بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة بمناسبة ذكرى فتح القسطنطينية سنة 857هـ - 1453م
https://www.youtube.com/watch?v=ZkjFKAry4G0&feature=emb_title
الحمد لله على نعم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد. إلى الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس... وإلى حملة الدعوة الأخيار الأبرار... وإلى ضيوف الصفحة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إن في تاريخ الأمم أياماً مضيئة هي موضع فخر لتلك الأمم فكيف إذا كانت تلك الأيام موقع تحقق بشرى رسول الله e؟ إنها لا شك تكون نجوماً تشع في السماء بل شموساً تضيء الدنيا وترفع الأمة إلى عنان السماء... ومن هذه الأيام أيامنا الغراء هذه، أيام ذكرى فتح القسطنطينية... لقد بدأ الفاتح غزو القسطنطينية ومحاصرتها اعتباراً من السادس والعشرين من ربيع الأول حتى تم فتحها فجر الثلاثاء العشرين من مثل هذا الشهر جمادى الأولى 857هـ، أي أن الحصار استمر نحو شهرين، ولما دخل محمد الفاتح المدينة ظافراً ترجل عن فرسه، وسجد لله شكراً على هذا الظفر والنجاح، ثم توجه إلى كنيسة "آيا صوفيا"، حيث احتشد فيها الشعب البيزنطي ورهبانه، فمنحهم الأمان، وأمر بتحويل كنيسة "آيا صوفيا" إلى مسجد، وأمر بإقامة مسجد في موضع قبر الصحابي الجليل "أبي أيوب الأنصاري"، حيث كان ضمن صفوف الحملة الأولى لغزو القسطنطينية، وتوفي هناك رحمه الله ورضي عنه... وقرر الفاتح الذي لُقِّب بهذا اللقب بعد الفتح اتخاذ القسطنطينية عاصمة لدولته بعد أن كانت سابقاً أدرنه، وأطلق على القسطنطينية بعد فتحها اسم "إسلام بول" أي مدينة الإسلام "دار الإسلام"، واشتهرت بـ "إستانبول"، ثم دخل الفاتح المدينة وتوجه إلى "آيا صوفيا" وصلى فيها وأصبحت مسجدا بفضل الله ونعمته وحمده... واستمرت كذلك مسجداً طاهراً مشرقاً يعمره المؤمنون حتى تمكن مجرم العصر مصطفى كمال من منع الصلاة فيه وتدنيسه بجعله متحفاً للرائح والغادي! وهكذا تحققت بشرى رسول الله r في حديثه الشريف عن عَبْد اللَّهِ بن عمرو بن العاص قال: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ r نَكْتُبُ إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ r أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e: «مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً، يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ»، رواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال عنه "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وعلق عليه الذهبي في التلخيص قائلاً: "على شرط البخاري ومسلم". وكذلك في الحديث الشريف عن عَبْد اللَّهِ بْن بِشْرٍ الْخَثْعَمِيّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ r يَقُولُ: «لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ» قَالَ: فَدَعَانِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَسَأَلَنِي فَحَدَّثْتُهُ فَغَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، رواه أحمد، وجاء في مجمع الزوائد في التعليق عليه "رواه أحمد والبزار والطبراني ورجاله ثقات"... فتحققت هذه البشرى على يدي هذا الشاب محمدٍ الفاتح الذي لم يتجاوز الحادية والعشرين، ولكنه كان قد أُعِدَّ إعداداً مستقيماً منذ طفولته، فقد اهتم والده السلطان مراد الثاني به، فجعله يتتلمذ على يد خيرة أساتذة عصره، ومنهم "أحمد بن إسماعيل الكوراني" الذي ذكر السيوطي أنه كان أول معلمي الفاتح، وقال عنه: إنه "كان عالماً فقيهاً، شهد له علماء عصره بالتفوق والإتقان، بل إنهم كانوا يسمونه: أبا حنيفة زمانه"، كذلك الشيخ "آق شمس الدين سنقر" الذي كان أول من زرع في ذهنه منذ صغره حديث رسول الله r عن "فتح القسطنطينية"، وكبر الفتى وهو يصبو إلى تحقيق ذلك الفتح على يديه... وقد درَّس الشيخ "آق شمس الدين" لمحمد الفاتح العلوم الأساسية من قرآنٍ وحديث وسُنَّة نبوية وفقه، وكذلك اللغات العربية والفارسية والتركية، كما درَّس له بعضَ علوم الحياة كالرياضيات والفلك والتاريخ... هذا فضلاً عن شجاعته في الفروسية وفنون القتال... وقد أكرمه الله بمنه وفضله، فحقَّ له مدح رسول الله e، فقد كان الفاتح نِعم القائد وكان جنده نعم الجند، حيث امتلأت قلوبهم بالإيمان وانطلقت جوارحهم بالإعداد وصدق الجهاد، نصروا الله فنصرهم بهذا الفتح العظيم، فالحمد لله رب العالمين. لقد كان الفاتح سديد النظر صائب البصيرة والبصر، كلما رأى ثغرة عالجها على وجهها بإذن الله، وكلما ظهر له عائق أزاله بعون الله، وقد واجهته ثلاثة عوائق حلَّها بذكاء حاد وبفطنة لافتة للنظر: 1- فقد شكا له جنده برودة الجو وهم في العراء حول الأسوار فبنى لهم حصناً يأوون إليه كلما لزم، فكان لا يريد للجند أن يفكّوا الحصار إذا طال ويعودوا كما فعلت جيوش المسلمين السابقة التي غزت القُسطنطينية، بل كان يريد أن لا عودة إلا أن تُفتح القسطنطينية بإذن الله... 2- وكذلك كانت أسوار القُسطنطينية ثلاث طبقات وبين كل طبقة وأخرى بضعة أمتار، ولذلك كان الفاتح محتاراً في هذه المسألة، فلم يكن في عهدهم أسلحة ذات قوة تدميرية، بل كان أقوى ما لديهم المنجنيق الذي يرمي حجارة ليست صغيرة الحجم ولكنها ليست بما يكفي لفتح ثغرة في جدار بهذا الحجم، ولأن محمداً الفاتح كان يتابع القدرات العسكرية في العالم فقد وصل لعلمه أن أحد المهندسين المجريين (أوربان) قد أعد فكرة صنع مدافع ذات قوة خاصة بإمكانها أن تدك الأسوار، وكان أوربان قد عرض خدماته على إمبراطور القسطنطينية فلم يهتم به، فاستقبله الفاتح استقبالاً حسناً وأغدق عليه الأموال ويسر له كل الوسائل التي تمكنه من إتمام اختراعه، فشرع أوربان في صنع المدافع بمعاونة المهندسين العثمانيين، وكان الفاتح يشرف عليهم بنفسه، ولم تمض ثلاثة أشهر حتى كان أوربان قد صنع ثلاثة مدافع كبيرة الحجم، ووزن قذيفة المدفع نحو طن ونصف، ولم يحب أن يجرب المدفع عند الأسوار خشية أن تكون النتائج ليست كما يجب ويراها الروم من خلف الأسوار فيؤثر ذلك في قوة المسلمين، فأجرى التجربة في "أدرنه" وكانت ناجحة فحمد الله وقام بنقل المدافع الثلاثة من أدرنه إلى قرب أسوار القسطنطينية لدكها فيستسلم الروم... 