أهم توصيات تقرير مركز نيكسون لمواجهة حزب التحرير

طباعة

"حزب التحرير: تمرد الإسلام السياسي"

أهم توصيات تقرير مركز نيكسون لمواجهة حزب التحرير

تنزيل التقرير باللغة الإنجليزية

 

صدر في ديسمبر 2004 تقرير لمركز نيكسون للدراسات والبحوث بعنوان "حزب التحرير: تمرد الإسلام السياسي" يقع في 144 صفحة (139 صفحة مرقمة) وكتبه زينو باران. يتناول التقرير بالدراسة والتحليل إنتشار دعوة حزب التحرير بالخصوص في بلدان آسيا الوسطى ويسلط الضوء على طرق وأساليب مقاومة أنظمة المنطقة للتأثير الجارف لهذه الدعوة منذ اواخر التسعينات. كما يتناول التقرير نماذج من الأنظمة التي يعتبرها قد نجحت إلى حد ما في الحد من تأثير الدعوة إلى الخلافة التي يقودها حزب التحرير.

 

ويخلص التقرير في فصله السادس والأخير إلى مجموعة من التوصيات إلى السياسيين الأمريكيين والغربيين عموماً، الهدف منها ضرب الدعوة إلى الخلافة، نظام الإسلام السياسي من أجل إستئناف الحياة الإسلامية التي يدعو لها حزب التحرير، نذكرها مترجمة كما جاءت:

"يعتقد حزب التحرير أن الديمقراطية في نهاية المطاف سيتم استبدالها بالنظام الإسلامي. في رأي حزب التحرير، الولايات المتحدة تشن حربا على الإسلام على وجه التحديد لأنها تخشى الكسوف في نهاية المطاف على يد العالم الاسلامي المتحد. لكسب التأييد لدعوته، يستخدم حزب التحرير مزيجا من المنهجية الشيوعية، الفقه الوهابي والكلام الفاشي. خلافا لغيره من الحركات الإسلامية الراديكالية ، التي تقاتل القوات المسلحة في الدول الاسلامية، حزب التحرير يجعل هذه القوات إلى جانبه عن طريق التسلل الى الاجهزة الامنية مع تفسير سياسي جذري للإسلام. بنية الخلية في المجموعة (حزب التحرير) مماثلة لتلك التي عند البلاشفة. ويعتقد حزب التحرير فشل البلاشفة في تمديد سيطرتهم إلى أبعد من ذلك لأنها تفتقر إلى ما يكفي من الإيمان، وبما أن حزب التحرير له كثير من الإيمان، فإن انتصاره أمر لا مفر منه.

وبما أن حزب التحرير قد لاءم تكتيكاته بشكل وثيق مع الظروف المحلية في كل بلد من البلدان ال 40 التي يعمل فيها، فإن استراتيجيته العامة هي إستراتيجية دولية بالضرورة، منسقة بشكل وثيق مع "مركزه العصبي" في لندن ومقره الرئيسي في الأردن. والتحدي الذي يواجه المجتمع الدولي هو بالتالي في تطوير وتنسيق تنفيذ استراتيجية مكافحة دولية. المهمة الأولى هي مواجهة قدرة حزب التحرير على تشويه سمعة الولايات المتحدة وما ترمز إليه. وبالنظر إلى أن المصداقية والسلطة الأخلاقية للولايات المتحدة وصلت الى أدنى مستوياتها في أعقاب الحرب على العراق ، فمن الواضح أنها لا يمكن أن تكون مهمة سهلة. النصر الذي حققته أميركا في الحرب الباردة كان بسبب أن العديد من الناس على الجانب الآخر من الستار الحديدي يستلهمون من الولايات المتحدة وبدائلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. واليوم، أعداد متزايدة من المسلمين يلهمهم حزب التحرير وحلم الخلافة المتحدة بوصفها بديلا للنظام الدولي الشمولي الذي يحضرنا اليوم  والذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. وبذلك، قلب حزب التحرير بالتالي بنية السياسية الدولية في منطقة الحرب الباردة على رأسها. وكما فعلت الولايات المتحدة للمنشقين خلف الستار الحديدي، يثير حزب التحرير الأمل بين المسلمين الساخطين من أجل بديل للنظام العالمي القائم يعززون به كرامتهم.

