القرآن الكريم

 

 
الأحد, 28 آب/أغسطس 2016 08:51
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

بسم الله الرحمن الرحيم

مع #الحديث_الشريف - حامل ناشر، وحامل لا يمنع، وحامل مانع

للإستماع◄https://soundcloud.com/htarabicradio/puj3j0segtg3

===============

#نحييكم_جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي عَامِرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِيَ اللَّهُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ، كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا مِنْهَا، وَسَقَوْا، وَرَعَوْا، وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً، وَلَا تُنْبِتُ كَلَأ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ بِمَا بَعَثَنِيَ اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ، وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ». أخرجه مسلم.

إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، أما بعد،

إن هذا الحديث له معاني كثيرة، فمنها تمثيل الهدى الذي جاء به صلى الله عليه وسلم بالغيث. ومعناه أن الأرض ثلاثة أنواع، وكذلك الناس؛ فالنوع الأول من الأرض ينتفع بالمطر، فيحيا بعد أن كان ميتًا، وينبت الكلأ، فينتفع بها الناس والدواب والزرع... وإن هذا من التشبيهات الجميلة، ومن قبيل التجسيد بالمحسوس، فأرض الخير لا يقربها أحد إلا وله أن يصيب من خيرها، فنعم الأرض تلك، ومن هو قائم عليها. وبالتالي فإن النوع الأول من الناس هو من يبلغه الهدى والعلم، فيحفظه، فيحيا قلبه، ويعمل به، ويعلمه غيره، فينتفع هو وينفع الناس به. وهؤلاء خير الناس، وأقربهم لله ورسوله صلى الله عليه وسلم يوم الجمع، وهؤلاء من صفاتهم أنهم مخلصون خالصون لا يعملون إلا بما علموا أنه الهدى، ولا ينتفعون إلا بما أذن لهم الله تعالى بالانتفاع به، هؤلاء قد اهتدوا.

النوع الثاني من الأرض لا تقبل الانتفاع في نفسها، لكن فيها فائدة، وهي إمساك الماء لغيرها، فينتفع بها الناس والدواب، وهذه الأرض توجد فيها حياة، لكنها لا تقارن بالأرض الأولى، فهي فيها الخير لكنها لا تعلمه، ولا تمنع غيرها من الانتفاع منها. وكذلك النوع الثاني من الناس، لهم قلوب حافظة، لكن ليست لهم أفهام ثاقبة، ولا رسوخ لهم في العلم يستنبطون به المعاني والأحكام، وليس عندهم اجتهاد في الطاعة والعمل به، فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج متعطش لما عندهم من العلم، ممن هو أهل للنفع والانتفاع، فيأخذه منهم، فينتفع به، فهؤلاء نفعوا بما بلغهم. وهؤلاء الناس لا يمنعون السائل الذي يسعى إلى الحق من معرفته، ولكنهم لا يعملون لتطبيق الحق ونشره، ينتظرون أن يأخذه الناس بأيديهم.

النوع الثالث من الأرض هي السباخ التي لا تنبت ونحوها، فهي تنتفع بالماء، ولا تمسكه لينتفع به غيرها. وكذا النوع الثالث من الناس، ليست لهم قلوب حافظة، ولا أفهام واعية، فإذا سمعوا العلم لا ينتفعون به، ولا يحفظونه لنفع غيرهم. وهؤلاء هم الأشد خطورة على الأمة ودينها، فهم يعلمون الحق، ويعلمون أين يجب أن يكونوا، لكنهم امتنعوا، ولم تكن لهم الإرادة للتحرك، وهؤلاء عن الحق بعيدون، ومانعون، هؤلاء يضلون الناس، ويعطلون شرع الله، ويتخذون من الإسلام وأهله موقف العداء، وهم في أيامنا هذه يتمثلون في علماء السلاطين والمال، يدعون العلم مغطين بقشورٍ تحتها جهل، لا يزِنون بميزان العدل، أو حتى الربح، فهم لو كسبوا الدنيا بما فيها، لن يربحوا إذا خسروا الآخرة، بما فيها من نعم لا تزول، ونعيم لا يساويه نعيم.

فالله نسأل أن يكثر ممن يتعلمون الإسلام ويعلمونه للناس، ويسعون ويعملون لنشره والانتفاع منه، وأن يغير حال الذين يحملون العلم ولا يعملون به ولكن لا يمنعونه عن السائل له، وأن يهدي الضالين المضلين من أبناء أمتنا.

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح

https://www.facebook.com/HTmediaoffice4/photos/a.671380966218484.1073741828.671353912887856/1152857441404165/?type=3&theater

السبت, 20 آب/أغسطس 2016 22:11
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

 

مقابلة صحفية مع محمود كار حول تقييم محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو

 

مقابلة صحفية

 

مع محمود كار حول تقييم محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو

 

 تم تقليل : 75% من الحجم الأصلي للصورة[ 909 x 476 ] - إضغط هنا لعرض الصورة بحجمها الأصلي

 

 

تقدم إصلاح خبر آراء المسلمين من مختلف المناطق حول محاولة الانقلاب التي حدثت في 15 تموز/يوليو. ومن هذا المنطلق قمنا بأول مقابلة مع محمود كار رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في تركيا

2

 

إصلاح خبر – مركز الأخبار

 

 

نقدم لكم مقابلة مع محمود كار رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تركيا وفيها سيقدم تقييمًا لمحاولة انقلاب 15 تموز/يوليو والذين يقفون وراءها ومجرى الأحداث ونتائجها.