3- ثم كان هناك أمر آخر يشغله، فقد كان يعلم أن الأسوار ضعيفة في منطقة الخليج حول القسطنطينية، ومع أن الروم يدركون ضعف الأسوار في جهة الخليج لكنهم كانوا مطمئنين بأنه لن تستطيع سفن المسلمين الوصول إليهم بسبب إغلاق مدخل الخليج بالسلسة المعدنية، ولكن الفاتح فتح الله عليه قد وصل إلى قرار بزحلقة السفن من خلال سطح التلة (غلطة) المقابلة للسور من جهة الخليج (القرن الذهبي)، فثبَّت أخشاباً على سطح التلة وصب عليها كميات هائلة من الزيوت والشحوم ثم زحلق السفن عليها واستطاع خلال ليلة واحدة أن ينزل إلى الخليج 70 سفينة، وكان الأمر مذهلاً للروم، فعندما أصبح الصباح ورأوا سفن المسلمين في الخليج امتلأت قلوبهم رعباً وكان النصر والفتح والحمد لله رب العالمين. أيها الإخوة، لقد أحببت أن أعيد عليكم شيئاً من فتح القسطنطينية لثلاثة أسباب: الأول استعادة للذكرى ليرى كل ذي عينين كيف هي عظمة الإسلام والمسلمين عندما يوضع إسلامهم موضع التطبيق، فلا تقوم حينها للكفر قائمة، بل يعلو الحق ويرتفع ارتفاعَ الأذان (الله أكبر)، وقد كان، فانحنت فارس وبيزنطة أمامه، وتلحق بهما قريباً إن شاء الله أخت بيزنطة روما مصداقاً للجزء الآخر من بشرى رسول الله r بفتح روما... وأما الثاني فلتطمئن قلوبكم بتحقيق بشارات رسول الله r الثلاث الأخريات كما تحققت البشرى الأولى، فقد بشرنا صلوات الله وسلامه عليه بفتح القسطنطينية وفتح روما وعودة الخلافة على منهاج النبوة وقتال يهود وهزيمتهم شر هزيمة... والرسول r لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وستتحقق بشارات الرسول r الثلاث الباقية بإذنه سبحانه، ولكنها لا تتحقق بنزول ملائكة من السماء تهديها لنا، بل إن سنة الله أن ننصر الله فينصرنا، فنقيم شرعه ونعليَ صرح دولته ونُعدّ ما نستطيع من قوة ثم نجاهد في سبيله، وعندها تشرق الأرض بالبشارات الثلاث الباقية وتشرق الأرض بالخلافة من جديد... وأما الثالث فإن الغرب الكافر وقد تمكن مع خونة العرب والترك من هدم الخلافة 1342هـ-1924م واعتبار هذا الهدم موازياً لفتح القسطنطينية، ومن ثم أعاد للغرب الكافر قوة فقدها، فقد أصبح همُّ الغرب أن يبذل الوسع في أن لا تعود الخلافة من جديد، حتى لا تضيع منه القوة التي أعادها، وخاصة وقد أصبح هو المستعمر لبلاد المسلمين، وكان يراقب الحركات في بلاد المسلمين، فلما أُعلن قيام حزب التحرير 1372هـ-1953م وتبين للغرب أن ركيزة عمل الحزب وقضيته المصيرية هي إعادة الخلافة من جديد، وأنه جاد مجد في عمله أمر الغرب عملاءه الحكام بمنع الحزب وملاحقته بالاعتقال والتعذيب حتى الاستشهاد في مناطق، ثم بالأحكام الطويلة وصلت حتى المؤبد في مناطق أخرى... ثم أضافوا أساليب الكذب والتزوير وتغيير الحقائق دون حياء أو خجل... وحتى يكون لهذه الافتراءات تأثير بظنهم جعلوا من الذين يقومون بها أشخاصاً يتسمَّون بأسماء المسلمين ويتزيَّون بزيهم، ثم سار معهم في هذه الافتراءات بعض التاركين والناكثين والمعاقبين من الذين كانوا في الحزب سابقاً... وهكذا اشترك في الافتراء والتزوير وتغيير الحقائق هذه الأصناف مجتمعة، وكل منهم له دور: الكفار والمنافقون والمرجفون ثم مجموعة معدودة من التاركين والمعاقبين والناكثين والذين في قلوبهم مرض، اشتركوا كلهم في هذا الكيد للحزب والافتراء عليه، وساروا في ذلك بخُطاً مسمومة يمتهنون الكذب في كل مراحلهم، كلما فشلوا في فرية جاءوا بفرية أخرى ونسي ممتهنو الكذب أو تناسوا أن شباب الحزب لهم من صفاء الذهن وسرعة البديهة وعمق الذكاء ما يجعلهم يميزون الخبيث من الطيب فلا يتركون كذباً يدخل فسطاطهم... وهكذا فرغم وسائل تزيين الافتراءات التي اتخذوها، ورغم صناعة التجميل لتزوير الحقائق التي أتعبوا أنفسهم في صناعتها، فإنها لم تجد لها أذنا صاغية عند شباب الحزب ولا عند أي عاقل من المسلمين، بل كانت ﴿كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً﴾، ومع كل مكر مكروه، وخبث جبلوه، وسوء صنعوه تجاه الحزب وقيادته ظنا منهم أنهم سيؤثرون في الحزب، فقد كان ظنهم يرديهم ومن ثم ينقلبون بإذن الله خائبين لا ينالون خيراً مهما تطاول كذبهم وكيدهم ومكرهم ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾، وسيجدون عاقبة ذلك عند الله مهما تكثَّف افتراؤهم ومكرهم: ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾. وفي الختام فإن مواقفكم القوية، أيها الإخوة، الثابتة على الحق، الناصعة القوية، أمام الحملات المتتالية على دعوة الحق لَتُذكِّرنا بمواقف الصحابة رضوان الله عليهم اقتداء بمواقف رسول الله e، الحكيمة العظيمة في مواجهة الشدائد... هكذا هي مواقفكم، مواقف صلبة ثابتة لا تضعف مع المحن ولا تهتز خلال الفتن، بل تشتد عزائمكم وتصدع بالحق حناجركم، تنظرون إلى الدنيا مرة وإلى الآخرة مرات، فهنيئاً للحزب بكم وهنيئا لكم بالحزب ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ*لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾. وخاتمة الختام فإني أضرع إلى الله سبحانه أن يتوالى تحقيق بشارات رسول الله r فتعود خلافة هذه الأمة، ومن ثم تحرر قدسها، وتفتح روما كما سبقتها أختها فكانت... مصداقاً لأحاديث رسول الله e... كما نسأله سبحانه أن يمدَّنا بعون من عنده فنحسنَ العمل ونتقنَه فنكونَ أهلاً لنصر الله العزيز الرحيم
﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الخميس، السابع من جمادى الأولى 1441هـ
الموافق 2020/1/2م
أخوكم
عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
وسائط http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/ameer-hizb/ameer-cmo-site/64887.html
"!المكتب المركزي: حملة "فتح القسطنطينية بشارة تحققت... تتبعها بشارات
http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=8111&pid=23550&st=0&#entry23550
#فتح_القسطنطينية
#القسطنطينية
#ConquestofIstanbul
#İstanbulunFethi
#istanbul
