الأربعاء, 04 أيار/مايو 2016 10:01
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق
البطريرك الراعي يدعو (الإسلام) إلى تبديل نفسه، وإلى الانفصال عن الحياة والسياسة،
 
انصياعًا للعلمنة والحضارة الغربية
حاضر بطريرك الموارنة بشارة الراعي في البرلمان الأوروبي في بروكسل تحت عنوان: "نتائج الصراع الدائر في الشرق الأوسط على المسيحيين ومستقبلهم". وحمّل في محاضرته الإسلام المسؤولية عن الخطر على (المسيحيين)، إذ ختمها بتوصيات تحت عنوان: "حلّ طويل الأمد"، دعا فيها الأسرة الدولية إلى مساعدة (الإسلام) "ليخطو الخطوة التي قامت بها المسيحية، وهي فصل الدين عن الدولة". ودعا فيها (الإسلام)، إلى أن:
"أ - يتحرّر من الأصولية ومن العودة إلى رسالة الشريعة، أي الرسالة التي تتخطى تعليم القرآن.
ب - الدخول إلى عالم العصرية بأوجهه الإيجابية والانفتاح على القيم التي تقدّمها العولمة لتأمين تطوّر البلاد.
ج - تبنّي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتطبيقه لضمان خير جميع المواطنين في البلدان من دون تمييز بين العرق والدين واحترام كلّ كائن بشري". (الكلام حرفيًّا من موقع الوكالة الوطنية للإعلام، 28/4/2016)
إنّ هذا الكلام الذي أورده البطريرك الراعي بلهجة الناصح الحريص، هو في حقيقة أمره جرأةٌ على الإسلام وأهله، وإهانة لهما. إذ نصّب نفسه موجِّهًا "للإسلام" وجعل نفسه والأسرة الدولية قيّمين عليه، وصوّر الإسلام في صورة التائه العاجز، الذي يحتاج مساعدة غيره، ليصل إلى برّ الأمان، وليبلغ سنّ الرشد! بل ومَن المخوَّل مساعدته؟! الأسرة الدولية المتمثلة في البرلمان الأوروبي الذي يخاطبه والدول الغربية التي لم تُكِنَّ يومًا للإسلام وأهله سوى العداء والحرب!
إن الإسلام يا غبطة البطريرك ليس بحاجة أحدٍ لمساعدته، فهو دين الله تعالى الخاتم، الذي أتى لمساعدة الناس وهدايتهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور. والأسرة الدولية التي تدعوها إلى مساعدة الإسلام هي المحتاجة مساعدةَ الإسلام وهداية شريعته. ولقد خاطبكم الله تعالى في القرآن أنتم أهل الكتاب على وجه الخصوص فقال: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. فهو الذي يهديكم، ولستم أنتم من ترشدونه. وما يحتاجه المسلمون - وليس الإسلام - اليوم هو أن يستأنفوا حياتهم الإسلامية ويطبّقوا شريعة الإسلام مجدّدًا، ليخرجوا من حالة الانحطاط التي يعيشونها منذ دهر من الزمان، وليُخرجوكم وسائر البشرية من ظلم الحضارة الرأسمالية وعولمتها وشرعتها الدولية.
أمّا عن دعوتك إلى أن يَفصِل الإسلامُ نفسَه عن السياسة، فإنّها ليست من الحرص على الإسلام ولا أهله في شيء، لأنّ الدعوة إلى فصل الإسلام عن السياسة هي دعوة إلى تبديل الإسلام وتغييره وتحريفه وإخفار شريعته، ودعوة إلى انهزامه أمام الحضارة الغربية العلمانية، كما انهزمت أمامها الكنيسة من قبل.
فالإسلام يا غبطة البطريرك حضارة شاملة. أتى بنظام شامل للحياة والمجتمع والدولة، شاء من شاء وأبى من أبى. قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾. بل إنّ السياسة هي عمل جميع الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى هداية للناس، قال عليه الصلاة والسلام: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ» (متّفق عليه). وقال الله تعالى مخاطبًا نبيَّه داوود عليه الصلاة والسلام: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ﴾. وأنت تعرف يا غبطة البطريرك أنّ نبيّ الله داوود وابنه سليمان - عليهما الصلاة والسلام - كانا ملِكين على دولة حكمت رعيّتها بالشريعة التي نزلت على نبيّ الله موسى صلّى الله عليه وسلّم، وهو النبيّ الذي أوحى إليه الله تعالى التوراة، الكتاب الذي استمرّت الكنيسة تعتمده جزءًا من كتابها المقدّس تحت اسم العهد القديم حتّى يومنا هذا. فإذا قررت الكنيسة أن تفصل الدين عن الدولة بعد فشلها وهزيمتها أمام فلاسفة التنوير والعلمانية فهذا شأنها. أمّا الإسلام فله شأن آخر. وليكن واضحًا لديك ولدى الغرب الذي خاطبته في البرلمان الأوروبي، أنّ الإسلام - وهو دين الله تعالى الخالد إلى يوم القيامة - لم يكن يومًا ليتأسّى لا بالكنيسة، ولا بغيرها من الديانات أو الملل، فهو يعلو ولا يُعلى، ولن يستسلم يومًا لفيلسوف ولا لمشرّع، ولن يرمي سلاحه أمام مبادئ البشر الوضعية.
وإنّك يا غبطة البطريرك، حين تدعو الإسلام إلى التحرّر ممّا سمّيته الأصولية فهذا يشير بوضوح إلى أنّك تنسبها إلى الإسلام، إلى أن يتحرّر منها، وبالتالي فإنّ هجومك المتكرّر على الأصولية هو في الحقيقة هجوم على الإسلام نفسه!
ثمّ الأخطر والأنكى دعوتُك الإسلامَ إلى أن يتخلّى عن الشريعة! وتتحفنا بأنّ الشريعة الإسلامية "تتخطّى تعليم القرآن"!!! فتعلّمنا ما الذي يتوافق مع القرآن وما الذي يتخطّاه! وكأنّك مستأمن على القرآن وحارس له، ترشد المسلمين إلى كيفية قراءته وتطبيقه! إذن، تعال يا غبطة البطريرك نعلّمك أمورًا عن شريعتنا:
إنّ شريعة الإسلام ليست شرعًا من وضع أحد، لا الصحابة، ولا المجتهدين، ولا سائر الفقهاء، ولا غيرهم. وليس في الإسلام - كما في الكنيسة - مؤسّسة دينية، أو سلطة دينية، تعطي نفسها صلاحية التشريع، لا تأسيسًا ولا تعديلًا ولا تبديلًا ولا تعطيلًا ولا تحريفًا. بل إنّ الإسلام نعى على أتباع الملل السابقة تحريفهم دين الله تعالى، إذ أحلّوا وحرّموا من عند أنفسهم، قال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾. وقال: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾. فالشريعة الإسلامية ما هي إلا مجموعة الأحكام التي استخرجها مجتهدو الإسلام من نصوص الوحي المتمثّلة في القرآن وسنّة الرسول e. ولم يأت فقهاء الإسلام ومجتهدوه بشيء من ذلك من عند أنفسهم. أمّا ما يسمّى الاجتهاد في ثقافتنا الإسلامية، فهو لا يعني أن يخترع المجتهدون أحكامًا من عند أنفسهم أو من بنات أفكارهم. وإنّما الاجتهاد بالتعريف الدقيق هو: "استفراغ الوسع في درك الأحكام الشرعية من أدلّتها التفصيلية"، أي هي بذل أقصى الطاقة لفهم خطاب الله تعالى التفصيلي في القرآن والسنّة، لاستخراج أحكام الشريعة منه. قال تعالى في القرآن العظيم: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾. فليتَك لم تتحفنا بنظرية انفصال الشريعة عن القرآن، وليتك لزمت غرزك، وتركت الشأن لأهله.
أمّا عن دعوتك الإسلام إلى "الانفتاح على القيم التي تقدّمها العولمة"، فإنّ هذه العولمة التي تبشّرنا بها هي الشرّ المستطير الذي ألمّ بالبشرية اليوم وأصابها بالويلات والنكبات. إنّها النظام الذي يجعل اقتصاد العالم كلّه اقتصادًا واحدًا، يخضع لنظام واحد، لا تقف أمامه أيّ حدود، لا سياسية، ولا تشريعية، بحيث تخضع دول العالم كلّه لتشريع اقتصادي واحد، هو النظام الرأسمالي، ترعى تنفيذه "منظّمة التجارة العالمية"، حيث السمك الكبير يبتلع السمك الصغير، وحيث تتركّز ثروة البشرية في أيدي حفنة من حيتان المال لا يتجاوزون الواحد بالمائة من سكان العالم. العولمة هذه يا غبطة البطريرك، تجعل اقتصاد الشعوب المستضعفة وثرواتها - بما فيها شعبك في لبنان - نهبًا للشركات الكبرى التي ترعاها الولايات المتّحدة الأمريكية وشركاؤها في العالم. أهذا ما تدعو الإسلام إلى التسليم له والانصهار فيه؟!
 
