعن قذارتها.

أما الجزء الإسلامي من الفصائل فعملية ترويضه مستمرة وهو للأسف سائر فيما سارت به حركة فتح، ونقصد هنا حركة حماس كعنصر أول وحركة الجهاد الإسلامي كعنصر ثاني، فإنهم يغلب عليهم عمل ما قامت به السلطة ولكن بطرق غير مباشرة، فالجهاد لا يسمونه إلا مقاومة (أي رد الفعل وليس الجهاد الشرعي)، وأصبحت المقاومة حسب الظرف فان اعتدى عليهم الاحتلال ردوا وإلا سكتوا، وأصبح من يفكر بإطلاق صاروخ من غزة على يهود يعتقل كما كانت تفعل سلطة رام الله بمن يفكر بإيذاء يهود، والتبرير أنهم لا يريدون إعطاء المبرر ليهود لقصف غزة، وساروا على الدستور الفلسطيني واعترفوا بمنظمة التحرير الفلسطينية والتي كلها مبنية على الاعتراف بحق يهود في العيش في فلسطين، أي أنهم معترفون بحق يهود في العيش بطريق غير مباشر، وتحكم حماس غزة بنفس دستور أوسلو، أي لا علاقة للإسلام نهائيا بما يحكمون به الناس، فحكمهم علماني، ودستور أوسلو هو الذي تسير عليه السلطة في رام الله، أي أنهم في النهاية تدرجوا في التنازل مثل سلطة رام الله ولكن اغلب أعمالهم تتم بطرق غير مباشرة، ولكنها لليوم ما زالت تتشدق بالمقاومة، ولكنها لا تبادر نهائيا لإطلاق أي صاروخ أو طلقة اتجاه يهود في الوقت الحالي، وكل أعمالها القتالية تحولت إلى ردة فعل، وحتى ردة الفعل ضعفت فأصبحنا نرى تعديات يهودية كثير جدا ولا نرى ردا غير الكلام.

في الفصائل الفلسطينية وأثناء عملية الترويض، فان كل معارض لما تقوم بها الفصائل يتم تصفيته، سواء من الأفراد المعارضين للتنازل أو من القيادات المعارضة في تلك الحركات، وكان يهود للأسف يقومون بهذه الأعمال، أي أن هذه الحركات مخترقة، وكان يعرف من يوافق ومن يعارض، ومن يعارض تتم تصفيته.

وليست كل التصفيات تدل على أن من تم تصفيتهم أنهم مخلصون مئة بالمئة، وأنهم يريدون إقامة حكم إسلامي، فأي شخص مثلا يعرقل أي خطوة تتم تصفيته أحيانا، وأي شخص يشوش على المشاريع لأنه يريد حصة اكبر يصفى أحيانا، وأي شخص يشوش أو له شعبية أكثر ممن هم مرضي عنهم غريبا يتم تصفيتهم وذلك لعدم ثقة الغرب بهم، أي أن عملية التصفية تتم وعلى عدة مراحل وعلى عدة أحداث حتى تخلص الحركة لمن يرضى عنهم الغرب بشكل جيد، فتخلص الحركة لهذه القيادات المختومة والمفحوصة جيدا من الغرب، مع أن تلك الحركات لليوم ما زالت ترفع صور من تآمرت عليهم وتخلصت منهم على أنهم شهداء وأبطال لتلك الحركة.

والخلاصة في أمر الفصائل الفلسطينية أنها اليوم قد أسست سلطتين واحدة في رام الله تحرس يهود وتبطش بأهل فلسطين وأصبح عملها حراسة يهود ولها أتباع قد تم ترويضهم بشكل قذر جدا بالمال والمناصب ويسبحون بحمد هذه السلطة ليل نهار، وأصبحت حياة أهل فلسطين جحيما لا يطاق، وأما في غزة فلهم سلطة أخرى أصبحت في حالة هدنة دائمة مع يهود وقد تتحول إلى اعتراف صريح بيهود، أصبحت تعتقل كل من يفكر بإيذاء يهود حتى لا تعرض امن سكان غزة للدمار كما تزعم، أي أنها تسير بطريقة مبطنة فيما سارت به سلطة رام الله.