العراق بين مطرقة النظام وسندان فساد رموزه في ليلة الجمعة وقبل بدء التظاهرات ألقى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي خطاباً مسجلاً رفض فيه الاستقالة ووعد بتعديل وزاري وتجميد عمل مجالس المحافظات وتخفيض رواتب بعض المسؤولين في محاولة للتغطية على الفساد الذي ينخر بكل مفاصل الدولة. وفي فجر الجمعة 25/10/2019 انطلقت التظاهرات في بغداد واستطاع المتظاهرون دخول المنطقة الخضراء ثم انسحبوا منها، وعمت التظاهرات كافة المحافظات الجنوبية، وتصدت القوات الأمنية بقسوة شديدة أيضاً للمتظاهرين وأطلقت النار والغاز المسيل للدموع في مدن عدة مما أدى إلى قتل العشرات وجرح المئات، وقام المتظاهرون باقتحام مقرات الأحزاب وحرقها في مدن الجنوب، وأطلقت مليشيات مسلحة النار على المتظاهرين وقامت مركبات حكومية بدهس المتظاهرين في البصرة، وحدثت حالة من الفوضى في مدن الجنوب بسبب هروب منتسبي الشرطة واستيلاء المتظاهرين على عجلاتهم خاصة في مدينة البصرة، وأصيب أيضاً عدد من مراسلي القنوات الفضائية، واستمرت التظاهرات يوم السبت أيضاً وبقوة من بغداد مروراً بكل مدن الجنوب وإلى البصرة، ورغم حظر التجوال في كافة المحافظات الجنوبية إلا أن التظاهرات لم تتوقف وعبر المتظاهرون عن حقدهم من حكام البلاد بالهجوم على بعض منشآت الدولة مثل أبنية المحافظات ومقرات الأحزاب فقاموا بالسيطرة عليها وحرق بعضها. وأيضاً تصدت القوات الأمنية بقوة مفرطة حيث أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع والعيارات النارية في محاولة لتفريق التظاهرات وخاصة في ساحة التحرير في العاصمة بغداد. وأصدر الطلبة من خلال موقع التواصل الإلكتروني بيانات تحث طلبة المدارس والجامعات والأساتذة على مؤازرة المتظاهرين وذلك بإعلان العصيان وعدم الدوام لمدة أسبوع وذلك للضغط على الحكومة من أجل إجبارها على الاستقالة التي أصبحت مطلباً قوياً لدى المتظاهرين بعد أن كان مطلبهم يتلخص بتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل. وعبر المتظاهرون عن غضبهم من تغلغل النفوذ الإيراني في العراق فقاموا بحرق صور الخميني وخامنئي، وفي كربلاء احتلوا القنصلية الإيرانية. وتحركت بعض العشائر لمساندة المتظاهرين وهددت بحمل السلاح بوجه المليشيات مما ينذر بخطر حرب أهلية وخاصة في محافظة بابل. ومن جانبه فشل مجلس النواب في الانعقاد لعدم حضور غالبية أعضائه الذين يعتقد أنهم غادروا العراق هرباً من غضب المتظاهرين. واجتمع رئيس مجلس النواب بعدد من المتظاهرين في ساحة النسور ببغداد ووعد بتنفيذ مطالبهم. إن التظاهرات التي خرجت سواء في العراق أو غيرها من دول المنطقة هي نتيجة طبيعية لفشل حكام المنطقة في إدارة الدول التي يتسلطون عليها والتي نصبهم عليها أسيادهم في الدول الكبرى الاستعمارية لحراسة مصالحهم ورعايتها بدلاً من رعاية مصالح الناس الذين يحكمونهم، وإن فساد النظام الذي يطبق على الناس هو العامل الرئيسي لما نشاهده من ظلم وخراب في بلادنا، إضافة إلى تسلط شرذمة من المجرمين العملاء الذين جعلوا البلاد مقاطعات تحكمها مافيا مسلحة تعتقل وتقتل وتشرد كل من يقف في طريقها. ولا تزال هذه الفئة المجرمة متمسكة بالسلطة رغم مطالبة المتظاهرين بضرورة إسقاط الحكومة وتشكيل حكومة جديدة تستجيب لمطالبهم، ويظهر ذلك واضحاً من خلال رفض رئيس الوزراء الاستقالة ومن خلال بيانات أصدرتها بعض أحزاب السلطة مثل ائتلاف دولة القانون الذي يرأسه نوري المالكي والذي طالب بالضرب بيد من حديد كل من يهدد الأمن. وكذلك تهديد قيس الخزعلي وهادي العامري بالأخذ بالثأر لمقتل مدير مكتب العصائب في مدينة العمارة. ويبدو أن قادة الأحزاب والمليشيات المسلحة لم يعوا الدرس بعد، فبدلاً من البحث في أسباب اندلاع التظاهرات وإيجاد الحلول نراهم يهددون ويتوعدون ويعتقدون أن أمريكا التي جعلتهم حكاماً للعراق ستستمر بدعمهم، وينسون أن سيدهم الأمريكي سيلفظهم ويستبدل بهم آخرين إذا ما استمرت هذه التظاهرات ولم يتمكنوا من السيطرة عليها واحتوائها. وهؤلاء الحكام وأسيادهم واهمون، فإن الأمة قد لفظتهم وقالت كلمتها أن لا مكان لكم في هذه البلاد، وإذا تمكن هؤلاء اليوم من رقاب الأمة فإن الأمة لن تسكت ولن تقبل بالظلم وسيأتي اليوم الذي يحصل فيه التغيير الجذري الذي يقلع العملاء وخونة الأمة ليس من العراق فحسب ولكن من
كل بلاد المسلمين وما ذلك اليوم ببعيد. ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب سؤال
الصراع بين أمريكا وأوروبا في السودان
السؤال: يلاحظ تقاطر المسئولين الأوروبيين على السودان والتصريح بدعم حكومة حمدوك، فقد وصل في 2019/9/16 إلى الخرطوم وزير خارجية فرنسا والتقى حمدوك رئيس وزراء السودان وصرح بدعم السودان بمبلغ 60 مليون يورو وسيعمل من أجل إزالة السودان من قائمة الإرهاب، وكذلك وصل وزير خارجية ألمانيا وصرح بمثل هذا عن قائمة الإرهاب... فهل هذا التواصل والدعم هو لشد أزر الحرية والتغيير في مواجهة الجيش؟ أو لأمور أخرى؟ وكذلك فقد أعلن رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك في 2019/9/5 تشكيل أول حكومة منذ الإطاحة بالبشير في نيسان/أبريل (وستعمل الحكومة بموجب اتفاق لتقاسم السلطة مدته ثلاث سنين تم توقيعه الشهر الماضي بين الجيش والمدنيين... فرانس 24 في 5/9/2019)، فهل يتوقع استقرار اتفاق تقاسم السلطة أم يعود التوتر من جديد؟
الجواب: لكي يتضح الجواب نستعرض الأمور التالية: 1- لقد استطاعت قوى الحرية والتغيير بمساعدة بريطانيا وإعلامها وعملائها في المنطقة أن تخطف الثورة من الناس الذين ثاروا على الظلم والجوع والحرمان والفساد، وتسلقت هذه القوى على ظهورهم، ولم تضع أي حل جذري لمعالجة هذه الأوضاع، بل هي عرضت حلولاً من جنس الواقع الفاسد. فأصبحت المفاوضات تجري بين المجلس العسكري المؤيَّد من أمريكا وعملائها، وبين الحرية والتغيير المؤيَّدة أوروبياً، ثم كان الاتفاق بينهما على الوثيقة الدستورية في 2019/8/17... وهكذا ذهبت تضحيات الناس الثائرين هباءً منثوراً. فكان الاتفاق استمراراً للواقع الفاسد على الأسس الغربية العلمانية المعادية للإسلام وأحكامه! وقد تضمن الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير تشكيل مجلس سيادي من 11 عضوا مناصفة 5+5 بالإضافة إلى شخص مدني مستقل يتم الاتفاق عليه بين الطرفين، وذلك خلال فترة انتقالية 39 شهراً... كما نص الاتفاق على أن يتولى المجلس العسكري فترة الرئاسة الأولى لمدة 21 شهرا، وأن تتولى قوى الحرية والتغيير بعد ذلك لمدة 18 شهرا، ويعقب الفترة الانتقالية انتخابات عامة وتأسيس مجلس تشريعي. ونص الاتفاق على أن يكون اختيار وزيري الدفاع والداخلية من صلاحيات القسم العسكري في مجلس السيادة، أي أن هذا القسم سيحتفظ لنفسه بالهيمنة بواسطة الجيش والأمن والمخابرات بجانب ترؤسه للمجلس السيادي في الفترة الأولى... 2- وهكذا فإن صلاحيات الجيش في السلطة تشمل عناصر قوة، ففي المجلس خمسة من الجيش، ثم في مجلس الوزراء اثنان من الجيش (وزيرا الداخلية والدفاع)، وأحدهما وهو الجنرال جمال الدين عمر وزير الدفاع في الحكومة الانتقالية من أقدم ضباط القوات المسلحة الموجودين في الخدمة العسكرية في الوقت الحالي. وهو أي الجنرال جمال الدين عمر كان صديقاً مقرباً لوزير الدفاع السابق عوض بن عوف بحكم عملهما سوياً لفترة طويلة في هيئة الاستخبارات العسكرية، وزامله في الكلية الحربية عبد الفتاح البرهان، ومدير المخابرات العامة أبو بكر دمبلاب، وعمر زين العابدين... وكل هذا يعني أن النظام القديم سيكون حاضراً وبقوة في الفترة الانتقالية، وسيضع كثيراً من المعوقات والمتاريس أمام تحقيق أهداف الحكومة المدنية العميلة لأوروبا "بريطانيا"... وهكذا تبقى كفة عملاء أمريكا راجحة. 