يوم في حياة إمرأة مسلمة

انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

بقلم: أم حنين

كإمرأة مسلمة تعيش في بلد جلّ اهله مسلمون، كان طبيعيا أن اعطي الإسلام والتدين حيزا كبيرا من إهتماماتي، وخصوصا أن أهلي ربياني على حب الإسلام وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويتمثل ذلك الحب في البحث عن الفتاوى التي تخصني كإمرأة.. أحكام الحيض والنفاس والصوم والزي الشرعي وطاعة الزوج والإبتعاد عن الغيبة والنميمة. وغير ذلك تنصب إهتماماتي في البحث عن وصفات للطبخ، وتكون هذه " الإنجازات " هي محور أحاديثي انا وصديقاتي في ايامنا العادية، بالإضافة إلى أحاديث الموضة واحدث ربطات الخمار والحجاب.

والأن وفي هذه الايام ونحن نعيش الاجواء الرمضانية، لا بد من تكثيف العبادات لنعيش هذه الأجواء الإيمانية الرائعة. وطبعا لقد تعرفت على أحكام الصيام الكثيرة المتعلقة بالمرأة،، الرضاعة والحمل والولادة.. والحمدلله فأنا اقوم الليل واتلو القرآن واختمه مع صديقاتي في جلسات خاصة لقراءة دعاء الختمة معا،، وكما نعمل على تحضير إفطارات جماعية للمحتاجين من المسلمين. فرمضان هو شهر الصدقات والأكلات الشهية والتزود من العبادات من صلاة وصيام وتلاوة قرآن وقيام ليل. وللمرأة المسلمة دور كبير في تحقيق ذلك.

وكعادتي اجلس لمتابعة القنوات الفضائية فمنهم اتعلم الكثير من الإتكيت واخذ منهم أراء حديثة وعصرية في تنسيق وتهذيب اسلوب حياتي فهن قد تعرفن على العادات الامريكية والأوروبية الراقية التي نفتقدها نحن كبلاد عربية متخلفة عنهم في النظام و في التكنولوجيا بكل أنواعها. فالغرب بلاد الحرية والمال والتقدم.

وفي أوقات فراغي في رمضان المبارك اشاهد الكثير من مسلسلات رمضان المسلية مع أن بعضها يضايقني من شدة الإنحلال الذي تبثه الشاشات في شهر الخير ولكن ما باليد حيلة فالمهم أني استغفر الله تعالى ولا اتحمل ذنب هؤلاء. وطالما اتبع جدول المرأة المسلمة في رمضان من اذكار وصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم،، فأنا بخير إن شاءالله.. وما هي إلا ساعات نقضيها للترويح عن أنفسنا والتسلية مع الأسرة وللراحة من عناء الصيام والطبخ ومد الموائد الشهية،، والعناية بأطفالي طوال اليوم،، وبعد الراحة ومشاهدة التلفاز عادة ما اقوم بزيارات كثيرة للأهل والأحباب وذلك صلة للرحم في هذا لشهر المبارك. وهكذا كما في الايام العادية، تتكرر هذه الأنشطة في أيام الصيام وبدون تغيير يُذكر.

وأخيرا، نسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة والعتق من النيران.

