الإثنين, 07 تشرين2/نوفمبر 2016 13:32
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

مقتل محسن فكري: ثورة كامنة في شعب مقهور

 

شهدت المغرب يوم الجمعة 28 تشرين الأول/أكتوبر جريمة في غاية البشاعة تمثّلت في مقتل الشاب محسن فكري طحنا وسحقا في شاحنة لجمع النفايات وهو يكافح من أجل لقمة عيشه... هكذا بلا رحمة!

هذه الجريمة المروّعة الدالة دلالة واضحة على استهانة النظام بالناس واحتقاره لهم، حرّكت الشارع المغربي الذي شهد عشرات المسيرات والوقفات الضخمة الغاضبة والمنتصرة لكرامة محسن فكري وحقّه، ومن خلاله لكرامة أهل البلاد جميعا، وقد وقف المحتجون أمام مخافر الشرطة رافعين شعار "قتلة ومجرمون"...

 

هذا المدّ الجماهيري دليل على أنّ الأمة الإسلامية تختزن كرهاً شديداً لأنظمتها مهما كانت مسمياتها، وهي دليل صارخ على أنّ المغرب يتباهى باستقرار زائف وأنّه يقوم على التمويه لاحتواء ثورة كامنة ضدّ الحكومة وضدّ المخزن وضدّ النظام برمّته.

 

لقد اغترّ النظام بقدرته على الاحتواء بعد غلق ملف جرائم الحسن الثاني وأيام حكمه السوداء، وبعد حركة 20 شباط/فبراير 2011 التي كانت عارمة في سياق الثورات العربية، وبعد إنجاز انتخابات أُلهية قاطعها أكثر من نصف الشعب، نقول للجميع...كفى تأجيلاً وكفى تجريباً، وكفى التماس أعذار لهذه الأنظمة العميلة الفاشلة... ولا يخفى على أحد أنّ النظام في المغرب قد نأى بنفسه عن قضايا الأمّة وتكبّر عليها، وما اعترافه بكيان يهود منذ أمد بعيد في كواليسه وسعيه لتحقيق اختراق لهذا الكيان للبلاد العربية إلاّ أكبر دليل على أنّ هذا النظام هو عبء على الأمّة وشعبه... وهل ينسى أهلنا في المغرب وحشية التعذيب وفظاعة السجون في عهد الملك الحسن الثاني، وكيف صارت مضرب الأمثال في النزول تحت خطّ الإنسانية ومحادّتها لله ورسوله...

 

إن جريمة مقتل محسن فكري بهذه القسوة هي دليل دامغ على أن الطبقة الحاكمة في المغرب هي في غاية التكبّر والانبتات عن الناس والأمة...

 

إن الأمل كلّ الأمل في أهلنا في المغرب أن تكون احتجاجاتهم هذه ناضجة وأن تحدّد لها غاية صريحة يتبناها الجميع، ألا وهي جعل المغرب مرتكزا لمشروع الأمة، دولة الإسلام؛ دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وأن يكون في هذه الاحتجاجات من الوعي ما يجعل أهل المغرب لا يقبلون بالحلول الترقيعية والتمويهية فقد طال أمد المصاب وتضاعف الشعور بالألم، وكبر الإثم وضاع الوقت...

قولوا لهذا النظام المتبجّح بقدرته على التمويه والتنفيس والمداورة كفى... لقد فهمنا وحدّدنا قضيتنا وأملنا ألا يدخل على هذه الاحتجاجات توظيف من جهات استعمارية لحرفها عن مسارها والاستيلاء عليها...

فلا تجوز الدعوة إلى الانفصال ولا إلى الفرقة ولا إلى العلمانية ولا إلى القومية بل إلى الإسلام صريحا عزيزا... نظام حكم يجعل المغرب منارة تلتف حوله الأمة لتكمل وحدتها... وما أكثر الأخيار في المغرب وما أروع غيرتهم على قضايا الأمة... عسى أن تكون هذه المرّة الراشدة والحاسمة..

الأستاذ رضا بالحاج

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

- See more at: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/pressreleases/cmo/40351.html#sthash.0dCc7isz.dpuf

 
الخميس, 27 تشرين1/أكتوير 2016 22:31
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

بيان صحفي

أين الرجال الأشاوس في جيوش المسلمين الذين يقولون "والله لا يُروّع أطفال المسلمين ونحن أحياء"؟!

توالت تحذيرات المنظمات والهيئات الحقوقية والإنسانية مع بدء العملية العسكرية في الموصل يوم الاثنين 2016/10/17، من كارثة إنسانية وشيكة في المدينة، وحصول "حمام دم" للمدنيين واستخدامهم دروعا بشرية، وبحسب منظمة "أنقذوا الأطفال" فإن أكثر من نصف مليون طفل في الموصل معرضون لخطر الموت، فيما حذرت الأمم المتحدة من الخطر المحدق بـ1.5 مليون شخص في المدينة نصفهم تقريباً من الأطفال، وقالت سامينا غول، المديرة الإقليمية لمنظمة "أطفال الحروب - War child" البريطانية: "نخشى أن تحمل معركة الموصل الحالية، لأطفال المدينة، مخاطر الموت أو الخطف أو الاعتداء الجنسي أو الصدمات النفسية، فضلًا عن تعطيل التعليم".

