مواقف «حزب التحرير» أثارت المخاوف عند المسلمين والمسيحيّين...

انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

 أين هم المعتدلون السنّة؟
 هل هناك من اغتصب السلطة الإسلامية ليُطالب بـ«استرداد السلطان الإسلامي» ؟

نشوء أنظمة إسلامية ستُعيد الى أذهان المسيحيّين عهود «الذمّـة»

قيام دولة إسلامية يعني إعلان حرب طائفيّة في المنطقة تبدأ ولا أحد يعرف متى تنتهي
 دموع الاسمر

اثارت مواقف حزب التحرير الاخيرة عاصفة من ردود الفعل التي رأت في ما أدلى به رئيس المكتب الاعلامي للحزب احمد القصص، اشارة خطيرة الى ما ستؤول اليه الاحداث الجارية في كثير من الدول العربية من تونس الى مصر وليبيا واليمن وبشكل خاص في سوريا التي ركز القصص على مجريات الاحداث فيها وشن هجوما طاول القيادة السورية والبطريرك الراعي على حد سواء على خلفية موقف الاخير من احداث سوريا وخشيته من حرب أهلية يذهب ضحيتها الوجود المسيحي في سوريا والمشرق العربي كله ومن احتمالات تفتيت المنطقة الى دويلات طائفية تكون مبررا للكيان الصهيوني المزروع في فلسطين.

 يبدو من مضمون محاضرة القصص للردّ على البطريرك الراعي ان قضية الخلافة الاسلامية هي القضية الجوهرية التي لا يتاونى الحزب عن خوض النضال السياسي والعقائدي من اجل تحقيقها واخراجها الى حيز الوجود، لا بل يمكن استقراء هذا الموقف من خلال نظرة الحزب الى احداث سوريا التي يرى فيها فرصة ذهبية لتحقيق هذا الهدف الذي يتوافق عليه ويلتقي حوله معظم التيارات الاسلامية الاصولية المتشددة وهو الحلم الذي يسعون لاحيائه، وقد رأوا ان هذا الحلم بات قاب قوسين او ادنى عبر الانتصار لما يسمونه «الثورة السورية»، وكان الحزب اول من اخذ موقفا مؤيدا لهذه الثورة واول من دعا الى تظاهرات مؤيدة وداعمة لها ومنددة بـ «النظام السوري».. ولم يعد خافيا على أحد ان الموقف من النظام مبني على خلفية مذهبية وعلى أن غالبية الشعب السوري هم من الطائفة السنية وانه قد آن الاوان لتكون هذه الطائفة هي السلطة، ليس في سوريا وحسب وانما في البلاد العربية كافة، لكن عبر اداة منظمة هي حزب التحرير الساعي الى استلام زمام السلطة في اية دولة من دول «بلاد الشام» حسب اعتقاد الحزب وانه ما ان يستلم مقاليد الحكم في دولة من دول الشام حتى تكون البلاد قد خطت الخطوة الاولى نحو قيام الخلافة الاسلامية والتي يرونها ضرورية ان تكون دمشق هي قاعدة هذه الخلافة، وهنا يلتقي حزب التحرير مع الاحلام العثمانية في اعادة هذه الامبراطورية الى مجدها والى سابق عهدها.

 في هذا الاطار يحتفل حزب التحرير في كل عام بذكرى انهيار الخلافة العثمانية ويعتبرها بمثابة النكبة فيبقى مصرا على احياء هذه الذكرى كي لا تندثر وكي تبقى حيّة في ذاكرة المسلمين، لاجل ذلك ليس غريبا ما طرحه القصص في مؤتمره الصحفي معتبرا ان موقف الراعي هو قرار بالانضمام الى تحالف الاقليات وتوجيه فاتيكاني ناتج خوف من استرداد «الأمة الاسلامية.. سلطانها المغصوب» ما يعني انها ستحيي حياتها الاسلامية وتعيد تطبيق نظام الاسلامي عن طريق اقامة الدولة الاسلامية ومن ثم لتحمل الاسلام من جديد رسالة الى العالم، وهذا ما يرى فيه الفاتيكان بالطبع خطرا داهما لطالما واجهه خلال القرون الماضية.

