النبي صلى الله عليه وسلم أو حاكم للمسلمين وهذا يعني أنه أول سياسي.
فالذي يقول لا سياسة في الدين، وأن السياسة قذارة ينبغي عدم إدخال الدين فيها هو إنسان جاهل أو متآمر:
• فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وكل الخلفاء وكل حاشيتهم من أهل الخير سياسيين، ولذلك عبارة لا دخل للدين بالسياسية أو يجب إبعاد الدين عن السياسة هي مصطلحات ليست من الإسلام في شيء.
• السياسة في الإسلام تعني رعاية الشؤون وفق أحكام الإسلام، فمن يرعى شؤون المسلمين حسب أحكام الإسلام فهو سياسي مرضي عنه من الله تعالى، والسياسي قد يكون في الحكم عندما يحكم بالإسلام، وقد يكون في حزب إسلامي يحاسب الحكام إن خرجوا عن أحكام الإسلام أو قصروا في رعاية شؤون المسلمين حسب الإسلام، وقد يكون فردا.
• أي شخص مسلم أو غير مسلم شيخ أو علماني، يرعى شؤون الناس حسب أحكام طاغوتية (أي أحكام غير الإسلام) فهو إنسان مجرم يجب على المسلمين التخلص منه، ولا يجب إعطاؤه أي فرصة، فمثلا مرسي سابقا وأردوغان حاليا وحكومة حماس وكل الحكومات الحالية التي شارك فيها الإسلاميون وكل الحكومات الجديدة والقديمة التي ظاهرها إسلامي والتي هي علمانية شديدة الوضوح والتي تحكم الناس بغير أحكام الإسلام هي حكومات سياسية يجب التخلص منها، وأصحابها فاسدين مجرمين لا يجب إعطاؤهم أي فرصة لأنهم يحكمون بغير شرع الله، وهم سياسيون فاسدون لا يمثلون الإسلام لا من قريب ولا من بعيد ولو صلوا وصاموا وحفظوا القرآن، ولو سهروا الليالي وهم يعالجون مشاكل المسلمين، ولو ضحوا بأنفسهم من أجل شعوبهم، فما داموا لا يحكمون بالإسلام فهم سياسيون فاسدون، وفسادهم سببه عدم لحكم بالإسلام.
• أن يرى المسلم فساد السياسية الحالية أو أغلب السياسيين بسبب عدم حكمهم بالإسلام أو عدم محاسبتهم على أساس الإسلام، فينطلق بقاعدة "لا سياسة في الدين" هو قول يلفه جهل أو تآمر أحيانا، وذلك:
1) لا سياسة في الدين تعني أن يترك أهل الخير في الإسلام الكفار والمجرمين والعلمانيين والمنافقين يحكمون المسلمين وهو ينزوي في زاوية ينظر إليهم وهم يدمرون البلاد.
2) لا سياسة في الدين تعني أن الإسلام لا يوجد فيه نظام حكم ولا يصلح لحكم البشرية، وهذا يعني أن الإسلام دين كهنوتي مثل بقية الأديان لا يصلح لرعاية شؤون الناس الحياتية.
3) لا سياسة في الدين تعني أن كثير من الآيات والأحاديث التي تتحدث عن الحكم لا فائدة منها، وهذا يعني تعطيل جانب مهم في الإسلام.
4) لا سياسة في الدين تعني تعطيل إقامة النظام السياسي الذي يحكم المسلمين وهو نظام الخلافة وتعني تعطيل الجهاد الفاعل وتعني تعطيل الحدود وكل الأحكام التي تقوم بها دولة الخلافة لرعاية شؤون المسلمين، ونسبة الأحكام المعطلة لعدم وجود الخلافة تفوق الـ 86% من الأحكام الشرعية.
5) لا سياسة في الدين هي أمنية كل الكفار، أن يبقى المسلمون المخلصون بعيدين عن المطالبة بعودة الخلافة وترك الساحة في الحكم للعملاء والمجرمين.