 

إصلاح خبر: لقد قيل إن تركيا قد تغلبت على عصر الانقلابات. لكن في 15 تموز/يوليو وقعت محاولة انقلاب وقد كانت المحاولة الأكثر دموية مقارنة مع المحاولات السابقة. كيف يمكن تفسير هذا التقليد العسكري في تركيا؟

 

محمود كار: البلدان التي واقعها مثل تركيا، تشكل ساحة تخوض فيها القوى الاستعمارية المعارك لبسط هيمنتها، ومحاولات الانقلاب هي للأسف دائمًا من المحتمل جدًا أن تحدث. فبإلقاء نظرة على منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ودول أمريكا الجنوبية... ففي القرن العشرين يمكن لأي شخص تقريبًا أن ينهض في الصباح ليصل إلى السلطة من خلال انقلاب. وإذا سألت عمن يقف وراء هذه الانقلابات، فيمكننا القول، بالطبع القوى الاستعمارية. فالدول الاستعمارية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، كانت دائمًا تخوض معارك لتحقيق مصالحها في هذه البلدان من أجل بسط هيمنتها على الأنظمة السياسية القائمة فيها. ولذلك؛ فإن الانقلاب يقع عندما تتحرك دولة استعمارية من خلال القوة العسكرية ضد دولة استعمارية تتحكم بالسلطة السياسية في ذلك البلد. والشيء نفسه قد حدث في تركيا؛ فنحن نشهد تأثيرًا مستمرًا، وهو يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تخوضان صراع هيمنة منذ نصف قرن. وقد أصبحت تركيا مع الأسف ساحة لهذه القوى الاستعمارية. ولا يهم ما يقال عن أن عصر الانقلابات قد انتهى؛ فالدول الاستعمارية ستستمر بالتفكير في محاولات انقلاب في المستقبل أيضًا. وسيستمر هذا الحال حتى نقوم بقطع العلاقات مع الدول الاستعمارية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، ونقضي على نفوذهم وأتباعهم في الداخل.

 

أما فيما يتعلق بمسألة الانقلابات في تركيا، نقول: لقد كان أكبر انقلاب حصل في هذه البلاد هو إلغاء الخلافة في 3 آذار/مارس 1924. نعم؛ ولم يكن هذا الانقلاب أكبر انقلاب في تركيا فحسب، بل في العالم الإسلامي بأسره. وقد كانت بريطانيا هي التي تقف وراء ذلك الانقلاب، وهي التي قامت بهدم الخلافة بعد مؤتمر لوزان. تمامًا مثلما فعلت شرذمة من المجلس العسكري الكمالي العلماني في 15 تموز/يوليو، حيث قامت عصابة صغيرة خلسةً بانقلاب بواسطة السلاح والضغط وخداع الأمة وهدمت الخلافة. والإصلاحات التي أدخلها الجمهوريون لم تطبق بموافقة من المسلمين، ولكن بواسطة القوة. ومنذ ذلك اليوم وحتى الآن، يمكن القول إن الذين يقفون وراء الانقلابات هم القوى الاستعمارية.

 

إصلاح خبر: يقول معظم الناس بشكل عام إن محاولة الانقلاب في 15 تموز/يوليو تدعمه أمريكا، بينما يقول حزب التحرير إن الكماليين العلمانيين الموالين لبريطانيا هم من يقف وراء الانقلاب. فما الذي تستند إليه في قولك هذا؟

محمود كار: انظر؛ دعني أضرب لك مثلًا من التاريخ الحديث للإجابة على هذا السؤال. عندما أُسقطت الطائرة الحربية الروسية في 24 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2015؛ قال الجميع إن هذا الحادث جرى من خلال تسلسل الأوامر. وعلاوة على ذلك، صرح رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في بيان رسمي، بقوله: "أنا أعطيت الأمر". وقد قال الرئيس أردوغان: "نحن أسقطنا الطائرة الروسية لأنها انتهكت مجالنا الجوي. وإذا انتهكت مجالنا الجوي مرة أخرى، سنسقطها مرة أخرى".

ونحن في حزب التحرير قلنا في تحليلاتنا السياسية في ذلك الوقت إن إسقاط الطائرة الروسية لم يجر بناء على أوامر من القادة السياسيين، وإنما من خلال أمر قائد ما في الجيش التركي كان يسعى لتحقيق أهداف سياسية تختلف عن أهداف الرئيس أردوغان. وقد اتضحت دقة تحليلاتنا اليوم. وقد ألقي القبض على الطيارين الذين قاموا بإسقاط الطائرة الروسية وغيرهم الكثير من قادة سلاح الجو التركي بعد الانقلاب. وفي ذلك الوقت؛ دعمنا تحليلاتنا بالقول إن روسيا أجرت عملياتها في سوريا في إطار اتفاق مع الولايات المتحدة، وإن الحكومة الحالية في تركيا لن تخرق اتفاقًا تم التوصل إليه برعاية الولايات المتحدة.

والآن بينما يقول الجميع إن أمريكا تقف وراء الانقلاب، فنحن في حزب التحرير نقول إن الكماليين العلمانيين الموالين لبريطانيا هم من يقف وراء محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو. ونحن نقول إنه بسبب وجود توافق كبير بين الولايات المتحدة والسلطة السياسية في تركيا، لذلك فلا تحتاج الولايات المتحدة لتقوم بانقلاب. وقد تراجع الكماليون العلمانيون الموالون لبريطانيا في معركة الصراع على النفوذ في البلاد، ولكن ضباطهم في القوات المسلحة التركية قاموا بهذه المحاولة الوقحة والوحشية. وقد انضم بعض الضباط الأعضاء في جماعة غولن المعروفة باسم "الكيان الموازي" بشكل فردي إلى هذه المحاولة بسبب أردوغان. وكما هو الحال مع الكثير من تحليلاتنا السياسية وخاصة التحليل المتعلق بإسقاط الطائرة الروسية، فستتضح صحة تحليلنا هذا قريبًا للرأي العام. واسمح لي أن أؤكد بوجه خاص على ما يلي: لا يهم من الذي كان وراء الانقلاب سواء أكانت أمريكا أم بريطانيا. فإن ذلك لن يغير من الواقع شيئًا بالنسبة للمسلمين. لأن هؤلاء كفار مستعمرون. غير أنه إن لم تكن قادرًا على إدراك الجهة التي تقف وراء الانقلاب والسبب في الانقلاب والذي شارك فيه، فإنك ستشاهد فقط صراعًا على المصالح. وسترى فقط عملاء العدو، أما العدو الحقيقي فما يزال موجودًا.