والناظر في سبب ما وقعت به الفصائل الفلسطينية يرى أن أسباب هذه الانتكاسات عديدة، من أهمها:
• قيام تلك الحركات على ردة الفعل، أي أنها حركات غير مبدئية لا يوجد عندها فكر معين متبنى تبني عليه أفعالها وتقيس بناء عليه تصرفاتها وقراراتها.
• ارتباط هذه الحركات بدول إقليمية أو غربية جعلها رهن أمر تلك الدول، فحركة فتح كانت حركة مدعومة من بريطانيا ثم تحولت إلى التبعية لأمريكا بشكل مباشر، وحماس مثلا مرتبطة بدول كإيران وقطر، وهذه الدول معروف إخلاصها الشديد للغرب الكافر ومعروف أن تدمير يهود عندها خط أحمر، وقد رأينا ما فعلته تبعية حزب إيران اللبناني لإيران كيف حولته إلى أداة قتل لأهل سوريا، وحماس كان موقفها من الثورة السورية مخزيا جدا، ولا زال، ولولا أن لها داعمين آخرين مثل قطر ربما لرأيناها مثل حركة الجهاد الإسلامي لليوم تسبح بحمد حكام إيران وسوريا، وهذا يدل أن الارتباط بأي دولة إقليمية أو غربية هو الدمار بعينه.
• موافقة تلك الحركات على السير في مشاريع حكام المسلمين والأمم المتحدة والدول الغربية والذين كلهم يعملون ليل نهار على تثبيت كيان يهود في فلسطين.
• واقعية تلك الحركات، أي أنها تبني قراراتها على الواقع وضغطه، ولذلك تراها تبرر أي تنازل أو بيع لقضية فلسطين تحت ذريعة ضغط الواقع والمحافظة على الدماء ومنع يهود من التغول على أهل فلسطين.



هذا الواقع طرحناه لنعرج على الشأن السوري ولا نريد أن نطيل، فكثير من الحركات قامت بعد الثورة السورية على بشار الأسد، وكثير منها قام كردة فعل أي لا يوجد له مشروع معين يتبناه، فترى البعض يقول نسقط الأسد ثم نفكر بِمَ نحكم البلد، وبعض تلك الحركات ارتبط بدول إقليمية أو غربية مثل الارتباط بالسعودية وتركيا وقطر والأردن، وهذه الدول طبعا لا تدعم من اجل إسقاط بشار الأسد، فكلها تسير وفق المخططات الغربية، وموافقة الكثير من تلك الحركات على قرارات الأمم المتحدة وحكام المسلمين والدول الغربية جعلهم يسيرون حسب ما يريد الغرب الكافر.

بدأت تصفية من يرفض التنازل للغرب إما لأنه إنسان خير مخلص أو لأنه أفاق من غفلته أو انه أراد التشويش على المخططات الغربية، ورأينا الكثير من التصفيات في قادة الثورة، وبدأنا نرى الأموال تغدق على قادة بعض الفصائل، ورأينا أخيرا توقيع الهدن مع بشار الأسد، وكلهم يدعي أنها لمصلحة أهل سوريا، وكلهم يهدد انه إن تم خرق الهدنة من قبل بشار الأسد سيخرقونها ويردون، وبشار يخرقها يوميا ولا مجيب!!!!!

الأمم المتحدة وحكام المسلمين اثبتوا بما لا يدع مجالا للشك أنهم كلهم مع بشار الأسد، وكذلك الأمم المتحدة، وبدأنا نرى الخيانات كما حصل أخيرا في معركة حلب وسحب تركيا للفصائل التابعة لها إلى مدينة الباب والسكوت الخياني للفصائل في الجنوب بعدم قتال بشار الأسد، وكل ذلك بأمر من الداعمين السعودية وتركيا وغيرها من الدول الداعمة، ومعروف أن هذه الدول لا تسير إلا بأمر غربي.


إذن ما نراه هو نفس السيناريوهات التي اتبعت في فلسطين، وان سكت أهل سوريا عن هذه الفصائل السورية التي خان قادتها ثورة سوريا وساروا خلف الدول في العالم الإسلامي والتي كلها دول تابعة للغرب وتنفذ أجندة الغرب المتمثلة في إبقاء نظام بشار الأسد بغض النظر عن شخص بشار الأسد، وتنفذ أجندة الغرب بمنع إقامة الخلافة في سوريا، نعم؛ إن سكتوا عنهم فإنهم سيدمرون الثورة وسيبقون نظام بشار الأسد بغض النظر عن شخص بشار، وسيتحولون مستقبلا إلى قوات أمنية تقوم بقمع أهل سوريا إن فكروا بالمطالبة بحقوقهم والثورة مرة ثانية.