للتعامل مع هذا التحدي الأول، فإنه يجب على الولايات المتحدة الدخول في حرب دعائية من تلقاء نفسها. حرب تبرز الولايات المتحدة من خلالها القيم المشتركة بين الأمريكيين والمسلمين وتفسر فيها التغيرات الأخيرة في سياسات الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط. قليلة هي أعداد المسلمين خارج الولايات المتحدة الذين سمعوا بمبادرة الشرق الأوسط الموسعة الجديدة ، وعدد أقل يعرفون شيئاً عن تطلعاتها. كثير من مسلمي آسيا الوسطى لم يسمع سوى رسالة مستوحاة من حزب التحرير بان الهم الوحيد للولايات المتحدة هو فرض نظام استعماري جديد وقمع المسلمين عن طريق "الحملة الصليبية (الثقافية) الرابعة ". في غياب أي اتصال مباشر من الولايات المتحدة، فإن المسلمين كثيرا ما ينتهي اعتقادهم إلى نظريات المؤامرة هذه.

في الفترة الرئاسية الثانية لإدارة بوش، يجب أن تقوم كتابة الدولة للشؤون الخارجية بعديد الزيارات إلى الدول الإسلامية بهدف وصف الأجندة الأمريكية على المدى البعيد، بكل تواضع ووضوح، وكيف ستكون هذه الأجندة مفيدة للمسلمين.

مواصلة استراتيجية الحرية للرئيس بوش لا معنى لها بالنسبة للمسلمين. ما يقصد به في كثير من الأحيان من "الحرية" في الغرب يترجم ب "العدالة" و "الكرامة"
بالنسبة للمسلمين.
وفي الواقع، فإن "العدالة" هي واحدة من المعاني العديدة للإسلام. وكما يوضح بدقة برنارد لويس: "في العالم الغربي، اعتدنا التفكير في الحرية والقمع والحرية والاستبداد كأقطاب متعاكسة. في التعبير الإسلام التقليدي، يكون بدلا من ذلك، العدل والظلم، والعدالة والطغيان، كأقطاب متعاكسة". الولايات المتحدة لن تنجح في مبادرتها الديمقراطية في هذه المنطقة ما لم تكيف لغتها الدبلوماسية حتى تشرح للمسلمين ان سياساتها تحقق العدالة.

المسألة الأكثر إلحاحا هي الحاجة إلى تغيير التصور بأن السياسة الخارجية الأمريكية هي "غير عادلة". المسلمون يرون الظلم في السياسة الخارجية للولايات المتحدة أولا
وقبل كل شيء في النهج الذي تتبعه واشنطن في المسألة الاسرائيلية- الفلسطينية. مع مرور ياسر عرفات، هناك فرصة فريدة سانحة للولايات المتحدة للتوصل إلى حل الدولتين الذي سينظر اليه أغلبية المسلمين والاسرائيليين على انه "عادل". هذه المسألة هي المعركة الهامة الوحيدة في حرب الأفكار. ما دام هذا الصراع لا زال يتفاقم، فإن جماعات مثل حزب التحرير سوف تواصل جذب الأتباع. لأن المسلم العادي سيواصل الإستياء من الدعم الأميركي لإسرائيل، ولأن الزعماء العرب سوف يستخدمون هذا الصراع كذريعة لتأخير الإصلاحات. (صراعات أخرى طويلة الأمد، المسلمون طرف فيها مثل كشمير والشيشان وناغورني كاراباخ، والآن العراق، يجب أن تحل كذلك بطريقة ينظر إليها من طرف المسلمين بأنها "عادلة")

في الغرب، تستفيد جهود حزب التحرير في الإستقطاب، من التمييز ضد المسلمين ومن التوقعات التي لم تتحقق للمهاجرين المسلمين، الذين غالبا ما ينظرون إلى سير المجتمعات المضيفة لهم بأنها "غير عادلة". فيجب على البلدان الأوروبية القيام بعمل أفضل من أجل دمج مسلميهم.