3- لقد تم تعيين عبد الله حمدوك الحائز على شهادة الماجستير والدكتوراة في علم الاقتصاد من جامعة مانشستر البريطانية والذي رشحته قوى الحرية والتغيير رئيساً للوزراء يوم 2019/8/20 وجُعل لمجلس الوزراء صلاحيات تنفيذية مؤثِّرة كذلك... ومن ثم قام وأعلن يوم 2019/9/5 عن تشكيل الحكومة التي من المفترض أن تقود المرحلة الانتقالية لمدة 39 شهرا. وهكذا يكون رئيس الوزراء من الموالين لبريطانيا وأوروبا، وسيقوم بالعمل في الاتجاه الأوروبي، عكس رئيس المجلس السيادي وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد بن حمدان دقلو ومن معهما من العساكر الموالين لأمريكا الذين سيقومون بالعمل في الاتجاه الأمريكي... 4- إن الحكم في السودان وفق الوثيقة الدستورية يكاد يكون مُشكَّلاً من فريقين بصلاحيات متفاوتة وبولاءات خارجية متصارعة وسينعكس هذا الأمر على عملهما في حل مشاكل الناس وسلامة عيشهم، وسيكون هَمّ كل منهما خدمة الاتجاه الذي يواليه، ومن ثم يتربص أحدهما بالآخر ليُقصيه بوسائل داخلية وخارجية... والمعروف عن إنشاء مثل هذه المجالس في السودان أنها لم تكن تُنشأ إلا مرتبطة بالفترات الانتقالية والأزمات... وذلك إلى أن يتمكن الجيش من ترتيب أوراق الدولة وحل المجلس وفرض رئيس للبلاد من ضباط الجيش... وهذا واضح منذ أول مجلس سيادة في 1955/12/26 الذي تسلَّم السلطة عند (استقلال) السودان في 1956/1/1، واستمرّ حتى 1958/11/17حيث انقلب الفريق إبراهيم عبود عليه... وإلى انقلاب النميري في 1969، ثم انقلاب عمر البشير يوم 30 حزيران/يونيو عام 1989... ثم إلى الإطاحة بالبشير وتشكيل المجلس السيادي... وكانت هذه المجالس دائماً مرتبطة بجولات الصراع بين أمريكا وبريطانيا، وكانت كل واحدة منهما تحرص على تشكيل الحكم وحدها فإذا لم تستطع هادنت الأخرى إلى أن تتمكن من إقصائها كما كان سابقاً عندما سكتت أمريكا عن رئاسة الصادق المهدي الموالي للإنجليز للوزارة، وذلك امتصاصاً لتحركات الناس الشعبية ثم لما تمكنت من ترتيب رجالها في الجيش جاءت بانقلاب البشير في 1989، ولما لم يستطع البشير ضبط التحركات الشعبية، أزاحته كما فعلت بأشياعه من قبل النميري ومبارك وغيرهم دون أن تعبأ بخدماتهم لها! وبعد البشير جاءت بالمجلس العسكري... والآن تتكرر اللعبة مرة أخرى في المجلس السيادي الحالي، فيضطر العسكر الموالون لأمريكا إلى الاتفاق مع عملاء الإنجليز في الحرية والتغيير، لامتصاص غضب الناس الذي استطاعت الحرية والتغيير ركوب موجته، فوافقوا على إشراك الحرية والتغيير في الحكم، ولكن هذه المرة ليست كالمرة السابقة، فإن الجيش لم يسلِّم الحكم كاملا كما فعل وقت الصادق المهدي، بل بقي على رأسه باسم المجلس السيادي، وأمسك ببعض المراكز الحساسة والمهمة في الحكومة، حتى وإن أُعطيت صلاحيات أخرى مؤثِّرة للحكومة. فالمجلس السيادي الذي يقود البلاد نصفه من الجيش ويقوده قائد الجيش البرهان لمدة 21 شهرا، ويتم اختيار وزيري الدفاع والداخلية من الجيش ليضمن الهيمنة من حيث السلطة العسكرية والأمنية. 5- أما المتوقع فإن أمريكا وبريطانيا لن تتعايشا معاً بهدوء، فمصالحهما مختلفة وأدواتهما المحلية تبع لهما، ولذلك فسيعمل كل من الطرفين لإجهاض تحركات الآخر! ومن متابعة الأحداث الجارية وتدبُّر متعلقاتها وتمحيص التصريحات خارجياً ومحلياً، وخاصة المسئولين الأمريكان والأوروبيين... فإنه يمكن ترجيح الوسائل التي سيستعملها كل من الطرفين لمضايقة خصمه والتمكن منه ثم إقصائه عن الحكم كما يلي: أما الفريق العسكري فسيعمد لمضايقة الحكومة في الجانب الاقتصادي، فمن الأسباب المهمة لتحرك الناس على البشير كانت سوء الوضع الاقتصادي، والحكومة الحالية وعدت الناس بتحسين الوضع الاقتصادي، فإذا فشلت في ذلك تحرك الناس من جديد وكانت فرصة للعسكر بإقصاء الحرية والتغيير أي إقصاء الدور الأوروبي عن السودان... وعوامل التحكم في الاقتصاد هي في يد أمريكا كما يلي: أ- صرح حمدوك في مؤتمر صحفي مع وزير خارجية ألمانيا: ("التحدي الاقتصادي للسودان هو تحد كبير... موضوع التضخم ومعالجة سعر الصرف للعملة الوطنية وإعادة الثقة للنظام المصرفي" وأضاف: "ما لم يتم التوصل لتفاهمات مع واشنطن حول رفع السودان من لائحة الإرهاب فستبقى هناك صعوبات"... الأناضول، رويترز 2019/9/3) وقال حمدوك: ("إن تطبيع علاقاتنا مع واشنطن هو أولى أولويتنا بعد زوال العوائق بزوال النظام السابق"... الأناضول 2019/9/8) ولذلك فإن الحكومة بحاجة لأمريكا في موضوع رفع العقوبات... ب- إن أمريكا بدأت بالتلويح بالتشدُّد في رفع العقوبات فبعد توقيع الوثيقة الدستورية التي اضطر عملاؤها لتوقيعها لتهدئة الشارع فقد أخذت أمريكا تتراجع عن دعم السودان، فأبلغ القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم المنتهية ولايته، أبلغ شخصيات سودانية رفيعة بأن مسألة رفع العقوبات عن السودان لن تُحسم قريباً لأن القرار بيد الكونغرس وليس إدارة ترامب وذلك بحسب صحيفة إيلاف الصادرة الأربعاء 2019/09/04، أي أن أمريكا تشدَّدت لتستعمل العقوبات ورقة ضغط على حكومة حمدوك مع أن أمريكا كانت وعدت برهان في البداية بقرب رفع العقوبات، فقد صرح البرهان حينذاك ("هناك إجراءات مستمرة حول ملف العقوبات منذ النظام السابق، وقد ابتعثنا قانونيين لبحث هذا الأمر مع الإدارة الأمريكية، وهي قد وعدت بإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد استكمال العملية السلمية ونرى أن الوقت أصبح مناسباً" وقال "ربما يتم التوقيع على الاتفاق نهاية هذا الأسبوع بعد الانتهاء من صياغة وثيقة هياكل الحكم الانتقالية... الشرق الأوسط 2019/7/7) وأشار القائم بأعمال السفارة الأمريكية في الخرطوم ستيفن كوتيسيس يوم 2019/7/7 إلى أن (مسألة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب أصبحت وشيكة... الخليج أونلاين في 2019/7/7). ج- لا يمكن لمؤسسات النقد الدولي (صندوق النقد والبنك الدوليين) أن تُقدم القروض للسودان إلا بإذن أمريكا وهذه وسيلة ضغط أخرى بيد أمريكا ومن ثم بيد فريقها في الداخل... وكذلك فلأن اسم السودان ما زال مدرجاً على