وفي الخلاصة فالإسلام دين ومنه الدولة، وكل مسلم يجب أن يكون سياسيا، أي كل مسلم عليه أن يحاسب الحكام الحاليين لعدم حكمهم بالإسلام، ويجب على المسلمين إيجاد الأحزاب السياسية الإسلامية التي تنطلق فقط من باب الدعوة للإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وإيجاد النظام السياسي الإسلامي وهو نظام الخلافة يحكم المسلمين والعالم، وإيجاد كم هائل من السياسيين الأقوياء في الحكم وفي الوسط السياسي كي تكون دولة الخلافة أقوى دولة في العالم.
على ضوء منع ضيوف الرحمن من الحج بسبب عدم إستخراج تصاريح الحجاج تارة ومنعهم بسبب خلافات سياسية تارة أخرى نقدم لكم هذا الموضوع الرائع الذي نشرته مجلة الوعي
رحلة للحج زمن الخلافة العثمانية
لقد سار الخلفاء من بعد الرسول صلى الله عليه وسلم على نفس المنهاج في تعيين أمير للحج وجعله مؤتمراً إسلاميا ًكبيراً. ولنستعرض رحلة الحج زمن الدولة العثمانية حيث لم تكن وسائط النقل الآلية مؤمنة (براً وبحراً وجواً)، كانت بلاد الشام بموقعها الجغرافي مركز تجمع للحجاج المسلمين القادمين من العرب والفرس والأكراد والتركمان والهنود واليزبك والجرجانيين والشركس والألبان والبيشناق والأفغان، وبعض أبناء جنوب شرق آسيا الذين يأتون براً. وسائر البلدان الإسلامية الشرقية، نظراً لأن الطريق البري بين دمشق والحجاز هي الأقصر لقوافل الحجاج المتوجهين لأداء فريضة الحج، وكذلك للقوافل والرحلات التجارية منذ القديم وقبل الإسلام.
كان الإعداد والتحضير لمحمل الحج يبدأ قبل موسم الحج بثلاثة أشهر، وكانت الدولة العثمانية وعلى رأسها السلطان العثماني (خليفة المسلمين) تهتم به اهتماماً زائداً وتوليه عناية فائقة. ويكلف الباب العالي لجنة مخصوصة رفيعة المستوى ترتبط مباشرة بالصدر الأعظم «رئيس الوزراء» مهمتها متابعة أمور المحامل في الأقاليم الإسلامية والإيعاز لولاة البلدان والأمصار بتلبية طلبات واحتياجات المحامل وتوفير الأمان لها وتسهيل أمور القائمين عليها؛ لأن هيبتها من هيبة الدولة.
وتبدأ أمهات المدن الإسلامية مثل القاهرة وبغداد ودمشق بالتحضير والتجهيز لمحاملها، فيعين الوالي أمير الحج من رجاله المشهود لهم بالكفاءة والتقوى، ومن ثم يبدأ أمير الحج باختيار أعوانه ورجاله مثل قاضي المحمل وقائد سرية الحراسة وأمين الصرة «صرة أميني» ورئيس الكتبة «باش كاتب» ورئيس الميرة والتموين ومسؤول الحملة «الحملدار» وهو المسؤول عن الطباخين والعمال، ويتم اختيار مسؤول البيارق والطبول «البيرقدار» وحامل العلم هو «البيرقجي».
ومن ثم يقوم أمير الحج «باشا الحج» بعرض الأسماء على الوالي للموافقة. «ثم تبدأ مراسم الحج في اليوم الأول لعيد الفطر في دمشق، ويبدأ العمل بإخراج السنجق، وهو عبارة عن قطعة من القماش المتين، وقد كتب عليه بالخيوط الذهبية الآيات القرآنية، حيث يوضع في مكان تجمع الحجاج وتبدأ «مراسم الزيت والشمع والمحمل» التي تجمع لنقلها لمكة والمدينة، حيث تصطف الفرق العسكرية أمام المسجد الأموي، وتؤدي التحية لوالي المدينة وقائدها العسكري، وبعض كبار الموظفين، وبعد الانتهاء تجري حفلة إخراج الشموع والزيوت المهيأة لإرسالها مع موكب الحج إلى الحرمين الشريفين. انطلاقاً من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أمر بإرسال الزيت لبيوت الله.