لكن الشيء المختلف في سوريا عن فلسطين أن فلسطين تابعة لعدو يهودي غاشم مجرم، والثورة على هؤلاء المجرمين لا تعني لأهل فلسطين إلا إزالة السلطتين وبقاء يهود، ولذلك تراهم يعزفون عن الثورة عليهم، مع أن مجرد بقاء هاتين السلطتين إثم سيحاسب عليه أهل فلسطين لأن أبناء هاتين السلطتين هم من أهل فلسطين، وليعلم أهل الشام انه رغم التأييد القوي جدا سابقا للثورة الفلسطينية ضد يهود إلا أن الناس اليوم تلعن هؤلاء الخونة، والثورة السورية رغم إسلاميتها وإخلاصها لله بشكل عام إلا أنها لم تصل لقوة التأييد الذي كان سابقا للثورة الفلسطينية، ولذلك لا نريد لأهل سوريا أن يأتي عليهم يوم يرون الثوار يعملون بأجهزة أمنية تبطش بهم إن فكروا بالخروج على الحكم الظالم.

أما الحالة في سوريا ولهذا اليوم فإنها مختلفة تماما عن موضوع فلسطين:

• فالثوار حاضنتهم من الشعب وهذا يعني أن الشعب إن ثار على هذه القيادات الخائنة فإنه يستطيع تصحيح المسار ودفع أتباع تلك الحركات للانفضاض عن قيادتهم الخائنة أو إجبارهم على تصحيح المسار رغم أنوفهم، فالحركات وأتباعها مهما وصلوا فعددهم قليل بالنسبة إلى الشعب وقوتهم ولا تؤهلهم لقمع الناس، وفوق كل ذلك فإننا نرى الإخلاص في الأفراد مهما خان قادتهم الثورة والأمل فيهم ما زال كبيرا.
• توحد الثوار أمر ما زال قائما، وعملية ترويضهم لم تصل بعض إلى ما وصل إليه الترويض في أتباع الفصائل الفلسطينية، ولذلك فان عملية تصحيح المسار اليوم سهلة إن قام الشعب عليهم وضغط عليهم بقوة قبل أن تتعقد الحالة.
• وجود الكثير من الفصائل الغير مرتبطة بأي دولة إقليمية أو غربية، وهذا سيعقد الأمر على كل من فكر بخيانة الثورة السورية.
• أعداء أهل سوريا من روس وإيرانيين وجنود بشار وأمريكيين لم يتغلغلوا بعد في سوريا، أي أن توحد الثوار سيجعل القوة الحقيقة على الأرض لهم، وهذا يعني تمكنهم من إقامة دولة إسلامية حقيقية، لأنه إن تغلغل الكفار والمجرمون في سوريا وأسسوا قوة لهم سيجعل ذلك سوريا شبه محتلة وتشبه تقريبا الحالة في فلسطين.
• يجب أن يتضمن تصحيح المسار بعض المسلمات الثورية، والتي بدونها سنعود لنقع فيما وقع به أهل فلسطين وما وقع به ثوار سوريا لليوم، ومن هذه المسلمات:


1- ضرورة وجود مشروع سياسي للثورة، أي مشروع جاهز للتطبيق بعد نجاح الثورة، والمشروع الوحيد الذي يرضي الله تعالى هو مشروع الخلافة، وأي مشروع آخر مثل دولة مدنية ديمقراطية أو جمهورية سورية وطنية لأهل سوريا، فإن هذه المشاريع هي مشاريع استعمارية ومصيرها الفشل الأكيد، وأي فصيل ثوري يسير بردة الفعل للانتقام من بطش بشار الأسد دون أن يحمل هذا المشروع فهو ضرر للثورة يجب تقويمه أو إزالته.
2- ضرورة قطع كل العلاقات مع الدول الإقليمية أو الغربية لان الارتباط بهذه الدول انتحار سياسي أي تتم عن طريقه مصادرة قرار تلك الحركات، وتصبح القرارات للدول الداعمة، وكل الدول الداعمة سواء الإقليمية مثل تركيا والسعودية وقطر والأردن أو غيرها من الدول الغربية كلها تريد بقاء نظام بشار الأسد وتحارب بقوة أي استقلال حقيقي لأهل سوريا، ومهما حاول المتفذلكون القول نضحك عليهم ونأخذ أموالهم، فإنها عملية ضحك على الثوار ليس إلا.
3- عدم السير وراء المشاريع الغربية أو قرارات الأمم المتحدة أو الدول في العالم الإسلامي فكلها تحارب الله ورسوله وتحارب بقوة فكرة استقلال أهل سوريا وحكمهم بالإسلام. 
4- عدم الخوف من تصنيفات الغرب للحركات المجاهدة في سوريا، فالغرب بشكل طبيعي سيصنف أي مخلص انه إرهابي، وكل من سار معه انه معتدل، فمن رضخ لهذا الخوف وسار معهم، فالانزواء في البيوت كالنساء اشرف له مئة مرة من أن يخون الثورة وينفذ أجندة الغرب الكافر.
5- محاربة كل من يحمل فكرا غريبا عن العقيدة الإسلامية مثل الديمقراطية والدولة المدنية وكل أفكار الإسلام المعتدل المرضي عنه غربيا.
6- الوعي السياسي على العدو الرئيسي (الولايات المتحدة الأمريكية) وإدارته للمعركة ضد المسلمين في سوريا، وإدراك دور إيران وروسيا وتركيا والسعودية وغيرهم في المعركة ضد أهل سوريا، وإدراك أن سبب قتال أهل سوريا هو خوف الغرب من إقامة الخلافة، والوعي الشرعي لطريقة إقامة الخلافة ولمقاييس المسلم في حياته.