ويتعين على الولايات المتحدة وحلفائها في مجموعة ال 8 والدول الغنية الأخرى تخصيص واحد في المئة (1%) من الناتج المحلي الإجمالي لمهمة تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمسلمين. مثل هذا الجهد الواضح سوف يكون مقنعا لدحض رسالة مفادها أن النظام الرأسمالي الغربي الديمقراطي هو فقط للأغنياء الذين يملكون. هذه البلدان تحتاج أيضا إلى التوصل إلى طرق جديدة لتشجيع التنمية الاقتصادية. طريقة واحدة للقيام بذلك، هي ربط التعاون العسكري بمدى التقدم المحرز في مكافحة الفساد.

معركة الأفكار هي في المقام الأول حرب أهلية فقهية داخل العالم الإسلامي. وهي حرب، الولايات المتحدة غير مجهزة لخوضها. ولكن يمكن للولايات المتحدة، مع ذلك، أن تساعد المعتدلين للكشف عن الطبيعة الحقيقية لأشد خصومهم. كبداية، صورة المنظمة "السلمية" التي اختلقها حزب التحرير لنفسه، تحتاج إلى تدميرها. ولذلك، فإن الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان الغربيين بحاجة إلى أن يوقفوا فورا استخدام هذا الوصف المثير للشفقة الغير دقيق. كما تستطيع الولايات المتحدة أن تساعد أيضا المسلمين المعتدلين بتوفير منافذ إلى وسائل الإعلام وإمكانيات النشر والتوزيع لمواجهة الآثار الناجمة عن بروباغندا حزب التحرير وغيرها من المجموعات المتطرفة. ولا بد أيضا من استراتيجية دولية جديدة لمكافحة انتشار ثقافة التطرف على شبكة الإنترنت. كل منشور ينشره حزب التحرير، يجب التصدي له بمنشور مضاد، صادر عن منظمة اسلامية موثوق بها توضح فيه كيفية إخراج حزب التحرير لحديث معين أو لاية معينة خارج سياقه(ا). الإجابات السريعة هذه يمكنها تفكيك أيديولوجية حزب التحرير في الوقت الذي تعرض فيه أيضاً أيديولوجية مضادة.

يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في التقدم بهذه الأديولوجية المضادة من خلال تشجيع الحكومات السلمية في الدول الإسلامية للسماح لمنظمات اسلامية تعزيز التسامح والحوار بين الأديان. تستطيع الولايات المتحدة أيضا أن تشجع الأعمال التجارية في البلدان الإسلامية لتمويل الأنشطة التي تعزز التنوع، التسامح والتربية المدنية. وعلاوة على ذلك ، يمكن للولايات المتحدة مساعدة الدول الإسلامية تطوير المناهج الدراسية التي تركز على التفكير النقدي، وتقاليد الوطنية والأخلاق والقيم الإسلامية المحلية التي تتوافق مع الديمقراطية والعلمانية.

وخلافا لما كانت عليه الحرب الباردة، لا يمكن للولايات المتحدة احتواء إنتشار أيديولوجية حزب التحرير عن طريق أدوات الدبلوماسية التقليدية التي تركز على الدول. اللاعبون الرئيسيون في أمة الأكثر من مليار مسلم هم لاعبون غير حكوميون. والولايات المتحدة بحاجة الى تغيير الطريقة التي تتواصل بها مع المسلمين. الحكومات القمعية، الغير شرعية والفاسدة لم تعد تمثل القنوات الصحيحة للوصول الى قلوب و عقول المسلمين، وخاصة أولئك الذين رفعوا من مستوى وعيهم السياسي. ضرورة التعامل مع المسلمين باعتبارهم "مجتمع مدني" سوف تؤدي إلى تشكيل إطار جديد للسياسة الدولية.

وفي الوقت نفسه ، يجب أن يكون هناك منتدى دولي شرعي يمكن من خلاله للدول الاسلامية المعتدلة التعبير عن آرائهم. تحت رئاسة  ماليزيا، والأمانة العامة لتركيا، فإن منظمة المؤتمر الإسلامي يمكنها تلبية هذه الحاجة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأمم المتحدة ينبغي عليها إضافة دولة مسلمة كبرى كعضو دائم في مجلس الامن. إذ يعتقد كثير من المسلمين في الوقت الراهن أنهم يحظون بالاهتمام الدولي فقط في أعقاب التفجيرات الإرهابية. فإسناد مقعد في مجلس الأمن لبلد مثل اندونيسيا او تركيا، سوف يغير هذا التصور نحو الأفضل.