 

حروب تلو الحروب ومجازر تلو المجازر وسيل الدماء يتعاظم في بلاد المسلمين عابراً مدنها وقراها، فبعد اليمن والفلوجة وحلب وغيرها من المناطق ها هم أهل الموصل، يُقتلون ويهجرون وتدمر بيوتهم على رؤوسهم، وها هم أطفالها يقعون ضحية أطماع أمريكا ومصالحها الاستعمارية، والتي تستخدم طائراتها وعملاءها في تنفيذها، متذرعة بحجة واهية، هي القضاء على تنظيم الدولة، بيد أنه لا يخفى على كل ذي بصر أن أمريكا لا يهمها دماء الأبرياء في الموصل ولا في غيرها من بلاد المسلمين، ولا يعنيها تخليصهم من المعاناة والظلم اللذين لحقا بهم في ظل سيطرة تنظيم الدولة على المدينة منذ عامين، بل ما يهمها فقط هو تحقيق مصالحها، خاصة وأنها على أبواب انتخابات رئاسية، ورئيسها يبحث له ولحزبه عن إنجاز بعد أن فشل في تحقيقه في الشام، وهي لا تفتأ تعمل على تنفيذ مخططها القاضي بتقسيم العراق على أساس طائفي.

 

كما أنهم وقعوا أيضاً ضحية تنظيمات مسلحة ومليشيات طائفية تابعة للغرب، فقد تناقلت وسائل الإعلام أخباراً وتقارير عن ارتكاب تنظيم الدولة لمجازر بحق المدنيين وترويعه للآمنين واستخدامهم كدروع بشرية، فقد قالت متحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، يوم الجمعة 2016/10/21، "إن مقاتلي تنظيم الدولة اقتادوا 550 عائلة من قرى حول مدينة الموصل العراقية واحتجزوها قرب مواقع لهم في المدينة لاستخدامها دروعا بشرية على الأرجح" (سكاي نيوز عربية)، وعلى صعيد آخر فقد أظهرت تسجيلات مصورة قيام مليشيات وجنود عراقيين بتعذيب أطفال في الموصل والاعتداء عليهم بالضرب المبرح أثناء استجوابهم.

 

إنه لمن العجب أن يُرى "إرهاب" تنظيمات، بينما يغض الطرف عن "إرهاب" أمريكا وروسيا والعملاء! أوليس ما فعلته أمريكا في العراق منذ عام 2003 وما ارتكبته من مجازر في أفغانستان وفيتنام وسوريا وغيرها من المناطق وما تفعله الآن في الموصل هو الإرهاب بعينه؟! أوليس ما تفعله روسيا من قصف وحشي على سوريا وخاصة حلب، وذلك بموافقة أمريكا، أليس ذلك إرهاباً وفوق الإرهاب؟!

 

فيا جيوش المسلمين:

 

إن الأرض توشك أن تنشق والسماء تكاد أن تنفطر وتخر الجبال هداً من هول ما يصيب إخوانكم في الشام والعراق، فما لكم لا تستيقظون؟! أيقتل المسلمون على مرأى ومسمع منكم ولا تحركون ساكناً؟! أتطيعون أوامر حكامكم المجرمين، فتشاركون في قتل إخوانكم وتنفيذ مخططات أمريكا ولا تستجيبون لنداء ربكم ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾؟! أين الرجال الأشاوس الذين يقولون "والله لا يُروّع طفل في الشام أو العراق أو فلسطين أو غيرها ونحن أحياء"؟!

 

إنه لحري بكم أن تنفروا خفافا وثقالا فتنصروا المستضعفين من إخوانكم وتطيحوا بعروش الظالمين الذين يسخرونكم لتنفيذ مخططات أمريكا وتقيموا الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة على أنقاضها، فتنالوا بذلك عز الدنيا والآخرة.

 

﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا * الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾

القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/pressreleases/cmo_women/40156.html

 
الأربعاء, 19 تشرين1/أكتوير 2016 21:55
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

يفكّر الإنسان عموما بالوقائع المحيطة التي تشغل باله، وحتي يتم عقل هذه الوقائع (أي التفكير) لا بد من أن تنتقل "بيانات" هذه الوقائع إلى دماغ الإنسان عبر أدوات الإحساس البشري، ومن ثم لا بد من توفّر معلومات سابقة مخزّنة في ذهن الإنسان يتم ربطها بتلك البيانات المحسوسة. إذن، هنالك أربعة مقومات لعملية التفكير: ثلاثة تتعلق بالمفكر (وهي الدماغ والحواس والمعلومات السابقة) وواحدة بما يحيط به وهي الوقائع. ولا يتم التفكير إلا باكتمال هذه العناصر.