إصلاح خبر: ماذا كان موقف حزب التحرير / ولاية تركيا من الانقلاب خلال تلك الفترة؟

محمود كار: حزب التحرير كان دائمًا ضد أي انقلاب، وليس في تركيا فحسب، بل في جميع أنحاء العالم الإسلامي. ولهذا السبب، أصدرنا بيانًا صحفيًا في يوم الانقلاب نفسه بتاريخ 15 تموز/يوليو، وقد ذكر البيان أن هذا الانقلاب هو عمل إرهابي وحشي وأدان مدبري الانقلاب. وذلك لأن مدبري الانقلاب قد أظهروا بشكل واضح عداءهم تجاه المسلمين في بيان نشروه على قناة "تي آر تي" من خلال تأكيدهم على العلمانية. وقد أثبتوا حقدهم وغضبهم من خلال استهداف أهل تركيا المسلمين وقتلهم. انظر، عندما قام السيسي بالانقلاب في مصر، خرجنا هنا في تركيا إلى الساحات وهتفنا لإخواننا وأخواتنا في مصر أننا معهم. وقد صدعت حناجرنا بمعارضتنا لكل من الانقلاب والديمقراطية وهتفنا "يسقط السيسي، تسقط الديمقراطية". والآن، خلال محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو، أعلنا معارضتنا للانقلاب والديمقراطية وما زلنا نقول ذلك.

 

لقد كشف تدفق الناس إلى الشارع ومقاومتهم للانقلاب المشاعر العامة في المجتمع وطبيعة تفكيره. هذا التفكير والمشاعر هما نتيجة الإسلام، وليس نتيجة للديمقراطية والعلمانية. هل رأيت أيًا من الديمقراطيين العلمانيين، أو الكماليين أو الليبراليين يتدفقون إلى الساحات؟ لا! لاحظ أنني لا أتحدث عن الساحات التي تحولت إلى مهرجانات للديمقراطية خلال الأحداث اللاحقة. ولم ننضم لهذه التجمعات في الساحات والتي قُدمت باعتبارها انتصارًا للديمقراطية وتحت عنوان عيد الديمقراطية. وعلى الرغم من ذلك، فإنه لم يخرج سوى المسلمين الذين يحملون المشاعر الإسلامية إلى الشوارع وقاوموا في ليلة الانقلاب. وقد قاوموا محاولة الطغمة العسكرية هذه جنبًا إلى جنب مع إخوانهم المسلمين. وقد ذهب بعض إخواننا إلى قاعدة أكينسي للوقوف في وجههم. وأيضًا كانت هناك إصابات بين أقارب وأفراد عائلات إخواننا في اسطنبول وأنقرة، وحتى إن البعض قد فقدوا حياتهم.

إصلاح خبر: لقد بدأت عملية تنظيف واسعة النطاق في داخل المؤسسات العامة بعد 15 تموز/يوليو، والتي جرى العمل بها تحت ذريعة قلة من العناصر الفاسدة. كيف يجب أن تدار هذه العملية؟

 

محمود كار: إن البداية المكثفة التي جرت على نطاق واسع، وعمليات التوقيف السريعة التي حدثت مباشرة بعد محاولة الانقلاب تبين أنه في الواقع قد تم التخطيط لها مسبقًا. وفي الواقع تستغل محاولة الانقلاب هذه كفرصة لعمليات التوقيف. كما أن المسؤولين قد ذكروا ذلك. إلا أنه لا يجب على الحكومة أن تقع في الخطأ الذي وقع فيه الكيان الموازي، جماعة غولن، من قبل. ولأن ضباط الشرطة والقضاة ينتمون لجماعة غولن، فقد صنفوا الجميع، مذنباً أو بريئا، في نفس الدرجة وأطلقوا عليهم إيرجينيكون. لدرجة أنهم دبوا الذعر في جميع الطوائف والحركات الإسلامية تقريبًا من خلال ربطها بإيرجينيكون من خلال شتى أنواع الافتراء، وزجوا بالناس في السجون بأحكام خارجة عن القانون. ومن الممكن أيضًا أن الموظفين العموميين العاملين في أجهزة الدولة قد أبلغوا عن الآخرين كذبًا وزورًا، تمامًا مثل من يقوم بمطاردة "متوازية" لأسباب كطريقة للحصول على ترقية، أو ببساطة لأنهم لا يحبون هذا الشخص. قد يؤدي ذلك إلى فقدان الكثير من الناس لوظائفهم وأعمالهم، فهؤلاء الناس عندهم أطفال وعائلات. ولذلك فإنه من الضروري التمسك بالحق والعدل. وهو تمامًا أمر الله سبحانه وتعالى، يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 8]

واسمح لي أن أقول لك هذا: كان أعضاء حزب التحرير من بين الذين تعرضوا بأكبر شكل لظلم الكيان الموازي. وخلال هذه العملية، تم الحكم بالسجن على أكثر من 500 عضو بأكثر من 2000 سنة. وهذا بسبب كل من ضباط الشرطة، والمدعين العامين والقضاة الذين قد تم اعتقالهم مؤخرًا. وقد حاولت هذه المجموعة تشويه حزب التحرير بكل السبل الممكنة من خلال وسائل الإعلام والشرطة والقضاء. وعلى الرغم من هذا، فنحن نقول إن الحكومة يجب ألا تتصرف بالطريقة التي تصرفت بها. يجب أن يكون هناك تمييز بين المذنب والبريء، ويجب منع الظلم بأقصى طاقة.

إصلاح خبر: فيما يتعلق بإرجينيكون. علينا أيضًا أن نسأل السؤال التالي: في هذه اللحظة، تم استبدال الذين خرجوا من القوات المسلحة التركية بالمتهمين في قضيتي إرجينيكون وعملية المطرقة الثقيلة. كيف تفسر هذا؟

محمود كار: إن الاستراتيجية التي تنتهجها الحكومة وهي استراتيجية "عدو عدوي هو صديقي"، هي أمر خاطئ وخطير جدًا. لأن هذا القرار اتخذ فقط لمعالجة الانقلاب. إلا أنه يجب على الرئيس والحكومة أن يدركوا أن هذا الانقلاب قد مُنع فقط من خلال تأييد الشعب. والعقلية الحقيقية التي تقف وراء هذا الانقلاب هي العقلية العلمانية والكمالية. والذين تمت محاكمتهم في قضايا إرجينيكون والمطرقة الثقيلة كانوا أيضًا من أصحاب العقلية العلمانية والكمالية. وإذا كان هؤلاء الناس يدعمون الرئيس والحكومة في الوقت الراهن، فإنهم بالتأكيد يقومون بذلك من أجل مصالحهم، لأن وجهة نظرهم عن العالم وتصوراتهم لتركيا لم تتغير. إن قبول الحكومة بدعم هذه القلة على طريقة "الأوقات العصيبة تتطلب اتخاذ تدابير يائسة"، لهو خطأ كبير وخطر في المستقبل. وبالمثل، يمكن أن نقول الشيء نفسه عن التعيينات في سلك القضاء. ويجب استخلاص العبر من كارثة نهج "وضع القطة بين الحمام" من تجربة الكيان الموازي. لذلك أعتقد أنه من الضروري أن يقوم الرأي العام الإسلامي برفع صوته تجاه هذا النوع من التعيينات.

