الأربعاء, 19 تشرين1/أكتوير 2016 21:26
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة مقالات من بلاد الحرمين الشريفين حول "رؤية السعودية 2030"
(4)
رؤية الصحة 2030 تخدير لأبناء بلاد الحرمين
أخرج الترمذي وابن ماجه من طريق سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ وكانت له صحبة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا».
منذ مجيء الملك سلمان تم تغيير أكثر من خمسة وزراء صحة لغاية يومنا هذا، وقد فشل هؤلاء الوزراء في رعاية شؤون الناس رغم رصد مبالغ كبيرة من الميزانية للصحة، ولكن للأسف لا ينفق منها على الصحة إلا الشيء اليسير ولا يوجد تغير في الوضع الصحي ولا تحسن في مستوى المستشفيات؛ فهناك فساد كبير في الصحة، وكما نعلم فإن أحد مقاييس رعاية الدولة لرعيتها وتقدمها هي مدى اهتمام الدولة بالصحة. وقد اكتملت المشكلة عندما طال سوط "رؤية 2030" الصحة لتزيد المعضلة سوءاً وتعقيداً، وعمدت الرؤية بشكل عام إلى مساومة الناس على صحتهم ومرضهم بدل أن ترعى شؤونهم وتؤمن لهم الرعاية التي ضمنها لهم دينهم.
إن "رؤية 2030" مع كل برامجها وأهدافها لهي أكبر خديعة يخدّر بها حكام آل سعود أبناء بلاد الحرمين. فقد صرح الأمير محمد بن سلمان في مقابلته على قناة العربية أن زيادة متوسط العمر من 74 إلى 80 "وهي إحدى مؤشرات قياس جودة الصحة في أي وطن". وفي وثيقة 2030 تحت عنوان "نراعي صحتنا" يؤكد الكاتب أن قياس جودة الخدمات الصحية سيكون "من خلال شركات حكومية تمهيداً لتخصيصها". يا ترى من أين أتى الأمير بهذه الأرقام؟ ولماذا كان قياس جودة الصحة على أساس ازدياد متوسط العمر وخصخصة الخدمات الصحية؟ فعلى الأغلب هي الترجمة الحرفية للنسخة الإنجليزية للرؤية والتي كانت لا تعطي المعنى الصحيح في كثير من النقاط وبحاجة إلى شرح وتوضيح، عدا عن كونها ترجمة لرؤية رأسمالية غير منبثقة عن العقيدة الإسلامية التي من أبجدياتها أن العمر ينتهي بانتهاء الأجل ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾. وحتى تظهر الحكومة بأنها جادة في تحقيق "رؤية 2030" أتت ببرنامج التحول الوطني 2020. ومن خلال هذا البرنامج، اقترحت وزارة الصحة خمس عشرة استراتيجية بعيدة المدى وبنسب وهمية حيث ستنفق عليها الدولة حوالي 23 مليون ريال سعودي. ومن ضمن هذه الاستراتيجيات ما يلي:
١. تحسين الرعاية الصحية المقدمة في المستشفيات الرئيسية بازدياد عدد الأطباء وتحقيق أوقات انتظار مقبولة.
حيث تهدف وزارة الصحة أن تزيد عدد المؤهلين في التمريض والفئات الطبية المساعدة من 70% لكل 100.000 من السكان إلى 150% في 2020. وبالإضافة لذلك تسعى إلى زيادة نسبة المرضى الذين يتلقون الرعاية الطبية الطارئة والعاجلة من 40% إلى 70%. وبنفس النسبة (40% - 70%) سيتم الحصول على مواعيد مع التخصص الطبي المطلوب خلال 4 أسابيع. وتحقيقاً لهذه الاستراتيجية، أكد المشرف العام لمستشفى الملك خالد في نجران أن "تقليص فترة الانتظار للمرضى والمراجعين من أهدافه الرئيسية حيث استقبل من بداية العام أكثر من 300 ألف مراجع." (صحيفة المناطق 2016/08/11)
٢. تكثيف المراقبة والمحاسبة بإصلاح حوكمة النظام الصحي لتعزيز المساءلة في قضايا الجودة وسلامة المرضى.
وذلك بازدياد نسبة المرافق الصحية التي تقدم تقارير عن الأداء الشامل ومعايير الجودة من 10% إلى 100% في 2020. وتنفيذاً لهذه الاستراتيجية، أعلنت وزارة الصحة خبر إغلاق مستشفى المملكة بالرياض بسبب مخالفات عدة. وشددت "أنها لن تتهاون مع أي قصور يمس صحة وسلامة المواطنين والمقيمين وستستمر في اتخاذ أقصى العقوبات والإجراءات النظامية تجاه أي مؤسسة صحية لا تلتزم بمعايير الجودة المطلوبة للخدمات الصحية." (صحيفة عكاظ 2016/08/15)
٣. التركيز على الخصخصة بزيادة حصة القطاع الخاص من الإنفاق من خلال طرق تمويل بديلة وتقديم الخدمات.