والتفكير السياسي هو نوع من التفكير بالوقائع التي تتعلق برعاية شؤون الناس، لأن السياسة أساسا هي رعاية مصالح الناس وشؤونهم. وهو من أهم أنواع التفكير الذي تستقيم به أمور الناس والدول، ويجري عبره التغيير والنهضة. ويكون باتجاهين: معرفي وعملي، على النحو التالي:

 

(1) أكاديمي - بحثي يقف عند حد إنتاج المعرفة وتوفير معلومات سياسية، وهو ما يمارسه "المحللون السياسيون" مثل العلوم السياسية والأبحاث السياسية ودراسة نظرياتها.

(2) تنفيذي - رعوي يقود للعمل وهو ما يمارسه "السياسيون"، ولذلك فهو يستند لتداول الأخبار والوقائع وربط حوادث الشأن الجاري، مستهدفا تغيير الأحداث أو التأثير في مجرياتها، فهو تنفيذي لا مجرد تحليل نظري، ويعتبر أعلى أنواع التفكير ويحتاج إلى دراية ومهارات يكتسبها السياسي مع المراس والتجربة السياسية والمداومة على تتبع الأخبار والشأن الجاري. وهو فرض كفاية على الأمة الإسلامية، لأنها تحمل عقيدة سياسية تدفع أتباعها للاهتمام بشؤون العباد.

ولا شك أن المتابع للإعلام يلاحظ وجود هذين النوعين: المفكر السياسي (أو المحلل) والسياسي الفاعل.

ومما يؤسف له أن الأمة - بعد هزائمها العسكرية أمام الغرب - تأثّرت بنتاج الفكر السياسي الغربي نتيجة لعقدة "تقليد المغلوب للغالب" وكمحصلة لعملية ترويض طويلة "للنخب السياسية" التي تم صناعتها، فساء عندها التفكير السياسي، ومن ثم نتجت طبقة من السياسيين (تسندها طبقة من المفكرين السياسيين) صارت في حالة انفصام مع الأمة وثقافتها، وذلك لأنها تبنت نتائج وتوجهات التفكير السياسي الغربي: الذي قام على فكرة سياسية تناقض ثقافة الأمة وحضارتها، وهي فصل الدين عن الدولة، وقام على فلسفة "الحل الوسط" التي أبدعها مفكرو الغرب إبان الصراع الثوري ضد هيمنة الكنيسة وأنظمة الإقطاع. ومن ثم بلوروا فكرة الحكم الجماعي كحل وسط بين حكم الشعب المباشر وحكم الملك المتفرد.

وسارت تلك "النخب السياسية" على النهج الغربي وحملت نظرياته السياسية وتبنت معالجاته للوقائع التي تطرحها المؤتمرات والمبادرات السياسية. وحشرت ممارساتها السياسية وأطروحاتها ضمن أدبيات الحكم الديمقراطي، وقامت على فكرة الغرب في الحكم الجماعي: على مستوى السيادة التشريعية (البرلمانات) وعلى مستوى السلطان التنفيذي (مجالس الحكم ومجالس الوزراء). وتكونت الأحزاب السياسية على هذا الأساس الغربي. ولم يقف السوء عند هذا الحد، بل تبنت بعض النخب ما "أبدعه" الغرب من فكرة القطاع الثالث (المنظمات غير الحكومية) كقطاع منفصل عن الحكومة وعن القطاع الخاص (الربحي)، وأوكل إليه جانبا رئيسا في الرعاية اعتبرها شيئا منفصلا عن الدولة، وصارت نافذة للاختراق السياسي عبر التمويل.

ويلاحظ المتابع بوضوح هيمنة هذه التوجهات الغربية على سياق الأحداث اليومية في الأمة: فمثلا تم في سياق الثورات طرح الدولة المدنية (العلمانية) كبديل عن الأنظمة الدكتاتورية، ومن ثم انشغلت القوى السياسية في صياغة دساتير وضعية عبر برلمانات جعلت السيادة التشريعية فيها لمجموعة منتخبة، ومن ثم تم تشكيل الحكومات ومجالس الوزراء الديمقراطية، وأيضا ظلت تنشط تلك المؤسسات غير الحكومية وتتحرك بسيل التمويل الأجنبي لتنفذ الأجندات الغربية وتحرف الثورات عن مسار التحرر الكامل من الهيمنة الغربية.

وهذه الأمثلة تكشف عن مفاصل سياسية دفعت الثورة إلى حضن الاستعمار بدل أن تخلعه، وأدّت إلى انتكاسة جديدة كما تجسّد بوضوح في الحالة المصرية، التي اتخذت فكرة الحكم الجماعي وإرادة الناس مبررا للانقضاض على الحكم الجماعي الآخر الذي نتج عن الانتخابات بعد الثورة، وتم تغيير الدستور تحت الذرائع نفسها.