وفي «يوم الزيت» وهو الثاني من شوال كل عام، يتم الاحتفال بنقل الزيت إلى المستودع الخاص بأدوات محمل الحج.
وفي اليوم الثالث من شوال (يوم الشمع) فينقل الشمع وماء الورد لإهدائه إلى الحرمين، وفي يوم السنجق، يُخرج السنجق الشريف «الراية» أو «اللواء» وينقل باحتفال مهيب إلى دائرة المشيرية ليستقبله المشير ويضعه في قصره.
أما اليوم الرابع من هذه المراسم، فهو (يوم المحمل)، حيث يخرج موكب الحج الشريف مع المحمل والسنجق إلى وسط دمشق استعداداً للرحيل، حيث يوضع (المحمل) على ظهر جملٍ جميل الشكل قوي وعال لا يستخدم لأي عمل سوى الحج، ويحمل إضافة للمحمل الكسوة السلطانية إلى الكعبة الشريفة، ثم يتوافد الحجيج على مكان المحمل ويشتري كل حاج جملاً أو أكثر إضافة إلى جمال الدولة التي تعاقدت على شرائها لرجالها ولجندها المرافقين لمحمل الحج.حيث تسير قافلة أمير الحج في طريقها إلى مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفي اليوم الثالث تشترك الحكومة المحلية بصورة رسمية، فيحضر المشير والوالي وكبار الضباط والعلماء والموظفين ومشايخ الطرق وقطاعات مختلفة من الجيش والمدارس بأجمعها وذلك لوداع المحمل الشريف، وينطلق هذا الموكب مع السنجق في احتفال كبير.
أما الكسوة الشريفة فقد كانت تصنع من قِبل صنّاع مهرة يقيمون بدمشق ويتقاضون رواتبهم من الدولة، وكانت الدولة العثمانية تتحمل نفقات الحج، وتعهد بإمارته لواحد من كبار رجال الدولة، ويهيئ هذا الأمير للخروج بالحج، قبل حلول الموسم بثلاثة أشهر.. .
لم تر الأمة الإسلامية أياما سوداء أكثر من الأيام التي عاشتها في ظل غياب الخلافة، كيف لا والله تعالى يقول: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا}، فحياة المسلمين منذ ما يقارب 100 عام تقريبا ضنك في ضنك والأمور تزداد سوءا بدل أن تتحسن، حتى القيام بفروض الإسلام ناله السوء بسبب غياب الخلافة، فالخلافة حصن حصين تحمي المسلم ودينه، نعم نال التقصير الالتزام بأحكام الإسلام، فأصبحت ترى مسلما لا يصلي ومسلما لا يصوم ومسلما لا يزكي، وامرأة مسلمة تخرج بدون لباس شرعي، ومسلما يقتل مسلما، نال السوء الحكم فتحكم برقابنا حكام يخدمون الكفر والأعداء ولا يخدمون الإسلام، كثر الفقر وانتشر الجهل، وانتشر الفساد في كل مناحي الحياة.
ومن الأمور التي نالها السوء فريضة الجهاد، فأصبح المسلمون بداية لا يدركون معنى الجهاد الحقيقي ولم شرع وكيف يكون، وأصبح يعتدى على المسلمين صباح مساء ويقتل المسلمون كل يوم ولا مجيب ولا مغيث، وأصبحت جيوشنا للاستعراضات العسكرية، وأصبحنا نرى في بضعة أفراد يؤذون العدو حلا مثاليا لرد العدوان عن المسلمين، كثير من بلاد المسلمين محتلة وغيرها تسير على نفس الطريق، وقد أصبح البعض يرى أن الجهاد عن طريق الجماعات المسلحة هو الحل لكل مشاكل المسلمين، وللأسف كثر سفك الدماء بين المسلمين.