وفي الخلاصة فان أمر تصحيح الثورة ما زال قائما، والغرب يسير تقريبا بنفس النهج الذي انتهجه في فلسطين، حيث تحولت الفصائل الفلسطينية إلى حراس للاحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر، وان تصحيح الأمر اليوم سهل ميسور، أما إن تم ترويض الفصائل وأتباعها بشكل متدرج قذر كالذي حدث للفصائل الفلسطينية فان تصحيح الثورة حينها سيكون صعبا ومكلفا وربما سيكون مستحيلا وتصبح سوريا تحتاج جيوشا من الخارج تقلع كل ما في سوريا من فساد، فالأمر بيدكم ما زال يا أهل سوريا، واتعظوا بما حصل لإخوانكم في فلسطين، ولا تجعلوا المصيبة تتكرر عندكم، مع فارق طبعا أن فلسطين محتلة بجيش صهيوني إجرامي مدعوم من كل الدول في العالم الإسلامي. 

http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=5099&hl=
 
الأربعاء, 28 كانون1/ديسمبر 2016 09:02
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

ثورة الشام قد تمرض ولكنها لن تموت، بإذن الله مميز

لا شك ونحن ننظر إلى ما وصلت إليه ثورة الشام المباركة؛ وما يحصل في مدينة حلب من مجازر جماعية وخسارة بعض المناطق؛ لا يسعنا إلا أن نقف وقفة صادقة مع ذاتنا لنضع الأمور في نصابها ونسترجع زمام المبادرة من جديد.

لا بد أن ندرك بداية أن الأمة الإسلامية أمة حية لا تموت؛ وقد أناط الله بها حمل الإسلام إلى العالم كافة، فهي أمة تحمل رسالة محمد e، تمرض ولكن لا تموت؛ تنام ولكن لا بد من أن يأتي يوم وتنتفض من جديد، وهذه حالها على مر العصور.

لقد قدر الله سبحانه وتعالى عليها أن تواجه العالم أجمع لتنشر في ربوعه دين الله عز وجل رسالة رحمة للعالمين، وهذا ما جعل قوى الكفر قاطبة تجتمع عليها وتحاول القضاء عليها المرة تلو المرة؛ ولكن هيهات هيهات فأمة محمد e باقية ما بقي دين الله سبحانه وتعالى؛ ودين الله عز وجل حي لا يموت؛ ومحفوظ من خالق الكون والإنسان والحياة، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.

إن نظرة واحدة إلى مجريات الأمور ترينا بوضوح مكمن الخلل الذي لحق بثورة الشام المباركة؛ والذي أوصلها إلى ما وصلت إليه الآن من انتكاسٍ وضع مصيرها على المحك، فقد نجحت أمريكا في السيطرة على مجريات الأحداث عندما وثقت قيادات الفصائل في أعدائها بل بالغت في هذه الثقة؛ حتى أصبحت مطية مخططات الغرب تدور معها حيث دارت وهي تحسب أنها تحسن صنعا! ويتجلى نجاح أمريكا في أمور عدة أهمها:

أولا: تحويل الصراع عن عميلها طاغية الشام وجعل الأولوية لمحاربة ما أسمته (الإرهاب)؛ فعلى الصعيد الخارجي شكلت أمريكا التحالف الصليبي الدولي وجعلت من محاربة الثورة أولوية حتى عند من يدّعون صداقة الشعب السوري، ونستطيع أن نقول الكلام نفسه على الصعيد الداخلي؛ فقد جعلت محاربة ما أسمته (الإرهاب) أولوية عند قادة الفصائل وذلك نتيجة الممارسات الخاطئة لتنظيم الدولة من جهة وبضغط من الداعمين وبتوجيه إعلامي مركز من جهة أخرى، وليس أدل على ذلك من توجه قيادات الفصائل للمشاركة في درع الفرات وترك مدينة حلب وحيدة تواجه مصيرها أمام تجمع أعدائها!