 في هذا الكلام وحسب مصادر سياسية مؤشرات خطيرة تدل على سعي لانشاء دولة اسلامية وعلى «استرداد السلطان الاسلامي المغصوب» وان هناك من اغتصب السلطة الاسلامية ويخشى عودة الدولة الاسلامية، وبذلك فان نشوء دول اسلامية تقودها حركات وتيارات اسلامية في المشرق العربي هو ما تخشاه الطوائف الاخرى وفي احداث العراق ومصر ما يؤكد ان مؤامرة مرسومة لدولنا في المشرق والعالم العربي نحو تفتيت المنطقة التي اشار اليها البطريرك الراعي مؤخرا.

 كلام القصص اثار مخاوف الجميع وحتى مخاوف المسلمين المعتدلين الوسطيين الذين رأوا في هذا الكلام ما هو مثير للفتنة الطائفية والمذهبية، معتبرين ان المشرق العربي هو منطقة مميزة بتنوع الطوائف والمذاهب وتعددها وانها منطقة ذات نسيج متشابك من هذه الطوائف ولا تستطيع طائفة ان تظغى على اخرى وان قيام دولة اسلامية سيكون اعلان حرب طائفية في المنطقة تبدأ ولا يعرف احد متى تنتهي.

 فالقيادي في جبهة العمل الاسلامي في لبنان الشيخ جميل رعد يرى ان حزب التحرير يعمل خارج السياق السياسي المتعارف عليه على الساحة اللبنانية فلا غرابة ما يطرحه هذا الحزب من مواقف ومن آراء وقد ورط البلاد بمواقف منذ بدء الازمة في سوريا لا داعي لها، غير ان مواقف الحزب تأتي في اطار صفقة تستهدف سوريا باعتبارها قلعة الممانعة وقد رأى الحزب في موقف البطريرك اليوم ما لا يتلاءم مع المشاريع التي تستهدف سوريا وفي موقف الراعي دلالة على وعي ما يخطط له وهو يريد تجنيب لبنان انعكاسات الازمة السورية وكي يحافظ على اللحمة الوطنية وكي لا يجر الاقليات في لبنان الى معركة على غرار ما حصل في العراق من تهجير وتشريد للمسيحيين.

 ويعتبر انه يجب ان لا تتغير بوصلة الصراع في المنطقة حيث يجب ان تبقى موجهة نحو العدو الصهيوني وليس افتعال الاقتتال الداخلي والحروب المذهبية التي يريدها هذا العدو والبعض من الداخل يقدم هدية ثمينة للعدو في إشعال الفتن المذهبية والطائفية.

 اما رئيس المكتب الاعلامي للحزب احمد القصص فقد شكلت مواقفه «نقزة» عند المسيحيين الذين رأوا فيها مخاطر تنبىء أن مخاوف البطريرك كانت في محلها وأن نشوء انظمة اسلامية متشددة ستعيد الى اذهان المسيحيين عهود»الذمة»وانهم سيكونوا عندئذ مواطنون من الدرجة الثانية رغم أن حزب التحرير يؤكد أن المسيحيين لن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية بل سيكون لهم الحقوق والواجبات نفسها الا انهم لن يصلوا الى ادارة الدولة وقيادتها او مناصب الادارة والقضاء..

 ويعتبر القصص أن «موقف المسيحيين المنقسمين على انفسهم كانت أشد على البطريرك من موقف المسلمين ومن موقف حزب التحرير» ويشير الى أن الموقف الذي ادلى به مؤخرا هو موقف سياسي وليس ديني،وان الفاتيكان يقف خلف موقف الراعي وقد بنى الحزب ذلك على ما صدر في بعض الصحف من اشارات الى ان الفاتيكان هي التي أملت على الراعي مواقفه الاخيرة.