هذا الموضوع إخوتي لن يركز على الأحكام الشرعية المتعلقة بالجهاد بقدر ما سيركز عما حصل للجهاد بعد غياب الخلافة، ويمكن معرفة أحكام الجهاد من كتب ومواضيع أخرى.
بداية شرع الجهاد لقتال الكفار من أجل إعلاء كلمة الله وتحطيم الحواجز المادية التي تحول دون نشر الإسلام في العالم، وشرع الجهاد بعد إقامة الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، أي أن المسلمين لم يجاهدوا لإقامة الدولة الإسلامية، وإنما شرع لهم الجهاد بعد إقامة الدولة الإسلامية، أي أنه وبشكل أكيد أن الجهاد ليس طريقة لإقامة الدولة الإسلامية من العدم.
قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡٔٗاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ ٣٩ إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ ﴾
إن المتتبع لأحوال أمته ليتساءل عن دور ومهام الجيوش في بلاد المسلمين والتي منها، إضافة إلى الجهاد، وهو وظيفتها الأساسية، توفير الأمن وحفظ الرعية من أي اعتداء. وأمام ما يواجهه المسلمون اليوم من مآسٍ تملأ صفحاتها كل وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، العادية والإلكترونية، ويسرح في ملعبها مجرموها من ذئاب الغرب وثعالب حكام المنطقة… أمام كل ذلك ليتساءل الواحد منا: أين هذه الجيوش من وظيفتها؟! ولماذا تقعد عن القيام بدورها؟! ولماذا تسكت عن الجرائم المهولة التي تطال أمتها وحتى أهلها؟!… بل أكثر من ذلك أصبحنا نرى أن هذه الجيوش مقبوض عليها بقبضة حديدية من حكام المسلمين ومن قادة عسكريين مرهونين مثلهم مثل الحكام للغرب؛ ومن هنا تحولت مهمتهم إلى ما نراه اليوم من مشاركة لهم في ضرب الأمة، وضرب توجهها نحو الانعتاق من الغرب والإمساك بقرارها، ومنع الأمة من إقامة شرع ربها عليها… ولذلك وجدنا أن هذه الجيوش بأمر من الغرب وبتنسيق مع حكام المنطقة تدخل في تحالفات عسكرية ظاهرها محاربة الإرهاب، وحقيقتها محاربة الإسلام، ومنع عودته إلى مسرح السياسة الدولية؛وبذلك لم يعد دور الجيوش بحسب ما يأمر به الإسلام، بل أصبح بحسب ما يأمر به الغرب، وكان الحكام في هذه اللعبة الجهنمية هم رأس الحربة السامة وحلقة الوصل، فهم الذين يأتمرون بأوامر الغرب وبالتالي يأمرون قادة هذه الجيوش بأمره، هذا إن لم يكن هؤلاء القادة العسكريون القابضون على الأمر فيه هم عملاء مباشرين للغرب، يأخذون أوامرهم مباشرة من السفارات. والجدير ذكره هنا، هو أن الحكام العملاء للغرب مع وسطهم السياسي لا يشكلون عدديًا سوى نسبة لا تذكر من الأمة، كما لا يشكل القادة العسكريون إلا مثل هذه النسبة في الجيوش إن لم يكن أقل.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين، ورضي الله عن صحابته الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..
البيان الختامي لمؤتمر حزب التحرير في ذكرى هدم الخلافة "الأمة بين العنف والانهزام"
الذي يعقده حزب التحرير/ ولاية لبنان في 30 رجب 1438هـ، يوافقه 27 من نيسان/أبريل 2017م، وذلك في الذكرى الـ 96 لهدم الخلافة، جُنةِ المسلمينَ، ورافعةِ لوائهم، الدولةُ التي ترعى شؤونَ المسلمينَ بالأحكامِ الشرعيةِ، وتحملُ الإسلامَ إلى العالم بالدعوة والجهاد...