وبكل أسف لم يقف حد ذلك السوء عند الأنظمة، بل تم الاختراق الفكري والسياسي لكثير من الأحزاب والجماعات، وتماهت مع ذلك التفكير السياسي الغربي الهدّام، وأصبحت من حيث تدري أو لا تدري أداة تسهم في تعزيز الهيمنة السياسية والفكرية للغرب، وتمكّن الغرب عبرها من تمرير برامجه ومشروعاته السياسية، كما حصل في تونس مثلا حيث تمازجت ألوان الأحزاب التي انخرطت في اللعبة الديمقراطية ولم يعد بالإمكان تمييز ما هو "إسلامي" عما هو علماني، وكما يجري في اليمن من اقتتال بين الفصائل التي تحمل جميعا مشروعات سياسية ترقيعية أو مصلحية، وتحتشد ضد بعضها البعض على أساس تناقض المصالح الاستعمارية لا تناقض المبادئ وأفكار الحكم. وكما في سوريا حيث تجنّدت بعض الجهات "الثورية" لتحقيق النموذج الغربي في الحكم وتمرير ما تطرحه القوى الغربية من الحلول السياسية التي تبقي الهيمنة الأمريكية على سوريا. لذلك فإن سوء التفكير السياسي قد أفشل عددا من الثورات التي لم يتبلور فيها فكر سياسي متحرر من نتاج الفكر السياسي الغربي، ومهّد لردة ثورية.

وهذه النتائج الخطرة لسوء التفكير السياسي يجب أن تقود السياسيين المخلصين إلى التنبّه، وتدفع ثوار الشام على وجه الخصوص إلى التفكير السياسي الصحيح المستند إلى عقيدة الأمة والمتحرر من أدبيات الغرب وأطروحاته وممارساته. وأن توجّههم لنظام الحكم الفردي في الإسلام الذي جعل السيادة التشريعية للشرع، وقام على الشورى لا على الديمقراطية، وأوجب التحرر من الاستعمار لا التماهي مع مشروعاته، وتناقض في جلّه مع الفكر السياسي الغربي من حيث الشكل والمضمون.

http://www.alraiah.net/index.php/ummah-affairs/item/923-%D8%B3%D9%88%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%81%D9%83%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D9%8A%D8%B9%D8%B1%D9%82%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%8A%D9%85%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9

 
الأربعاء, 19 تشرين1/أكتوير 2016 21:39
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

إن سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم الدولة منتصف عام 2014م، ووقوع أهلها الأبرياء أسرى لديه، لم يكن نتيجة لمعركةٍ شرسةٍ خسرتها القوات المسلحة العراقية التي قدّر تعدادها بحوالي (50 - 70) ألف مقاتل بعد قتال ضارٍ مع قوّة جبّارة أضخم منها..! بل سقطت جراء مؤامرة دنيئة اضطلع بتنفيذها أجير أمريكا الغازية (نوري المالكيّ) وبأوامر عليا، تمّ التكتّم على حقيقتها، وأسدل عليها ستار من التشويش الإعلامي مدفوع الثمن، فتمّت الخطة بإحكام وبأسلوب رخيص: بأن يفر كل أولئك الرجال أمام عدّة مئات من مقاتلي تنظيم الدولة تاركين بزّاتهم العسكرية وعدتهم وأسلحتهم بكل صنوفها الثقيل منها والخفيف لكسر معنويات الرّجولة لدى أفراد الجيش، ولتحقيق أهداف جمّة خبيثة، وخلق فوضى عارمة، لم يستفد منها غير أعداء العراق من الكفّار والحاقدين، مع ارتهان قراراته السياسية والاقتصادية، واستنزاف كلّ طاقة خيّرةٍ ونافعة في هذا البلد وصولا لتنفيذ مشاريع خطيرة قدم من أجلها الكافر المستعمر الأمريكيّ.

واليوم، بعد ما يزيد على عامين كاملين من إهمال الموصل، وبعد تباطؤ وإجراءات مخادعة من جانب ما يعرف بالتحالف الدولي لمكافحة (الإرهاب)، بقيادة أمريكيّة لكسب الوقت بما يناسب الوضع المتأزّم في سوريا الجريحة، وكمٍّ هائل من تصريحات قادة سياسيّين ودبلوماسيّين وعسكريّين من كل بقاع الأرض عن خطورة المعركة وما ينبغي العمل عليه من الإعداد والتدريب وتقديم المشورة واختيار الزمان المناسب لها... تصريحات يعسر انتظامها بخيط واحد، ولم يكن غير شياطين الكفار ومن سار في ركبهم من العملاء - الذين باعوا شرفهم ودينهم وآخرتهم خدمة لأسيادهم المجرمين - لم يكن غيرهم يملك قراراً لوضع نهايةٍ لمعاناة الناس.

إذن، أمر العراق المحتلّ إنما هو بيد أمريكا - في الوقت الرّاهن - فلا قيمة لحكومة بغداد ولا لرئيس وزرائها المتوّج كالطاووس المزيّن داخل قفصٍ لا يحيد عنه ولا يحيص، بل ولا يملك من أمر الحكم والسّيادة شيئاً، إنما هي أدوار يقوم بها طائعاً أو مًكرهاً..! وما تلك الحركات والمماحكات المسرحيّة بينه وبين أجير آخر هناك في تركيا - أعني (أردوغان) - حول الوجود العسكريّ التركيّ في معسكر بعشيقة ووصف (العبادي) له بأنّه "قوة احتلال" إلا لصرف الأنظار عمّا يجري من خطط جهنّميّة، ولتبييض وجوه (حكام) العراق الكالحة وحفظ قدر من كرامتهم المهانة. لقد صدق فيهم - وفي أمثالهم من الطواغيت (حكام) المسلمين - قول ربّنا عزّ وجلّ: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾.