ثانيا: إغراق الثورة بالمال السياسي القذر؛ وربط قيادات الفصائل بالداعمين؛ والذي نتج عنه ما نتج من مصادرة القرار وفقدان السيادة، فلم تعد قيادات الفصائل سيدة نفسها؛ ولم تعد تستطيع أن تتخذ قراراتها بعيدا عن ضغوطات الداعمين وتوجيهاتهم وشروطهم التي كبلت الفصائل وشلت حركتها؛ فأبعدتها عن المناطق الاستراتيجية التي حُددت كخطوط حمراء يحرم الاقتراب منها؛ وحصرت أعمالها في مناطق استنزفت طاقاتها وأوهنت قواها، كما حرص الداعمون على إبقاء الفصائل مشرذمة متنازعة تحمل رؤوسا متعددة أفرزت مناطق سيطرة لكل فصيل وأهدافا ومصالح مختلفة مما أدخلها في صراع مع بعضها فذهبت ريحها، وهذا ما حذر منه رب العزة سبحانه وتعالى في قوله ﴿... وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِين﴾.

ويعتبر فقدان الوعي السياسي من أهم العوامل التي أوقعت قادة الفصائل في فخاخ أعدائها؛ وجعلت منهم مطية لتحقيق مصالحهم؛ فأمريكا كما هو معلوم تقود الصراع من خلف ستار وتزج بعملائها وحلفائها بعد أن قسمت الأدوار بين الاحتواء والمساندة، فزجّت بإيران وحزبها في لبنان ومن ثم روسيا لإسناد عميلها طاغية الشام؛ كما زجت بتركيا والسعودية وغيرها لاحتواء قادات الفصائل، وهذا ما لم تدركه هذه القيادات؛ فارتمت في أحضان أعدائها الذين ادعوا صداقتها وسلمت رقبتها للذبح عند أية محاولة للتمرد على قراراتهم، أضف إلى ذلك عدم قدرة قيادات الفصائل التمييز بين المكتسبات؛ فوقعت ضحية أوهام المكتسبات الهشة التي لا تستطيع المحافظة عليها، وبالتالي أخذت تفقدها الواحدة تلو الأخرى عندما سارت على طريق الهدن والمصالحات التي نتج عنها إفراغ المناطق من أهلها وسيطرة نظام الطاغية عليها من جديد؛ مما جعل الخناق يضيق حتى انحصر في الشمال السوري آخر قلاع الثورة، أضف إلى ذلك الممارسات الخاطئة التي فصلت الفصائل عن حاضنتها الشعبية أو كادت، وهذا كله نتيجة غياب الوعي السياسي عند من تصدر الدفاع عن أهل الشام وأعراضهم.

إن هذه الحقائق الصارخة تدفعنا لإعادة النظر في مسار الثورة بشكل عام والعمل على تصحيحه قبل أن تفقد الثورة بوصلتها تماما وتضيع في أمواج بحر الفوضى المتلاطمة، وهذا يقتضي من كل مخلص تحمل مسؤولياته، فقطع يد الداعمين أصبح ضرورة ملحة بعد العبث الذي جرى بمصير الثورة والذي نراه ماثلا أمام العيان، وهذه الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح لأنها تعيد لقيادات الفصائل سيطرتها على قراراتها وسيادتها على ذاتها فتستطيع السير في الطريق القويم؛ وتستطيع بعدها أن تتوحد حول مشروع سياسي وقيادة سياسية واعية ومخلصة، ومن ثم تستطيع كسر الخطوط الحمر التي رسمها أعداء الثورة وأبعد الفصائل عنها؛ والتي تعتبر مناطق استراتيجية للأطراف كافة، فالوقت لم يفت ولا تزال الفرصة سانحة لقلب موازين اللعبة.

يجب أن يعلم الجميع أن سقوط حلب، لا سمح الله، لا يعني انتهاء الثورة وإن كان ضربة قوية لها فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿... وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ فعسى أن توقظ هذه الهزة النيام من غفلتهم وإننا نرى علامات هذا الاستيقاظ من خلال توحد الفصائل في جيش واحد داخل حلب؛ ومن خلال خروج المظاهرات ضد القيادات التي باعت دماء مئات الآلاف من الشهداء وتضحيات الملايين من أهل الشام؛ ومن خلال الأعمال الجماعية هنا وهناك، فهذا كله دليل على أن الأمة لا تزال حية وأنها ستستعيد عافيتها من جديد بإذن الله وما ذلك على الله بعزيز.

