قادة لا يبصرون وشعب مكلوم وإعلام متغافل

طباعة

 

ابتلى الله تعالى المسلمين وغير المسلمين في السودان بحكومة البشير والتي رفعت شعار تطبيق الشريعة كذبا منذ أن استلمت الحكم لأكثر من عشرين عاما - وهي ابعد ما يكون عن الإسلام - والآن مرت ست سنوات منذ أن وقعَت حكومة البشير اتفاقية نيفاشا الكارثة والتي يعطي البشير بموجبها ولاية للكفار على المسلمين. ومنذ ذلك الوقت انحدر حال البلاد انحدارا شديدا بزيادة على ما كان عليه.. فأصبحت الفوضى عامة والبلاد يحكمها العصابات و" الشِلل" بسبب تغييب النظام الحاكم عن الساحة عمدا تاركا الحبل على الغارب لكل المغرضين وكل الطامعين في نهش لحم الأبرياء ،، 

بينما الوضع حرج تجد أن الإعلام المحلي والعالمي يضرب طوقا من التعتيم على ما يمر به السودان ككل من سوء أوضاع من غلاء فاحش وفقر وأمراض وتعليم فاضل وسوء رعاية للشعب سواء كان من الجنوب أو الشمال أو دارفور ،، فلا يسمع أحد بما يعانون من ويلات يومية ويركز على معاناة الجنوبيون فقط تماشيا مع سياسات أمريكا التي تريد الانفصال للجنوب تنفيذا لبنود هذه الاتفاقية البغيضة لإضعاف الناس هناك أكثر وأكثر. و المتتبع لتقارير الإعلام عن قضية المسلمين في السودان تصله صورة جميلة ليخفي وجهها الوحشي فيقلب الحقائق ويركز على مصطلح " حق تقرير المصير والحريات والحوار بين الأديان والتسامح والعدل " بدلا عن الانفصال يعني الإضعاف و التمزيق والتفتيت والانقسام وترسيم الحدود يعني الهلاك والخلافات والحروب ،، وكلها مصطلحات تكشف مستقبل أظلم لهذا البلد الطيب أهله ، فاتفاقية نيفاشا ودعوة وسائل الإعلام الصريحة للانفصال كأنما هو واقع لا محالة قد غيرت حياة الناس في البلد الواحد للأسوأ فصار التعامل تعامل على أساس المادة والمصالح لان الكل وراء ميزانيات التنمية والمشاريع الاقتصادية والاستثمارية والتي يُمني الساسة بها أبناء السودان ب" كلام جرائد " لا يتحقق منه شيئا على أرض الواقع بينما يبقى منها فقط الحقد والتباغض بين الناس إمعانا في تكريس فكرة الانفصال الشريرة !

 

وكما أن هذه الاتفاقية رعتها أمريكا ومهدت لها وتتابع تنفيذ كل بنودها ،، يظهر لنا البشير في وسائل الإعلام كأنه ضد أمريكا وضد سياساتها وينقل الإعلام للعالم أن النظام الحاكم في السودان نظام ديكتاتوري لأنه يطبق الإسلام.. يخرج علينا البشير في خضم هذه الأحداث ليقول في حال الانفصال سيطبق البشير الشريعة في الشمال !! تثبيتا لهذه الكذبة التي يريد البشير أن يوحي بها للعالم.. وتأجيجا للفتن ،، فبهذه التصريحات يخاف الجنوبيون مما حذرهم منه ساستهم بأن الشريعة ستطبق عليهم تعسفا.. و النتيجة : حث الجموع على تسريع عملية الانفصال.. وفي نفس الوقت يدعو للوحدة الجاذبة !! فأقواله متناقضة وغالبا ما تكون في ناحية وأفعاله في ناحية أخرى تماما !!

وبينما هو يعلن التشدد في تطبيقه للشريعة في حال الانفصال ، تعتقل عناصر الشرطة المخلصين من أبناء الأمة ممن يدعون لتطبيق الإسلام و من يعملون لمنع هذا التمزيق وهذه الخيانة العظيمة للأمة الإسلامية !