أمّا إن كنت تعني بالعولمة معناها الطارئ عليها، وهو أن تتحوّل البشرية إلى اعتناق منظومة واحدة من المفاهيم والقيم والتشريعات - وهي بالطبع منظومة الحضارة الغربية، وهذا ما دعوت إليه بوضوح حين دعوت الإسلام إلى "تبنّي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتطبيقه"- فهذا بكلّ وضوح يعني أنّك تدعونا إلى محو إسلامنا الذي هو حضارة متميّزة قائمة بحدّ ذاتها من الوجود، بأن يذوب في منظومة الحضارة الغربية. وهذه بالطبع ليست دعوة حريص ولا دعوة مخلص للإسلام وأهله، يا صاحب الغبطة.
ثم يا غبطة البطريرك، هل خطر ببالك - وأنت تحاضر في أعضاء البرلمان الأوروبي داعيًا الإسلام إلى الانصهار في عولمة الحضارة الغربية - أنّ من بين هؤلاء النوّاب من ألّف الكتب والمقالات يدقّ ناقوس الخطر من غول العولمة الذي لم يترك لأمّة خصوصيةً ولا حرمةً ولا شخصيةً مستقلّة؟!
إنّنا يا غبطة البطريرك نبشّرك بأنّ عولمة الحضارة الغربية لن تبلغ غايتها، ولن تحقّق مأربها، وأنّ الحضارة الإسلامية التي لطالما شكّلت المنافس اللدود لها تتأهب لوراثتها وطيّ صحيفتها عمّا قريب بإذن الله تعالى. فيا ليتك تبيّض الصحائف بدل تسويدها، ويا ليتك اكتفيت بأن تكون بطريركًا للموارنة، بدل أن ترشد المسلمين في دينهم وتنصحهم فيه.
وفي النهاية يسعنا أن نختم بقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾.
التاريخ الهجري :22 من رجب 1437هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 29 نيسان/ابريل 2016م حزب التحرير        
ولاية لبنان
- See more at: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/leaflets/lebanon/36973.html#sthash.KJkN8lvn.dpuf
 
الأحد, 24 نيسان/أبريل 2016 08:42
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق
كيف نقاوم سحر ومكر الإعلام
الإعلام بشكل عام هو الناطق باسم جهة معينة ويعمل على ترويج أخبارها وأعمالها وما يمكن أن تقوم به، ويروج أيضا لفكرها، ويتصدى لكل من يحاول النيل منها، هذا بشكل عام، وإذا نظرنا إلى الإعلام الحالي أي الإعلام في العالم الإسلامي نجده يروج للحكام الحاليين ولأسيادهم الغربيين ولمشاريعهم وللأفكار الديمقراطية ويروج للحكم المدني الديمقراطي، ولا يمكن أن يخرج عن هذا الخط، وفكرة الإعلام المحايد غير موجودة ولا يمكن أن تكون موجودة وبالذات على مستوى الإعلام الرسمي، من هذه المقدمة البسيطة يمكننا الاستنتاج أن الإعلام الرسمي الحالي في العالم الإسلامي يروج لـِ:
•             الفكر الديمقراطي العلماني ويبين أنه الحل للمشاكل
•             عدم نجاح المسلمين سببه عدم تطبيقهم للديمقراطية
•             يحارب فكرة الحكم بالإسلام خلافة راشدة على منهاج النبوة ويبين أنها فكرة قديمة لا تصلح لحل المشاكل
•             ينشر كل ما يخدم الحكام الحاليين وما يثبتهم وما يثبت الفكر الديمقراطي العلماني.
•             يحارب الفكر الإسلامي الصحيح وكل فكر يدعوا للحكم بالإسلام خلافة راشدة على منهاج النبوة ويقوم بتشويهه.
•             يعمل على إحباط أي عملية تغيير في العالم الإسلامي ترضي الله ورسوله ويعمل على احتوائها.
•             يقدس قيم الغرب والإنسان الغربي ويهاجم شخصية الإنسان المسلم الملتزم بدينه.
•             يخدم مصالح الجهة الممولة بشكل عام والتي تكون جزء من منظومة الحكم.
إن للإعلام قوة سحرية للعب بعقول الناس وتوجيهها كما يريدون، ومكره قوي خادع لا ينجو منه إلا الواعون، أما البسطاء من الناس فقلما ينجون من سحر ومكر الإعلام، ولذلك أحببنا في هذا المقال أن نركز على الأمور التي تمكن الفرد من مقاومة سحر ومكر الإعلام، وعدم الوقوع في خداع الإعلام.
 