بقلم: أحمد عبد الوهاب

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

- See more at: http://www.alraiah.net/index.php/ummah-affairs/item/2123-%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85-%D9%82%D8%AF-%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%B6-%D9%88%D9%84%D9%83%D9%86%D9%87%D8%A7-%D9%84%D9%86-%D8%AA%D9%85%D9%88%D8%AA%D8%8C-%D8%A8%D8%A5%D8%B0%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87#sthash.HXMGVeDP.dpuf

 
الأربعاء, 28 كانون1/ديسمبر 2016 08:49
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

سقوط حلب! دروس وعبر

 

بتاريخ 23/12/2016م خرجت آخر دفعة من مدينة حلب باتجاه ريفها الغربي وسط ذهول الجميع؛ ليعلن طاغية الشام سيطرته الكاملة على المدينة المنكوبة بعد أن دمرت طائرات روسيا بيوتها وجعلتها أثرا بعد عين وكومة من الأنقاض، رقد تحتها الأطفال والنساء والشيوخ دون أن يستطيع أحد مساعدتهم أو انتشالهم من شدة القصف الوحشي؛ فتركوا للموت البطيء دون أن يتحدث عنهم أحد.

سقطت حلب فسقطت بسقوطها كل الأقنعة التي تاجرت بها؛ والتي تركت خلفها كميات هائلة من مستودعات الأسلحة ومستودعات الغذاء؛ هذه المستودعات كانت كفيلة بمنع اقتحام حلب لسنوات عدة؛ بل وتحرير باقي المدينة من أيدي طاغية الشام ومرتزقته من مليشيات إيران وأفغانستان وحزب إيران وغيرهم من شذاذ الآفاق.

سقطت حلب وتركت خلفها تساؤلات عدة وإشارات استفهام كثيرة حول الذي جرى ومن يتحمل المسؤولية والدروس المستخلصة من سقوطها، سقطت حلب لكنها أيقظت بسقوطها العقول وألهبت القلوب لتعيد الحسابات من جديد.

وقبل أن أتحدث عن بعض الدروس والعبر لا بد من وقفة على الذي جرى في حلب؛ وهذا الانقلاب الرهيب في موازين القوى؛ بعد أن أطلقت قيادات الفصائل ملحمتها الكبرى لفك الحصار عن المدينة؛ واستطاعت في عدة أيام تحرير مناطق واسعة وشاقة رغم الإسناد الجوي الروسي لطاغية الشام؛ ورغم اتحاد العالم ضد هذه الثورة اليتيمة، لم يكن حصار حلب مستبعداً؛ وقد تجهزت المدينة بفصائلها لهذا الحصار، فكدست الغذاء والذخيرة وتجهزت للمواجهة، وفي الوقت نفسه كان طاغية الشام ومرتزقته يعدون العدة لاقتحام المدينة فلم يكن الاقتحام مفاجئاً أو على حين غرة، ودقت ساعة الصفر؛ وبدأ القصف الوحشي من كل جانب، وبدأت وسائل الإعلام تنقل ما يجري وسط صمت دولي مطبق، وكالعادة كان شعار محاربة (الإرهاب) هو سيد الموقف الدولي، وبدأت المناطق تسقط المنطقة تلو الأخرى؛ وبدا التخبط على كافة الأصعدة؛ وبدأ الانهيار التام والحديث عن إجلاء أهل حلب مع الفصائل كافة وهذا ما حدث، فأجلي أهل المدينة عن مدينتهم وسيطرت المليشيات عليها، فمن يتحمل مسؤولية ما جرى؟.

لا شك أن الذي يتحمل مسؤولية سقوط حلب والدماء التي سالت والأرواح التي زهقت هو المجتمع الدولي بالدرجة الأولى؛ الذي وقف مكتوف الأيدي دون حراك ليكشف عن تآمره وكذب ادعاءاته المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات المزعومة؛ وليكشف عن حضارته التي قامت على الجماجم والأشلاء، ولم يكن سكوته مستغرباً ولم يكن تحركه متوقعاً، ثم يتحمل المسؤولية حكام المسلمين الذين صمتوا صمت القبور وكأن الذي يموت وكأن الذي يقتل ليسوا مسلمين أو ليسوا بشراً حتى، وبقيت جيوش الأمة الإسلامية مقيدة في ثكناتها تنتظر الأمر للتحرك لكن هيهات هيهات لمن ثبتت عمالته أن يصدر الأوامر لنصرة أهل الشام!! ثم يتحمل المسؤولية قيادات الفصائل التي لم تطلق طلقة واحدة للتخفيف عن أهل حلب؛ ولم يكن ذلك من نقص في العدة والعتاد أو عجز عن نصرة المدينة؛ وإنما بصفقة بيعت حلب بموجبها في سوق اللقاءات التركي؛ بعد اللقاء الذي جمع بعض القيادات مع روسيا بوساطة تركية، وإلا كيف نفسر سقوط حلب في عدة أيام بينما تصمد داريا سنين عددا؛ وهي لا تشكل حارةً من حارات حلب؛ ولا تملك عشر معشار ما تملكه حلب من عدة وعتاد ومواد غذائية. أضف إلى ذلك التصريحات التي أدلى بها حكام تركيا الذين ارتبط بهم قيادات الفصائل وارتموا في أحضانهم بوجوب خروج المقاتلين من حلب؛ وسعيهم لوقف إطلاق نار دائم وتحول سياسي في سوريا، كل هذا يدل على أن المدينة لم تسقط نتيجة قتال وإنما سلمت تسليماً.