حيث إن نسبة مساهمة القطاع الخاص في الإنفاق على الرعاية الصحية ستزداد من 25% إلى 35%. ولهذا "قطعت وزارة الصحة خطوات جادة نحو تخصيص إحدى مدنها الطبية القائمة ليشغلها مستثمرون في القطاع الطبي محلياً ودولياً وذلك مما يعد التجربة الثانية للوزارة في مجال خصخصة خدماتها واستثمارها بهدف ترشيد النفقات والارتقاء بالخدمة بعد تجربة تخصيص مراكز الغسيل الكلوي." (صحيفة مكة 2016/08/15)
والمدقق للواقع، يجد أن هذه الاستراتيجيات وُضعت لامتصاص غضب الشعب وخاصة مع كثرة نداءات أبناء بلاد الحرمين على مواقع التواصل الإلكتروني في السنوات الأخيرة التي كشفت أحوال المستشفيات الحكومية والخاصة والخدمات الصحية السيئة والأخطاء الطبية الفظيعة. وهي في حقيقة الأمر حلول ترقيعية لا تسمن ولا تغني من جوع مستوردة من منظمات رأسمالية كمنظمة الصحة العالمية التي تعمل على دعم السعودية "في بلوغ أهدافها الوطنية في مجال التنمية الصحية". فما فائدة ازدياد النسبة إلى 70% أو 150% إذا كانت هناك فئة متبقية لم ولن تحظى بهذه الرعاية؟ وأين كانت المراقبة والمحاسبة طوال هذه السنوات؟ ولماذا مستشفى المملكة بالذات؟ "والذى تم إغلاقه لمدة أسبوعين" هل لأن مالكها الأمير الوليد بن طلال؟ فيُراد بذلك طمأنة الشعب أن الرقابة على الجميع وخاصة بعد تصريح الأمير المفاجئ عن تأييده لقرار وزارة الصحة مشيراً إلى أن "الوطن والمواطن أولوية دائما"! (CNN العربية 2016/06/29) وما نتيجة الخصخصة؟ هل ستؤدي إلى نتائج إيجابية كما يدعون، لأنه سيسمح بوجود التنافس الذي سيضمن توفير أفضل الخدمات؟ أم ستصل بأبناء بلاد الحرمين إلى الهاوية؟
لقد سمحت الرأسمالية لنخبة صغيرة باستغلال القطاع الصحي من خلال خصخصة المرافق الطبية وإنشاء شركات التأمين الصحي، مما حرم معظم الناس الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الرعاية الطبية الخاصة من الرعاية الصحية الجيدة. والداعمون لفكرة الخصخصة لم ينظروا قط إلى حق الناس ومصالحهم بل إلى النخبة الصغيرة من الرأسماليين فقط على حساب الملايين من الناس البؤساء. فمع تغلغل النظام الرأسمالي البغيض والعلمانية التي تفصل الدين عن الحياة في بلاد الحرمين تحولت الرعاية الصحية شيئا فشيئا إلى تجارة وحسابات ربح، واختفت الإنسانية والرحمة تحت ضغط المنفعة والمصلحة، وأضحت المستشفيات شركات استثمار تجارية يدخلها ويُعالج فيها من يدفع أكثر، بينما يموت الفقير وهو يبحث عن حبة دواء لا يملك ثمنها.
وبذلك نستنتج أن هذه الاستراتيجيات ليست إلا تجميلية لإلهاب مشاعر الناس وإخفاء فشل آل سعود في رعاية شؤون مصالح الناس والتي من بينها الرعاية الصحية.
إنّ هذه الحالة الصحية التي يرثى لها في بلاد الحرمين بل وفي العالم أجمع بعيدة كل البعد عما كانت عليه في زمن الخلافة.
أخرج مسلم من طريق جابر قال: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن كعب طبيباً فقطع منه عرقاً ثم كواه عليه».
وأخرج الحاكم في المستدرك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: "مرضت في زمان عمر بن الخطاب مرضاً شديداً، فدعا لي عمر طبيباً فحماني حتى كنت أمص النواة من شدة الحمية". فالرسول صلى الله عليه وسلم بوصفه حاكماً بعث طبيباً إلى أبيّ، وعمر (رضي الله عنه) الخليفة الراشد الثاني دعا بطبيب إلى أسلم ليداويه، وهما دليلان على أن الصحة والتطبيب من الحاجات الأساسية للرعية التي يجب على الدولة توفيرها مجاناً لمن يحتاجها من الرعية. فمنذ زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سقوط الدولة الإسلامية، والدولة تولي قطاع الصحة اهتماماً كبيراً، فقيام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر ببناء خيمة لعلاج الجنود المصابين وتقديم الرعاية الطبية لهم في غزوة الخندق، والمستشفيات التي بُنيت لخدمة الناس وراحتهم بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس، ومستشفى المنصوري الذي أُنشئ في القاهرة عام 1283م، والذي كان يتسع لأكثر من 8.000 مريض، لكل واحد فيه ممرضان اثنان، وسرير وفراش ووعاء طعام خاص به، حتى تتوفر له كامل الراحة والعلاج بالمجان، والمستوصفات والعيادات المتنقلة التي ترعى ذوي الاحتياجات الخاصة والذين يعيشون في المناطق النائية... كلها ليست سوى أمثلة قليلة على اهتمام الدولة في شؤون الرعايا وحاجاتهم الطبية وقتذاك. وقدْ شهدَ الغربيونَ أنفسهمْ بذلكَ، فَالمسيو جومارُ (Gomar) أَحد علماء حملة نابليون كتب واصفًا أحدَ البيمارستنات (المستشفيات) التي بُنيت قبل ستة قرون من حملته على مصر: "وكانَ يَدْخُلُهُ (أيِ البيمارستانُ) كلُّ المرضى، فقراءَ وأغنياءَ، بدونِ تمييزٍ، وكانَ يُجْلَبُ إليهِ الأطباءُ منْ مختلفِ جهاتِ الشرقِ وَيُجْزَلُ لهمُ العطاءُ، وكانتْ لهُ خزانةُ شرابٍ وصيدليةٌ مُجَهَّزَةٌ بالأَدويةِ والأَدواتِ". ولقد توافرت دائماً مراكز الرعاية الصحية الرائدة في العالم وطواقم الخدمات الطبية وصناعة الأدوية، وكان حكام الدول الأجنبية يذهبون إلى دولة الخلافة لتلقي العلاج فيها.