ومن هذه الأمور التي تمكن الفرد من مقاومة مكر وسحر الإعلام:
 
 
أولا: التسلح بسلاح العقيدة الإسلامية كقيادة فكرية لا كعقيدة روحية فقط، أي أن تكون العقيدة الإسلامية هي المحرك والموجه للإنسان وفكره وحكمه على الأشياء، أما إن لم تكن العقيدة الإسلامية هي القيادة الفكرية للإنسان وكانت قيادته الفكرية غير مبلورة أو مختلطة من عدة مشارب فسيصبح من السهل على الإعلام سحره وخداعه، ومثال بسيط على ذلك أن العقيدة الإسلامية تدفعنا للنظر إلى أعمال دول الكفر بعين الريبة والشك والنظر في الشر الذي ينوون فعله حتى لو أظهروا لسانا حلوا وذلك قبل قيامهم بأي عمل، أما الشخص الذي لا ينظر من هذه الزاوية فسيظن خيرا بدول الكفر وستنطلي عليه ألاعيبهم ويظن بهم خيرا.
ومن الأمور الهامة المنبثقة عن العقيدة الإسلامية على سبيل المثال لا على سبيل الحصر والتي يجب التنبه إليها:
1-            أن الحكم بغير الإسلام لا يمكن أن يجلب خيرا، ولو تولى الحكم شيخ حافظ للقران، بل الشر والفساد هو المتوقع.
2-            أن دول الكفر لا يمكن أن تقوم بعمل فيه خير للمسلمين.
3-            أن أهداف المحطات الإعلامية الحالية هي خدمة الكفر وذلك لأن الكفر عن طريق حكام المسلمين هو من يمولها، حتى لو بدت ظاهريا تدعو للإسلام.
 
يتبع...
لقراءة المزيد الرجاء الدخول للرابط ادناه:
منتدى الناقد الاعلامي
http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4418&hl=
 
الجمعة, 22 نيسان/أبريل 2016 07:58
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق
 

جريدة الراية: في ذكرى هدم الخلافة (1) هدم الخلافة أمُّ الفواجع

 

2016-04-20

28 رجب 1342 هجرية الموافق لـ3 آذار 1924 ميلادية تاريخ أليم في حياة المسلمين جميعاً. هو ذكرى فاجعةٍ غير عادية، بل هي أم الفواجع. ففي هذا اليوم أعلن مصطفى كمال إلغاء الخلافة، وسقوط الخلافة الإسلامية رسمياً، أي سقوط الكيان الذي قام على يدي رسول الله ﷺ بعد دعوةٍ ومعاناة، وصراعٍ وكفاح لمدة 13 عاماً، تعرض خلالها ﷺ هو وصحابته y لشتى صنوف العذاب والأذى، وبلغ الأمر أن تتآمر عليه قبائل الكفر وأحزابه لقتله، وأن يرسلوا خلفه من يأتي به حياً أو ميتاً، ولكنه ﷺ نجح في الوصول إلى دار النصرة والمنعة حيث أقام للإسلام كيانه ودولته، وتغير بذلك حال المسلمين من حال ضعف ومعاناة وتعذيب وخوف واختباء… إلى حال عزٍّ وسلطان، وبدأت الفتوحات وانتشر الإسلام في كل جهات الأرض وقاراتها. هذا الكيان الذي بسط سلطان الإيمان في الأرض وعزَّ به الإسلام والمسلمون، هُدِم تماماً في 28 رجب 1342 هجرية.

لذلك لا يُستغربُ أن يرجع المسلمون بعد ذلك كلهم، كلُّ شعوبهم وكل أمتهم، إلى الوراء في كل شيء؛ في عزتهم ومنعتهم وأمنهم، في أمن وكرامات شيوخهم ونسائهم وذراريهم… لقد كان ذلك اليومُ يومَ هدم الخلافة أي: يومَ إسقاط راية الإسلام، وإزاحة الشريعة الإسلامية من الحكم والتطبيق، وتنحية القرآن والسنة جانباً، ووضع دساتير وقوانين كفر بدلاً من ذلك. فكان طبيعياً أن تتفرق الأمة الإسلامية شذر مذر، وأن تصبح الدولة الواحدة دويلات هزيلة تستجدي أمنها ورعايتها من عدوها، وأن تضيع مقدساتها في فلسطين وغيرها، وأن يحكمها الأنذال الأرذال، وينتصب للقيادة والريادة فيها التافهون والعملاء، يعبثون بمقدساتها وثرواتها، وبأعراضها ودمائها… وأن تتوالى الفواجع التي تتجاوز الوصف والتصور. وهذا غيضٌ من فيضٍ مما آل إليه حال المسلمين بعد إسقاط كيان الخلافة الذي بناه النبي ﷺ وعزَّ به المسلمون وشع به نور الإسلام على الدنيا، ثم هدمه الغرب الكافر، فذل المسلمون وغاض الإسلام من الحياة وخيَّم على المسلمين الظلم والظلام.

وعلى الرغم من هذه الفواجع، ومن فاجعة هدم الخلافة أمِّ الفواجع، فهناك ما هو أدهى وأخطر من هذا كله، وهو فاجعة نسيان الأمة الإسلامية هذه الذكرى الأليمة وجهلها بخطرها، وأن يستمر هذا الجهل بأهمية الخلافة وبِعِظمِ فاجعة هدمها. ومثل ذلك أن يتمكن الغرب الكافر وعملاؤه من تشويه فكرة الخلافة وصورتها، وصرف أبناء المسلمين عنها، بل وحملهم على التنكر لها والنفور منها، وجعلها محل أحاديث تندُّر وهزل بينهم، وفي مناهج التعليم والإعلام عندهم!

لذلك كان على كل مسلم حريص على دينه ونهضة أمته وعزتها، وعلى استعادة سلطان الإسلام وتبليغه والشهادة على البشرية، أن يدرك عظمَ هذه الفاجعة وأهمية إعادة إقامة الخلافة واستئناف الحياة الإسلامية. وهذا لا يمكن أن يدركه أو أن يقوم بواجبه حياله من لا يدرك عِظَمَ فاجعة هدم الخلافة واستمرار غيابها. كما أنه لا يصح زعم إدراك حجم هذه الفاجعة ممن لا يدرك أنها سبب لكل ما نزل بالمسلمين بعدها من هزائم ومجازر وفواجع، أو لا ينطلق عاملاً أو داعماً لإعادتها ولتطبيق الإسلام ورفع رايته واستعادة عزته.