++++++++++++++++++++++++++++

لكن،،

ما هو الخطأ في حياة هذه المرأة المسلمة ؟

ما قدمناه لكن أخواتي هو نموذج ليوم في حياة المرأة المسلمة إن كان في شهر رمضان المبارك أو كان في الشهور العادية. وهو نموذج خاص بها إن كانت تعمل أو تدرس أو كانت أم وربة منزل، فهذا النموذج هو الطاغي على الشريحة النسائية مع إختلافات بسيطة. ولأن هذا الموضوع خاص برمضان فكرت أن نتحدث اليوم عن ما يفتقده النساء المسلمات في حياتهم. فهذا السيناريو يتكرر كل يوم وكل شهر بل وكل عام،فيجعل الحياة رتيبة ومملة ومتكررة.
ففي المقابل تشتكي الكثير من النساء المسلمات من الملل والرتابة ومن الفراغ القاتل. فالفراغ فراغ فكري ومعنوي، فتشعر المرأة المسلمة انه ينقصها الكثير ولا تدري لماذا تشعر بهذا النقص. واصبحت هذه ظاهرة مجتمعية تتفاقم مع قدوم رمضان المبارك حيث تتزود المرأة المسلمة بالجداول والإرشادات والفتاوي لمواجهة هذا الشهر بما فيه من أعباء مادية ومعنوية. فإذا ادخلت في خاصية البحث في الإنترنت جملة المرأة المسلمة في رمضان هذا ما تجدين :

جدول المرأة المسلمة في رمضان.

توصيات وتوجيهات إلى المرأة المسلمة في رمضان.

عبادة المرأة المسلمة في رمضان.

مختارات رمضانية – المرأة في رمضان.

رمضانيات نسائية.

موسوعة فتاوي المرأة المسلمة في رمضان.

وكل ما فيها خاص بالعبادات فقط.

فهل تنال المرأة المسلمة كل ما تحتاج إليه من معلومات لتساعدها في تحديد نمط حياتها ؟

وكيف تتعامل المرأة المسلمة مع هذه المعلومات ؟

وهل لهذه المرأة المسلمة أي خيار فيما تتلقى من معلومات ؟

وهل مصادر هذه المعلومات ثقة ؟

لا شك أنه في أيامنا هذه تمثل وسائل الإعلام بكافة أنواعها مؤثر قوي على النمط الذي تعيش به المرأة المسلمة عامة حياتها. فللمرأة دور وقالب محدد تنحصر فيه، على الأقل عندما نتابع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمشاهدة تصل إلينا هذه الرسالة بوضوح. فالمرأة المسلمة مقيدة بقالب معين لا تحيد عنه. فهي إما المرأة التي يهمها الطبخ والغسيل ونظافة بيتها وإما هي المتحررة العصرية التي تُقلد اسلوب حياة الغرب الكافر، لتصبح إمرأة عصرية. وبين هذا وذاك القالب تحتار المرأة التي تتأثر رغما عنها بهذا الرأي العام الذي أوجده الإعلام عنها.

ويرسل الإعلام رسالة أخرى قوية هنا، وهي أن المرأة المسلمة تكتفي في حياتها بالعبادات من صلاة وتلاوة وصدقة وذِكر.

فهل هذا ما طلبه الشرع الحنيف من المرأة المسلمة، أم إنه الإعلام يًفرض عليها هذا الاسلوب من الحياة ؟

فمن تقرأ سيرة الصحابيات رضوان الله عليهم ومواقفهن العظيمة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تشعر بأنها فقدت حياة عزيزة لا وجود لها اليوم.. ومن تقرأ تاريخ المرأة المسلمة في ظل الدولة الإسلامية ومواقفها العظيمة وقتذاك، لا بد أن تشعر بفجوة كبيرة بين حياة المرأة المسلمة اليوم وبين حياتها أيام عز المسلمين ومجدهم. فلا بد للمرأة المسلمة اليوم أن تواجه نفسها وأن تكسر قيود هذه الرتابة والملل وأن تعود عظيمة وعزيزة كما كانت وكما أراد الله تعالى لها. فهذا الفارق وهذه الفجوة بسبب غياب الإسلام النقي عن حياة هذه المرأة المسلمة.. فالإسلام ليس فقط مجرد عبادات،، الإسلام مبدأ له عقيدة ونظام، وهو نمط حياة متكامل لا يحتاج إلى الإقتباس من مباديء الحياة الأخرى ابدا. فالإسلام النقي اليوم مغيب عن حياة هذه المرأة المسلمة التي ضُلِلت بما رسمه لها الإعلاميون ممن يقلدون الغرب الكافر وممن ينفذون أجندة علمانية موجهة خصيصا للنيل من الأفكار والمفاهيم الإسلامية عند المرأة. فالإسلام دين سياسي وهذا ما يجعله دين حيّ، متحرك وحيوي وهذا ما يجعله يرعى شؤون الناس ويلبي إحتياجات جميع البشر، رجل أو إمرأة، كونه من رب البشر جل وعلا.