تتميز الرعاية الصحية في ظل الدولة الإسلامية بالسرعة والبساطة في تقديم الخدمة الصحية والعلاج. ومما يُقَلِّل منَ التعقيدات والمعاملات الإدارية في إدارة الرعاية الصحية، توحيد كافة الخدمات والمنشآت الصحية في الدولة الإسلامية في جهاز واحد. بالإضافة إلى ذلك، لا يُمْنَع الأفراد أو الشركات في الدولة الإسلامية من تقديم الخدمات الصحية الخاصة، أوْ فتح العيادات والمستشفيات الخاصة، ولا يُمنع أحد من الرعية من التداوي في القطاع الخاص، والدليل على ذلك ما رواه البخاري عن أنس (رضي الله عنه) قال: «دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غُلامًا حَجَّامًا فَحَجَمَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ أَوْ صَاعَيْنِ، أَوْ مُدٍّ أَوْ مُدَّيْنِ، وَكَلَّمَ فِيهِ فَخُفِّفَ مِنْ ضَرِيبَتِهِ». فالغلام هنا قام بالحجامة وقبض أجره من الرسول صلى الله عليه وسلم. لكن يشترط في مَنْ يُقَدِّم الرعاية الصحية من القطاع الخاص، سواء أكان فردًا أم شركةً، أَن يلتزم بقوانين الدولة ورقابتها، وَيُشترط أيضًا أن يكون مَنْ يُقَدِّم أيًّا مِنَ الخدمات الصحية مؤهلاً لذلك، سواء أعمل في القطاعِ الخاص أو العام، ومنْ يُقَدِّم أيَّ خدمة صحية دون أن يكون مؤهلاً لتقديمها يُمْنَع من قِبَلِ الدولة وَيُعاقَب، وأما إذا أدَّى إلى ضرر بعمله هذا فهو ضامن لِمَا سَبَّب من ضررٍ بإقدامِه على ما ليس من اختصاصه. فشتان بين القطاع الخاص في ظل الرأسمالية التي تستنزف أموال الناس وتستغلها شر استغلال وبين القطاع الخاص في ظل الدولة الإسلامية. إن مبادرات آل سعود العرجاء سوف تبقى قصيرة النظر كشجرة خبيثة ما لها من قرار كما كانت دائماً لأنها مبنية على أساس رأسمالي باطل. ولن يصلح الحال إلا بقلع هذه الشجرة من جذورها، واستبدال شجرة الإسلام الطيبة بها، على نهج الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تحت راية العقاب في ظل الخلافة الإسلامية الثانية على منهاج النبوة بإذن الله.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فاطمة الشمري – بلاد الحرمين الشريفين
http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/40016.html
شارك بالتعليق على الموضوع
الإثنين, 17 تشرين1/أكتوير 2016 18:56
الزواج الإسلامي تحت النيران من جديد
أعلن "جيرون فان فاينخاردن" من (حزب من أجل الحرية)، عفواً (حزب الشعب للحرية والديمقراطية)، أنه يرغب بمعاقبة الأئمة الذين يعقدون عقود الزواج للمسلمين قبل إجراء العقد بحسب القانون الهولندي عقوبةً شديدةً، وذلك من خلال دفع غرامة قدرها 20500 يورو، أو الزج بهم في السجون لمدة 7 شهور إذا قاموا بتكرار هذا العمل مرة أخرى، وبحسب جيرون فإن "هذا الإجراء ليس من قبيل معاداة الإسلام، بل إن هكذا إجراء هو في صالح النساء بشكل عام والمسلمات بشكل خاص، وإن عقود الزواج التي تُعقد من قبل الأئمة فيها تضييعٌ للحريات التي قاتلنا من أجلها في الماضي، ولذلك فإننا لن نقبل بهذا".
إن قصة عدم معاداة الإسلام بالطبع لا أساس لها من الصحة، ونظرة خاطفة إلى مواقف (حزب الشعب للحرية والديمقراطية) المعلنة ستؤكد لنا أن هناك حملة عدائية شرسة ضد كل ما له علاقة بالإسلام وهي بالتأكيد ليست في صالح الجالية المسلمة في شيء، فقد عبّر هذا الحزب غير مرة عن رغبته في رفض إعطاء فيزا للأئمة القادمين من خارج هولندا، ولا ننسى الإعلان المقدم من قبل وزيرة الصحة إيدث سشخبر ووزيرة الدفاع جينين هينيسان أن القيم الإسلامية أدنى منزلة من قيم المبدأ الرأسمالي العلماني، علينا أن نتذكر محاولاتهم الحثيثة لحظر الأحزاب الإسلامية، وعبارات هلبا زايلسترا رئيس حزب (الشعب للحرية والديمقراطية) في البرلمان الداعية إلى طرد اللاجئين الذين لا يؤمنون بالقيم الهولندية ويحملون ميولاً إسلامية، أو قول رئيس الوزراء مارك روتي للمتظاهرين الأتراك بأسلوب فظ "عودوا إلى تركيا".
وفي هذا السياق فإن تطبيق عقوبة شديدة ضد الأئمة الذين يقومون بإجراء عقود زواج إسلامية تحت ذريعة "حماية المسلمات" يمكن إضافتها أيضا إلى قائمة الاعتداءات الطويلة على الإسلام والمسلمين في هذا البلد.
إن القانون الهولندي يسمح لرعاياه ذكورا وإناثا أن يقيموا علاقات مع أكثر من عشيق أو عشيقة، دون أن يكون بينهم أي عقد، ومعلوم أن مثل هذه العلاقات تضيع فيها الحقوق والواجبات والمسؤوليات، فكم من امرأة شابة تم استغلالها من قبل وحوش الإنس فحملت ووضعت الأطفال ثم تخلى عنها هي وأطفالها أولئك الذين أشبعوا نزواتهم معها، تاركين وراءهم نساءً وأطفالا يعانون معاناة شديدة، نساء لا يتمتعن بما تتمتع به المرأة المتزوجة من العناية بالأطفال والميراث والحقوق عند وقوع الطلاق مثلا وغيرها.
فإن كان "جيرون فان فاينخاردن" حقا مهتما بحقوق المرأة المسلمة فما الذي يمنعه من الحديث أيضا عما تتعرض له المرأة الغربية من ظلم في المجتمعات الغربية؟!
لا نستطيع أن ننكر أن هناك مشاكل كثيرة تقع بين صفوف الجالية المسلمة فيما يتعلق بالزواج والطلاق، إلا أن هذه المشاكل هي من طبيعة حياة البشر، والمسلمون ليسوا استثناء، إلا أن الفرق الوحيد هو أن الجالية المسلمة تبحث عن حلول لهذه المشاكل في شريعتها الإسلامية وتحاول أن تطبقها قدر الإمكان.