ينعقد هذا المؤتمر وسط أمواجٍ متلاطمةٍ تحيطُ بالأمةِ والعاملينَ المخلصينَ من أبنائها، ووسط هزاتٍ عنيفةٍ تضربُ جَنَباتِ هذه الأمة بل عُمقها، لترتسمَ سيلاً من الدماء والأشلاء والتهجير والتدمير...
ونظرةٌ على ما يحدث في العالم تُظهرُ أن أعمقَ المشاكلِ بل أشدها، ولعلها كلها هي حيث يوجد الإسلامُ والمسلمون.
ينعقد هذا المؤتمر وقد تداعت علينا الأمم بكل مسمياتها، القريب منها والبعيد، كما تداعى الأكلةُ إلى قصعتها، حتى صح القول في هذه الأمة أنها أصبحت كالأيتامِ على مأدُبةِ اللئام. لقد أدرك الغرب الكافر المستعمر قوة الأمة مبكراً فأصابها في مقتلٍ يوم أن هدم دولتها وكيانها الحامي لها "الخلافة"... واستعمر البلاد والعباد،
لكن هذا الغرب الكافر المستعمر كان يُفاجأ عند كل منعطفٍ حادٍ مع الأمة، بأن كل جهوده تتحطم أمام شباب من الأمة ما هانَ عليهم دينهم وأمتهم فقدموا أنفسهم في معارك المواجهة، فواجهوا بعتادٍ خفيف أعتى الآليات العسكرية، ثم كانت أجسادهم وصدورهم هي الدرع الأخير لصد هذه الهجمات، فأدرك الغرب الكافر المستعمر أن الحياة ما زالت كامنةً في قلب هذه الأمة وإن ظهر على جسدها التعب والسكون... فاختار نهجاً آخر يسلب فيه الطاقات المخلصة من الشباب، فيجعلهم بلا هدفٍ واضحٍ جلي إلا أن يكون قتلاً لأجل القتل وعنفاً لأجل العنف، فدفع بأجهزته ورجالاته تشويهاً واحتواءً واستغلالاً، مُدخلاً الأمة في دائرةٍ من العنفِ والعنف المضاد، ثم تسليط الغرب الكافر وأعوانه سيف (الإرهاب) على رقاب هذه الأمة وشبابها...
فكان أن وجدت الأمة ولا سيما شبابها أنفسهم بين خيارين ظنوا خطأً أن لا ثالث لهما:
فإما أن تدخل في دوامة القتل والعنف بمصطلحات إسلامية... فتطالك تهم (الإرهاب) ثم السجن والقهر...
أو أن تنهزم فكرياً فتقبل بإسلامٍ مُعَدلٍ عصري، أو تنهزم سياسياً فتقبل أن تكون كمسلمٍ سناً في دولاب العلمنة...
من هنا كان طرحنا في هذا المؤتمر "الأمة بين العنف والانهزام" لنقول للمسلمين عموماً ولشباب هذه الأمة خصوصاً أن طرحاً ثالثاً كان وما زال موجوداً، طرحاً قائماً على غايةٍ واضحةٍ محددة، وبعملٍ قائمٍ على أساس فكرٍ مسبق ناتجٍ عن إحساس بواقع هذه الأمة...
لقد كان طرح مؤتمرنا هذا مبنياً على هذا التصور والفهم، الذي نسأل الله سبحانه أن يثمر ثماراً طيبةً مباركةً... وقد انتظم عِقدُ هذا المؤتمر في محاور أساسية:
المحور الأول: تبيان أن إرعاب الناس وإدخالهم في دائرة العنف ليس هو من منهاج النبوة...
المحور الثاني: تفنيد مفهوم الانهزامية الفكرية والسياسية... والتأكيد على أن منهاج النبوة هو الطرح الواضح والبلاغ المبين...
المحور الثالث: منهاج النبوة الذي انتهجه حزب التحرير، فخط فيه الخط المستقيم بجانب الخطوط العوجاء.