فالحقّ أنّ تلك الخلافات المعلنة لا قيمة لها على أرض الواقع بدليل أن تركيا كان لها (إذن) بدخول الأراضي العراقية منذ وجود الطاغية المقبور "صدام" وكذا بعد الاحتلال، وقد تواترت التصريحات للمسؤولين العراقيين العرب منهم والأكراد بتصديق ما نذكر من أنّ الوجود التركيّ تم بعلم الحكومة العراقية. وكانت وكالة الأناضول قد كشفت عن وجود تسجيل مصور لزيارة وزير الدفاع العراقي المقال (خالد العبيديّ) إلى معسكر بعشيقة الذي يوجد فيه عسكريون أتراك لتدريب متطوّعين عراقيّين من سكان الموصل، وقول (العبيدي) في خطابه للمتطوعين من الحشد الوطني: "إن (العبادي) أرسله خصّيصا لزيارة المعسكر" (حيث كان الوزير لا يزال في منصبه) (جريدة العرب في 15/10/2016). وبطبيعة الحال فإن تركيا لن تجرؤ على دخول عرين أمريكا: العراق، بغير إذنها، لا سيّما وهي عضو في حلف الأطلسي والتحالف الدولي المزعوم؟! ولقد سبق أن قررنا أن وجود تركيا في الأراضي العراقية يتعدى حدود التدريب العسكري لمقاتلي العشائر العربية في الموصل، الذين يقدر تعدادهم بـ(15) ألف مقاتل من ضمنهم ضباط من الجيش العراقي السابق، وتدريب قوات البشمركة الكردية. ونقلت (العربية - الحدث): أنّ الحشد الوطني يرسم سيناريو جديداً لمستقبل الموصل قبيل المعركة المرتقبة لتحريرها، وبعيداً عن سياسيي بغداد، وفقاً لصحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية...! الأمر الذي يدعم ما قلناه سابقاً أنّ تلك القوة العشائريّة أشبه شيء بحرس للإقليم المزمع إنشاؤه هناك، لا وفّقهم الله.

فالمعركة باتت وشيكة، بحسب أخبار رشحت عن مغادرة كبار قادة "التنظيم" مدينة الموصل إلى سوريا، وإطلاقهم سراح السّجناء من أفرادهم...! وأنّ تركيا ستشارك فيها، إذ أكّد أردوغان يوم السبت 15/10/2016 تصميم بلاده على المشاركة في معركة تحرير مدينة الموصل العراقية من تنظيم "الدولة" قائلاً: "لن نسمح بتسليم مدينة الموصل إلى "التنظيم" أو أي منظمة إرهابية أخرى" (روسيا اليوم). كما سبقت وكالة الأنباء الإيرانية فارس، السبت، المسؤولين العراقيين في الإعلان عن انتهاء التحضيرات لمعركة الموصل، وأكدت الوكالة على لسان أحد قيادات الحشد الشعبيّ أنّ المعركة ستنطلق الأسبوع الجاري. ويؤيّد ذلك أنباء عن قطع الحكومة للاتصالات الهاتفية والإنترنت، وبالتزامن مع ما أعدّته وكالات الأمم المتحدة لإغاثة النازحين الذين يتوقّع خروجهم من المدينة عند احتدام المعارك... ونحن بدورنا ندعو الله تعالى أن يلطف بأهلنا في الموصل وغيرها من بلاد المسلمين ويحقن دماءهم، ويعجّل ببزوغ شمس الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوّة، لتعلو راية الحقّ والعدل، فتملك الأمة الإسلامية زمام أمرها بعد انعتاقها من التبعيّة البغيضة لأمم الكفر، فيعمّ الخير والسلام أرجاء المعمورة... ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

http://www.alraiah.net/index.php/ummah-affairs/item/2013-%D8%A8%D9%90%D8%B3%D9%8E%D9%8A%D9%92%D8%B1%D9%90-%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%83%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8D-%D9%85%D8%AD%D8%AA%D9%84%D9%8D%D9%91%D8%8C-%D8%B6%D9%8A%D9%91%D8%B9%D9%88%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%B6%D8%8C-%D9%88%D9%85%D8%B2%D9%91%D9%82%D9%88%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%86-%D9%8A%D9%85%D9%86%D9%91%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87-%D8%A8%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D9%87%D8%A7

 
الأربعاء, 19 تشرين1/أكتوير 2016 21:26
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة مقالات من بلاد الحرمين الشريفين حول "رؤية السعودية 2030"

(4)

رؤية الصحة 2030 تخدير لأبناء بلاد الحرمين

 

أخرج الترمذي وابن ماجه من طريق سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ وكانت له صحبة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا».