إن الذي جرى في حلب من تسليم لها هو جريمة كاملة الأركان بحق الإسلام أولاً؛ وبحق المسلمين ثانياً، وسيأتي يوم ليحاسَب مرتكبوها أمام الأمة جمعاء وما ذلك على الله بعزيز، وإن سقوط حلب ليس نهاية الثورة بل بداية مرحلة جديدة بإذن الله؛ بعد أن نستخلص الدروس والعبر فنتجنب الوقوع في الحفرة مرتين واللدغ من ذات الجحر مرتين.

يجب أن يتعلم الجميع أن الاعتماد على الغير بأي شكل من الأشكال هو انتحار سياسي؛ فالمال السياسي القذر والدعم العسكري الموهوم أصاب الثورة في مقتل، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾، وأن تركهم لواجب المحاسبة - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - والتخلي عن سلطانهم هو الذي أغرى ضعاف النفوس بالمتاجرة بدم الشهداء وبيعها بثمن بخس دولارات معدودة؛ مما نتج عنه هذا العذاب المهين ولم ينفع الدعاء حتى في تخليص أهلنا في حلب مما هم فيه، قال رسول الله e: «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعونه فلا يستجيب لكم»، وقد ثبت أنه عندما تحرك الناس استطاعوا التأثير وبإمكانهم التغيير فالسلطان لهم وهم قوة لا يستهان بها، ويجب أن نعلم جميعاً أن تفرُّقنا وتنازعنا هو سبب ذهاب ريحنا، قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾، وأن وضع قضيتنا بأيدي أعدائنا هو جريمة وأي جريمة؛ فقد ثبت أنه لا يوجد أصدقاء لنا وإنما الكل في خندق واحد ضد هذه الثورة اليتيمة، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، هذه أهم الدروس والعبر التي يجب أن نستخلصها من سقوط حلب، وعليه؛ وحتى لا نقع في ذات الحفرة وحتى لا نلدغ من ذات الجحر مرتين؛ يجب علينا أن نقطع كل يد تعبث بمصير الثورة حتى نستطيع أن نملك قراراتنا؛ كما يجب أن نربط ثورتنا بخالقنا فهو الناصر وهو المعين ونتوكل عليه سبحانه وتعالى وحده ومن ثم على أنفسنا، قال تعالى: ﴿... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا & وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾، وبعدها نتوحد حول مشروع سياسي واضح يرضي الله سبحانه وتعالى (مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة) تحت قيادة سياسية واعية ومخلصة مستمسكة بحبل الله المتين، قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا...﴾، فالتوحد إن لم يكن بحبل الله لا خير فيه، ومن ثم نوجه الضربات الموجعة لرأس النظام وخاصرته حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا. هذا ما يجب فعله ولم يبق عذر لأحد؛ اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.

بقلم: أحمد عبد الوهاب

 رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

- See more at: http://www.alraiah.net/index.php/ummah-affairs/item/2170-%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%AD%D9%84%D8%A8%D8%9B-%D8%AF%D8%B1%D9%88%D8%B3-%D9%88%D8%B9%D8%A8%D8%B1#sthash.8PrVQogz.dpuf

 
الأحد, 25 كانون1/ديسمبر 2016 21:48
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تأملات في آية

﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾

(مترجم)

يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ [هود: 113]

الركون إلى الشيء في اللغة العربية هو الميل إليه. ومعنى الركون في هذه الآية هو الميل إلى الطغاة والموافقة على ظلمهم، وإظهار الموافقة والرضا عن حكمهم وأساليبهم، والتعبير عن موافقتهم ومداهنتهم أمامهم أو أمام الآخرين، والتعاون معهم في اقتراف الآثام ومصاحبتهم والتشبه بهم [الزمخشري، والرازي، والشوكاني]

ومن هم بالضبط الذين ظلموا؟ وهل تنطبق على المسلمين وغير المسلمين؟

قال ابن عباس: "إنه ينطبق على العموم بلا أي فرق بين مسلم أو غير مسلم، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" [الشوكاني]

وأضاف الزمخشري: "لا يجوز الميل اليسير!" وكتب أيضًا أنّ الخليفة الموفق صلى مرة خلف الإمام فقرأ بهذه الآية فغشي عليه، فلما أفاق قيل له، فقال: "هذا فيمن ركن إلى من ظلم، فكيف بالظالم".