قوائم الإرهاب الأمريكية، فهذا يحرمه من استخدام نظام التحويلات الدولية الأمريكي... وهو من أكبر معوقات تجارة السودان الدولية، حيث لا تنفصل معاملاتها عن الدولار. أما أوروبا "ومن ثم الحرية والتغيير" فالمتوقع أنها ستسير على خطين: الأول الاستعانة بأوروبا في معالجة "موضوع العقوبات ومماطلة أمريكا في رفع العقوبات"، ومن ثم الضغط الاقتصادي نتيجة ذلك... والثاني مضايقة الجيش والقوات الأمنية في مخصصات الميزانية المالية... - فالأول: إن أوروبا "ومن ثم الحرية والتغيير" تدرك التأثير الكبير للعقوبات على اقتصاد السودان، وتدرك كذلك أن أمريكا ستماطل في ذلك للضغط، ولذلك هي تعمل على دعم الحكومة السودانية في الأمم المتحدة وبالدعم المالي... فاستعدت ألمانيا لمساعدتها فقال وزير خارجيتها هايكو ماس إن ("بلاده ستتطرق إلى موضوع رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي ستعقد الشهر الجاري"... الأناضول 2019/9/8) وقام وزير خارجية فرنسا (لودريان) بزيارة الخرطوم يوم 2019/9/16، والتقى مع رئيسها عبد الله حمدوك، وصرح قائلا: ("قلت لرئيس الوزراء سنعمل مع شركائنا الأوروبيين من أجل إزالة السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب" وقال "إن فرنسا ستقدم الدعم للسودان بمبلغ قيمته 60 مليون يورو. يتم دفع 15 مليون يورو فوراً للتحويل في هذه الفترة"... صفحة راكوبة السودانية 2019/9/16) ويتضح من كل ذلك الدعم للحرية والتغيير وحكومة حمدوك. - والثاني فيشمل أمرين: تخفيض مخصصات ميزانية الجيش، وإصلاح الأجهزة الأمنية، وتصريحات حمدوك تدل على ذلك بشكل واضح: - فبالنسبة للميزانية فقد دعا حمدوك إلى (خفض الإنفاق العسكري بشكل حاد... وأضاف "إن الإنفاق العسكري يستهلك ما يصل إلى 80٪ من ميزانية الدولة"... عربي بوست 2019/8/26)، ويتذرع حمدوك بأن توقيع اتفاقيات سلام مع الحركات المسلحة المنتشرة في البلاد يجب أن يؤدي إلى تحقيق "عائد من السلام"، أي رفع الكثير من النفقات العسكرية عن كاهل الميزانية السودانية للجيش والأمن. - وأما بالنسبة لإصلاح الأجهزة الأمنية، فإن البُنية الحالية لأجهزة الأمن والجيش في السودان، خاصة وضع قوات الدعم السريع، هي من تصميم نظام البشير، وقد أذاقت السودانيين المنتفضين الويلات... وهكذا فقد توفر المبرر لـ"قوى الحرية والتغيير" للمطالبة بإعادة هيكلة هذه الأجهزة بما يضمن رقابة الدولة عليها وإخضاعها للقانون، (وكشف حمدوك أن قوات الدعم السريع ستُدمج في الأجهزة الأمنية ضمن عملية إعادة هيكلتها، وسيتم تأسيس جيش وطني للبلاد. وأضاف أن حكومته عازمة على إعادة هيكلة الجهاز الأمني، ويدخل في ذلك الدعم السريع وجيوش الحركات المسلحة كلها، وذلك من أجل بناء جيش وطني قوي. الجزيرة نت 2019/9/11). 6- ويبدو أن حظوظ محاولات أوروبا المبذولة لدعم الحرية والتغيير هي أقل نجاحاً من محاولات أمريكا وأتباعها المضادة وذلك لما يلي: - بالنسبة للدعم الأوروبي فهو لا يحل المشكلة، فإذا لم تَرفع أمريكا اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب فإنها سوف تعاني الصعوبات كما ذكر رئيس الحكومة نفسه حيث تعتمد على المساعدات الخارجية أي على القروض الربوية التي تنهش من جسم البلاد وعلى المستثمرين، ولا تستطيع أن تحدث انقلاباً صناعياً ولا أن تطور مصادرها الاقتصادية، حيث إنها من جنس الواقع الفاسد وبعيدة عن المبدئية وعن دين الأمة الحنيف الذي ينبثق منه نظام يعالج مشاكل الحياة كلها، ومنه النظام الاقتصادي الإسلامي، وينهض بالبلاد. والناحية الاقتصادية كانت من أهم أسباب الانتفاضة على حكم البشير إذ يعاني الكثير من الناس الفقر والحرمان والبطالة وغلاء الأسعار. - أما بالنسبة لتخفيض الميزانية للجيش، فقد درج الجيش عبر عقود على نيل حصة الأسد من ميزانية السودان، والمتوقع أنه سيقاوم التخفيض بقوة بأساليب مختلفة تبرر له الاحتفاظ بالقدر الأكبر من النفقات... ثم إن الفساد المالي لا يخلو منه الطرفان، فكيف لأي منهما أن يُعالجه؟! فالفساد المالي لا يعالجه إلا رجال يخشون الله ويحكمون بالإسلام في كل أحكامه وليس في ظل الأحكام الوضعية. - وأما الأجهزة الأمنية فإن أمريكا تركز على شخص محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع، والذي صار يكثر من تصريحاته الإعلامية وزياراته الخارجية لمصر والسعودية خاصة، فيبدو وكأنه خيار أمريكا الأول لمستقبل السودان، فإن "حميدتي" وهو نائب رئيس مجلس السيادة سيبدي مقاومة عنيدة لأي تغيير يطال قوات الدعم السريع التي تتمتع وفق بعض المصادر بما يقارب 25% من ميزانية الجيش، لذلك فإن جهود حكومة حمدوك لإعادة هيكلة قوى الأمن في السودان تصطدم مباشرةً برجل أمريكا القوي في السودان حميدتي! 7- وعليه فليس من المتوقع استقرار الوضع السياسي أو الاقتصادي في السودان خلال المرحلة الانتقالية: - أما عدم الاستقرار السياسي فلا يكون في أي بلد ما دام فيه صراع دولي سلاحه أدواته المحلية، وهذا ماثل للعيان من تحركات المبعوثين الدوليين وسفرائهم في السودان، ومن تصريحاتهم القولية وتصرفاتهم الفعلية ولقاءاتهم مع المسئولين المحليين كما بيناه أعلاه، فالاستقرار ينعدم والحال هذه، ولا يستبعد أن يترتب على عدم الاستقرار انقلاب عسكري خلال المرحلة الانتقالية بدعم من أمريكا، إلا إذا أدرك أهل السودان هذا الواقع ونصروا الله باجتثاث الكفار المستعمرين من جذورهم أنى كانوا، هم وأعوانهم... ثم أقاموا حكم الإسلام، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ومن ثم يعزون ويستقرون آمنين في ديارهم ويعودون كما أراد الله لهم أن يكونوا ﴿خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾. - وأما عدم الاستقرار الاقتصادي، فهو نتيجة حتمية للتدخل الاستعماري في البلاد، فإنك لا تجني من الشوك العنب! وشواهد ذلك تنطق به، فجنوب السودان فصل وضاعت الثروة النفطية بأمر أمريكا للحاكم الذي خان الأمة في ذلك، والسودان بعد أن كانت توصف بسلة غذاء أفريقيا أصبح أهلها في فقر مدقع لأن الاعتماد صار على القروض الربوية، وتُركت الأرض دون مساعدة المزارعين وتسويق مزروعاتهم فتركوها، والثروة المعدنية تُركت لاستثمار الأجنبي وهكذا... ثم وهو الأهم أُقصي الإسلام عن الحكم وتُرك النظام الاقتصادي في الإسلام الذي شرعه الله وطُبِّق النظام الوضعي الفاسد، فكيف إذن يكون استقرار اقتصادي؟ بل الذي يكون هو ضنك العيش، وصدق الله العزيز الحكيم في آياته المحكمات:
﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً﴾.
