حاملةُ الدعوة إسلاماً يدبُّ على الأرض

طباعة

بقلم: أم القعقاع

الحمدُ لله قيوم السماوات والأرض، مالكِ الملك،
أكرمنا بالعقل وأنعمَ علينا بالإسلام،
ومنَّ علينا بالإيمان،
خلقنا لعبادته وأمرنا بطاعته،
حذَّرنا معصيته ومخالفة أمره،

ثم الحمدُّ لله القائل:

﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾(163)الأنعام.

إن حمل الدعوة الإسلامية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل الحثيث لتغيير الواقع الفاسد هو التزامٌ بالإسلام العظيم بكليته، والحياة به والعيش لأجلِ عزته ونصره وتمكينه، فحاملة الدعوة العاملة لإعادة حكم الله في الأرض ينبغي عليها أن تكون إسلاماً يدبُّ على الأرض، تؤمن بالله العزيز الحميد وتقتدي برسوله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم وتسلك سُبل الصالحين والصالحات من السلف رضوان الله عليهم، وتتخطى بخُطى أمهات المؤمنين ونساء العقيدة اللاتي ربّاهن الإسلام فغدون خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين، تصلُّ ليلها بنهارها، عاملة لإعزاز دينها وأمتها، وراعية في بيت أهلها وزوجها ومسؤولة عن رعيتها، تتحلى بنفسية إسلامية راقية تحبُّ الإسلام وأهله وتشعر بالمسلمين في كل مكان، وتحمل فكراً صافياً نقياً مستنيرا فتبرز شخصيتها الإسلامية الناضجة الواعية حتى إذا عاشت بين الناس كان عيشُّها متميزاً فتُري غيرها من نفسِها خيرا.

وحريٌّ بحاملة الدعوة التي اختارت هذا الدرب وسلكت هذا الصراط وحملت هذا التكليف بحمل أشرف رسالة على وجه الأرض وعيناها ترنو إلى جنة عرضُّها السماوات والأرض ورضوانٌ من الله أكبر أن تتصف بصفاتٍ ومكارم وشمائل وخصال حميدة، وأن تكون رقيبة على نفسها فتطهرها وتزكيها باستمرار من كلِّ ران لتكون نبراساً يضيءُ دروب الظلام كيف لا وهي المرآة لدعوتها..

فكيف تكونين أختي الغالية إسلاماً يدبُّ على الأرض؟؟

1. احرصي أختي في الله على سلامةِ قلبك من الآثام والمعاصي والسموم والأحقاد، فحياةُ المرء بحياةِ قلبه وعظيم تعلّقه بربه، وموت المرء بموت قلبه والعياذ بالله وإن ملأ الدنيا ضجيجاً وصخباً حين انشغاله بالفانية عن الباقية، فيا حاملة الدعوة:" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب". رواه مسلم.

2. احرصي أمةَ الله على أن تعمر قلبك محبة الله عز وجل ومحبة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ومحبة الأنبياء والرسل، ومحبة آل البيت رضوان الله عليهم ومحبة صحابته وأزواجه الطاهرات العفيفات؛ فيكون بذلك قلبك أطهر القلوب وأنقاها، فكيف لا نحبُّ خالقنا وبارئنا الذي خلقنا فأحسن خلقنا والذي رزقنا من غير حولٍ منّا ولا قوة، الذي يستر المعاصي ويغفر الذنوب ويفرّج الهموم ونعمه علينا لا تُعد ولا تُحصى.. وكيف لا نحبُّ نبينا وقائدنا وأسوتنا مقيم دولتنا الأولى صلوات الله وسلامه عليه، وقد نُزِع الإيمان ممن لا يحبه، يقول صلى الله عليه وسلم:" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" رواه البخاري ومسلم.
وكيف لا نحبُّ صحابته الأطهار وأزواجه الكريمات العفيفات وهم أحب الناس إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فدونكِ أختاه عائشة بنت الصدِّيق rda.gifا وأرضاها حين سأل عمرو بن العاص رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أي الناس أحبُّ إليك؟ فقال: عائشة.