زيارة الحكام

ويعطي الزمخشري هذه الآية اهتمامًا حقيقيًا، فقد نقل عن سفيان الثوري قوله: "في جهنم واد لا يسكنه إلا القرّاء الزائرون للملوك".

وقال الأوزاعي: "ما من شيء أبغض إلى الله من عالم يزور عاملا".

وقال محمد بن مسلمة: "الذباب على العذرة، أحسن من قارئ على باب هؤلاء".

ولقد سئل سفيان عن ظالم أشرف على الهلاك في برية، هل يسقى شربة ماء؟ فقال: "لا"، فقيل له: يموت؟ فقال: "دعه يموت".

وروى الزمخشري أنه لما خالط الزهري السلاطين كتب إليه أخ له في الدين: "عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك أن يدعو لك الله ويرحمك: أصبحت شيخاً كبيراً وقد أثقلتك نعم الله بما فهمك الله من كتابه وعلمك من سنة نبيه، وليس كذلك أخذ الله الميثاق على العلماء، قال الله سبحانه: ﴿لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: 187]، واعلم أنّ أيسر ما ارتكبت وأخفّ ما احتملت: أنك آنست وحشة الظالم، وسهلت سبيل الغي بدنوّك ممن لم يؤدّ حقاً ولم يترك باطلاً حين أدناك، اتخذوك قطباً تدور عليك رحى باطلهم، وجسراً يعبرون عليك إلى بلائهم وسلماً يصعدون فيك إلى ضلالهم، يُدخلون الشكّ بك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهلاء، فما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خرّبوا عليك، وما أكثر ما أخذوا منك في جنب ما أفسدوا عليك من دينك، فما يؤمنك أن تكون ممن قال الله فيهم: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: 59] فإنك تعامل من لا يجهل، ويحفظ عليك من لا يغفل، فداوِ دينك فقد دخله سقم، وهيئ زادك فقد حضر السفر البعيد، وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء، والسلام".

وروى الزمخشري، عن الحسن البصري قوله: "جَعَلَ اللَّهُ الدِّينَ بَيْنَ لَاءَيْنِ: وَلا تَطْغَوْا وَلا تَرْكَنُوا". أي، لا تتجاوزوا حدود الحلال وتركنوا للظلم والظالمين.

ورُوي عنه أيضًا أن خياطًا قال له: "أنا أخيط ملابس الحكام، فهل أعد ممن يركن إلى الذين ظلموا؟"، فقال الحسن: "إنك لست ممن يركنون إلى الذين ظلموا، بل إنك واحد منهم!"

أيها المسلمون! أيها العلماء وأهل العلم!

انتبهوا! فلا تركنوا إلى الذين ظلموا بمؤازرتهم وبأقوالكم وأفعالكم. قولوا لهم قول الحق وخذوا العبرة من سلفكم الصالح.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

عبد الله حكيم

- See more at: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/cultural/40830.html#sthash.fCJQapWj.dpuf

 

الصفحة 39 من 132

اليوم

الجمعة, 02 أيار/مايو 2025  
5. ذوالقعدة 1446

الشعر والشعراء

يا من تعتبرون أنفسكم معتدلين..

  نقاشنا تسمونه جدالا أدلتنا تسمونها فلسفة انتقادنا تسمونه سفاهة نصحنا تسمونه حقدا فسادكم تسمونه تدرجا بنككم...

التتمة...

النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ

نفائس الثمرات النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ والسـعدُ لا شــكَّ تاراتٌ وهـبَّاتُ النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ...

التتمة...

إعلام ُ عارٍ

إعلام عار ٍ يحاكي وصمة العار      عار ٍ عن الصدق في نقل ٍ وإخبارِ ماسون يدعمه مالا وتوجيها         ...

التتمة...

إقرأ المزيد: الشعر

ثروات الأمة الإسلامية

روائع الإدارة في الحضارة الإسلامية

محمد شعبان أيوب إن من أكثر ما يدلُّ على رُقِيِّ الأُمَّة وتحضُّرِهَا تلك النظم والمؤسسات التي يتعايش بنوها من خلالها، فتَحْكُمهم وتنظِّم أمورهم ومعايشهم؛...

التتمة...

قرطبة مثلا

مقطع يوضح مدى التطور الذي وصلت اليه الدولة الاسلامية، حيث يشرح الدكتور راغب السرجاني كيف كان التقدم والازدهار في  قرطبة.

التتمة...

إقرأ المزيد: ثروات الأمة الإسلامية

إضاءات

JoomlaWatch Stats 1.2.9 by Matej Koval