فالإسلام يوجب أن تكون هناك علاقة شرعية بين الرجل والمرأة، ولا علاقة شرعية إلا إذا كان هناك عقد زواج شرعي، وعليه تترتب الحقوق والواجبات، كحق المرأة على سبيل المثال في إنهاء العلاقة الزوجية من خلال محكمة شرعية، أو الحق في الميراث بعد موت أحد الزوجين، أو حق المرأة في رعاية الطفل عند وقوع الطلاق.
لذلك فإن المعاناة اليومية التي تتعرض لها بعض المسلمات (وبعض المسلمين أيضا) ليست بسبب عقود الزواج الشرعية ولا بسبب أخذ المعالجات من الشريعة الإسلامية كما يروج البعض، وإنما هي بسبب عدم قدرة الحكومة الهولندية على التعامل الصحيح مع الجالية المسلمة.
جدير بالذكر أن الإسلام يعطي الرعايا غير المسلمين في دولة الخلافة الحق في إجراء عقود الزواج والطلاق بحسب أديانهم، ويأخذ الإسلام هذه العقود وما يترتب عليها من حقوق وواجبات بعين الاعتبار، هذا هو الإسلام الذي يجب على الرأسمالية أن تتعلم منه الكثير من الدروس.
أوكاي بالا
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في هولندا
http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/pressreleases/holland/39967.html
السبت, 08 تشرين1/أكتوير 2016 08:53
أبعاد التدخل السوري في سوريا
في الرابع والعشرين من آب/أغسطس اخترقت الطائرات التركية المجال الجوي السوري، وبدأت تقصف أهدافا في منطقة جرابلس في سوريا، تبع ذلك عبور ما يقارب من 1500 مقاتل سوري الحدود التركية كانوا قد تجمعوا في منطقة كاركاميش التركية في عملية أطلق عليها اسم درع الفرات، وقد كان لافتا أن بدء تركيا بالهجوم وقع قبل أن تطأ أقدام نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن أرض تركيا، وهي رسالة تعبر عن مدى خضوع حكام تركيا للإرادة الأمريكية.
وقد عبر بايدن عن رضاه بالعملية العسكرية التركية خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم حيث قال بايدن: "علينا أن نجعل ذلك واضحاً للغاية؛ على قوات الاتحاد الديمقراطي أن تعود إلى الضفة الأخرى من الفرات (الضفة الشرقية)، لأنها لن تتمكن، ولن تحصل، تحت أي ظرف كان، على الدعم الأمريكي إن لم تلتزم بتعهداتها" (العربي الجديد، 24/8/2016)، في تصريحات لاحقة، قال يلدريم "إن التوغل العسكري الذي تدعمه الولايات المتحدة في سوريا سيتواصل إلى حين عودة مقاتلي مليشيا وحدات حماية الشعب الكردية إلى شرق نهر الفرات". (العربي الجديد، 24/8/2016). وكان الناطق باسم البيت الأبيض، جوش أرنست، قال "إن عملية "درع الفرات" التي بدأتها تركيا، فجر أمس الأربعاء، ضد تنظيم "داعش" في مدينة جرابلس السورية، هي آخر الأمثلة حول الدعم المهم الذي تقدمه أنقرة لجهود مكافحته". (الخليج أون لاين، 25/8/2016)
وعقب مغادرته لتركيا أعلن جو بايدن من ستوكهولم الخميس 25 آب/أغسطس أن القوات التركية جاهزة للبقاء في الأراضي السورية قدر ما هو مطلوب لإلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة في هذه البلاد. وقال بايدن، في مؤتمر صحفي، عقده أثناء زيارته إلى العاصمة السويدية ستوكهولم، إن واشنطن وحلفاءها في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط يبحثون حاليا عن حل لمسألة الانتقال السياسي في سوريا (روسيا اليوم، 25/8/2016)، وفي المحصلة فإن إطلاق تركيا لعملية درع الفرات جاء بناء على طلب من أمريكا وتنسيق معها، وقد كان واضحا أن تركيا تتهيأ لهذا الدور وتتجهز له بما سبق من تطورات لافتة في الموقف التركي أشرنا إليها سابقا. كما أن تركيا وبدعم أمريكي رتبت أوراقها مع روسيا وإيران وكذلك مع سوريا!
وقد أعلنت تركيا عن أهدافها من العملية العسكرية على لسان وزير الدفاع فكري إيشيك، في مقابلة تلفزيونية على شاشة إحدى القنوات المحلية، حيث قال إن بلاده بدأت العملية العسكرية بغية تحقيق هدفين رئيسيين، أولهما ضمان أمن الحدود التركية، والثاني تأمين عدم تغلغل قوات حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الكردية إلى المنطقة بعد طرد تنظيم الدولة، مضيفا "من حقنا البقاء هناك لغاية إحكام الجيش السوري الحر السيطرة على المنطقة، للأسف لا يوجد في سوريا دولة في الوقت الحالي، وموقف تركيا في المحافظة على وحدة الأراضي السورية واضح وثابت". وشدد الوزير التركي على أنه "لا بد من انسحاب حزب الاتحاد الديمقراطي لحدود شرقي الفرات، وكنا اتفقنا مع الولايات المتحدة الأمريكية على ضرورة انسحاب تلك القوات خلال أسبوعين كحد أقصى، مضى منها أسبوع وباقي أسبوع آخر على انقضاء المهلة سننتظر خلالها اكتمال الانسحاب"، داعيا إياها للتراجع بأسرع وقت، ومحذرا من أن لتركيا الحق في إجراء أي عمليات في حال تخلفها عن ذلك. وأوضح إيشيك أنهم يولون أهمية خاصة لعدم الاشتباك في المنطقة، "ويجب على قوات (ب ي د) وتنظيم داعش أن تعي ذلك جيدا، وإلا ستقوم تركيا باتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الصدد"... وأضاف الوزير التركي أن بلاده أبلغت أمريكا وروسيا سابقا بالعملية، وأبلغت إيران في وقت لاحق، وأن بلاده لم تتصل بشكل مباشر مع النظام السوري" (ترك برس، 25/8/2016).