هذه الحرب الجديدة تتطلب مهارات جديدة. فينبغي على كل المسؤلين الرسميين الأمريكيين الذين يتفاعلون مع المسلمين أن يتلقوا دورة تدريبية أساسية حول الثقافة، القيم والتقاليد الإسلامية. وما دام أعضاء حزب التحرير مستعدون جيدا للحرب لأيديولوجية بتدربهم سنتين، فإن الدبلوماسيين الاميركيين وضباط الجيش و صناع السياسة يجب أن يكونوا مجهزين بأدوات أفضل. في بيئة الشكوك التي تحوم حول جدول الأعمال الأمريكي على المدى الطويل تجاه العالم الإسلامي قد زادت إلى حد كبير، فإن الأميركيين بحاجة الى اتخاذ الحذر الشديد في التعامل مع أي قضية ذات صلة بالإسلام. مقاربة الولايات المتحدة لا يجب أن تكون معقدة، ففي التفاعل اليومي، معاملة المسلمين باحترام وكرامة تكون بداية ضخمة في إتجاه تقويض ادعاء حزب التحرير أن الأميركيين متغطرسون ومتكبرون في العالم الإسلامي. حتى أولئك المسلمين الذين يعيشون في فقر مدقع يشعرون بالعزة والكرامة في علاقتهم مع ما كان ذات يوم حضارة عظيمة. فالإقتراب من هؤلاء المسلمين بأسلوب خاطيء، يمكن أن يحول بسهولة ذلك الفخر إلى كراهية.

ويجب أن كبار صانعي القرار في أميركا إدراك أنهم قد انجروا عميقاً إلى حرب مع الإسلام بسبب تزايد وتيرة الهجمات العسكرية الامريكية على المساجد والأضرحة وغيرها من الرموز الهامة للمسلمين في العراق. وعلى الرغم من أن تكتيك ملاحقة المتمردين المختبئين في الأماكن الدينية الهامة قد يكون تكتيكاً منطقياً مثالياً، فإن الولايات المتحدة تخسر الحرب الايديولوجية اذا استمرت في هذه الإجراءات. ولذلك، وكما كان واضحا طوال هذه الدراسة، فإن الولايات المتحدة تخسر معركة التصورات -المفاهيم- في العالم الإسلامي، والعمليات العسكرية في المواقع ذات الأهمية الدينية للمسلمين سوف تفسر على أنها استمرار للحرب على الإسلام. فينبغي على القيادة الأمريكية، لتقليل هذا التصور،  وزن الاعتبارات السياسية، مع تلك التكتيكية عند اتخاذ  القرارات العسكرية في البلدان الإسلامية.

ويجب على الغرب أن لا يتسامح مع زيادة انتشار تعصب حزب التحرير. فقد تمكن حزب التحرير من نشر أفكار مليئة بالكراهية، معادية للسامية ومعادية للدستورية، بفضل "التسامح" الغربي تجاه تعصب حزب التحرير. حزب التحرير يستخدم شعارات ومبادئ  خاصة بالغرب في سبيل إضعاف الهياكل الاجتماعية الأساسية في الغرب. الحكومات الغربية، المربين والزعماء الدينيين يحتاجون إلى مكافحة أيديولوجية حزب التحرير المليئة بالكراهية بنفس أنواع الأسلحة الاجتماعية التي يستخدمونها لمكافحة الأشكال الأخرى غير الإسلامية من التعصب.

كما يتعين على الغرب دعم جهود التوعية التعليمية للمسلمين المعتدلين. فعلماء الدين والأئمة الذين تعلموا في المدارس الإسلامية معتدلة الفكر، مثل تلك الموجودة في تركيا وآسيا الوسطى ، اندونيسيا أو ماليزيا ، توفر تفسيراً متسامحاً للإسلام، يحتوي على عناصر قوية من الصوفية، وبالتالي ترحب بالتعايش السلمي مع الأديان والثقافات الأخرى.