 

منذ مجيء الملك سلمان تم تغيير أكثر من خمسة وزراء صحة لغاية يومنا هذا، وقد فشل هؤلاء الوزراء في رعاية شؤون الناس رغم رصد مبالغ كبيرة من الميزانية للصحة، ولكن للأسف لا ينفق منها على الصحة إلا الشيء اليسير ولا يوجد تغير في الوضع الصحي ولا تحسن في مستوى المستشفيات؛ فهناك فساد كبير في الصحة، وكما نعلم فإن أحد مقاييس رعاية الدولة لرعيتها وتقدمها هي مدى اهتمام الدولة بالصحة. وقد اكتملت المشكلة عندما طال سوط "رؤية 2030" الصحة لتزيد المعضلة سوءاً وتعقيداً، وعمدت الرؤية بشكل عام إلى مساومة الناس على صحتهم ومرضهم بدل أن ترعى شؤونهم وتؤمن لهم الرعاية التي ضمنها لهم دينهم.

 

إن "رؤية 2030" مع كل برامجها وأهدافها لهي أكبر خديعة يخدّر بها حكام آل سعود أبناء بلاد الحرمين. فقد صرح الأمير محمد بن سلمان في مقابلته على قناة العربية أن زيادة متوسط العمر من 74 إلى 80 "وهي إحدى مؤشرات قياس جودة الصحة في أي وطن". وفي وثيقة 2030 تحت عنوان "نراعي صحتنا" يؤكد الكاتب أن قياس جودة الخدمات الصحية سيكون "من خلال شركات حكومية تمهيداً لتخصيصها". يا ترى من أين أتى الأمير بهذه الأرقام؟ ولماذا كان قياس جودة الصحة على أساس ازدياد متوسط العمر وخصخصة الخدمات الصحية؟ فعلى الأغلب هي الترجمة الحرفية للنسخة الإنجليزية للرؤية والتي كانت لا تعطي المعنى الصحيح في كثير من النقاط وبحاجة إلى شرح وتوضيح، عدا عن كونها ترجمة لرؤية رأسمالية غير منبثقة عن العقيدة الإسلامية التي من أبجدياتها أن العمر ينتهي بانتهاء الأجل ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾. وحتى تظهر الحكومة بأنها جادة في تحقيق "رؤية 2030" أتت ببرنامج التحول الوطني 2020. ومن خلال هذا البرنامج، اقترحت وزارة الصحة خمس عشرة استراتيجية بعيدة المدى وبنسب وهمية حيث ستنفق عليها الدولة حوالي 23 مليون ريال سعودي. ومن ضمن هذه الاستراتيجيات ما يلي:

 

١. تحسين الرعاية الصحية المقدمة في المستشفيات الرئيسية بازدياد عدد الأطباء وتحقيق أوقات انتظار مقبولة.

 

حيث تهدف وزارة الصحة أن تزيد عدد المؤهلين في التمريض والفئات الطبية المساعدة من 70% لكل 100.000 من السكان إلى 150% في 2020. وبالإضافة لذلك تسعى إلى زيادة نسبة المرضى الذين يتلقون الرعاية الطبية الطارئة والعاجلة من 40% إلى 70%. وبنفس النسبة (40% - 70%) سيتم الحصول على مواعيد مع التخصص الطبي المطلوب خلال 4 أسابيع. وتحقيقاً لهذه الاستراتيجية، أكد المشرف العام لمستشفى الملك خالد في نجران أن "تقليص فترة الانتظار للمرضى والمراجعين من أهدافه الرئيسية حيث استقبل من بداية العام أكثر من 300 ألف مراجع." (صحيفة المناطق 2016/08/11)

 

٢. تكثيف المراقبة والمحاسبة بإصلاح حوكمة النظام الصحي لتعزيز المساءلة في قضايا الجودة وسلامة المرضى.

 

وذلك بازدياد نسبة المرافق الصحية التي تقدم تقارير عن الأداء الشامل ومعايير الجودة من 10% إلى 100% في 2020. وتنفيذاً لهذه الاستراتيجية، أعلنت وزارة الصحة خبر إغلاق مستشفى المملكة بالرياض بسبب مخالفات عدة. وشددت "أنها لن تتهاون مع أي قصور يمس صحة وسلامة المواطنين والمقيمين وستستمر في اتخاذ أقصى العقوبات والإجراءات النظامية تجاه أي مؤسسة صحية لا تلتزم بمعايير الجودة المطلوبة للخدمات الصحية." (صحيفة عكاظ 2016/08/15)

 

٣. التركيز على الخصخصة بزيادة حصة القطاع الخاص من الإنفاق من خلال طرق تمويل بديلة وتقديم الخدمات.