وليس شيئا غريبا أن يكون التدخل العسكري التركي في سوريا من خلال منطقة جرابلس وذلك لأنه على الرغم من محاولة أردوغان وحكومته توجيه الأنظار إلى تنظيم الدولة كخطر يحدق بتركيا إلا أن هذا يحتاج إلى وقت وأعمال كبيرة قد تضر بسمعة أردوغان وحزبه، فقد تعالت صيحات المصلين في المسجد في أعقاب أداء الصلاة على ضحايا تفجير غازي عنتاب بالقول (أردوغان قاتل)، وهذا يعني أن نسبة كل الأعمال لتنظيم الدولة قد يكون مكشوفا، كما يبدو أن أمريكا على عجلة من أمرها وحاجتها ماسة للتدخل التركي، لذلك كانت البوابة الطبيعية للتدخل التركي بزج اسم الأكراد كمبرر يتوافق مع المشاعر القومية المتجذرة في الجيش التركي، وقد نوه وزير الدفاع التركي في المقابلة المذكورة سابقا "فيما يخص اسم العملية "درع الفرات"، لفت إيشيك النظر إلى أن القوات المسلحة التركية صاحبة تجارب كبيرة في هذا المجال، واسم درع الفرات جميل ويعكس الإرادة السياسية التركية، وأعتقد أن جنودنا اقترحوا الاسم على الرئيس أردوغان وهو صادق عليه بدوره". أما لماذا الفرات فهذا لأن تركيا قد وضعت خطا أحمر لمناطق السيطرة الكردية في شمال سوريا، وكانت سابقا تنادي بالمنطقة العازلة التي كانت تمتد حسب المطلب التركي من إعزاز إلى جرابلس بطول 110كم وبعمق 65كم في الأراضي السورية حتى مدينة الباب، وبما يضمن عدم اتصال المناطق الكردية شرق وغرب سوريا، وبعد إنشاء أمريكا لقوات سوريا الديمقراطية أصبحت تركيا تحذر هذه القوات (الأكراد المكون الرئيسي لهذه القوات) من تجاوز نهر الفرات، وعندما احتاجت أمريكا لهذه القوات في معارك منبج سكتت تركيا عن تجاوز قوات سوريا الديمقراطية نهر الفرات باتجاه منبج بشرط خروجها من منبج بعد انتهاء الأعمال القتالية، إلا أن حاجة أمريكا لتركيا في سوريا وسير العمليات العسكرية التركية في سوريا يدل على أن تركيا تسير نحو جعل المنطقة العازلة أمرا واقعا، وقد "نقل مراسل الجزيرة عن مصادر في المعارضة السورية المسلحة أن قوة بها أكثر من مئتين من القوات الخاصة التركية ونحو خمسين مدرعة دعمت مقاتلي المعارضة... وذكرت المصادر أن القوات الخاصة التركية خاضت اشتباكات مباشرة مع قوات سوريا الديمقراطية - التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري - في محيط قريتي العمارنة ويوسف بيك اللتين تمكنت قوات "درع الفرات" من السيطرة عليهما لاحقا... وقالت المعارضة المسلحة إنها سيطرت على ست قرى في الجهة الغربية من جرابلس بريف حلب الشرقي بعد اشتباكات مع تنظيم الدولة؛ هي الحلوانية وتل شعير وحمير العجاج والبير التحتاني والبير الفوقاني وطريخم. كما سيطرت على قريتين في المنطقة الواقعة إلى الشرق من بلدة الراعي التابعة لمنطقة الباب، ما يفتح الطريق أمام المعارضة المسلحة لوصل المدينة ببلدة الراعي شمالي حلب، ثم السيطرة على كامل الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا". (الجزيرة.نت، 27/8/2016).
وهذا يعني أن أمريكا قد تمنح عميلها أردوغان جائزة المنطقة العازلة مقابل الدور القادم الذي ستلعبه تركيا في السيطرة على الفصائل المسلحة في الشمال السوري، حيث إن انضواء فصائل مقاتلة تحت دعم الغطاء التركي في سوريا، سيجعلها أسيرة للقرار التركي، أضف إلى ذلك أن هذه الفصائل أصلا قد ارتبطت بنظام الدعم الموجه منذ البداية، فما لم تنفك من هذا الارتباط فستسير عاجلا أم آجلا إلى حتفها بحسب المشروع الأمريكي لسوريا، وستكون تركيا أردوغان هي الضامن لهذا المسير. ولو عقلت هذه الفصائل حالها وتدبرت أمر ثورة الشام لعلمت علم اليقين أن مصير كل المتآمرين والمتخاذلين كان مصيرا واحدا وهو الاندثار والزوال مع بقاء الثورة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها «فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده».
http://www.alraiah.net/index.php/political-analysis/item/1892-%D8%A3%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%AE%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7
الثلاثاء, 04 تشرين1/أكتوير 2016 00:30
سلسلة مقالات من بلاد الحرمين الشريفين حول "رؤية السعودية 2030
(3)
رؤية السعودية للتسليح العسكري، سهم في كنانة الكافرين وطعنة في خاصرة المسلمين
أطلقت السعودية في 25 نيسان/أبريل خطة شاملة أعدها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وأقرها مجلس الوزراء. وفي حين تم التركيز على النواحي الاقتصادية وخاصة تقليص اعتماد السعودية على الموارد النفطية في خضم انخفاض أسعار النفط، إلا أن الخطة شملت أيضاً الصناعات العسكرية السعودية وتعزيز دورها كإحدى الدعامات الأساسية في الاقتصاد السعودي، حيث كشفت "رؤية السعودية 2030" التي أقرها مجلس الوزراء السعودي، عن أربعة سيناريوهات من المتوقع أن يشتمل عليها تطوير "الصناعات العسكرية" في السعودية، وهي:
أولاً: توطين الصناعات العسكرية بنسبة 50% مقارنة مع 2% حالياً.
ثانياً: توسيع دائرة الصناعات المتقدمة مثل صناعة الطيران العسكري.
ثالثاً: إقامة المجمعات الصناعية المتخصصة في المجال العسكري.
رابعاً: تدريب (المواطنين) وتأهيلهم للعمل في مجال القطاعات العسكرية.