القيود القانونية الحالية ضد حزب التحرير في الغرب غير لائقة بالمرة. الآن، نحتاج إلى أدوات قانونية جديدة ، مثل التشريع ضد جرائم الدعاية للكراهية والحقد. في نهاية المطاف، ينبغي للبلدان الغربية أن تتحد لحظر حزب التحرير تماما. و الحظر الموجود في ألمانيا وأماكن أخرى غير كاف. في الوقت الراهن ، يقوم حزب التحرير ب"التسوق لأجل إيجاد قوانين تتسامح مع نشاطه"  لتنفيذ أنشطته من دون خوف جدي من المتابعة الجنائية. إذا واصل الغرب السماح لحزب التحرير بالعمل ، فسوف نرى المزيد من التطرف ليس فقط بين المسلمين في بلدان بعيدة ، ولكن أيضا في وسط أوروبا نفسها.

إن معالجة الاتحاد الاوروبي لترشح تركيا لعضويته ستكون اختبارا مهما للسياسة الغربية. فإذا كانت التقاليد الإسلامية التركية التي تؤكد على تقارب الحضارات مقبولة من جانب الاتحاد الأوروبي، فذلك سوف يفقد حزب التحرير حجته بأن هناك صدام بين الحضارات. واذا قرر الاتحاد الاوروبي قبول عضوية تركيا  فإنه سوف تثبت بذلك أن الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية متوافقتان بشكل كامل. من ناحية أخرى، إذا كانت المشاعر المعادية للمسلمين في أوروبا في تزايد مستمر، والمسلمين الأتراك جمعهم العقل الأوروبي في صلى واحدة مع المتطرفين ، فهناك تتم خسارة الحرب الأيديولوجية حقا."

 

مواجهة حزب التحرير في آسيا الوسطى:

ثم في فقرة منفصلة في هذا الفصل السادس من الدراسة والخاصة بالتوصيات، يخصص مركز نيكسون فقرة كاملة للحديث عن مواجهة حزب التحرير في آسيا الوسطى، من أهم ما جاء فيها:

"من أجل شن حرب إيديولوجية، فإن الولايات المتحدة تحتاج إلى تسليط الضوء على أهمية الإصلاح الداخلي في سياق الأمن الوطني. فلا يمكن للمعتدلين في آسيا الوسطى الفوز في الصراع ضد التطرف ما لم يكن هناك تغيير في الظروف السياسية والاقتصادية التي تسببت في خلق بيئة مواتية لقبول الأفكار الأصولية. الإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية هي بالتالي ضرورية من أجل الاستقرار على المدى الطويل، لأن الناس إذا لم يكن لديهم فرصة للمشاركة في الحياة المدنية أو ممارسة دينهم علنا وبحرية سوف يلجأون إلى التخفي. في نهاية المطاف ، كما لاحظ عبدوفخيتوف "اذا ربحنا هذه المعركة بعد خمسين عاما من اليوم، سوف يكون ذلك بفضل الإدارة الجيدة التي تحدث في العالم الاسلامي. "

في المعركة ضد حزب التحرير في آسيا الوسطى، على الغرب أن يركز في المقام الأول على تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية ، بحيث يمكن أن يرى الناس فوائد الرأسمالية الديمقراطية وتصبح أقل إغراءاً في معارضتها... "

كما جاء فيها: "للأسف ليس هناك مجتمع مدني قوي في وسط آسيا الآن، يمكن أن يوفر بدائل فعالة للقيادات السلطوية الحالية لآسيا الوسطى. ولذلك فإن محاولة إضعاف الأنظمة الحالية سوف يكون لها نتائج عكسية بالنسبة للغربيين في وقت قد يكون فيه حزب التحرير على شفا الوصول إلى المرحلة الثالثة من تطوره: نسخته من الجهاد. بدلا من ذلك، فإن استراتيجية تطورية على المدى البعيد تحتاج الى تطوير.