وإنه لمن الأجدى لمن لا جَلَدَ له أو قدرة على النظر لإدراك أهمية الخلافة ودورها المصيري للأمة الإسلامية، أو لمن تمكنت من فهمه أبواق التضليل التي تصد عن الخلافة أو تشكِّك بأهميتها، الأجدى لهؤلاء أن يُنعموا النظر ويتعمقوا في دلالة قول النبي ﷺ الذي رواه مسلم عن أبي هريرة t: «وإنما الإمام جُنَّةٌ يُقاتل من ورائه ويُتقى به»، والإمام هو الخليفة. وبذلك يدرك الناظر كم كان هدم الخلافة خطراً على الإسلام وعملاً شيطانياً. وكذلك حسبُ المسلمِ الذي لا يدرك أهمية الخلافة وعظم فاجعة هدمها، أو لا يشعر بذلك وبما جره هدمها على المسلمين من فواجع، حسبُه أن يعرف حكم الإسلام في حقه إذا لم يبايع خليفة، وأنه إذا مات على هذه الحال فميتته جاهلية. قال ﷺ: «ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتةً جاهلية» رواه مسلم عن ابن عمر t. ولا يرفع عنه هذا الإثم أو ينقذه من هذه الميتة الجاهلية إلا أن يكون عاملاً لإيجاد الخليفة ومبايعته ولكنه عاجزٌ عن ذلك، قال تعالى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾.

يدرك الغرب الكافر الذي هدم الخلافة أهمية هذا الحدث الضخم وتداعياته الكارثية على الإسلام وأمته. لذلك فهو يعتبر تنفيذ مصطفى كمال لخطة هدم الخلافة والإجراءاتِ التي اتخذها لإقصاء الشريعة عن الحكم والحياة، والقوانين التي فرضها لمحاربة الإسلام، وإعلانه علمانية الدولة، من أهم الخدمات بل من أعظم الانتصارات على الإسلام ومن أهم الخطوات على طريق القضاء على وجوده. وعندما اعتُرِضَ على اللورد كرزون وزير الخارجية البريطاني آنذاك في مجلس العموم بسبب اعتراف بريطانيا باستقلال تركيا التي يُمكنُ – بنظر المُعترِض – أن تُعيد جمع المسلمين حولها مرةً أخرى وترُدَّ الهجوم على الغرب، أجاب كرزون بقوله: “لقد قضينا على تركيا التي لن تقوم لها قائمة بعد اليوم، لأننا قضينا على قوتها المتمثلة في أمرين: الإسلام والخلافة”.

إن إدراك المسلمين وعلى رأسهم علماؤهم والعاملون في حقل الدعوة الإسلامية لحجم فاجعة إلغاء الخلافة، ونشر هذه الحقائق لسائر المسلمين ليدركوا أهمية الخلافة ككيان تنفيذي للإسلام، وأنها لا طريق سواها لحفظ الدين وكل الأهداف العليا لصيانة المجتمع وسائر المقاصد الشرعية، ولحضهم على العمل الجاد لإقامتها هو علامةُ يقظة الأمة وصحوتها. فالعمل لأجل هذه الغاية هو تاج الفروض وأوَّل الضروريات وأوْلاها.

وإن الغرب ليلمس اليوم خطر عودة الخلافة ويخشاها، لذلك أعلن حربه عليها وعلى كل دعوةٍ إلى الحكم بالإسلام، مهما اختلفت عناوين هذه الدعوة وأسماؤها، فأطلق على ذلك كله اسم الإرهاب، وأعلن عليه الحرب. وهذا يُلزِم المسلمين بأن يضاعفوا جهودهم وبذلهم في هذا الصراع، وأن يحْمِلوا مزيداً من أبناء الأمة على خوضه معهم لإقامة دولة الخلافة.

 وبكلمة موجزة، إن الإسلام هو دين الله وله وحده الحكم والسيادة، ولا يمكن أن يوجَد ذلك أبداً إلا بدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وكل حكمٍ بغير الإسلام هو ظلم وقهر وضنك، ولا يكون حكمٌ بالإسلام بغير الخلافة، بل يغيض بذلك الإسلام ويذل المسلمون وتنتهك المحارم. قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾. وقال: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا﴾. صدق الله العظيم.

بقلم: المهندس محمود عبد الكريم حسن

http://www.alraiah.net/ 

 
الخميس, 21 نيسان/أبريل 2016 11:43
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

الخلاف والاختلاف ضوابط وخطوط حمراء

بقلم : عاهد ناصرالدين

كثّف الكافر المستعمر هجمته على الإسلام والمسلمين,واستعمل كل الأساليب والوسائل في تشويه الإسلام وصورته,واتخذ مداخل من الإسلام نفسه ليتمكن من تسويق أفكاره ومفاهيمه بين المسلمين ومن أجل أن تنطلي أفكاره عليهم, ومن أعظم تلك المداخل بل وأخطرها مشروعية الاختلاف في فهم الإسلام وتعدد الآراء لوقوعه عمليا بين أئمة المسلمين ومجتهديهم, وكان هذا بمثابة الركيزة الأساسية التي ارتكز عليها لتمييع الإسلام؛ بجعل مفاهيمه تمتزج بمفاهيم الإسلام وتتغلغل بين أوساط المسلمين.

ومن أهم المفاهيم التي أبرزها وشجع على ظهورها مشروعية الخلاف بين الناس بما يسمّى ب"الرأي والرأي الآخر" من خلال وسائل الإعلام التي تسوق الديمقراطية والحضارة الغربية ، وتجعل القطعي من الإسلام محل خلاف ورأي وتصويت؛ فالطرح غالبا ما يتحدث عن الثوابت والقطعيات التي لا تقبل رأياَ آخر أو اتجاها معاكساَ ؛ فهذه الثوابت هي من المسلَّمات عند المسلمين مثل قضية تحكيم الشريعة الإسلامية أو حجاب المرأة أو الولاء والبراء وغيرها من الثوابت التي لا تقبل نقاشاَ.

صحيح أن هناك دواعي للاختلاف كالتباين الذي فطر الله –عزوجل- عليه البشر من حيث تفاوتهم في القدرة على الإدراك والاستيعاب والفهم، بما فضل الله به بعضهم على بعض ، ووجود خلاف من قبل اللغة، مثل الخلاف في دلالة المشترك على معانيه.