وقد أبدى محمد بن سلمان استغرابه من عدم وجود صناعة عسكرية رغم أن السعودية ثالث أكبر دولة في الإنفاق العسكري، وكشف أنه سيتم إنشاء شركة قابضة للصناعات الحكومية، وستطرح لاحقاً في السوق نهاية 2017، وأنها ستمكّن أهل السعودية من الاطلاع على الصفقات العسكرية بشكل واضح، وقال:
"إن جيشنا الثالث في الإنفاق العسكري والعشرين في التقييم، وهذا خلل، مبدياً أمله بأن تكون السعودية من أقل دول العالم في نسب الفساد، وأن الخصخصة جزء مهم في مكافحة الفساد". (العربية. نت 2016/04/25).
والسؤال الذي يجب أن يطرح، ما هو الحكم الشرعي في تصنيع الأسلحة وكيف يتوجب استعمالها؟
فأما التصنيع فإن الإسلام قد فرض على المسلمين أن يعدوا العدة اللازمة لردع العدو وإرهابه، قال تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال 60]، ومن مقتضيات ذلك أن يجعلوا قوتهم بأيديهم لا أن يجعلوا مصيرهم بأيدي أعدائهم، قال تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ [النساء: 141]، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والنسائي «لا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ»، ونارهم كنايةٌ عن كيانهم العسكري. فيتطلب ذلك من المسلمين تصنيع جميع أنواع الأسلحة ومن بينها الدبابات والطائرات وغيرها قدر الاستطاعة، في بلادهم، لا أن يأتوا بها من أعدائهم كأمريكا أو روسيا أو فرنسا كما يفعل آل سعود الآن. فالتصنيع لا يكون كما تقترحه الرؤية فيأتي بأعداء المسلمين كأمريكا لمساعدتنا في بناء المصانع وتدريبنا على الأسلحة فهي لن تفعل شيئا إلا إذا تأكدت أنه سيكون تحت تحكمها ولن يستعمل أبدا ضدها أو ضد ربيبتها الصهيونية وبالتالي فلا معنى له.
وأما بخصوص الاستعمال فحُقّ لنا أن نتساءل؛ أين تذهب كل هذه الأسلحة والمعدات التي يشترونها؟ وأين تنفق كل هذه الأموال؟ وما هي تلك القوة العظمى التي تواجهها السعودية وتعد لها كل هذا العتاد؟... فبحسب الاقتصادي عبد الله البراك فإن السعودية أنفقت خلال خمس سنوات 70 مليار دولار على التسلح، في حين إن مشتريات كل من كيان يهود وتركيا وإيران مجتمعة تبلغ 42 مليار دولار. (الجزيرة. نت 2014/02/12). إن هذه الأسلحة كافية لجعل السعودية من أقوى دول العالم، وهذا يعني أنها قادرة على اقتلاع كيان يهود وتحرير فلسطين، لكنها لم تقم ولن تقوم بفعل ذلك لأنها مجرد عميلة يحركها سيدها كيف يشاء، فبدل أن تكون هي الحامي والناصر لأبناء المسلمين في اليمن وسوريا أصبحت هي اليد الضاربة التي تفتك بهم. وبدلا من أن يرسل آل سعود جيشهم للتخلص من جزار سوريا بشار، يتحالفون مع أمريكا وروسيا اللتين تشاركانه في قتل المسلمين، ويقومون بشكل متزامن بارتكاب أبشع الفظائع ضد مسلمي اليمن، فقد قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تقرير لها صدر في أيلول/سبتمبر أن ما يقرب من ثلثي المدنيين الذين قتلوا في الصراع اليمني منذ 26 آذار/مارس لقوا حتفهم نتيجة للغارات الجوية وذلك بحلول نهاية حزيران/يونيو. وفي 24 آب/أغسطس 2015، قال ممثل الأمم المتحدة الخاص للأمين العام المعني بالأطفال والنزاعات المسلحة، أن 73٪ من مئات الأطفال الذين قتلوا في اليمن منذ تصاعد القتال في أواخر آذار/مارس 2015 كانوا ضحايا الغارات الجوية - التي يقوم بها التحالف بقيادة السعودية -. (ويكيبيديا).
منذ أن أقام النبي صلى الله عليه وسلم دولة الإسلام الأولى في المدينة المنورة وانطلقت منها رسالة الإسلام إلى العالم أجمع وإلى أن هُدمت دولة الخلافة العثمانية لم نعرف مهمة لجيش المسلمين وعتادهم غير الجهاد وهو قتال الكفار لإعلاء كلمة الإسلام، والجهاد هو حمل دعوة الإسلام ونصرة المسلمين وحمايتهم. لكن ما نراه الآن من جيش آل سعود - وجميع جيوش المسلمين - مناقض تماما للوظيفة الأساسية للجيوش فهم جعلوا أمريكا هي الصديقة والأمة الإسلامية هي العدو الذي يستحق الدمار. وقد أصبحنا نعرف الآن لمن يتسلح آل سعود ولماذا يناقشون السير في التصنيع العسكري، وإن ذلك رغم كون حصوله مستبعدا على أمثالهم، فإنه حتى وإن حصل فلن يكون إلا بإمرة سيدتهم أمريكا وعلى عينها، وإن ذلك حتما لن يكون خدمة للمسلمين ولا حتى لأبناء بلاد الحرمين، بل هو دعم لاقتصادات دول الكفر، وتنفيذ لمخططاتهم وسهم في كنائن حروبهم، وإن تاريخ آل سعود وواقع حروبهم التي نعيشها اليوم أوضحُ دليل على ذلك..