فهذه الرتابة في حياة المرأة المسلمة تأتي من محاولة الاعلام في جعل تفكيرها تفكير سطحي ومحدود ومتأثر بأجندات الإعلام العلمانية، والمشكلة أن للإعلام تأثير أقوى وهو أنه يعمل على تخدير العقول فستجد المرأة المسلمة لا تستوعب أن هذا يحدث لها اصلا، وترى أن حياتها عادية، بينما هي ضحية مؤامرة مبرمجة ومخطط لها..

ولذلك ادعوك أختنا ان تبحثي بعين وقلب الباحثة المخلصة لله تعالى. وأن تبتعدي من كل هذه القيود الفكرية المضللة التي تفرضها عليك وسائل الإعلام. وانظري إلى الأمة الإسلامية وأحوالها اليوم واعرفي دورك كإمرأة مسلمة سياسية متفاعلة مع قضايا أمتك،، وأعطي الإسلام عالميته التي يستحق ولا تحصريه في العبادات الفردية فقط.

فرمضانُ قد أتانا ونحنُ بلا دولة تجمعُ شملنا وتلم شعثنا.

و رمضان قد أتانا ونحنُ بلا إمام يوحِّد صومنا نقاتل من ورائه ونتقي به.

و رمضانُ قد أتانا وشرعُ ربنا مُغيّب عن الوجود وعن التطبيق.

فما هو الدور الذي يجب علينا أن نتخذه حيال كلِّ ذلك ؟!

فهذه معلومات لن نجدها في الإعلام وعلينا مواجهة انفسنا بها والرجوع إلى الإسلام الصحيح وإستقاء معلوماتنا من المصادر الصحيحة، وعندها فقط سنرى كيف تتغير حياتنا وأهدافنا.





إضافة تعليق

رمز الحماية
تغيير الرمز

اليوم

الجمعة, 29 آذار/مارس 2024  
20. رمضان 1445

الشعر والشعراء

يا من تعتبرون أنفسكم معتدلين..

  نقاشنا تسمونه جدالا أدلتنا تسمونها فلسفة انتقادنا تسمونه سفاهة نصحنا تسمونه حقدا فسادكم تسمونه تدرجا بنككم...

التتمة...

النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ

نفائس الثمرات النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ والسـعدُ لا شــكَّ تاراتٌ وهـبَّاتُ النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ...

التتمة...

إعلام ُ عارٍ

إعلام عار ٍ يحاكي وصمة العار      عار ٍ عن الصدق في نقل ٍ وإخبارِ ماسون يدعمه مالا وتوجيها         ...

التتمة...

إقرأ المزيد: الشعر

ثروات الأمة الإسلامية

روائع الإدارة في الحضارة الإسلامية

محمد شعبان أيوب إن من أكثر ما يدلُّ على رُقِيِّ الأُمَّة وتحضُّرِهَا تلك النظم والمؤسسات التي يتعايش بنوها من خلالها، فتَحْكُمهم وتنظِّم أمورهم ومعايشهم؛...

التتمة...

قرطبة مثلا

مقطع يوضح مدى التطور الذي وصلت اليه الدولة الاسلامية، حيث يشرح الدكتور راغب السرجاني كيف كان التقدم والازدهار في  قرطبة.

التتمة...

إقرأ المزيد: ثروات الأمة الإسلامية

إضاءات

JoomlaWatch Stats 1.2.9 by Matej Koval