إصلاح خبر: ما هو الدرس المهم الذي يجب أن يتعلمه المسلمون والسياسيون من هذه الفترة؟

محمود كار: الدرس الذي يجب على القادة تعلمه واضح جدًا. وخاصة الرئيس، فعليه أن يتعلم درسا كبيرًا من هذه المحاولة الانقلابية. فقد أثبتت محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو أن أهل تركيا المسلمين يريدون الإسلام ويريدون أن يحكموا بالإسلام. وقد أثبت المسلمون للجميع أنهم على استعداد لذلك.

لقد انتظرت جميع الدول الاستعمارية فقط أثناء عملية الانقلاب ليتصرفوا وفقًا للنتائج. ولو كان مقدرًا للانقلاب أن ينجح، فيمكنك أن تكون على يقين أنهم كلهم، الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وجميع الدول الأوروبية، كانوا سيقومون بالاتصال بمدبري الانقلاب وأنهم سيكونون على استعداد للتعاون معهم. وللأسف، لم تقم الحكومة ولا الرئيس بقطع العلاقات مع هذه الدول. فعلى سبيل المثال، في هذه البيئة المتشددة جدًا، حيث شعر الكثيرون بذلك من خلال القرارات، قيل إن القاعدة الرئيسية لمدبري الانقلاب، قاعدة أكينسي، سيتم إغلاقها. ومع ذلك؛ فإن القاعدة تُستخدم لصب حمم الموت على المسلمين والتي تم تحديدها كقاعدة أخرى للانقلاب، قاعدة إنجرليك، ما زالت تعمل ولم يجر إغلاقها. فإذا كانت أمريكا تقف وراء الانقلاب. أليس هناك ضرورة لإغلاق هذه القاعدة الأمريكية أيضًا؟ وإضافة إلى ذلك، كيف يستطيع رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية دخول بلادنا خلال هذه الفترة؟ هذه العلاقة يجب ألا تُنسى أبدًا: الولايات المتحدة والغرب لا يمكن أبدًا أن يكونوا أصدقاءنا. وعلى الرئيس أردوغان إدراك هذا، ويجب عليه أن يتخذ الخطوات المناسبة.

أما الدرس الذي ينبغي للمسلمين أن يتعلموه من محاولة الانقلاب هذه... انظر، عندما خرج المسلمون إلى الشوارع وهم يرددون شعارات إسلامية بعد الانقلاب، تدخل الغرب على الفور ورد بالقول "يجب ألا يكون هناك أية مساومة حول الديمقراطية، ويجب عدم التخلي عنها". وهذا يدل على أن الغرب ومن يسير معهم في بلادنا خائفون بشكل رهيب من قيام المسلمين بثورة إسلامية. وبالتالي؛ فإن هذا الشعب الذي تحدى الدبابات والمدافع يجب أن يدرك أن المستعمرين يقفون وراء الانقلاب. ويجب أن لا ننسى أنه طالما استمرت طموحات المستعمرين في تركيا، فسيستمر في اللجوء إلى محاولات الانقلاب. وبالتالي؛ فكما وقف المسلمون ضد الانقلاب، يجب أن يقفوا ضد الديمقراطية أيضًا. لأن الديمقراطية مثل الانقلاب؛ فهي حضارة غربية وخطر على المسلمين والأمة الإسلامية.

إضافة إلى ذلك، فقد أدرك المسلمون بالفعل من خلال وقوفهم ضد الانقلاب قوتهم الكامنة فيهم. ولو وضعوا جهودهم في العمل للإسلام وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فإن المستعمرين لن يجرؤوا على القيام بمحاولة انقلاب أخرى. لأن الدولة والجيش في دولة الخلافة الراشدة يشكلان جسدًا واحدًا. ودولة الخلافة الراشدة تشكل أمة واحدة بقادتها وجيوشها وأهلها. فالأفكار والمشاعر واحدة. والثقافة الوحيدة التي يحملها الناس هي الثقافة الإسلامية.

- See more at: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.ph...h.MNSWMQ49.dpuf

الثلاثاء, 16 آب/أغسطس 2016 15:04
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

جواب سؤال

المشاركة في أنظمة الكفر

السؤال:

خلال البحث في تحريم مشاركة المسلم في نظم الحكم الحالية التي لا تحكم بالإسلام، قال أحدهم إنه سمع أحد الشيوخ يجيز هذا الاشتراك مستدلاً بأن يوسف عليه السلام قد حكم بشريعة الملك في مصر... وأن النجاشي مكث سنين يحكم بالكفر علماً بأنه كان مسلماً وصلى الرسول صلى الله عليه وسلم عليه صلاة الغائب... ثم إن المصلحة وهي دليل شرعي تقتضي ذلك، فإن المسلم وهو في الحكم يراعي مصالح المسلمين أكثر من العلماني...

والسؤال هو ما مدى صحة هذا الاستدلال؟ ثم هل فعلاً هناك شيوخ يقولون بهذا؟ نرجو إجابتنا وجزاك الله خيرا.

الجواب:

نعم يقول بهذه الأقوال بعض مشايخ السلاطين، وهي أقوال لا تقوم بها حجة، لأن الحكم بما أنزل الله أدلته صريحة واضحة، قطعية الثبوت قطعية الدلالة وهي ليست محل خلاف بين الأئمة. إن الحكم بما أنزل الله فرض، يقول الله سبحانه: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ﴾ ويقول جل وعلا: ﴿وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ والنصوص في هذا المعنى كثيرة. أما عدم الحكم بما أنزل الله واللجوء إلى الحكم بالشرائع الوضعية فإنه كفر إذا اعتقده الحاكم، وظلم أو فسق إذا لم يعتقده الحاكم، وهذا وارد في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ﴾. وأما ما استدل به مشايخ السلاطين، فكما قلنا لا تقوم به حجة، وذلك لما يلي:

1- إن الاستدلال بعمل يوسف عليه السلام على قول القائلين إنه كان يحكم في بعض القضايا بشريعة ملك مصر، أي بغير ما أنزل الله، هذا الاستدلال هو في غير محله، لأننا مأمورون باتباع الإسلام الذي جاء به محمد عليه وآله الصلاة والسلام بوحي من الله سبحانه، ولسنا مأمورين باتباع شريعة يوسف عليه السلام أو غيره من الأنبياء عليهم السلام، وذلك لأن شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا، فهو منسوخ بالإسلام، يقول سبحانه. ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾، ومعنى "مهيمنا" أي ناسخا، فالإسلام نسخ شرائع الكتب السابقة، ولذلك فشرع من قبلنا ليس شرعاً لنا.