إن على أبناء بلاد الحرمين أن لا يلدغوا بمعسول الكلام في كل عام مرة أو مرتين، فيكونوا بصمتهم شركاء في إجرام آل سعود وتآمرهم، وإن عليهم أن يعوا أن الناصر الحقيقي والقوة الوحيدة للمسلمين هي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة يستظل بها ويحتمى خلف جيوشها تحت قيادة خليفتها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ» صحيح مسلم.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
جواهر الغامدي – بلاد الحرمين الشريفين
- See more at: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/39685.html#sthash.MWumuExD.dpuf
الثلاثاء, 04 تشرين1/أكتوير 2016 00:26
سلسلة مقالات من بلاد الحرمين الشريفين حول "رؤية السعودية 2030"
(2)
ضرائب آل سعود على الحج والعمرة ما سبقهم بها أحدٌ من العالمين
في ظل ما يعصف في بلاد الحرمين من أزمة اقتصادية وتماشيا مع رؤية 2030 التي نصت على وجوب وجود مصادر دخل بديلة للنفط، قامت حكومة آل سعود باستصدار قوانين جديدة تتعلق بزيارة المسلمين للمشاعر المقدسة بغرض الحج أو العمرة، وجاءت تلك القرارات على شكل زيادات لأسعار تأشيرات الزيارة والحج والعمرة، وقد تضاعفت تلك الرسوم من مبلغ يقارب 200 ريال سعودي (53 دولاراً أمريكياً) إلى 2000 ريال سعودي (533 دولاراً أمريكياً)؛ أي الرسوم السابقة مضروبة بعشرة، ولتزيين الأمر في عيون الناس فقد جاء في بيان القرار أن الحكومة سوف تتحمل هذه الرسوم لمن يحج أو يعتمر للمرة الأولى فقط كما أن تطبيق القرار سوف يبدأ من الأول من محرم 1438هـ، ولكن ذلك التزيين والإخفاء لن يقلل من فداحة الجرم، فحتى من ظن بالحسنى أن خططهم لتعويض العجز سوف تكون من خلال موارد بديلة كالصناعة أو الزراعة والمشاريع العملاقة أو بتحرير التبعية من الدولار مثلا، لم يخطر ببالهم أبدا أن الهدف الحقيقي، هو السطو على جيوب المسلمين والتجارة في مقدساتهم وشعائرهم، ولسان حال تلك القرارات يقول أن ليس للمسلم أن يحج أو يعتمر إلا مرة واحدة ومن أراد الزيادة فعليه عقوبة دفع الغرامة.
لقد كانت سياسة آل سعود المبنية على توصيات ربيبتها أمريكا فيما يخص تعويض العجز في الميزانية، كانت هذه السياسات الجديدة كلها مبنية على زيادة الرسوم واستحداث الضرائب ورفع الدعم الحكومي وزيادة الاستثمار في الصناديق الربوية، فتوجهات الحكومة في مجال خصخصة الأملاك العامة للأمة والاستثمار في صناديق الربا في دول الغرب والتخفيف من النفقات إلى أدنى المستويات، كل هذه التوجهات وما يشابهها مبنية على مبدأ المنفعة المادية البحتة، فما يعود بالمردود المادي الوفير تنفق عليه الدولة، وما لا يجلب ذلك المردود تمتنع عن أدائه حتى لو كان من الواجبات المفروضة على الدولة في الإسلام.
في قرارات رسوم الحج هذه، يظهر لنا مدى قبح النظرة المادية الرأسمالية في "رؤية السعودية 2030"، ويظهر لنا أيضا وبشكل جلي مدى مخالفة هذه القوانين لأحكام الإسلام المتعلقة في شؤون الحج والعمرة، فمصلحة تنفيذهم لأوامر سيدتهم أمريكا، ومصلحة بقائهم على عروشهم الخاوية، ومصلحة تعويض النقص الحاصل في ميزانيتهم بأي شكل، كل هذه مصالح مقدَّمة بالنسبة لهم على أحكام الإسلام، حيث إن أحكام الإسلام في شؤون الحج والعمرة لم يُنظر لها من قِبَلِهم بشكل مبدئي منبثق عن العقيدة لنوال رضوان الله، وإنما عطلت هذه الناحية بشكل كامل واتُّخذت بدلاً عنها الناحية المادية والاقتصادية للحصول على منافع دنيوية فقط.
لقد مرت على المسلمين العديد من الأحداث التاريخية التي منعت المسلمين من الوصول إلى المسجد الحرام، فمنها ما كانت في ظل عدم سيطرة المسلمين على المسجد الحرام كحادثة صلح الحديبية بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش، ومنها ما كان بسبب فئة باغية على الدين بالقوة والقتل كحادثة القرامطة، ومنها ما كانت بسبب خلاف سياسي كالذي حدث بين عبد العزيز آل سعود وحسين بن علي والذي منع حجاج نجد من الوصول إلى الحجاز، وهي الحادثة التي مثلت القشة التي ألَّبت المسلمين على حكمه فعجلت بسقوطه وتمكين آل سعود في بلاد الحجاز، ولكن وفي كل أحداث التاريخ - بحسب ما وصلنا - لم نسمع عن قوم أو فئة أو دولة قامت باستغلال بلاد الحرمين بشكل مادي لتفرض على الناس أتاوات وضرائب مقابل دخولهم البيت الحرام، فهم في ذلك يتصرفون كمن امتلك الأرض والعباد، يمنون على المسلمين أنهم يستقبلونهم في بيت الله الحرام، ويسمون أنفسهم بعد ذلك كله خدام بيت الله الحرام، فهلا أعادوا قراءة التاريخ ليعرفوا سيرة خدام بيت الله الحرام بحق؟!
إن من الأمثلة التي يذكرها لنا تاريخ الخلفاء المسلمين في شؤون الحج ما جاء عن عمر بن عبد العزيز - خامس الخلفاء الراشدين - أنه كتب إلى عماله يقول (انظر من أراد من الذريَة أن يحج فاجعل له مائة ليحج بها) وأيضا كتب إلى ولاته (من أراد الحج فعجلوا عليه عطاءه حتى يتجهز به) وأرسل إلى عامله على اليمن يوصيه (أن أَقْعِدْ على طريق الحاج قوما ترضاهم وترضى دينهم وأمانتهم لكي يُقوّوا الضعيف ويغيثوا الفقير)، فأين آل سعود من سيرة خليفة عادل يأمر ولاته في تعجيل عطاء من أراد الحج وبين من تسلط على رقاب الناس وأخذ منهم ضريبة على حجهم وعمرتهم؟! وإننا لنعلم أن آل سعود ليسوا أهلا لأية مقارنة مع خلفاء المسلمين العظام...