 وتساءل القصص: «لماذا ممنوع علينا الرد على البطريرك حين يتكلم في السياسة ونرد عليه في السياسة»؟ وقال: «أن بابا روما السابق هو الذي بادر الى شن هجوم عنيف ضد الاسلام والمسلمين في قوله ان الاسلام بني على الدم فهل يحق لهم التكلم بكل شيء وممنوع علينا ان نرد؟».

 

 واضاف: «افكارنا ليست ضد المسيحيين ومشروعنا ليس تهميش المسيحيين بل هو ضمانه لهم».

 وسأل: «من قال انه ممنوع الرد على البطريرك وهو الذي اعطى موقفا سياسيا وكان ردنا بالمثل أم انه ممنوع علينا الكلام ؟ونحن لم نشتم ولم نهن احدا ولا نتعاطى في الشؤون الكنسية بل كان ردنا سياسيا بامتياز».

 ولفت القصص الى أن الراعي كان من اوائل المهللين للخروج السوري من لبنان واعتبروا أن عام 2005 كان عام الاستقلال الثاني واقاموا الاحتفالات بذلك علما ان حزب التحرير لم يكن ضد الوجود السوري العسكري في لبنان بل ضد النظام السوري لأننا نعتبر ان بلاد الشام هي بلاد واحدة والجيش السوري جزء من جيوش بلاد الشام وجزء من شعوب المنطقة».

 الى ذلك فان حزب التحرير في رده على الراعي قد فتح من جديد سجالا حول اهداف الحركات الاسلامية المتشددة وما تصبو اليه سواء في سوريا او في المنطقة كلها وان مجريات الاحداث في النتيجة قد تؤدي حسب مخاوف الراعي الى قيام انظمة دينية تكون المقدمة لقيام الخلافة الاسلامية وهنا يشير احد المراقبين الى ان ما قاله رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مؤخرا من أن محمد الفاتح قد أنهى «حضارة سوداء» في القسطنطينية فيه الكثير من المؤشرات الخطيرة والتي تختزل الكثير من مغذى الاحداث الجارية في العالم العربي...

 

جريدة الديار 20-09-2011م





إضافة تعليق

رمز الحماية
تغيير الرمز

اليوم

الجمعة, 02 أيار/مايو 2025  
5. ذوالقعدة 1446

الشعر والشعراء

يا من تعتبرون أنفسكم معتدلين..

  نقاشنا تسمونه جدالا أدلتنا تسمونها فلسفة انتقادنا تسمونه سفاهة نصحنا تسمونه حقدا فسادكم تسمونه تدرجا بنككم...

التتمة...

النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ

نفائس الثمرات النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ والسـعدُ لا شــكَّ تاراتٌ وهـبَّاتُ النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ...

التتمة...

إعلام ُ عارٍ

إعلام عار ٍ يحاكي وصمة العار      عار ٍ عن الصدق في نقل ٍ وإخبارِ ماسون يدعمه مالا وتوجيها         ...

التتمة...

إقرأ المزيد: الشعر

ثروات الأمة الإسلامية

روائع الإدارة في الحضارة الإسلامية

محمد شعبان أيوب إن من أكثر ما يدلُّ على رُقِيِّ الأُمَّة وتحضُّرِهَا تلك النظم والمؤسسات التي يتعايش بنوها من خلالها، فتَحْكُمهم وتنظِّم أمورهم ومعايشهم؛...

التتمة...

قرطبة مثلا

مقطع يوضح مدى التطور الذي وصلت اليه الدولة الاسلامية، حيث يشرح الدكتور راغب السرجاني كيف كان التقدم والازدهار في  قرطبة.

التتمة...

إقرأ المزيد: ثروات الأمة الإسلامية

إضاءات

JoomlaWatch Stats 1.2.9 by Matej Koval