وفي الختام، يؤكد المؤتمر على الأمور التالية:
أولاً: إن خيار القتل والتدمير وسفك الدماء على غير سواء، وترويع المسلمين وغيرهم ليس هو من منهاج النبوة، بل هو مما فرضه الظلم والتجبر ولا سيما من أجهزة الطواغيت ومن وراءهم، فرسالة الإسلام هي الرحمة للعالمين، لكن لن يتجلى هذا بشكله الحقيقي الناصع إلا في دولة الإسلام؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
ثانياً: إن الانهزام الفكري والسياسي، والانبطاح أمام متطلبات الغرب الكافر المستعمر بدعاوى الديمقراطية والحداثة، هي ليست من منهاج النبوة، ففكر الإسلام سافرٌ في وجه كل فكر، متحدٍ لكل رأي، حباه الله الحجة والبرهان من لدن سيدنا محمد e إلى قيام الساعة.
ثالثاً: تنبيه السلطة الحاكمة في لبنان وغيره إلى أن لا يُتخذَ هذان السبيلان ذريعةً ممجوجةً لضرب الإسلام وأهله، إما بعصا (الإرهاب) والقهر والبطش، أو بمحاولات تمييع صورة الإسلام وتفرده عقيدة وشرعةً ومنهاجاً.
رابعاً: الشد على أيدي الشباب أن يأخذوا دورهم الحقيقي والجاد في مسيرة هذه الأمة، فإن الجيل الذي حمل الدعوة مع رسول الله في مكة وقامت على أكتافهم دولة الإسلام الأولى في المدينة هم من كانوا بين الخامسةَ عشرةَ والأربعين من العمر... فزهرة الشباب ما هي للهو واللعب المحرم، بل على عاتق هؤلاء تقوم الأمم والحضارات.
خامساً: التأكيد على أن المعركة الحقيقية دوماً هي مع الغرب الكافر المستعمر المتمثل في الدول الرأسمالية اليوم وعلى رأسها أمريكا، وأن هذا الصراع لن ينجزه إلا دولةُ في وجه دولة، تبسط الأمن لرعيتها، ثم تُجيِشُ الجيوش وتحمل الإسلام حقاً وعدلاً، فتنجز بإذن الله وعد نبيها بفتح روما كما فتحت قسطنطينية بإذن الله.
سادساً: ضرورة أن يدرك العاملون على الساحة الإسلامية أن عدوهم لا ينظر إليهم إلا على أنهم عدو مسلم، فمهما كان من تزلُّفٍ وتقرب فإنه لن يغير من أصل الصورة شيئاً عند هذا الغرب الحاقد، وعليه فإن الأصل هو التمسك بثوابت الإسلام الواضحة البينة، وحمل الإسلام بقوة دعوة ودولة... وإننا في حزب التحرير قد رسمنا الصورة الكاملة للدولة وما بقي بإذن الله إلا أن ينجز الله وعده لعباده فيوضع هذا التصور بإذن الله موضع التطبيق، فهلموا إلى الخير الذي ندعوكم إليه.
سابعاً: دعوة كل مخلصٍ ليمد يده لنصرة العاملين المخلصين ولا سيما في هذه الظروف القاسية والأحداث الماعسة التي تنزل على الأمة، والتي ليس لها إلا الله، ثم عمل العاملين الجادين المجدين، بغاية محددة وطريق واضح.
وخاتمة الختام لأعمال هذا المؤتمر المبارك لا يسعنا في حزب التحرير/ ولاية لبنان، إلا أن نتوجه بخالص الشكر وجزيل الثناء ووافر التقدير، لكل من قبل دعوتنا ولبّاها، من المحاضرين الكرام، والحضور الأفاضل، طبتم وطاب مسعاكم وممشاكم. والشكر موصولٌ لكل من أعان على تنظيم هذا المؤتمر بقولٍ وفعلٍ ورأي ودعاء، ونسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتهم يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
واللهَ نسألُ أن يمُن علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية بعاجل نصره، وقريب فرجه، وما ذلك على الله بعزيز، إن الله بالغُ أمره قد جعل الله لكل شيئاً قدرا.
والحمد لله الذي بنعمته وفضله وكرمه تتم الصالحات المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان
المزيد من المقالات...
الصفحة 33 من 132