لقد كان مشركو قريش على كفرهم يقومون بشؤون السقاية والرفادة لحجاج بيت الله الحرام على أكمل وجه، وذلك اتقاء مذمة العرب لهم في حال تقصيرهم فيما أوكل إليهم من شأن هذه البلاد المباركة، ولقد كانت قريش تتفاخر في ذلك وهي على كفرها أيما تفاخر، فقد كانت تجمع لذلك المال من جميع سادات قريش ويقسمون المهام فيما بينهم بل ويتنافسون عليه فيطعمون ويسقون، فأين آل سعود في تعقيداتهم وتصعيباتهم وضرائبهم وتعسيراتهم من كفار قريش؟!!
لقد وصل المسلمون في زمان آل سعود إلى مرحلة صرنا نسمع فيها بعجائب الحج في القرن الواحد والعشرين، فتارة نسمع عن حجاج باعوا بيوتهم ليتمكنوا من الحج، وتارة نسمع عن آخرين يدفعون كامل ما جنوه في حياتهم مقابل دفع تكاليف الحج، وقصص أخرى عن حجاج تتجاوز حدوداً كثيرة وعقبات وصعاباً تستمر لأشهر حتى يتمكنوا من الوصول إلى بيت الله الحرام، وقصص وقصص، كلها مآسٍ نسمع عنها ونشاهد أصحابها على شاشات التلفزيون، تجعل من أداء فريضة الحج حلما صعب المنال!!
لقد استغل حكام آل سعود مشاعر المسلمين التي تهوي إلى البيت الحرام، وقد قاموا بقياس الأمر بمقياس تجاري منفعي بحت، ونظروا للمسألة وكأنها عروض تجارة تحدَّد فيها الأسعار بمقياس العرض والطلب، وقد علموا أن الطلب على الحج والعمرة في تزايد مستمر، وذلك في ظل إخفاقاتهم المستمرة عبر عقود في رعاية شؤون الحرمين الشريفين، وعجزهم عن تلبية حاجات المسلمين في الحج والعمرة ومجاراة الأعداد المتراكمة من الحجاج والمعتمرين، ولذلك فإنهم يفرضون تلك الضرائب وهم واثقون بأن الطلب سوف يبقى مرتفعا، وأن التجارة بالنسبة لأمة المليارين مع الله غالية، وعليه فإن الصفقة بالنسبة لآل سعود مربحة جداً ويمكن من خلالها جني الكثير من الأموال في الدنيا وتغافلوا عن الآخرة.
إن حدود سايكس وبيكو كانت وما زالت أول عقدة أمام المسملين في رحلة الحج، ثم جاء آل سعود ليضيفوا لتلك العقدة الكثير من العقد والعقبات والصعوبات، فمن بدعة التصاريح التي "لا يكون الحج صحيحا دونها"، إلى البيروقراطية العفنة في المعاملات والإجراءات، إلى المعاناة في التنقلات وسوء الخدمات، إلى خنق مكة بالفنادق والأبراج، كل تلك العقبات وغيرها الكثير من العقبات التي أضيف إليها ضريبة جديدة، تلك الضريبة التي تعادل تقريباً ثلاثة ونصف مداخيل شهرية للموظف الأردني وذلك بناءً على متوسط الرواتب في الأردن، وكذلك راتبين ونصف للموظف السوري قبل الثورة، وفي مصر ما يعادل أربعة رواتب شهرية، وقس على ذلك مختلف بلدان العالم الإسلامي، وهذا بالنسبة للموظفين الذين يتقاضون راتبا شهريا، ناهيك عمن لا يملكون دخلا ثابتا أو ممن لا يملكون ما يعيلهم، فمن أين لأمثال هؤلاء أن يحجوا أو يعتمروا بعد هذه الضريبة الجديدة التي يضاف إليها مصاريف الحج الأخرى كالنقل والسكن والمعيشة والتي إذا ما قمنا بحساب متوسطاتها فإننا سوف نحتاج للحساب على أساس مضاعفات الدخل السنوي للفرد، بل يمكن أن نصل إلى أساس متوسط الدخل كله خلال متوسط عمر الإنسان!!
لقد عملت حكومة آل سعود في رؤيتها على تعويض العجز في ميزانية الدولة من جيوب سكان بلاد الحرمين في البداية، وها هم الآن يصلون إلى جيوب المسلمين في شتى بقاع الأرض، وما ذلك إلا لتنفيذ مخططات أمريكا وتوصياتها، وإن العائد للدولة من خلال هذه الضريبة فقط وبحسب رؤية 2030 والتي تسعى إلى بلوغ 30 مليون معتمر في السنة يعادل 60 مليار ريال سعودي (16 مليار دولار أمريكي) ومن الحج يمكن أن يصل العائد إلى 1.6 مليار دولار وذلك إذا ما اعتبرنا متوسط عدد الحجاج 3 مليون حاج سنويا - رغم أنه يقل سنويا بسبب تعقيداتهم، أي ما يمثل 17.6 مليار دولار كدخل سنوي على خزينة الدولة وذلك نتيجة قانون ضريبي واحد، فهل هذه الضرائب حقاً تأتي لسد العجز فقط أم هي للصد عن سبيل الله والمسجد الحرام والمتاجرة في المقدسات؟!!... فأين علماء بلاد الحرمين من كل هذا؟!
لقد حاول الكثيرون عبر التاريخ الصد عن سبيل الله والمسجد الحرام؛ من أبرهة الحبشي وصولا إلى حسين بن علي، ولقد انتهى بهم الأمر جميعاً بالخروج مدحورين من المسجد الحرام، وإن ما يفعله حكام آل سعود لهو بشارة بقرب زوال حكمهم وانتقالهم إلى مخلّفات التاريخ، وإننا نسأل الله، ونشحذ همم المخلصين في بلاد الحرمين، أن لا يرضوا على أنقاضهم بديلا عن دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة...
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ماجد الصالح – بلاد الحرمين الشريفين
- See more at: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/39405.html#sthash.mo6QKHoT.dpuf
المزيد من المقالات...
الصفحة 65 من 74