لكن لا يصح جعل الاختلاف على إطلاقه؛ فيؤدي إلى مخالفة الأحكام الشرعية والتنازل عن الأفكار والمبادئ التي يحملها المسلم،بل أخطر من ذلك أن يكون المسلم واقعيا أسيرا لأفكار غيره فيغيّر أفكاره تمشيا مع هذا الواقع، وتقع الأمة فريسة لردَّات فعل طبيعية للواقع السيئ فتعالج قضاياها بعيدا عن أفكارها فيصبح داعيا للاشتراكية أو الديمقراطية أو حتى يتنازل عن أرضه أو جزء منها.

وقد حاول بعضهم تطويع الأحكام الشرعية بما يتفق مع متطلبات العصر،وتم الإفتاء بما يُعارض نص القرآن القطعي كإباحة الربا القليل بحجة أنه غير مضاعف وبحجة الضرورة.

والمسلمون مطالبون بتحري الحق والصواب واتباع الدليل الأقوى فيما اختلف فيه، لا ما يمليه الهوى الذي جانب العدل من جانبه من الظالمين قال تعالى { أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ }البقرة87 ،وبالهوى ضل وانحرف الضالون{ فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }النساء 135

من أجل ذلك يجب وضع ضوابط للاختلاف وذلك ببيان أمرين اثنين

أولهما: طبيعة الخلاف والاختلاف وفيما يختلف فيه ولا يُختلف فيه حتى لا يكون الخلاف والاختلاف لأجل الخلاف.

ثانيهما: كيف يمكننا أن نميز بين الاختلاف الذي يُقبل شرعا وبين من ليس له رِجل ليقف عليها ؟.

هذا الاختلاف منه مذموم وآخر محمود ؛فنجد الآيات القرآنية التي تنعى على الاختلاف من مثل قوله تعالى {وَمَا كَانَ النَّاسُ إلا أُمَّةً وَاحِدةً فاخْتلَفُوا}، (سورة يونس، من الآية: 19)، إذ ذكر نقيضاً للوحدة، ومثل قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلفَ فِيهِ إِلا الْذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ بَغْيَاً بَيْنهُمْ} (سورة البقرة، من الآية: 213)، إذ قرن الاختلاف بالبغي، وقولـه تعالـى: {وَلا تكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظيِمٌ} (سورة آل عمران، الآية: 105)، فقد توعد اللَّه سبحانه وتعالى بالعذاب الذين تفرقوا واختلفوا في آياتٍ كثيرة من كتابه العزيز كقوله تعالى {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلََّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (سورة مريم، الآية: 37)، وقوله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلْذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ} (سورة الزخرف، الآية: 65)، وقوله: {وَلَكِنِ اخْتَلفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ امَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ} (سورة البقرة، من الآية: 253)، وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (سورةالنحل، من الآية: 93).

 

يستفاد من هذه الآيات أنَّ الذين ثبتوا على الحق لا ينالهم العذاب، بل ينال الذين كفروا وظلموا وضلوا، ويؤكد هذا المعنى قوله سبحانه {وَلَوْ شَاءَ رَبّكَ لَجَعَلَ النَّاس أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إلا مَنْ رَحِمَ رَبّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} (سورة هود، الآيتان: 118-119).

 

وهذا يعني أنَّ الاختلاف المذموم هو مخالفة الحق والركون إلى الباطل بشتى صوره، وتجاوز البينات بجعلها ظنيات ، والمحكمات متشابهات ، وبتقييد المطلق ،وإطلاق المقيد ، وتخصيص العام ، وتعميم الخاص وهكذا..

ولكننا نرى اختلافا محمودا تبيِّنه الحوادث العديدة التي كانت في أيام النبي-صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين ومن أتى بعدهم، مما اختلفت فيه أفهام الصحابة وغيرهم، وتباينت فيه مداركهم من أحكام الشرع، من مثل الاجتهاد في أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- أصحابه " لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة"، فأداها بعضهم عند وصوله بني قريظة مع تأخير صلاة العصر، وعجل بعضهم فصلاها ثم توجه إلى بني قريظة مع مخالفته لأمر النبي – صلى الله عليه وسلم، وعدم إنكاره، عليه السلام، على الفريقين.

من هذا يتبين أن الاختلاف المقبول شرعا هو الاختلاف النابع من تباين في الفهم بسبب إشكال لفظي أو تعدد دلالات التعابير ، أو اختلاف في فهم الأدلة ، ويجري هذا على الفروع والجزئيات في النصوص الظنية في دلالاتها.

أما الاختلاف المذموم شرعا فهو النابع من هوى أو جحود للحق، والمؤدي في نهايته إلى النزاع،ومنه الاعتداء على النصوص بتحميلها ما لا تحتمل ، وقد توعد الله تعالى أصحابه بالفصل بينهم يوم القيامة.

وعند وجود خلاف بين المسلمين أو نزاع لا بد من الرجوع إلى الكتاب والسنة ،قال تعالى {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }الشورى10 ، وقال عزوجل{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59، ورد في التفسير الميسر"يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, استجيبوا لأوامر الله تعالى ولا تعصوه, واستجيبوا للرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الحق, وأطيعوا ولاة أمركم في غير معصية الله, فإن اختلفتم في شيء بينكم, فأرجعوا الحكم فيه إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, إن كنتم تؤمنون حق الإيمان بالله تعالى وبيوم الحساب. ذلك الردُّ إلى الكتاب والسنة خير لكم من التنازع والقول بالرأي، وأحسن عاقبة ومآلا.

وعليه فإنَّ هناك خطوطا حمراء لا يجوز تجاوزها وتخطيها ، ومسلمات محكمات بينات واضحات قطعيات ، مجرد وضعها في خانة المختلف عليه يعتبر اعتداءً صارخا وتطاولا واضحا ، وإلباس الناس ثوب التشكيك والظن فيما هو مبتوت ومعلوم ومحل اطمئنان وسكون ، ويمكن تلخيص ذلك في نقطتين.

1 -أن لا تُجعل العقيدة الإسلامية محل خلاف ؛ فلا اختلاف في وجود الخالق – عز وجل ولا في ملائكته ولا في كتبه ورسله واليوم الآخر، ولا اختلاف في حاكمية الله جل وعلا ،ولا يجوز أن تكون العقيدة وثوابتها محل مساومة أو غوصٍ في قواسم مشتركة كنقاط التقاء مع ما يناقضها أو حتى يخالفها ، لأن القول هنا واحد لا يتعدد؛فالمسألة إما إيمان أو كفر ، لا سبيل لثالث بينهما.

