الذكرى الأولى لمذابح تركستان الشرقية

طباعة

إبن عقبة:

أعدّت قناة المجد الفضائية في نشرة أخبارها مساء أول أمس السبت ،تقريرا حول الذكرى الأولى ، الذي يصادف اليوم 5 يوليو، للمذبحة التي ارتكبتها قومية الهان الصينية على مسلمي تركستان الشرقية ( إقليم شينجيانغ غرب الصين) عقب الدعوة التي وجهتها أمريكا ، يوم الجمعة ، للصين إلى شفافية أكبر و احترام لحقوق السكان في إقليم شينجيانغ ذي الأغلبية المسلمة بعد مرور عام على المواجهات بين قومية الهان و مسلمي الايغور التي راح ضحيتها نحو 200 قتيل و أكثر من 1700 جريح .

وهذه الدعوة هي التي بدأت بها قناة المجد حديثها حول إحياء هذه الذكرى الأليمة، مما يجعلنا نشك أن القناة طرقت هذا الموضوع نتيجة لتبنيها قضايا المسلمين ، و من ضمنها قضية تركستان الشرقية ، و إنما تناولتها تبعا لما أثارته الولايات المتحدة التي لا يهمها دماء المسلمين و أعراضهم ، و ما أفعال أمريكا في العراق و أفغانستان و في غيرهما ببعيد عنا ، و إنما من أجل مصالحها و أهدافها الإستعمارية.

و من باب الإنصاف تضمّن التقرير نقاطا إعلامية إيجابية أظهرت نوعا من الانحياز إلى قضية المسلمين في تركستان الشرقية و أهمها:

- تركستان الشرقية توصف بأنها فلسطين الشرق حيث أنها تعاني من قسوة الاحتلال الصيني منذ عام 1949.

- الاحتلال الصيني الذي غيّر اسم هذا البلد المسلم إلى إقليم شينجيانغ و عمل بسرعة على توطين قومية الهان به لتصبح أغلبية على حساب قومية الايجور المسلمة.

- شعور مسلمو الايجور بالظلم و الاضطهاد من قبل بكين مؤكدين أنهم يتعرضون منذ عقود بقمع الحكم الشيوعي و تدفق قومية الهان للاستيطان في أراضيهم و السيطرة على الثروات و الوظائف العليا بينما يعانون هم من التهميش و سوء الاحوال الاقتصادية و الاجتماعية.

و ختم التقرير بالقول " يعبّر قادة مسلمي الايجور عن خيبة أملهم من عدم وجود تضامن فعلي من جانب العالم الإسلامي مع المسلمين المضطهدين في تركستان الشرقية ، قائلين إن الالاف يموتون أو يختفون في تركستان الشرقية و لا أحد يتحدث عنهم بينما لو وجدت ذلك في مكان آخر من العالم لقامت الدنيا و لم تقعد".

و على العكس من هذا بدأ تقرير قناة الجزيرة في حصادها اليوم تحت قضية ساخنة بأنه "في عصر يسمح بالمعارضة الالكترونية و تناقل صور القمع أو مخالفة القانون يعتبر التيبت و شين جيانغ ( هكذا كتبتها القناة) و هما إقليمان جاران في غرب الصين موضوعين حساسين لاهتمام الإعلام العالمي بتغطيتهما".
فإذا كان هذا صحيحا ( مع العلم أن هناك فرقا شاسعا بين تغطية أحداث التيبت و تغطية قضية تركستان الشرقية) فكيف غطى الإعلام قضية تركستان الشرقية ؟!! هل أظهر معاناة المسلمين و قسوة الاضطهاد الصيني لهم بوصفهم مسلمين؟!!!

فالجزيرة مثلا في تقريرها الليلة لم تُشعر مشاهديها المسلمين بأن هناك قضية إسلامية اسمها قضية تركستان الشرقية خاضعة للاحتلال الصيني ، دولة كفر، و يتعرض أهلها للاضطهاد بوصفهم مسلمين، و إن كانت قد ذكرت أن هذا الإقليم سيطرت عليه الصين منذ 1949 بعد سحق كيان اسمه تركستان الشرقية( دون الإشارة إلى طبيعة هذا الكيان ) و لكنها أرادت إظهار أن هذا الإقليم غني بالنفط و الغاز حتى ذكرت أن شين جيانغ يسميه البعض الفارويست الصيني على منوال الفارويست الأمريكي لغناه بالثروات و الفرص ،و كأن القضية هي اقتصادية و ليست عقائدية .
و برغم أنها أوردت روايات الايجور و السلطات الصينية و منظمة العفو الدولية حول تلك الأحداث فإنها ذكرت أنه أثّر ذلك على العلاقات حتى بين الويغور المسلمين مستشهدة بأستاذ صيني يتحدّث قائلا " أسوأ مشكلة هي أزمة ثقة ، لقد أصبح الويغور لا يثقون حتى في أصدقائهم و زملائهم ، فما بالك بالخان ( الهان) الصينيين و الحكومة و السبب هو أنه لا أحد يعلم من منا يشتغل مخبرا لصالح السلطات". و لا شك أن في هذا طعنة للمسلمين الايجور.
و راحت الجزيرة تتحدث عن الموقع الجغرافي للإقليم و عن ما يشكو منه الايجور و عن ردود الحكومة الصينية على ذلك.

إن إحياء مثل هذه الذكرى الأليمة هو يكون في الأصل تذكيرا للمسلمين بأن جزءا من بلاد الإسلام قد اقتطعت لصالح الكفار ، و أن أهلها تعرضوا و لا زالوا يتعرضون للاضطهاد و التهميش و تضييق الخناق عليهم .
و لا بد أن يتناول الإعلام الذي ينتمي إلى أمة الإسلام هذه الأمور بأسلوب فيه صرخة تصل أسماع المسلمين تستنهض هممهم، و تدفعهم لإزالة الوهن الذي أصابهم رغم كثرتهم ، و توقظ فيهم التفكير كي يدركوا بأن ضياع أراضيهم، و سفك دمائهم ، و تدنيس مقدساتهم، و انتهاك أعراضهم هو بسبب غياب دولتهم الإسلامية ، خلافتهم الراشدة ، فرض ربنا و بشرى رسوله صلى الله عليه و سلـم بعودتها، ناهيك أننا في شهر رجب الخير حيث يحيي فيه المسلمون ذكرى سقوط الخلافة. فينطلقون مكبرين و مهللين لإقامة الخلافة و كلهم أمل في نصر الله و يقين بتحقيق و عد الله لعباده المؤمنين بالاستخلاف و التمكين.

 



شارك على فيس بوك