وهناك بعض أئمة الأصول قد أخذوا بالقاعدة بشكل آخر أي: «شَرْعُ مَنْ قبلَنا شرع لنا ما لم يُنْسَخ»، وهي تحدد أن الاستدلال بالشرائع السابقة يكون فقط بالأحكام التي لم تُنْسخ من تلك الشرائع. أما الأحكام التي جاءت شريعتنا ونسختها فلا يجوز أخذها من الشرائع السابقة، بل نحن مطالبون بما ورد في شريعتنا، والحكم بما أنزل الله صريح في الإسلام، وهو ناسخ لكل شريعة سابقة تخالفه، وعليه فإن جميع علماء الأصول المعتبرين، سواء أقالوا بالقاعدة الأولى "شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا" أم قالوا بالقاعدة الثانية "شرع من قبلنا شرع لنا ما لم ينسخ"، فكلاهما يوجب الحكم بما أنزل الله لأنه منصوص عليه في الإسلام بشكل صريح واضح قطعي الثبوت والدلالة، وناسخٌ للشرائع السابقة إذا خالفته.

ونقول ذلك على افتراض أن يوسف عليه السلام حكم في بعض القضايا بشريعة ملك مصر، مع أن الصحيح هو أن يوسف عليه السلام نبي وهو معصوم، فلا يحكم إلا بما أنزل الله عليه، فهو كما قال سبحانه في سورة يوسف يحاور صاحبيه في السجن بأن الحكم لله: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾، فيوسف عليه السلام يقول ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾، فالحاكمية هي لرب العالمين الذي يعبده المسلم ويأخذ تشريعه منه وحده ولا يتخذ رباً سواه.

ويوسف عليه السلام ما كان ليخالف فعلُه قولَه فتراه يدعو لحاكمية الله سبحانه ومن ثم يحكم بالكفر. إن هذا القول معناه الطعن في عصمة نبي من أنبياء الله تعالى والافتراء عليه، وهو أمر كبير... وإذن فإن يوسف عليه السلام لم يكن يحكم بالكفر، بل كان يحكم بما أنزل الله عليه، صادقا مخلصاً لله سبحانه. وكما قلنا فعلى فرض أن الله سبحانه أجاز ليوسف عليه السلام في شريعته أن يحكم في بعض القضايا بقوانين ملك مصر، فإن الإسلام قد نسخ الشرائع السابقة وصار الواجب علينا بعد رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحكم بالإسلام لا غير.

2- وأما الاستدلال بموقف النجاشي فهو في غير محله أيضاً، فإن من يدقق في المسألة يجد أن النجاشي كان ملكاً قبل إسلامه. وقد أسلم سراً وتوفي بعد إسلامه بوقت قصير، ولم يكن قادراً على تطبيق الإسلام ولم يجرؤ على إعلان إسلامه، فقد كان قومه كفاراً... وهذا لا ينطبق على من كان مسلماً معروفاً بإسلامه عند الناس، ونزيد الأمر تفصيلاً فنقول:

أ- إن كلمة النجاشي ليست اسم شخص الحاكم للحبشة، بل هو لقب لكل من كان يحكم الحبشة، فكان يسمى "النجاشي" كما كان يسمى حاكم الفرس بكسرى والروم بقيصر...، والنجاشي الذي أسلم وصلى الرسول صلى الله عليه وسلم عليه لم يمض على إسلامه سنين كما في السؤال، بل فترة قصيرة لا تتجاوز أياماً أو شهراً أو شهرين... فهو ليس النجاشي الذي هاجر المسلمون إليه من مكة، وليس هو النجاشي الذي أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري بعد صلح الحديبية عندما أرسل الرسل إلى الحكام، بل هو نجاشي آخر تولى الحكم بعد النجاشي الذي أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم له رسالة مع الحكام الآخرين، والروايات في هذا الموضوع في البخاري ومسلم، وقد وهم من ظن النجاشي الذي أسلم أنه هو نجاشي الحبشة الذي هاجر إليه المسلمون من مكة، أو أنه النجاشي الذي أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إليه عمرو بن أمية الضمري بعد الحديبية، والروايات في ذلك التي تعارض ما في البخاري ومسلم تردّ، وأما الأدلة على ما ذكرناه آنفاً فنذكر منها:

أخرج مسلم عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: («أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى كِسْرَى، وَإِلَى قَيْصَرَ، وَإِلَى النَّجَاشِيِّ، وَإِلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ تَعَالَى»، وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِيِّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.) انتهى

وأخرج الترمذي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: («أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ قَبْلَ مَوْتِهِ إِلَى كِسْرَى وَإِلَى قَيْصَرَ وَإِلَى النَّجَاشِيِّ وَإِلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ» وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِيِّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ") انتهى.

وواضح من حديث مسلم والترمذي النص على أن النجاشي الذي أسلم وصلى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ليس هو النجاشي الذي أرسل الرسول إليه رسائله مع الحكام الآخرين.

ب- حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل الرسائل للحكام بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من الحديبية أي بعد ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة، وحيث إن هذا النجاشي الذي أسلم ليس هو النجاشي الذي أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إليه مع الحكام الآخرين، بل هو نجاشي بعده، فيكون تولى الحكم نحو السابعة للهجرة.

ج- ولأن أبا هريرة كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاته على النجاشي الذي أسلم كما هو في أحاديث الصلاة على النجاشي، ومعروف أن أبا هريرة بعد أن أسلم قد وفد إلى المدينة مع وفد دوس في نحو سبعين أو ثمانين وفيهم أبو هريرة وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ. فساروا إليه فلقوه هناك. وقد قسم لهم رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم من غنيمة خيبر، وخيبر كانت في السنة السابعة للهجرة، وهذا يعني أن النجاشي الذي أسلم قد استلم حكم الحبشة في نحو السابعة للهجرة وتوفي في السابعة للهجرة، أي لم يمكث سوى أيام أو أشهر قليلة...