الرابع والعشرون من محرم الحرام 1441هـ 2019/09/23م
http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/ameer/political-questions/62880.html
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب سؤال ما وراء زيارة نتنياهو الغريبة والطارئة للندن
السؤال: زار نتنياهو موسكو في 2019/9/12 في فترة انتخابية حرجة تسبق انتخابات كيان يهود بأقل من أسبوعين، وكان قبل ذلك في 2019/9/5 قد قام بزيارة خاطفة لبريطانيا واجتمع خلالها مع رئيس الوزراء البريطاني المثقل بهموم "بريكست" وكان هذا في فترة مُني فيها جونسون بهزائم متتالية في البرلمان البريطاني بخصوص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق... وواضح من هذه الزيارات كأن نتنياهو في عجلة من أمره! فماذا وراء هذه الزيارات التي تبدو وكأنها غريبة وطارئة؟ وهل هي لدواع انتخابية أو لأغراض أخرى مختلفة؟ الجواب: إن الظروف التي حدثت فيها الزيارات تدل على أن الغرض ليس انتخابياً وإن كانت الجولات الدولية تفيد نتنياهو انتخابياً لكن ليست هي الغرض المقصود وفق الظروف الدولية والإقليمية للزيارة، وحتى تكون الصورة واضحة فإننا نستعرض ما يلي بإجمال: أولاً: إن وصف هذه الزيارات بأنها غريبة وطارئة وخاصة زيارته إلى لندن هو وصف دقيق، فرئيس وزراء كيان يهود يلتقي برئيس وزراء بريطانيا جونسون الذي تحيط به دوائر من النكسات البرلمانية بخصوص تنفيذ وعوده بإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 2019/10/31 باتفاق أو بدونه، وهو غير قادر على التركيز في قضايا دولية خارج "بريكست"، فبعض البرلمانيين من أعضاء حزبه يتمردون عليه، والبرلمان يصوت على وجوب الاتفاق مع بروكسل، ويطالبه بتأجيل الموعد ثلاثة شهور أخرى، ومجلس اللوردات البريطاني يصادق على قرارات البرلمان السريعة، وهناك دعوات له للاستقالة... فزيارته في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها بريطانيا فعلاً غريبة وطارئة ولولا أن هناك أمراً مهماً وملحّاً لما كانت... والذي زاد من غموض هذه الزيارة الطارئة أمر آخر، هو لقاؤه بالمسؤولين الأمريكان في لندن، فقد كانت زيارة نائب الرئيس الأمريكي بنس مقررة لبريطانيا منذ إعلان البيت الأبيض عنها في 2019/8/14 من أجل بحث المسائل المتعلقة بمستقبل العلاقات الأمريكية البريطانية بعد "بريكست" ومناقشة "تهديد النفوذ الصيني" عبر شبكات اتصالات 5G التي تعتزم شركة "هواوي" الصينية بناءها في بريطانيا، ولم يكن مقرراً وقتها أن يرافق وزير الدفاع الأمريكي نائب الرئيس في زيارته، ولم يكن مقرراً أيضاً لقاء مسؤولين من كيان يهود في بريطانيا، كل هذا بحسب ما أوردته صحيفة الوطن في 2019/8/14 في البيان الصادر عن البيت الأبيض... وقد التقى نتنياهو بوزيري الدفاع الأمريكي والبريطاني كما نقلت ذلك بي بي سي في 2019/9/6... وعلى الرغم من نشر أخبار اجتماع نتنياهو مع وزير الدفاع الأمريكي إلا أن اجتماعه مع نائب الرئيس لم يذكره أي مصدر مع أنهما موجودان معاً في لندن ما يدل على عقدها سراً! ويبدو أن اجتماعات نائب الرئيس كانت سرية لتحذير الطرفين من أي تخطيط خارج السياسة الأمريكية! ثانياً: ثم إن هذه الزيارات المفاجئة جاءت في ظل أحداث متشابكة ذات علاقة: 1- تخلت أمريكا عن أي حماية لسفن الدول الأخرى، فقد أعرب الرئيس الأمريكي ترامب (عن استيائه مما سماه "حماية الولايات المتحدة للمسارات البحرية دون مقابل لسنوات" في مضيق هرمز، مطالباً دول العالم وعلى رأسها الصين واليابان بـ"حماية سفنها بنفسها". TRT عربي 2019/7/29) وكذلك قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو إنه يتعين على بريطانيا ("تحمل مسؤولية حماية سفنها بنفسها"... وكالة الأناضول 2019/7/22)، وهذا يعني تخفيف الضغط الأمريكي على إيران في احتجاز السفن الأخرى. 2- على الرغم من الضبابية التي تلف السياسة البريطانية منذ تصويت شعبها على "بريكست" سنة 2016 والشكوك العريضة حول تنفيذه، إلا أن الساسة في بريطانيا يجربون بين الفينة والأخرى سياسات يظهر عليها الانعتاق من قيود الاتحاد الأوروبي، وتظهر فيها الإرادة الإنجليزية المنفردة، ومن ذلك أن الإنجليز قد استغلوا توتير أمريكا لعلاقاتها مع إيران وانسحابها من الاتفاق النووي وموجة تفجيرات السفن في الخليج، فقامت بريطانيا وبشكل مخالف لتوجهات الاتحاد الأوروبي باحتجاز ناقلة نفط إيرانية في جبل طارق في 2019/7/4، أي أن بريطانيا وفي الوقت الذي تحاول فيه الدول الأوروبية تلطيف الأجواء مع إيران وإظهار عدم انجرارها خلف السياسة الأمريكية المتنصلة من الاتفاق النووي ومحاولاتها إيجاد آلية أوروبية للتبادل التجاري والمالي مع إيران، في هذه الظروف خالفت بريطانيا هذا التوجه وقامت بتوتير الأجواء مع إيران. والراجح أن بريطانيا كانت تدفع بأمريكا إلى هاوية الحرب مع إيران، وخاصة بعد أن ازدادت الأزمة البريطانية عمقاً مع إيران بعد أن أفرجت بريطانيا في 2019/8/15 عن ناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" المحتجزة بعد ضمانات إيرانية بأن السفينة لن تتجه إلى سوريا الخاضعة لعقوبات من الاتحاد الأوروبي. وبعد موجة طويلة من التمويه إلى اليونان، ثم إلى تركيا، وصلت الناقلة الإيرانية التي صار اسمها "أدريان داريا-1" إلى سوريا بحسب ما نقلته آر تي 2019/9/6 عن موقع "ميدل إيست إي" في لندن. وبتوجه الناقلة الإيرانية إلى سوريا مخالفةً ضمانات إيران لبريطانيا فإن بريطانيا تكون قد تلقت صفعة على وجهها. وحتى اللحظة لا تزال إيران تحتجز ناقلة النفط البريطانية "ستيلو أمبيرو" ولا تفرج عنها! وهذه صفعة ثانية تتلقاها بريطانيا. وكذلك تعرضت سفينة "إتش إم إس مونتروز" التابعة للبحرية البريطانية لكثير من المناوشات من جانب الحرس الثوري الإيراني فبحسب ويل كينج، قائد السفينة الحربية، ("فإن السفينة تعرضت بشكل شبه يومي لمضايقات من الحرس الإيراني في مياه الخليج"... إندبندنت عربي 2019/9/3). 