فأي إستغباء وتضليل هذا للمسلمين في السودان بل وفي كل العالم ؟! وهذا كله يصمت الإعلام عنه ويركز فقط على نقل بعض الحقائق عن وضع السودان بما يخدم مصالح الحكومات والغرب الكافر..

ومما غض عنه الإعلاميون الطرف أيضا حال أهل السودان من الجنوبيين الذي يغني عن السؤال.. فبسبب الإستفتاء القادم في يناير ، منهم من أُخرج من شمال البلاد بالقوة والضرب والقمع ،، أُخرجوا من بيوت أسسوها خلال سنين طوال ،، أُخرجوا منها عنوة بحجة العودة إلى الجنوب والعيش هناك والتصويت للانفصال.. وعمل سلفا كير المجرم والبشير المتواطئ على نشر إغراءات مادية بأنهم سيجدون أفضل إذا رجعوا إلى الجنوب.. فأُخذوا إلى هناك ولم يجدوا إلا معسكرات ومخيمات في الخلاء وتُركوا بدون طعام ولا ماء ولا أي شيء أبدا ،، واستمر الحال طويلا ،، فمنهم من هرب ورجع وإلى الشمال ومنهم من مات ومنهم من قتل بسبب العنصرية القبلية الشرسة في الجنوب !! فبينما أُخرجوا وهجروا من أراضيهم ( جنوبيون مسلمين وغير مسلمين ) عنوة وحكومة البشير الفاجرة " تتفرج " عليهم بل وتُعين سلفا كير المجرم على ذلك بإرسال النساء والرجال من موظفي المحليات في رحلاة " صيد وتصيد " لتقصي ولحصر الأسر الجنوبية التي تعيش في الشمال والتي تختبئ من هؤلاء كالمطارين أو المطلوبين للعدالة ، وهم من الناس البسطاء كبائعات الشاي وعمال البناء - يختبئون من الشرطة ومن الموظفين الذين يحققون مع كل من يروا في الطريق ويسألونهم إن رأيتم جنوبي يجب أن تبلغونا به.. يبحثون عنهم ليجبروهم على التسجيل للاستفتاء وهم لا يريدون !! وذلك كله يحدث على أرض الواقع ،، تجد الإعلام المحلي والعالمي يظهر مدى سعادة الجنوبيين بالاستفتاء وبخيار الانفصال ولا تسمع إلا بالدعوات إليه بل وأصبح المذيعين في نشرات الأخبار يستخدمون مصطلح سلفا كير رئيس دولة الجنوب في السودان والبشير رئيس دولة الشمال في السودان ( !! ) إمعانا في ترسيخ هذا الذل وهذا الواقع الدموي !

فمن يكشف حقيقة ما يجري في السودان حقا ؟ وإلى من يشتكي هذا الشعب المكلوم ؟ فبين النظام الفاسق الظالم وسياسات الظلم و بين تكميم الأفواه والتعتيم الإعلامي على الحقائق وقلبها ضاع حق الناس من رعاية وعيش في سلام حقيقي في ظل نظام يحكم فعلا بالإسلام الصحيح..

فالآن لنسأل أنفسنا إذا ما هو فعلا موقف الإعلام الحقيقي من هذه القضايا الشائكة ؟!

أليس الإعلام يدَعي إنه يكشف عن المؤامرات التي تُحاك ضد المظلومين ويعمل على محاسبة المسئولين ؟!

أم أن الإعلاميين والكُتاب والمحللون السياسيون الذين يظهرون في القنوات الفضائية لا يعرفون مواقف غير المواقف المتماشية مع مواقف الغرب الكافر ؟!

فالواضح لنا أن الإعلام لا يلتزم بقضايا الأمة الإسلامية إلا من زاوية واحدة وهي زاوية الغرب الكافر ومن تبعه من الأنظمة الحاكمة الظالمة في بلاد المسلمين.

 

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.



شارك على فيس بوك