د- لقد كان الحبشة في ذلك الوقت كفارا على دين النصرانية، وحاكمهم النجاشي أسلم سراً دون أن يعلموا، بل ودون أن يعلم أحد، حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يُفهم من أحاديث الصلاة على هذا النجاشي، قد عَلم عن وفاة النجاشي بالوحي، ومفهوم الأحاديث في الصلاة عليه يدل على ذلك:

- أخرج البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ خَرَجَ إِلَى المُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا». وفي رواية أخرى «نَعَى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجَاشِيَّ صَاحِبَ الحَبَشَةِ، يَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ»، فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ».

- وأخرج البخاري عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ تُوُفِّيَ اليَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنَ الحَبَشِ، فَهَلُمَّ، فَصَلُّوا عَلَيْهِ»، قَالَ: فَصَفَفْنَا، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَنَحْنُ مَعَهُ صُفُوفٌ قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: عَنْ جَابِرٍ «كُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي»، وفي رواية أخرى عن جابر قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَاتَ النَّجَاشِيُّ: «مَاتَ اليَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصْحَمَةَ».

ومفهوم الكلمات الواردة في الأحاديث: «نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ»، «نَعَى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجَاشِيَّ صَاحِبَ الحَبَشَةِ، يَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ»، فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ»"، «مات اليوم رجل صالح...». فالنعي في اليوم الذي مات فيه، والنجاشي في الحبشة والرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، فهو يعني أن الخبر بالوحي، وكذلك فإن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ»، «مات اليوم رجل صالح...»، يعني أنهم لم يكونوا يعلمون بموته...

هـ- وعليه فإن حالة النجاشي لا تنطبق هنا، فهو أسلم سراً، وقومه كفار، وتوفي بعد وقت قصير، ولم يعرف أحد بإسلامه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي... فلا تنطبق هذه الحالة على مشاركة المسلم المعروف بإسلامه في الحكم بغير ما أنزل الله، والقائلون بأنها تنطبق ليس لهم دليل، ولا شبهة دليل.

3-وأما الاستدلال بالمصلحة، وأنها دليل، فهو أيضاً في غير محله، ونستعرضه على النحو التالي:

هناك بين علماء أصول الفقه من قال بالمصلحة كدليل، ولكنهم اشترطوا أن لا يكون ورد في الشرع أمر بها أو نهي عنها، وأما إذا ورد بها أمر أو نهي، فلا يؤخذ بحكم المصلحة بل يؤخذ بالذي ورد في الشرع. ولم يقل أحد من علماء الأصول المعتبرين بتعطيل النصوص التي جاء بها الوحي بحجة أن المصلحة تتطلب ذلك.

فالربا حرام، حرمه الشرع بنصوص جاء بها الوحي فإذا كانت المصالح تتطلبه، فإن الشرع يرفضه ويحرمه، وإذا أفتى به بعض من يُسّموْن علماء فإن فتواهم مردودة عليهم وهي تتصادم مع الشرع الذي جاء به الوحي.

ومسألة الحكم بغير ما أنزل الله هي حرام بشكل قطعي مثل حرمة الربا لأن النصوص من الوحي جاءت بذلك. فلا يبقى أي محل لتحكيم المصلحة، فحيث ما يكون الشرع تكون المصلحة وليس العكس.

ونحن في بحثنا هذا نجاري علماء الأصول الذين تساهلوا وقالوا بالمصالح المرسلة، فحتى على مذهب هؤلاء لا محل للاستدلال بالمصلحة. مع أن الحقيقة هي أن المصالح المرسلة غير موجودة، وهي موجودة في نظر الذين قالوا بأن الشرع ترك بعض الأمور دون أن يأمر بها أو ينهى عنها، وقالوا إنهم يستعملون المصلحة في هذا الحقل. والحقيقة أن الشرع لم يترك بعض الأمور دون بيان حكمها، بل هو بيّن أحكام كل شيء ﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾، ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾. ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾.

4- والخلاصة هي أن المشاركة في أنظمة الكفر والحكم بغير ما أنزل الله هي كفر إذا كان الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله يعتقد هذا الحكم، وهي ظلم وفسق إذا كان الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله لا يعتقد هذا الحكم، كما في الآيات الكريمة: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ﴾، ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، والقائلون بأنه يجوز للمسلم أن يشارك في الحكم بغير ما أنزل الله ليس لهم دليل ولا شبهة دليل، لأن النصوص في منع ذلك قطعية الثبوت والدلالة.

آمل أن يكون الجواب واضحاً كافياً شافياً بإذن الله سبحانه.

- See more at: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/ameer/jurisprudence-questions/24764.html#sthash.Gqq9wmCl.dpuf

الثلاثاء, 16 آب/أغسطس 2016 14:54
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

جواب سؤال

سفر المرأة

حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافرُ مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها» أخرجه مسلم من طريق أبي هريرة رضي الله عنه:

1 - يحرم عليها أن تسافر وحدها دون محرم المدة المذكورة أي يوم كامل (24 ساعةً)، الليل والنهار.

2 - النص يدل على الزمن وليس على المسافة، فلو سافرت بطائرة دون محرم ألف كيلومتر فذهبت ورجعت دون أن تمكث تلك المدة فيجوز لها ذلك. أما لو سافرت مشياً عشرين كيلو واحتاج منها ذلك أكثر من نهار وليلة فيحرم عليها دون محرم.

3 - النصوص الواردة في قصر الصلاة وجواز الإفطار في الصوم تتضمن المسافة (أربعة برد) وتقدَّر بحوالي 89 كيلو متراً. فالمسافة في القصر هي المعتمدة فمن سافر هذه المسافة بالطائرة أو الباخرة أو الطيارة أو مشياً جاز له القصر مهما كان زمن السفر.

4 - فالعبرة في السفر دون محرم للمرأة هي بالزمن، نهار وليل، مهما كانت المسافة، فإن لم تمكث المرأة هذا الزمن، بل سافرت ورجعت قبلها فيجوز ذهابها دون محرم. وأما في القصر والفطر فالعبرة بالمسافة مهما كان الزمن قل أو كثر.