 

حيث إن نسبة مساهمة القطاع الخاص في الإنفاق على الرعاية الصحية ستزداد من 25% إلى 35%. ولهذا "قطعت وزارة الصحة خطوات جادة نحو تخصيص إحدى مدنها الطبية القائمة ليشغلها مستثمرون في القطاع الطبي محلياً ودولياً وذلك مما يعد التجربة الثانية للوزارة في مجال خصخصة خدماتها واستثمارها بهدف ترشيد النفقات والارتقاء بالخدمة بعد تجربة تخصيص مراكز الغسيل الكلوي." (صحيفة مكة 2016/08/15)

 

والمدقق للواقع، يجد أن هذه الاستراتيجيات وُضعت لامتصاص غضب الشعب وخاصة مع كثرة نداءات أبناء بلاد الحرمين على مواقع التواصل الإلكتروني في السنوات الأخيرة التي كشفت أحوال المستشفيات الحكومية والخاصة والخدمات الصحية السيئة والأخطاء الطبية الفظيعة. وهي في حقيقة الأمر حلول ترقيعية لا تسمن ولا تغني من جوع مستوردة من منظمات رأسمالية كمنظمة الصحة العالمية التي تعمل على دعم السعودية "في بلوغ أهدافها الوطنية في مجال التنمية الصحية". فما فائدة ازدياد النسبة إلى 70% أو 150% إذا كانت هناك فئة متبقية لم ولن تحظى بهذه الرعاية؟ وأين كانت المراقبة والمحاسبة طوال هذه السنوات؟ ولماذا مستشفى المملكة بالذات؟ "والذى تم إغلاقه لمدة أسبوعين" هل لأن مالكها الأمير الوليد بن طلال؟ فيُراد بذلك طمأنة الشعب أن الرقابة على الجميع وخاصة بعد تصريح الأمير المفاجئ عن تأييده لقرار وزارة الصحة مشيراً إلى أن "الوطن والمواطن أولوية دائما"! (CNN العربية 2016/06/29) وما نتيجة الخصخصة؟ هل ستؤدي إلى نتائج إيجابية كما يدعون، لأنه سيسمح بوجود التنافس الذي سيضمن توفير أفضل الخدمات؟ أم ستصل بأبناء بلاد الحرمين إلى الهاوية؟

 

لقد سمحت الرأسمالية لنخبة صغيرة باستغلال القطاع الصحي من خلال خصخصة المرافق الطبية وإنشاء شركات التأمين الصحي، مما حرم معظم الناس الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الرعاية الطبية الخاصة من الرعاية الصحية الجيدة. والداعمون لفكرة الخصخصة لم ينظروا قط إلى حق الناس ومصالحهم بل إلى النخبة الصغيرة من الرأسماليين فقط على حساب الملايين من الناس البؤساء. فمع تغلغل النظام الرأسمالي البغيض والعلمانية التي تفصل الدين عن الحياة في بلاد الحرمين تحولت الرعاية الصحية شيئا فشيئا إلى تجارة وحسابات ربح، واختفت الإنسانية والرحمة تحت ضغط المنفعة والمصلحة، وأضحت المستشفيات شركات استثمار تجارية يدخلها ويُعالج فيها من يدفع أكثر، بينما يموت الفقير وهو يبحث عن حبة دواء لا يملك ثمنها.

 

وبذلك نستنتج أن هذه الاستراتيجيات ليست إلا تجميلية لإلهاب مشاعر الناس وإخفاء فشل آل سعود في رعاية شؤون مصالح الناس والتي من بينها الرعاية الصحية.

 

إنّ هذه الحالة الصحية التي يرثى لها في بلاد الحرمين بل وفي العالم أجمع بعيدة كل البعد عما كانت عليه في زمن الخلافة.

 

أخرج مسلم من طريق جابر قال: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن كعب طبيباً فقطع منه عرقاً ثم كواه عليه».

 

وأخرج الحاكم في المستدرك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: "مرضت في زمان عمر بن الخطاب مرضاً شديداً، فدعا لي عمر طبيباً فحماني حتى كنت أمص النواة من شدة الحمية". فالرسول صلى الله عليه وسلم بوصفه حاكماً بعث طبيباً إلى أبيّ، وعمر (رضي الله عنه) الخليفة الراشد الثاني دعا بطبيب إلى أسلم ليداويه، وهما دليلان على أن الصحة والتطبيب من الحاجات الأساسية للرعية التي يجب على الدولة توفيرها مجاناً لمن يحتاجها من الرعية. فمنذ زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سقوط الدولة الإسلامية، والدولة تولي قطاع الصحة اهتماماً كبيراً، فقيام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر ببناء خيمة لعلاج الجنود المصابين وتقديم الرعاية الطبية لهم في غزوة الخندق، والمستشفيات التي بُنيت لخدمة الناس وراحتهم بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس، ومستشفى المنصوري الذي أُنشئ في القاهرة عام 1283م، والذي كان يتسع لأكثر من 8.000 مريض، لكل واحد فيه ممرضان اثنان، وسرير وفراش ووعاء طعام خاص به، حتى تتوفر له كامل الراحة والعلاج بالمجان، والمستوصفات والعيادات المتنقلة التي ترعى ذوي الاحتياجات الخاصة والذين يعيشون في المناطق النائية... كلها ليست سوى أمثلة قليلة على اهتمام الدولة في شؤون الرعايا وحاجاتهم الطبية وقتذاك. وقدْ شهدَ الغربيونَ أنفسهمْ بذلكَ، فَالمسيو جومارُ (Gomar) أَحد علماء حملة نابليون كتب واصفًا أحدَ البيمارستنات (المستشفيات) التي بُنيت قبل ستة قرون من حملته على مصر: "وكانَ يَدْخُلُهُ (أيِ البيمارستانُ) كلُّ المرضى، فقراءَ وأغنياءَ، بدونِ تمييزٍ، وكانَ يُجْلَبُ إليهِ الأطباءُ منْ مختلفِ جهاتِ الشرقِ وَيُجْزَلُ لهمُ العطاءُ، وكانتْ لهُ خزانةُ شرابٍ وصيدليةٌ مُجَهَّزَةٌ بالأَدويةِ والأَدواتِ". ولقد توافرت دائماً مراكز الرعاية الصحية الرائدة في العالم وطواقم الخدمات الطبية وصناعة الأدوية، وكان حكام الدول الأجنبية يذهبون إلى دولة الخلافة لتلقي العلاج فيها.