2- أن لا تُجعل القضايا المصيرية والأحكام القطعية محل اختلاف، كالحكم بالإسلام ووحدة المسلمين والجهاد وسيادة الشرع والولاء والبراء وعدم طاعة الحكام الرويبضات مثلا؛ فالبُرغم من وجود الاختلاف بين الصحابة في الاجتهاد ولكنهم لم يختلفوا في القضايا المصيرية وحلِّها.

فكان من الواجب الوقوف أمام كل من يُخِّلُ أو يحوِّر في الثوابت والمسلَّمات وأصول العقيدة ،وقضايا الأمة المصيرية؛ ولا مسوغ شرعي للخلاف أو الاختلاف فيها ،بدواعي تعدد الآراء وبشعارات إصلاحية أو ترقيعية أو مبررات تتخذ من فنون الممكنات وميزان القوى ، وفقه المصالح والغاية تبرر الوسيلة ،واختلاف الأحكام باختلاف الزمان ، فتقبل مثلاً المشاركة في الأنظمة الحالية تحت ذريعة أن الأمر خلافي ،وتحت شعار يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ؛ كتحريف وتعطيل حكم الجهاد في سبيل الله والقول أنه دفاعي ، ليتماشى مع الموقف الدولي والمواثيق الدولية ، وسيراً مع قوانين مكافحة ومحاربة الإرهاب ، متناسين أن القتال والجهاد قد شرعه الله تعالى لنشر الإسلام وفتح البلاد ، وليس لإكراه الناس على اعتناق الإسلام. قال الله تعالى: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} سورة البقرة.

ومما يجب التأكيد عليه أن علماء الأصول رغم اختلافهم فيما يعتبر دليلا إلا أنهم لم يختلفوا في وجوب قطعية الأدلة ؛قد نص جمهور العلماء على أن أصول الأحكام يجب أن تكون قطعية،قال الشاطبي في كتاب الموافقات" إن أصول الفقه في الدين قطعية لا ظنية" .

فمن اعتمد على دليل ظني، لا يختلف مع غيره من العلماء على وجوب قطعية الدليل ، وعندما أعياه وجود دليل من القرآن والسنة لجأ إلى الاستحسان مثلا على اعتبار أنه دليل يُستند إليه.

لا كما نرى اليوم ممن تجاوز الأمر وتعدَّى بإنزال الأدلة على غير مناطها ، ومحاولة تطويع الأدلة لتتفق مع ما ذهبوا إليه ؛ فمنهم من ذهب وخلط بين استئناف الحياة الإسلامية وأعمالها وأحكامها وواقعها ، وبين مقارعة عدو ،أو جهاده أو ما أطلق عليه في العصر الحالي مقاومة ، وليت الأمر يقف عند هذا الحد؛ بل نرى هناك جرأة بتحميل النصوص ما لا تحتمل ، بل والمعاندة في تفسير واقع بديهي واضح ، ومن ثم الانطلاق صوب مهاجمة من يخالفونهم فيما ذهبوا إليه من هراء لا يصمد أمام الحق الساطع.

فمثلاً الجهاد بأنواعه المختلفة ليس طريقاً لاستئناف الحياة الإسلامية وإقامة الدولة الإسلامية؛ فقد شرع لغرضين اثنين أولهما حمل الدعوة للأمم والشعوب الأخرى، وثانيهما رد العدوان الحاصل على المسلمين ، بينما إقامة الدولة الإسلامية لها أحكامها التي لم تغفلها الشريعة الغراء ، كما يحلو لبعضهم أن يجعل منها قضية خلافية ومسألة فيها أقوال وآراء وأفهام ونظرات ، فتراهم يقولون مثلاً :أن النبي-صلى الله عليه وسلم- جاهد لذا علينا الجهاد لإقامة الدولة ، ثم تراهم يقولون أن النبي-صلى الله عليه وسلم- هادن وصالح في الحديبية،ونحن نترسم خطاه فلا مانع من الهدنة والمصالحة؛ فخلطوا بين أحكام الفرد وأحكام الدولة وأحكام الجماعة ، وخلطوا سير النبي صلى الله عليه وسلم وهو رئيس كتلة بسيره وهو رئيس دولة ، فهل مثل هذا خلاف معتبر! ، أم هو هرطقات ُألبست ثوب الخلاف زوراً وبهتاناً لحاجة في نفوسهم يقضونها .

ثم نرى حالة أخرى مما أشكل فهمه على بعضهم من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتال الحاكم المصرّ الذي يظهر الكفر البواح ، باعتبار ذلك دليلاً على قتال الحاكم المظهر للكفر الصراح ، ولعلنا نلتمس لهؤلاء عذراً لوجود شبهة دليل تمت باجتهاد شرعي صحيح المُنطلق ولكنه خاطئ في محاكمة الواقع مع ما يصلح له من دليل ،فلا يعتبر الجهاد طريقاً لإقامة الخلافة إذ أن قتال الحاكم الذي يظهر الكفر البواح لا يعد جهاداً في عرف الفقهاء إذ هو قتال لاستعادة الحكم في ظل دار إسلام حكمت بأحكام الكفر فترة مؤقتة فوجب على المسلمين قتال الحاكم الذي أظهر الكفر البواح وحكم به ليزيل المسلمون هذا الظرف الطارئ ويعيدوا الحكم إلى نصابه ، ولا يكون ذلك إلا في ظل وجود دار الإسلام وتطبيق الحاكم لأحكام الكفر البواح فيها، لذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن هذه الحالة ( أفلا ننابذهم يا رسول الله ، قال لا ، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان ، وهنا يظهر لنا عدم فهم الواقع بشكل جلي ، ومع ذلك يصح القول أن عندهم شبة دليل لكنها تسقط أمام جملة من الادلة التي تدحض فهمهم هذا .

ومنهم من شارك بالتنازل والتفريط بفلسطين بحجة جواز الهدنة مع إغفال أن موضوع الهدنة قد تم بيانه في الفقه الإسلامي، وهو غير خاضع للأهواء، وليس مطلقا بل هو خاضع للضوابط الشرعية والتي تحقق المصلحة الشرعية التي يقتضيها نشر الدعوة الإسلامية ، فلم تأت الهدنة في الفقه في سياق الخضوع للعدو والإستسلام له، ولا في سياق التنازل عن أرض الإسلام والمسلمين والمقدسات ؛ فلا يصح عقد هدنة أو صلح على أرض هاجمها عدو أو اغتصبها ، لأن الواجب في مثل هذا الحال رد العدو ، يقول صاحب المغني: (ولما كانت البلاد الإسلامية تعتبر كلها دارًا لكل مسلم فإن فريضة الجهاد في حالة الاعتداء تكون واقعة على أهلها أولاً وعلى غيرهم من المسلمين المقيمين في بلاد إسلامية أخرى ثانيًا لأنهم وإن لم يُعتدَ على بلادهم مباشرةً إلا أنَّ الاعتداء قد وقع عليهم بالاعتداء على بلد إسلامي هو جزء من البلاد الإسلامية).