3. أختاه حاملة الدعوة: كيف أنتِ وكتاب الله عزَّ وجل؟

يقول الله عزَّ وجل:﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾(16) المائدة. ويقول صلى الله عليه وسلم:" إن الذي ليس في جوفِه شيء من القرآن كالبيت الخرب" رواه الترمذي.

وما أحرانا أختي في الله أن يكون القرآن زادُنا وعتادُنا في حِلنا وترحالنا، وأن نتعاهده تلاوةً وتجويداً وحفظاً، وأن نتدبر آياته ومعانيه وأن نعملَ بأحكامِه وتشريعاته فتنضبط به أخلاقنا وتتهذب نفوسنا، ومن أولى من حملة الدعوة العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية في حياة الناس أن يكونوا هم حملته وحماته.

4. حاملةُ الدعوة التي تقف على أبوابِ دولة الخلافة القادمة قريباً بإذن الله، توحّد ربها وتصلي وتصوم وتزكي وتحجُّ ببيت الله العتيق، تؤثر ما عند الله على ما عند الناس مطيعة لله وللرسول، ومُطيعة لزوجها حسنة التبعل له، تُبشِّر ولا تنفِّر، تتوكل على الله ولا تخشى في الله وفي قول كلمة الحق لومة لائم، مخلصة في عملها، ترجو رحمة الله وتخشى العذاب وتصبر على شظف العيش وعلى إساءةِ الناس، وترضى بقضاء الله وقدره، وتترك صغار الذنوب قبل الموبقات، مؤدبة في خطابها، تربي أبناءها ليكونوا رجال دولة، وتحاسب نفسها وتئوب إلى بارئها وتندم على معاصيها، تغضُّ بصرها وتذكر الموت في كل حين، بارّة بوالديها محسنة لجيرانها تستحي من الله قبل الناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتكافح سياسياً وتصارع أفكار الكفر والزيغ والفساد وتجاهد في سبيل الله بنفسها ومالها، وتبتعد عن كل ما قد يمسُّ دعوتها بسوء، وتربأ بنفسِها عن توافه الأمور ومشاهدة وسماع المنكرات لتكون بحق حاملة دعوة.

5. احرصي أختاه الغالية وأنت تحملين لواء الدعوة إلى الله أن تكوني عوناً وسنداً وصدراً دافئاً لحمة الدعوة، لأبيكِ وزوجكِ وأخيكِ وأبناءِك فتكونين البلسم الشافي لجراحهم والمؤازرة لهم في شدتهم والموقدة بعزمكِ لهممهم المُصدِّقة لهم حين يكذبهم الناس، وقدوتكِ في ذلك صاحبة قصر القصب في الجنة الذي لا صخب فيه ولا نصب أم المؤمنين أمي وأمك خديجة الكبرى rda.gifا وأرضاها، حين جاءها سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم يرتجف ويقول:" زملوني، زملوني " فآمنت به حين كفر الناس وصدَّقته حين كذّبه الناس وقالت قولتها العظيمة:" والله لا يخزيك الله أبداً".

وفي الختام،،

اعلمي يا حاملة الدعوة يا من تسيرين على درب خديجة وعائشة وأم عمارة والخنساء وأسماء وأم حبيبة وسمية الشهيدة وزينب وفاطمة الزهراء وأم سلمة وذات الشكال، أن هذا الدرب ليس مفروشاً بالورود والرياحين، بل إنه مخضبٌّ بالآلام والتضحيات الجسام، أفلم يأتكِ اليوم نبأُ نساء أوزبكستان الطاهرات؟؟!!.... فاثبتي على هذا الأمر حتى يبلغ ما بلغ الليل والنهار، ولتعلمي وأنت تصقلين شخصيتك الإسلامية المتميزة أنه لا بُدَّ لك أن تتزودي باستمرار بثقافة حزبية صافية نقية وثقافة إسلامية في شتى المجالات، فكما أنكِ أم وربة بيت وعِرض يجب أن يُصان، فأنتِ كذلك محللة سياسية وخبيرة اقتصادية وفقيهة وعابدة ومجتهدة، حتى يتبلور لديك الفكر المستنير الذي لا تشوبه شائبة.

وليكن دائماً قولكِ:﴿ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ (108) يوسف.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


 



شارك على فيس بوك