5 - أما أمنها على نفسها فهو موضوع آخر، فإن لم تأمن على نفسها إلا بمحرم فلا تسافر حتى وإن كان الزمن نصف نهار، فالأمن على نفسها موضوع آخر.

6 - المحرم هو رجل من محارم المرأة، أما النساء الثقات فبعض الفقهاء يقول به، وأما نحن فنرجِّح سفرها بمحرم رجل للمسافة المطلوبة.

7 - المسافر لدورة قصيرة مدة ثلاثة شهور مثلاً يكون حكمه حكم المسافر إذا لم يتخذ البلد الذي فيه الدورة مكان إقامة له، وإنما فقط لأداء الدورة والرجوع إلى بلده الأصلي، فيكون حكمه في هذه الحالة حكم المسافر. أما إذا اتخذ البلد الذي هو مكان الدورة، إذا اتخذه إقامةً له فإنه في هذه الحالة ينقطع سفره ويأخذ حكم المقيم.

- See more at: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/ameer/jurisprudence-questions/36008.html#sthash.nVhhX8fD.dpuf

الثلاثاء, 16 آب/أغسطس 2016 14:28
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

إقامة الخلافة والعامل الزمني

 

 

عند طرح موضوع العمل لإقامة الخلافة يتذرع الكثير من الناس بعدم عملهم بان دعاة الخلافة جاوزوا الستين عاما ولم يقيموا دولة، لذلك ترى الإنسان متأثر من طول المدة، فقد لا يقتنع وتكون هذه هي العقدة التي منعته من الالتزام في الدعوة.

 

 

بداية نقول إن العامل الزمني ليس شرطا في صحة العمل لإقامة الخلافة، فاشتراط العامل الزمني شرطا هو خطأ، فان من شروط صحة العمل موافقته للحكم الشرعي، وليس العامل الزمني.

 

 

والعامل الزمني هو ابتلاء واختبار للإنسان المسلم في سعيه لإقامة الخلافة، للعامل لها وللمنتظر قيامها، وكثيرا ما دمر الوقت وطول الأمل الظالمين لما يرونه من وجود السيطرة لهم، وكثيرا ما جعل الوقت البعض من حملة الدعوة يتركون الدعوة لما رأوه من طول الوقت وعدم وجود الفرج في حياتهم أو أثناء عملهم.

 

 

فقصة سيدنا نوح والدعوة ليل نهار، وهذا عمل لمن لا يتصوره صعب، إذ أن إنسان يمضي ساعة أو ساعتين أو ثلاث من يومه يدعو الناس إلى الإسلام، يجد هذا الأمر مرهق له، هذا إذا لم يداخله الشيطان بأنك قد فعلت ما لم يفعله احد غيرك، هذا إذا استمر الإنسان على هذه الوتيرة من الدعوة، وهي تحتاج إلى جلد وصبر، ومع ذلك ورغم طول الفترة التي قضاها سيدنا نوح عليه السلام في الدعوة وهي تسعمائة وخمسون سنة، نجد أن تلك الفترة الزمنية في الدعوة لم تؤثر في دعوته بل استمر يدعو قومه ليلا ونهارا. طبعا نحن لا نتكلم عن عمل عادي بل نتكلم عن الدعوة التي فيها ما فيها من الصد والتكذيب عن سبيل الله، والاستهزاء والسخرية والاضطهاد له ولمن آمن معه، والتعذيب والقتل أحيانا، وكل أساليب الصد عن سبيل الله، ومع ذلك لم يؤمن معه إلا قليل.

 

 

لا نستطيع أن نقول أن سيدنا نوح عليه السلام قصر في الدعوة بعد هذا العرض البسيط لدعوته، فإذا تخيلنا هذا الوضع قلنا في عقولنا البسيطة لِمَ لَمْ يهلك الله قومه من أول عشر سنوات للدعوة، أو من أول خمسين سنة للدعوة، وكيف استطاع سيدنا نوح عليه السلام الصمود هذه الفترة من الزمن.

 

 

لذلك كان عدد المستجيبين للدعوة ليس دليلا على التقصير وان طال الزمن، وذلك لان استجابة الناس وعدمها لا تعني بأي حال من الأحوال أنّ سيدنا نوح عليه السلام قد قصر في تبليغ دعوته، بل يعني أن الناس لم تستجب، وهناك ما أخرجه البخاري و مسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :"عُرضت عليَّ الأمم ، فرأيت النبي و معه الرهط ، و النبي و معه الرجل و الرجلان ، و النبي و ليس معه أحد" وطبعا لن نتهم نبيا من الأنبياء بأنه لم يدعُ إلى دين الله أو أن هناك خطأً في دعوته، بل هي عدم استجابة الناس.

 

 

فقياس الصحة للدعوة بالزمن بأنه كلما زاد الزمن وجب دخول الآلاف في الدعوة هذا استنتاج خاطئ، رغم أنه ولله الحمد فان حملة الدعوة ينتشرون في أصقاع الأرض يوما بعد يوم وعاما بعد عام.

والآيات الواردة في كتاب الله عز وجل {وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } {وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} {وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ} {وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} تتكلم عن طبيعة في الناس وهي أن الأكثرية عادة لا تتبع الحق والهدى بطريق الاختيار، بل الناس بأكثريتهم يبحثون عن الراحة في هذه الحياة الدنيا، وهذا لا يتوافق كثيرا مع حمل الدعوة مع ما يرافقه من مشقات، فعدم إتباع الناس بأكثريتهم لحملة الدعوة وان طال الزمن شيء طبيعي، ما لم يصبح لهذه الدعوة القوة التي تحمي بها نفسها، ولذلك كان عدد المسلمين والداخلين في دين الله بعد النصر للإسلام أفواجا، عكس الصورة قبل إقامة دولة الإسلام في المدينة، قال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}.

ولو عدنا إلى التاريخ لننظر إلى الفترات التي كانت تتم بها الأحداث التي نقرأ عنها في كتب التاريخ، للاحظنا أن معظمها يزيد تقريبا عن التسعين عاما التي مضت على هدم الخلافة، أو الستين عاما التي مضت على العمل الحقيقي لإقامة الخلافة، وعن الستين عاما تقريبا التي مضت على احتلال فلسطين.