ومن الحركات من تدعي العمل لدولة إسلامية ، فإذا ما ظهر تخوف من البعض حولها ، نراها تتنصل من دعواها بل تنادي بدولة مدنية ديمقراطية !، ثم نراها تنتهج طرقا لا علاقة لها بما تدعيه ،وتأتي بمبرّرات لممارسات لا توافق الشرع ابتداءً ، وأخرى تنطلق تقاتل مصالح الغرب ، وتجعل من مقارعة الغرب طريقاً للوصول لدولة الخلافة مع ما يكتنف الطريق من أعمال تخالف الشرع ولا علاقة لها بطريق موصل للخلافة عقلاً وشرعاً، وبعض الحركات تدخل في الحكم أو في الأنظمة الجاهليّة في هذا الزّمان فيسوقوا نصوصاً لا تنطبق على الواقع محل البحث ، ليبرّروا دخولهم في البرلمانات أو الوزارات من دخول في اللعبة الديمقراطية وتحملهم وزر تمييع الإسلام من خلالهم.

وعليه لا يصح جعل الخلاف والاختلاف حجة لمن يريد أن لا يحمل الدعوة تكاسلا، وكذلك حجة لمن يتقاعس عن إيصال الدعوة للغير تحت ذريعة" للرجل اجتهاده أو تقليده " ، فيخلط الحابل بالنابل ويطالب المخالف له أن يعذره فيما ذهب إليه من فهم.

وفي الختام

ليس كل خلاف واختلاف معذور صاحبه فيما ذهب إليه ، ومن المعيب إلباس عباءة الخلاف والاختلاف وإطلاقها دون وازع أو ضابط لتبرير التقاعس والتنازل والتهاون والتهاوي ، ولعل أكثر ما يظهر ذلك هو في الحركات الإسلامية التي جعلت من الواقع مصدراً للتفكير فكانت الواقعية نهجها ، والاختلاف مبررها ، فوقعت في مستنقع سحيق لا تخرج منه وهكذا حالها ، ولن ينضبط الأمر إلا بمن يمسك بزمام المبادرة فيأمر بأمر يرفع فيه الخلاف ، ويمنع من أن يختلف فيما لا يختلف فيه.

http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4646&st=0&p=16580&#entry16580

 
الخميس, 17 آذار/مارس 2016 10:08
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

الواقعية

كتبه عاهد ناصر الدين

ما هي الواقعية ؟

ما هو خطر الواقعية على الأمة الإسلامية ؟

وما هو دور الإعلام في إيجادها في عقول المسلمين ؟

وما هو علاج الواقعية ؟؟؟

قد يكون من السهل على مرتادي العبث ومعتاديه، أن يقوموا بما يريدون من أعمال دون النظر إلى تحقيق ما يصبون إليه من تلك الأعمال ، و دون اتخاذ معيار للنجاح أو الفشل يكون ضابطاً لصحة العمل من عدمها، ومسايرة الواقع للهروب من مشاكله والتخلص من ضغطه وتأثيره.

ولكن من الصعب على مرتادي الرقي ومريديه وعلى أصحاب الهمم العالية، القبول بأدنى الحلول أو أنصافها،أو العيش في الظلام دون أن يحققوا القصد من أعمالهم والنهوض والرقي بأمتهم.

عندما يواجه الإنسان واقعا معينا يحتاج إلى تقييمه ويتطلب منه اتخاذ موقف منه، قد يرى هذا الواقع موافقا لما يحمل من أفكار ومبادئ أو غير موافق: فإن كان الواقع موافقا لما يحمل من أفكار فلا إشكال في ذلك فإنه ينخرط فيه وينسجم معه، وإن كان مخالفا فينقسم الناس إلى قسمين:

قسم (مبدئي) يجعل ما يحمل من أفكار أساسا للتفكير واستنباط الحلول ويعمل على تغيير الواقع ليوافق تلك الأفكار وقسم آخر يتعامل مع الواقع ويقر به ولو كان الأمر على حساب ما يحمل من أفكار ومبادئ وهنا تبدو الواقعية، والتي تتمثل بالقبول بالواقع والتسليم به و بمحاولات استمداد الحلول لمشكلات هذا الواقع من خلال ما يتيح الواقع نفسه ، وعدم التغيير عليه مع المحافظة على ما يحمل من أفكار تحت ذريعة ( فاتقوا الله ما استطعتم)، وقد لا يُحافظ على ما يحمل من أفكار ويتنازل عنها مسايرة للواقع السيئ.

ومن هنا يبرز خطر الواقعية على الأمة الإسلامية، تلكم الواقعية التي تدعو للاستسلام والخنوع والرضا بما لا يرضاه المسلم بناءا على ما يحمل من أفكار، : { فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ } البقرة 249.

ومن ثم تفضي إلى مخالفة الأحكام الشرعية تحت ضغط الواقع، أو للتنازل عن الأفكار والمبادئ التي يحملها المسلم، وهذه أخطر من سابقتها فيقع أسيرا لأفكار غيره ويغيّر أفكاره تمشيا مع هذا الواقع وتقع الأمة فريسة لردات فعل طبيعية للواقع للسيئ فتعالج قضاياها بعيدا عن أفكارها فيصبح داعيا للاشتراكية أو الديمقراطية أو حتى يتنازل عن أرضه أو جزء منها، والأخطر من هذا أن تتسرب الواقعية إلى السياسيين والمفكرين حيث استنباط حلول القضايا من واقع القضايا نفسها دون الرجوع إلى المبدأ مثل الحل لقضية فلسطين على قاعدة خذ وطالب، والرضا بالأمر الواقع، والعمل ضمن الظروف الدولية الراهنة على اعتبار أن السياسة هي فن الممكن وليس بالإمكان أكثر مما كان، مع استبعاد الحل الذي يمليه المبدأ.

وحتى الفهم في الفقه الإسلامي لم يسلم من الواقعية، حيث حاول بعضهم تطويع الأحكام الشرعية بما يتفق مع متطلبات العصر أي مع الواقع فأصبحنا نسمع بقاعدة ' لا يُنكر تغير الأحكام بتغير الزمان'، بل تم الإفتاء بما يُعارض نص القرآن القطعي كإباحة الربا القليل بحجة أنه غير مضاعف وبحجة الضرورة.

