سيف الدين عابد
لا يختلف اثنان من الباحثين في قضايا "الإسلام السياسي" أن مؤسسات الفكر الغربية بذلت وتبذل مجهودات هائلةً في إثارة هذه المسألة ووضعها على رأس أجندة أعمالها، بحثاً وتمحيصاُ وخروجاً بتوصيات وإرشادات سواء لمراكز القرار في بلادها أو للأنظمة في بلاد المسلمين، لكي يولوا هذه المسألة الحساسة أهمية بالغة، وقد صاغت مؤسسات الفكر هذه (Think Tanks ) كيفية التعاطي مع العالم والأحداث لمدة تزيد عن المائة عام.
وبالرغم من أنّ هذه المؤسسات لا تقع تحت أضواء الإعلام بشكل يُظهرُ فيه عملها وخطورتها، إلا انها تؤثر وبشكل قوي على صانعي السياسة الأمريكية من خلال عدة طرق أهمها:
بقلم يوسف طلال
لقد باتت الدولة الفلسطينية عند أصحابها سواء في أدبيات المشاريع الوطنية أم في طيات المشاريع التفاوضية السياسية الحالية -لا فرق - أملاً يتضاءل وحلماً بعيد المنال. وهذا صار واضحاً من خلال ما أصبح يصدر عن القيادة الرسمية الفلسطينية ( قيادة السلطة ) بخصوص هذا الموضوع وكذلك من خلال نبرة التشاؤم التي صارت تصدر عمن اعتمدت عليهم قيادات السلطة لتحقيق حلمهم في تلك الدولة من أوروبيين وأمريكان. وبعد أن كانت قيادات السلطة لا شغل لها ولا هم سوى التقاط تصريحات من سياسيين غربيين معروفين أو مغمورين يتكلمون عن الدولة الفلسطينية ولو ببعيد الإشارة، فتتلقف تلك التصريحات لترحب بها وتشكر قائليها وتثمن مواقفهم، حتى لو كانت أقوالهم في سياقات الكلام عن أمن "إسرائيل" ومصالحها، فصارت هذه القيادات الآن بدلاً من ذلك تتلقى موجات التشاؤم عن جدوى المشروع أو إمكاناته.
كان جحا يملك داراً وأراد أن يبيعها دون أن يفرط فيها تماماً فاشترط على المشتري أن يترك المسمار الموجود مسبقا في الحائط داخل الدار ولا ينزعه، فوافق المشتري دون أن يلحظ الغرض الخفي لجحا من وراء هذا الشرط،وبعد أيام ذهب جحا لجاره و دق عليه الباب،فلما سأله جاره عن سبب الزيارة أجاب جحا:جئت لأطمئن على مسماري!!
فرحب به الرجل، وأجلسه، وأطعمه. لكن الزيارة طالت،والرجل يعاني حرجًا من طول وجود جحا،لكنه فوجئ بما هو أشد ؛إذ خلع جحا جبته وفرشها على الأرض وتهيأ للنوم، فلم يطق المشتري صبرا وسأله: ماذا تنوي أن تفعل يا جحا؟! فأجاب جحا بهدوء: سأنام في ظل مسماري، وظل جحا يذهب يوميا للرجل بحجة مسماره العزيز،وكان جحا يختار أوقات الطعام ليشارك الرجل في طعامه،فلم يستطع الرجل الاستمرار على هذا الوضع،وترك لجحا الدار بما فيها وهرب!!
قد يستغرب المرء ويُصاب بشيء من الدهشة وهو يرى مواقف تركيا الأخيرة وعلاقتها مع "إسرائيل"، فمن جانب يسمع تصريحات أردوغان النارية التي ينتقد فيها بانتظام "إسرائيل" بسبب غاراتها على قطاع غزة وخاصة الهجوم الدامي لجيشها على القطاع في الشتاء الماضي، بل وانتقاده موقف القادة المسلمين حيال معاناة فلسطينيي قطاع غزة ووصف بأنه "يدعو للرثاء"، ثم تعاطفه مع قافلة شريان الحياة وتأييدها ومشاركة بعض النواب الأتراك فيها، ومن ثم رفضه ورفض رئيس الجمهورية عبد الله غول لقاء إيهود باراك.
قبل أيام استضافت لندن مؤتمرا لوضع أسس المرحلة المقبلة في أفغانستان، الذي اتفق فيه المشاركون على اقامة "صندوق الدمج"، لتمويل جذب العناصر المعتدلة من حركة طالبان ودمجهم في المجتمع والعملية السياسية. ومع مطلع كانون الأول الماضي صدرت إستراتيجية أمريكا الجديدة لأفغانستان، القائمة على حشد مزيد من القتلة بزيادة 30000 من القوات الإضافية. وما بين الاستمالة بالمال والتهديد بالرجال، يبقى المشهد الأفغاني مشتعلا في رأس الغرب بعد أن تورط في بلد هو مقبرة الإمبراطوريات.
إقرأ المزيد: باكستان صداع في رأس الغرب ينفجر بانبثاق الخلافة
المزيد من المقالات...
الصفحة 131 من 132