3- قصف كيان يهود لأهداف إيرانية وبخاصة في سوريا والعراق: أ- اعتاد كيان يهود خلال سنوات الثورة السورية قصف أهداف إيرانية داخل سوريا، دون أن يلقى رداً من محور المقاومة، وقد زاد كيان يهود من هجماته تلك واستهدف قيادات لحزب إيران اللبناني في سوريا، وكانت إيران تنفي أن تلك الهجمات داخل سوريا قد استهدفتها، وكأن قتل كيان يهود لسوريين أو من أفراد حزبها في لبنان لا يهمها، فالمهم أنها تنكر سقوط ضحايا إيرانيين بشكل مباشر، وأخيراً أعلن كيان يهود عن استهداف كبير لإيران داخل سوريا (قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن طائرات إسرائيلية قصفت اليوم السبت "24 آب/أغسطس 2019" قوات إيرانية قرب دمشق كانت تخطط لإطلاق طائرات مسيرة نحو أهداف في إسرائيل. وتابع الجيش في بيان "الضربة استهدفت قوة فيلق القدس وميليشيات شيعية تخطط لتعزيز خطط لشن هجمات تستهدف مواقع في إسرائيل انطلاقا من داخل سوريا خلال الأيام الأخيرة". وقال متحدث عسكري للصحفيين إن القوات كانت تعد لإطلاق "طائرات مسيرة قاتلة" على إسرائيل. موقع دويتشه فيليه الألماني 2019/8/24). وقد مثل هذا تحرشاً عسكرياً مباشراً وعلنياً لكيان يهود بإيران وتحدياً لها ما فتح الباب على مصراعيه لاحتمال نشوب حرب بينهما إن ردت إيران، وعلى الرغم من سقوط قتلى إيرانيين خلال هجمات كيان يهود (أكد المرصد السوري، الأحد، سقوط قتيلين من حزب الله وثالث إيراني في الغارة الإسرائيلية قرب دمشق. العربية نت 2019/8/25)، ولكن لأن أمريكا لا تريد لإيران أن تنخرط في حرب مع كيان يهود يمكن أن تجر أمريكا إلى أتونها فقد نفت إيران سقوط قتلى إيرانيين في الغارة... ب- أما في العراق فمنذ بداية آب 2019 أخذ كيان يهود يستهدف مخازن سلاح للإيرانيين وخبراء إيرانيين داخل معسكرات الحشد الشعبي، وهذا تصعيد كبير يقوم به كيان يهود ضد إيران، مثل الهجوم على قاعدة "صقر" التابعة للحشد الشعبي العراقي جنوبي بغداد في 2019/8/12 وهو الهجوم الثالث خلال أسابيع، وقصف معسكر "الشهداء" في صلاح الدين، وهو الآخر تابع للحشد الشعبي، وكان كيان يهود يستهدف بشكل مباشر مخازن أسلحة إيرانية وخبراء إيرانيين (ونقلت "فرانس برس" عن ضابط في شرطة صلاح الدين قوله، بعد تفقد موقع القصف، إن القتيل من الحشد العشائري، أما الجريحان فهما "مهندسان عسكريان إيرانيان" كانا في المعسكر. عرب 48، 2019/8/12)، ثم الهجوم في 2019/8/25 بالقرب من مدينة القائم العراقية على معسكر آخر وعربات متنقلة، ولتلطيف الأجواء كان العراق يعلن عن أعداد قليلة من الضحايا، ولا تعلن إيران عن ضحاياها، ولكن بات واضحاً وبشكلٍ علني بأن كيان يهود قد أخذ يتحدى إيران ووجودها المباشر في العراق إضافة الى سوريا. ثالثاً: وبتدبر الأمور السابقة نخلص إلى ما يلي: 1- إن بريطانيا وقد أهينت من إيران بالتحرشات بسفنها في الخليج واستمرار احتجاز سفينتها، كل ذلك يدفعها لإشعال حرب ضد ايران تُورِّط أمريكا فيها وبطبيعة الحال تشترك بريطانيا فيها لتنتقم لنفسها من إيران ولهذا فهي حريصة على عدم تخفيف اللهجة العنيفة ضد إيران ولذلك رفضت اللهجة الأمريكية المتفائلة في تصريح وزير الدفاع الأمريكي (وقال إسبر - وزير الدفاع الأمريكي - في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن "يبدو على نحو ما أن إيران تقترب ببطء من وضع يمكننا خلاله إجراء محادثات ونأمل أن يمضي الأمر على هذا المنوال". ولدى سؤاله في مؤتمر صحفي في وقت لاحق عما تستند إليه تلك التصريحات، قال إسبر إنها "في ضوء بعض التعليقات التي أدلى بها الإيرانيون بعد قمة مجموعة الدول السبع" الصناعية الكبرى. رويترز 2019/9/6)، فرفضت بريطانيا هذه اللهجة حتى وإن كان رفضاً مبطناً، (قال وزير الدفاع البريطاني يوم الجمعة، خلال مؤتمر صحفي مع إسبر، إن بريطانيا ستقدم العون للولايات المتحدة دائما على مسار المحادثات مع إيران إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق، لكنه شدد على ضرورة الحكم على إيران من خلال الأفعال لا الأقوال. رويترز 2019/9/6). وهكذا فإن بريطانيا قد أصبحت في قلب الأزمة الساخنة ذات العلاقة بإيران وبناء عليه فإن بريطانيا لديها عوامل تدفعها لإشعال حرب ضد إيران وهي تتلاقى مع دولة يهود في هذا الهدف... حتى إن هجمات كيان يهود قد اشتدت في سوريا 8/24، والعراق ولبنان 8/25، بعد استيلاء إيران على ناقلة النفط البريطانية في الخليج في 2019/7/22، وبما يشبه التناغم مع بريطانيا، فلذلك من غير العسير القول بأن بريطانيا باتت تدفع كيان يهود للحرب مع إيران وأذرعها في المنطقة وأنها تجند له من الطاقات ما يغريه بخوض هذه الحرب. 2- إن دولة يهود تخشى قوة إيران فعلاً وهي تريد إشعال حرب ضدها تورط أمريكا فيها ولكنها لاحظت لين أمريكا تجاه إيران وأنها لا تريد حربها، بل هي أشبه بأعمال سياسية مغلفة بتهديدات عسكرية وتوتير للأجواء في الخليج لغرضين: لإزعاج أوروبا بإخافتها على سفنها ثم إهانتها عن طريق إيران، وبخاصة بريطانيا لتسير مع أمريكا في سياستها... ثم لابتزاز دول الخليج مالياً بحجة حمايتها من خطر إيران! وليس توتير الأجواء في الخليج مقصوداً منه حرب أمريكا لإيران، بل إن تصرفات أمريكا تجاه إيران تؤكد ذلك فقد أسقطت إيران في 2019/6/20 الطائرة المسيرة الأمريكية وعالجت أمريكا الموضوع بهدوء، ثم تصريحاتها المتكررة حول عدم الحرب مع إيران وعدم إسقاط النظام... وفوق ذلك فعندما تشتد الأزمة تصرح بالتفاوض مع إيران! كما جاء في تصريح وزير الدفاع الأمريكي المذكور