والإعلام المسيس والتابع لأنظمة الكفر القائم على أساس فصل الدين عن الحياة يلعب دورا أساسيا في تكريس هذه الواقعية من خلال البرامج المختلفة التي تنشر الديمقراطية والوسطية وكافة أفكار الكفر وتوجيه الرأي العام خاصة في العالم الإسلامي نحو التنازل والقبول بالحلول الواقعية المخدرة وقد برز هذا جليا من خلال استطلاعات الرأي التي توضع بعناية فائقة نحو القبول بالحلول الواقعية وإن الهدف المنشود من ورائها هو إيهام المتلقي وحصره في الخيارات الموضوعة والترويج لأفكار معينة يُراد فرضها على المسلمين وصرف الأنظار عن الحل الجذري الذي يفرضه الإسلام في كل قضية من قضايا الأمة الإسلامية.

وكذلك بث صور جرائم القتل التي تحصل في فلسطين والعراق والتركيز عليها وتيئيس الأمة وأنها غير قادرة على التغيير وعليها أن تستسلم.

وكذلك فإن كثيرا من الفضائيات ووسائل الإعلام تُسهم وبشكل واضح في طرح ما من شأنه تطويع الأحكام الشرعية بما يتفق مع متطلبات العصر.

إن حاملي المبادئ والأفكار وذوي الهمم العالية يعملون على تغيير الواقع فلا يستسلمون ولا يتنازلون بل يبقَوْن ثابتين على مبدئهم وما يحملون من أفكار.

والمسلمون هم أولى الناس بهذا الثبات وعدم التنازل وعدم الانجرار وراء المخططات الاستعمارية الخبيثة التي تريد تمييع دين الله سبحانه وتعالى فذووا الهمم العالية يدركون الحل من مبدئهم ويعملون على تغيير الواقع وإن طال وقت هذا التغيير وطالهم الأذى من معارضيهم، أسوتهم في ذلك نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.

ولو توقفنا عند بعض الأحداث التي آلت إلى بناء دولة الإسلام، لوجدنا أن العمل على إقامة ذلك النموذج الفريد الذي يصوغ الأمة في وحدة سياسية على اعتبارها جماعة واحدة كان هدفاً تقصد النبي –صلى الله عليه وسلم- تحقيقه منذ بداية سعيه لإقامة الإسلام شكلاً ومضموناً.

فأما من حيث المضمون، فقد رفض النبي – صلى الله عليه وسلم- عرض سادة قريش الذين أتوه فقالوا له (إن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا ، فنحن نسودك علينا ، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا)، ورفض النبي –صلى الله عليه وسلم - كافة الصفقات التي استهدفت التنازل عن الدِّين، كلِه أو جزءٍ منه.

وأما من حيث الشكل فقد أبى النبي الكريم قبول عرض قوم بني عامر بن صعصة، بعد أن أتى إليهم، ودعاهم إلى الله تعالى، وعرض عليهم نفسه طالبا منهم النصرة لدينه، فأجابوه إلى ما أراد، إلا أنهم اشترطوا عليه قائلين: (أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ، ثم أظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك ؟ رفض النبي الكريم ذلك قائلاً: الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء، فقالوا له:...لا حاجة لنا بأمرك ، وأبوا عليه). وفي هذا المثال نجد أن النبي قد رفض التخلي عن أمر يتعلق بشكل نظام الحكم الذي يريد تحقيقه.

وأما علاج مشكلة الواقعية يكون أولا بربط الناس بالمبدأ الذي يحملوه وأخذ الحكم من الدليل الشرعي بمعزل عن "الواقعية". وثانيا بالحث على علو الهمة في تغيير الواقع الفاسد وعدم القعود والعمل على إيجاد شخصيات إسلامية صاحبة همة عالية لا ترضى بالدون ولا يرضيها إلا معالي الأمور فمن أراد الجنة سلعةَ الله الغالية لا يلتفت إلى لوم لائم، ولا عذل عاذل، ومضى يكدح في السعي لها : { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا}.

وختاما أيها الإخوة الكرام

هذه هي الواقعية التي هي النقيض الحقيقي لتغيير الواقع الفاسد الذي تعيشه الأمة الإسلامية وهذا هو خطرها وما يُكاد للمسلمين بها وبغيرها من الأفكار والأعمال التي يتم ضرب الإسلام من خلالها وضرب الخلافة الإسلامية والعاملين لها،

وهذا هو الإعلام الذي يدعو للواقعية التي تشكل خطرا على الأمة الإسلامية بإبعاده عن المشروع الحقيقي للنهضة الصحيحة.

فكان لزاما بيان وكشف الواقعية والوسائل والأساليب التي يستعملها الكافر المستعمر لتكريسها وزرعها في نفوس المسلمين ؛ ليتبين للمسلمين ما يُمكر لدينهم فيتمسكوا بدينهم ويحثوا الخطى للعمل الجاد والمخلص لتطبيق الإسلام كاملا من خلال الكيان السياسي للأمة الإسلامية المتمثل بنظام الخلافة على منهاج النبوة الذي يُسعد البشرية ويخلصها من المبادئ الفاسدة ويخرجها من الظلمات إلى النور .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} الأنفال24.

http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4574&hl=

 

الصفحة 48 من 132

اليوم

السبت, 03 أيار/مايو 2025  
6. ذوالقعدة 1446

الشعر والشعراء

يا من تعتبرون أنفسكم معتدلين..

  نقاشنا تسمونه جدالا أدلتنا تسمونها فلسفة انتقادنا تسمونه سفاهة نصحنا تسمونه حقدا فسادكم تسمونه تدرجا بنككم...

التتمة...

النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ

نفائس الثمرات النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ والسـعدُ لا شــكَّ تاراتٌ وهـبَّاتُ النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ...

التتمة...

إعلام ُ عارٍ

إعلام عار ٍ يحاكي وصمة العار      عار ٍ عن الصدق في نقل ٍ وإخبارِ ماسون يدعمه مالا وتوجيها         ...

التتمة...

إقرأ المزيد: الشعر

ثروات الأمة الإسلامية

روائع الإدارة في الحضارة الإسلامية

محمد شعبان أيوب إن من أكثر ما يدلُّ على رُقِيِّ الأُمَّة وتحضُّرِهَا تلك النظم والمؤسسات التي يتعايش بنوها من خلالها، فتَحْكُمهم وتنظِّم أمورهم ومعايشهم؛...

التتمة...

قرطبة مثلا

مقطع يوضح مدى التطور الذي وصلت اليه الدولة الاسلامية، حيث يشرح الدكتور راغب السرجاني كيف كان التقدم والازدهار في  قرطبة.

التتمة...

إقرأ المزيد: ثروات الأمة الإسلامية

إضاءات

JoomlaWatch Stats 1.2.9 by Matej Koval