ففترة الحروب الصليبية (1096م – 1291م) أي 195 سنة، لو مرت على أهل هذا الزمان ربما لباعوا مكة مع المدينة للصليبيين، ولعقدوا آلاف المعاهدات مع الصليبيين، ولم يقل احد للحكام آنذاك ماذا عملتم للتحرير لقد طال الزمان وهذا يعني أنكم على خطأ، -[مع فارق موضوع التقصير من قبل المسلمين في ذلك العصر بشكل عام، وأيضا مع وجود التقصير الهائل هذه الأيام، ولكننا نتحدث عن الفترات الزمنية الطويلة]- فالفرق بين ذكرها حاليا وبين من عاشها، أن من عاشها عاصرها يوما بعد يوم وكابد مشقاتها، أما من سمع عنها هذه الأيام فلا يسعه إلا الإعجاب بفعل الأيوبيين والمماليك لتحرير البلاد من رجس الصليبيين، ولذلك فان الفترة التي نعيشها لأننا نكابدها يوما بعد يوم نشعر بطولها وثقلها علينا لكن الحقيقة أنها فترة كأي فترة زمنية، بل هي قصيرة نسبة إلى ما عاشه أجدادنا.

إن عامل اليأس اثر كثيرا في الناس بحيث باتوا يسألون متى نصر الله، فما عايشوه من ذل وهوان اثر على الكثير منهم، حتى أن الناس لتمجد المجرم القاتل الخائن لله ورسوله لأنهم رأوا منه موقفا رجوليا خُدعوا به، فماذا لو عاصروا اقل حكام المسلمين عدلا في ظل الخلافة، ربما لقدسوه!!!. فكثير من الحركات قامت للتغيير، ولكن بسبب عدم فهم هذه الحركات لسنة الله في التغيير، وبسبب خيانة الكثير من قادة الحركات لله ورسوله وممالئتهم الكافر والأنظمة الموجودة في العالم فشلوا، فهذا اثر على الناس، فقالوا متى نصر الله، وقالوا أن جميع الحركات مصيرها كسابقاتها، واثر ذلك على حملة الدعوة، بان كانت هذه عقبة في طريق إقامة الخلافة ومبطئا لها- وما النصر إلا من عند الله- فقال الناس لنا وبعضهم ينظر إلينا واليأس يملأ عينيه: متى نصر الله؟!!!

إن العمل الفكري ليس كالعمل المادي، تجد له بعض الشواهد المادية، فالعمل الفكري يكون تأثيره صعب الإدراك على عامة الناس، وليس كالعمل المادي من قتل وتدمير وبناء، فبداية التبشير في العالم الإسلامي في بلاد الشام بدأت سنة 1625م وهذا يعني 300 سنة تقريبا حتى هدم الخلافة، طبعا نحن نتكلم عن فترة كان فيها فهم الإسلام ضعيفا، مع إساءة لتطبيقه من قبل الحكام، ومكثوا هذه الفترة حتى استطاعوا هدم الدولة، مع ملاحظة أخرى وهي عامل الدعم من قبل الكفار لهؤلاء المبشرين بكل ما يريدون، وما تبعه من مؤامرات وغيره حتى هدم الخلافة.

أما اليوم فالعمل الفكري لا يعتمد إلا على الله أولا وأخيرا وعلى جهد حملة الدعوة ومالهم، مع المحاربة الشديدة من قبل الكفار والحكام وبعض أبناء المسلمين، لذلك فهذه الفترة من الزمن مع ما مر من فترات زمنية شيء طبيعي، على العكس من ذلك بل هي تسير بوتيرة مسرعة بالنسبة لما مضى من أحداث تاريخية.

والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا يملك العاملون للتغيير الحقيقي غير الفكر للتغيير وطبعا نصر من الله؟ الجواب: لا شيء.

أما الطرف الآخر وهم الكفار والأنظمة في العالم الإسلامي فهم يملكون الكثير من حطام الدنيا، فالمال وما يمكن أن يحققه لهم من دعم مثل المفكرين والكتاب والأدباء وكثير من الناس ممن باعوا أنفسهم للشيطان، وكثير من الفضائيات ومحطات التلفزيون والإذاعات، وأيضا مراكز الأبحاث والمؤسسات والجمعيات ومناهج التعليم وتلك الطامة بينهم، وأجهزة امن لقمع كل من يفكر بالتغيير، قمعه بالتخويف والتهديد والسجن والتعذيب والقتل والنفي، وغيره من الوسائل، فبحساب الدنيا لن تقوم للعاملين للتغيير قائمة، ولكن مع انتشار حملة الدعوة وانتشار فكرهم وقلق الكافر من هذا التغيير القادم ندرك أن الله تعالى لن يخلف وعده بنصر العاملين ولو بعد حين، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) ولذلك يجب أن يكون هناك إعجاب بهذا الجهد الذي يبذله حملة الدعوة للتغيير.

قال عليه الصلاة والسلام: {لا تزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عنْ أربع ٍ عنْ عُمُرِهِ فيما أفناهُ وعنْ جسدِه فيما أبْلاهُ وعنْ مالهِ مِنْ أيْنَ أخذهُ وفيما أنْفَقَهُ وعنْ عِلمِهِ ماذا عَمِلَ بهِ} إذا كما ورد في الحديث فالإنسان يسال عن العمل الذي عمله وليس عن النتائج، فهل أفنى الإنسان عمره في خير يرضي به رب العالمين، أم في شر يغضب به الله العزيز الجبار

لذلك فالمنتظر النصر دون عمل، سوف يحاسب عند الله تعالى على هذا التقصير، لأنه أمضى عمره منتظرا، لان المنتظر النصر دون عمل هو العاجز الذي اخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال).

وفي شرح النووي على مسلم: وأما (العجز) فعدم القدرة عليه، وقيل: هو ترك ما يجب فعله، والتسويف به وكلاهما تستحب الاستعاذة منه.

وما يجب فعله هو العمل للتغيير مع العاملين للتغير لإقامة الخلافة وعدم الانتظار والقول أنها قائمة لا محالة أو ماذا سيؤثر عملي مع العاملين للتغيير وما في هذا من معاني.

قال تعالى: (‏يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون).

http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4906&hl=

الصفحة 63 من 74

إضاءات

JoomlaWatch Stats 1.2.9 by Matej Koval