 

تتميز الرعاية الصحية في ظل الدولة الإسلامية بالسرعة والبساطة في تقديم الخدمة الصحية والعلاج. ومما يُقَلِّل منَ التعقيدات والمعاملات الإدارية في إدارة الرعاية الصحية، توحيد كافة الخدمات والمنشآت الصحية في الدولة الإسلامية في جهاز واحد. بالإضافة إلى ذلك، لا يُمْنَع الأفراد أو الشركات في الدولة الإسلامية من تقديم الخدمات الصحية الخاصة، أوْ فتح العيادات والمستشفيات الخاصة، ولا يُمنع أحد من الرعية من التداوي في القطاع الخاص، والدليل على ذلك ما رواه البخاري عن أنس (رضي الله عنه) قال: «دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غُلامًا حَجَّامًا فَحَجَمَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ أَوْ صَاعَيْنِ، أَوْ مُدٍّ أَوْ مُدَّيْنِ، وَكَلَّمَ فِيهِ فَخُفِّفَ مِنْ ضَرِيبَتِهِ». فالغلام هنا قام بالحجامة وقبض أجره من الرسول صلى الله عليه وسلم. لكن يشترط في مَنْ يُقَدِّم الرعاية الصحية من القطاع الخاص، سواء أكان فردًا أم شركةً، أَن يلتزم بقوانين الدولة ورقابتها، وَيُشترط أيضًا أن يكون مَنْ يُقَدِّم أيًّا مِنَ الخدمات الصحية مؤهلاً لذلك، سواء أعمل في القطاعِ الخاص أو العام، ومنْ يُقَدِّم أيَّ خدمة صحية دون أن يكون مؤهلاً لتقديمها يُمْنَع من قِبَلِ الدولة وَيُعاقَب، وأما إذا أدَّى إلى ضرر بعمله هذا فهو ضامن لِمَا سَبَّب من ضررٍ بإقدامِه على ما ليس من اختصاصه. فشتان بين القطاع الخاص في ظل الرأسمالية التي تستنزف أموال الناس وتستغلها شر استغلال وبين القطاع الخاص في ظل الدولة الإسلامية. إن مبادرات آل سعود العرجاء سوف تبقى قصيرة النظر كشجرة خبيثة ما لها من قرار كما كانت دائماً لأنها مبنية على أساس رأسمالي باطل. ولن يصلح الحال إلا بقلع هذه الشجرة من جذورها، واستبدال شجرة الإسلام الطيبة بها، على نهج الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تحت راية العقاب في ظل الخلافة الإسلامية الثانية على منهاج النبوة بإذن الله.

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

فاطمة الشمري – بلاد الحرمين الشريفين

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/40016.html

 

الصفحة 41 من 132

اليوم

السبت, 03 أيار/مايو 2025  
6. ذوالقعدة 1446

الشعر والشعراء

يا من تعتبرون أنفسكم معتدلين..

  نقاشنا تسمونه جدالا أدلتنا تسمونها فلسفة انتقادنا تسمونه سفاهة نصحنا تسمونه حقدا فسادكم تسمونه تدرجا بنككم...

التتمة...

النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ

نفائس الثمرات النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ والسـعدُ لا شــكَّ تاراتٌ وهـبَّاتُ النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ...

التتمة...

إعلام ُ عارٍ

إعلام عار ٍ يحاكي وصمة العار      عار ٍ عن الصدق في نقل ٍ وإخبارِ ماسون يدعمه مالا وتوجيها         ...

التتمة...

إقرأ المزيد: الشعر

ثروات الأمة الإسلامية

روائع الإدارة في الحضارة الإسلامية

محمد شعبان أيوب إن من أكثر ما يدلُّ على رُقِيِّ الأُمَّة وتحضُّرِهَا تلك النظم والمؤسسات التي يتعايش بنوها من خلالها، فتَحْكُمهم وتنظِّم أمورهم ومعايشهم؛...

التتمة...

قرطبة مثلا

مقطع يوضح مدى التطور الذي وصلت اليه الدولة الاسلامية، حيث يشرح الدكتور راغب السرجاني كيف كان التقدم والازدهار في  قرطبة.

التتمة...

إقرأ المزيد: ثروات الأمة الإسلامية

إضاءات

JoomlaWatch Stats 1.2.9 by Matej Koval