هذا التأجيل لقضية سياسية بالتأكيد لا يعني أنه يجب على الغرب التزام الصمت بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، والتعذيب، ولا سيما في السجون. ومع ذلك ، يتعين على الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي تجنب الوعظ الأخلاقي لآسيا الوسطى. بدلا من ذلك، يتعين على الولايات المتحدة الحصول على التأييد الشعبي في آسيا الوسطى من خلال ايضاح أنه في مصلحة حكومات المنطقة إظهار عدم التسامح تجاه انتهاكات حقوق الإنسان. هذا من الأفضل أن يتحقق بالتعاون مع بلدان إسلامية أكثر انفتاحا قد ساعدت بالفعل في افهام اسيا الوسطى أن الاعتقالات الجماعية والتعذيب فقط يعزز قناعات أعضاء حزب التحرير."

وجاء فيها أيضاً:"اليوم ، إذا كان الغرب يتجه إلى الفوز في معركة الأفكار، فإنه ثمة حاجة إلى إحياء وإعتماد التقاليد الصوفية. في حين أن الولايات المتحدة لا ينبغي لها أن تدعم الصوفية بصفة مباشرة، فإنه ينبغي مع ذلك، المساعدة على تمكين الصوفية للحفاظ على الفضاء السياسي اللازم لإحيائها، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا عن طريق الإبقاء على المتطرفين خارج المنطقة. ويفكر عدد من بلدان آسيا الوسطى، فضلا عن دول أخرى مثل المغرب، اندونيسيا وماليزيا، بالفعل في هذا الاتجاه. فغفوري أكد أن الصوفية قادرة على "أسلمة" الديموقراطية وأيضا على "دمقرطة" الإسلام. وهو يزعم أيضا أنها "يمكن أن تسهم في تحقيق الاستقرار السياسي من خلال إحداث التفاهم بين الجماعات السياسية المتنافسة والفصائل، والتسامح الذي يشتد الإحتياج إليه تجاه الأديان والأفكار والتيارات الأخرى". الصوفية، مثل حزب التحرير، يمكن أن تكون أيضا بمثابة مصدر إلهام للحركات الإسلامية الأخرى."

وجاء في نهايتها: "الولايات المتحدة بحاجة لفهم أفضل للمثال التركي في احتواء التطرف. هذا سيمكن صناع السياسة الأميركية لتحقيق بالضبط ما يأمل الوسط- آسيويون تحقيقه من خلال مؤسسات دولهم الدينية. و المثال التركي يثبت أن الإسلام والديمقراطية والحداثة متوافقون ومتكاملون، ويفند تعاليم حزب التحرير. المثال التركي يبين أيضا أن تدريس المبادئ الأساسية وأخلاقيات الإسلام في المدارس العلمانية أمر ضروري لتحصين الناس من التفسيرات المتطرفة. في آسيا الوسطى، انضم معظم الناس إلى حزب التحرير لمعرفة المزيد عن الإسلام، نظرا لعدم وجود البدائل التعليمية. ويمكن للخبراء الأتراك أن يساعدوا  شركائهم في آسيا الوسطى في إحياء ثقافتهم الأصلية، والتي قد توفر الأداة الأكثر فعالية لمنع استيراد الإيديولوجية الراديكالية في الشرق الأوسط.

في نهاية المطاف، عند النظر في هذه التوصيات في مجال مكافحة حزب التحرير، يجب على صانعي السياسة الأميركية الأخذ بقوة في اعتبارهم طبيعة الصراع الوجودي والأيديولوجي ضد هذه المجموعة. وعلى الرغم من أنه لا يستخدم إلى حد الآن الأعمال الارهابية، فإن حزب التحرير قد  زاد باطراد نفوذه في كل مجال من مجالاته العملية. وإذا كانت الولايات المتحدة تأخذ على محمل الجد التزامها بتعزيز الحرية في واحدة من المناطق الاستراتيجية الأكثر حساسية، فإنه يجب عليها مواجهة خطر حزب التحرير. دون محاولة ناجحة لاحتواء وتحييد هذه المجموعة ، فإنه ببساطة لا يمكن الانتصار في الصراع الأكثر أهمية في القرن 21."

خالد زروان

________

رابط التقرير من موقع مركز نيكسون:

www.nixoncenter.org/Monographs/HizbutahrirIslamsPoliticalInsurgency.pdf

 

 



شارك على فيس بوك