آنفاً (وقال إسبر - وزير الدفاع الأمريكي - في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن "يبدو على نحو ما أن إيران تقترب ببطء من وضع يمكننا خلاله إجراء محادثات ونأمل أن يمضي الأمر على هذا المنوال"... رويترز 2019/9/6)، بل اتضح هذا أكثر بعد أن تناقلت وسائل الإعلام توقع اجتماع بين ترامب وروحاني على هامش اجتماع الجمعية العمومية في نيويورك حول العقوبات والعلاقات حتى إن بعض الصحف سمتها صفقة! (احتمال صفقة أمريكية-إيرانية يفرض على نتانياهو زيارة موسكو... وأشارت المصادر إلى أن نتنياهو قلق من وقوع صفقة إيرانية – أمريكية تؤمّن لـ "الجمهورية الإسلامية" متابعة برنامجها النووي، وترفع العقوبات الأمريكية المفروضة عليها. وقالت إن أكثر ما يُقلق رئيس الوزراء الإسرائيلي مستقبل الوجود الإيراني في سوريا على ضوء هذه الصفقة... العرب: 2019/09/09م). وهذا ما جعل نتنياهو يزور أيضاً سوتشي لمعرفة الموقف الروسي إذا نشبت مواجهة وخاصة أن لروسيا اتفاقات مع إيران: (قال نتنياهو قبيل مغادرته الى منتجع سوتشي للقاء بوتين قال: هذه رحلة مهمة جداً وفي هذا الوقت، نعمل في عدد من الساحات، على نطاق 360 درجة، لضمان أمن إسرائيل، وضد محاولات إيران لمهاجمتنا، ونحن نعمل ضدهم... الشرق الأوسط 2019/9/12). 3- أدركت أمريكا خطورة السياسة البريطانية بدفع كيان يهود للحرب ضد إيران وأذرعها في المنطقة، فهذه الحرب لا يقتصر ضررها على إيران وأذرعها بل سيصيب كيان يهود ولا يمكن لأمريكا أن تبقى فيها متفرجة وكيان يهود يخوض حرباً... ومن ثم أخذت أمريكا ذلك مأخذ الجد فور أحداث 8/25 في لبنان والعراق وقبلها بيوم في سوريا، والظاهر أن أمريكا صارت تعمل لإفشال تلك المحاولات، فلما علمت أمريكا بزيارة رئيس وزراء الكيان لبريطانيا التي غلب عليها طابع التخطيط العسكري فقد (صاحب نتنياهو كل من رئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شابات وقائد سلاح البحرية عميكام نوركين ورئيس قسم العمليات في جيش الدفاع الميجر جنرال اهرون حليوا). والتخطيط العسكري مع بريطانيا يعني استخدام كيان يهود لمرافق القواعد العسكرية الإنجليزية "أكروتيري" و"ديكليا" في قبرص أو مشاركة الطائرات والبحرية البريطانية في القاعدتين في الحرب بشكلٍ خفي، وهذا غير مستبعد على الإطلاق في ظل الصفعات التي توجهها إيران لبريطانيا كما ذكرناها آنفاً... لما علمت أمريكا ذلك قامت بإفشال هذه الزيارة، وذلك عن طريق إرسال وزير دفاعها إلى لندن للاجتماع مع نتنياهو ودراسة الحاجات الأمنية لكيان يهود، والموافقة على الاستماع لهواجسه الأمنية بخصوص إيران، وذلك لتطمين كيان يهود بحفظ أمن الكيان والدفاع عنه أمام أي تهديدات، ولكن في المحصلة ثنيه عن شن الحرب، وعن التنسيق مع بريطانيا. رابعاً: وعليه فإن الأرجح أن الغرض الأساس من زيارة نتنياهو إلى بريطانيا كان لتدارس خطوات تصعيد المجابهة العسكرية ضد إيران بشكل لا يترك مجالاً لأمريكا إلا أن تشترك فيها... والمتوقع أن تستمر بريطانيا على نهجها في إغراء كيان يهود بالحرب وإسناده عسكرياً باستعمال القواعد البريطانية في قبرص أو نحو ذلك، وتقديم ما يلزم من تسهيلات في البلدان التي تسيطر عليها كالأردن والإمارات خاصة... وفي المقابل تستمر أمريكا في دفع إيران وأذرعها إلى الردّ الخفيف دون الوصول إلى رد قوي وهذا ديدن محور الممانعة منذ عقود "الرد في المكان والزمان المناسبين" أو بردّ لحفظ ماء الوجه دون أثر فاعل... هذا بالإضافة إلى قيام أمريكا بالعمل داخل كيان يهود لمنع الحرب عبر النفوذ الأمريكي داخل جيش الكيان، والحال كما كانت سنة 2012 وفق مصادر يهودية بأن كيان يهود يتجسس على إيران لضربها، وأمريكا تتجسس على كيان يهود لمعرفة خططه ضد إيران ومنعها، وهي المعادلة نفسها اليوم. وإذا كان يمكن ترجيح كفة أمريكا بمنع الحرب ضد كفة بريطانيا بإشعالها، إلا أن الوضع يبقى على شفا التفجير بين كيان يهود بإغراء من بريطانيا وأدواتها ودعمها من جهة وبين إيران وأذرعها من جهة أخرى، وبإيقاع أمريكي نحو الجهتين إلى أن يستقر الأمر في كفة واحدة من تلك الجهات! أما الغرض من زيارة روسيا فهو مختلف عن الغرض من زيارة بريطانيا، فالزيارة الأولى كانت لتنسيق الجهود بين نتنياهو وبريطانيا حول التحريك الساخن للأحداث لمواجهة إيران وإحراج أمريكا للاشتراك فيها... وأما زيارة روسيا فهي لمعرفة موقف روسيا من وجود إيران وصواريخها في سوريا، وفيما إذا كان لروسيا استعمال ضغوط "ناعمة" لانسحاب إيران من سوريا أو على الأقل لتبتعد عن فلسطين المحتلة مسافة كافية لإبعاد تأثير الصواريخ الباليستية عن إلحاق الضرر بكيان يهود... وليس لتنسيق المواجهة مع إيران فروسيا تربطها اتفاقات معها، فلا يُتوقع تنسيق مواجهة ضدّ إيران بين روسيا ودولة يهود. خامساً: وأخيراً فإن الحكام الرويبضات في بلاد المسلمين يسمحون للكفار المستعمرين بل دون سماح ولا إذن! فيتدخلون في قضايا المسلمين ويضعون الحلول ويرسمون الخطط لتحقيق مصالحهم وقتل مصالح المسلمين... وأما المسلمون أصحاب البلاد فإذا قامت جماعة أو حزب من بينهم يدعو إلى الحق ويبين الحل الشرعي الصحيح لقضايانا باستئناف الحياة الاسلامية وإقامة الخلافة عُدَّ مخالفاً للقانون وحوكم وعُذِّب وسُجِن...إلخ. أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس؟! ولكن سيجيء الحق بإذن الله ويزهق الباطل، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ https://www.facebook.com/AmeerhtAtabinKhalil/photos/a.122855544578192/1139682409562162/?type=3&theater http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/ameer/political-questions/62679.html
المزيد من المقالات...
الصفحة 52 من 74