أحدث المقالات

مختارات الفيديو

.

الثلاثاء, 05 أيار/مايو 2020 23:34
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

متى تنتهي أزمة كورونا؟

 

لقد عانى البشر على مرّ تاريخهم الطويل من أوبئة كثيرة نالت من سلامتهم الجسديّة وأثرت على تناميهم عدديّا أو عمليّا لسرعة انتشار هذه الأوبئة وظهورها بطريقة مفاجئة وسريعة بحيث لا تمنح للناس فرصة لمقاومتها وصدّها إلا بعد أن تحصد آلاف الأرواح وبعد أن تحدث اضطرابا وبلبلة في المجتمعات. ولو استعرضنا تاريخ الأوبئة من حيث الزمان والمكان لوجدنا أنّ الأمم لم تخلُ من ظهورها وانتشارها كالطاعون ومنه الطاعون الأسود والإنفلونزا بأنواعها وخاصة الإسبانية التي أودت بحياة 75 مليون شخص عبر العالم والكوليرا والإيبولا والسارس وغيرها وصولا إلى كورونا...

 

ولعلّ تواصل اجتياح فيروس كورونا لدول العالم والعجز عن مواجهته أو اكتشاف لقاح يمكن أن يوقفه رغم الجهود الحثيثة للحدّ منه، ورغم الإجراءات الصارمة للحكومات لحصر انتشاره، مع فشل دول كثيرة كإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وأمريكا أمام هذا الوباء الذي لا يُرى بالعين المجرّدة، واستسلام دول أخرى كإعلان لشبه هزيمة لمواجهته، مع تكشّف ضعف الأنظمة الطبية حتى على مستوى دول متقدمة، جعل أسئلة كثيرة تتردّد إلى أذهان الناس: متى تنتهي أزمة كورونا؟ ومتى سيستعيد الناس حياتهم الطبيعية؟

 

لأنّ هذا الوباء ما زال يستفحل حسب تقارير طبية رسمية، وما زال يتمدّد ويطيح بمزيد من ضحاياه، وهو يُصيب المسلم والكافر في مشارق الأرض ومغاربها، لكنّ الفرق هو في طريقة النظرة إليه كابتلاء والتي يتفرّد بها المسلم المؤمن بعقيدته والذي يُحسن ظنّه بربّه، فتُرشده هذه النظرة إلى التصرّفات الفضلى وعياً ومواجهة ليتجاوز هذه الأزمة على خير بمنأى عن الإحباط واليأس والتوجّس والخيفة التي يُعاني منها الغرب الذين يحسبون كلّ صيحة عليهم.

 

قبل أن نتساءل متى تنتهي أزمة كورونا؟ يجب أن نقف أولا على نقطة مهمّة وهي أنّ الأوبئة سُنن ماضية لن تبقى ولن تدوم، وستمضي هذه الأزمة كما مضت أوبئة كثيرة من قبل، بإذن ربّها، لأنّه ما من شيء أزليّ في هذا الكون، ولكلّ بداية ونهاية قدّرها الله له، والتاريخ خير دليل على ذلك، فكما أسلفنا سابقا أن الأوبئة حلّت بأمم كثيرة من قبلنا ولكنّها مضت.

 

 فعقليّة المسلم الذي يؤمن بمحدودية هذا الكون وهذه الحياة وكل الظواهر التي تحلّ عليه، يجعله مطمئنّا بأنّ لكلّ أجل كتاباً وأنّ الأوبئة أقدار ماضية يُصيب الله بها من يشاء من عباده.

 

ومن جانب آخر، فإنّ انتهاء أزمة كورونا مرتهن باكتشاف لقاح للفيروس كما كان العمل مع أوبئة أخرى، قد يأخذ الأمر وقتا، لكن سيأتي اليوم الذي يُعلن فيه عن ذلك، وهذا ما تُثبته أحاديث رسول الله ﷺ؛ ففي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً». وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أَصَابَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ». وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ».

 

وثانيا، فإنّ الإيمان بالقدر خيره وشرّه من الله يزيد من راحة العبد المؤمن وطمأنينته عند المحن والأزمات، ذلك أنّ مفهوم القضاء والقدر يدفع عن الناس القلق والجزع، ولنتذكّر جيدا وصية نبينا ﷺ لابن عباس كما هي وصيةٌ للأمة كلها: «أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ». ولو كتب الله لنا نصيبا من هذه الجائحة فلن تمنعنا عنها حصون ولا أبراج، وما أصاب العالم اليوم يجعلنا ندرك جيّدا عجز البشر أمام أقدار الله، فلم تُغن عنهم أموالهم ولا أسلحتهم ولا علومهم ولا سلطانهم! وهذا لوحده كفيل بأن نستشعر عظمة الله وضعف البشر، فنقدّره حقّ قدره ونحسن الظنّ فيه ونُصدّق وعوده ونُكبره سبحانه.

 

ثالثا، كيفيّة التعامل مع هذه الجائحة:

 

إنّ من أهمّ ما يقوم به العبد المؤمن في هذه الظروف هو أخذه بالاحتياطات اللازمة والالتزام بالتعليمات والإرشادات وتثقيف نفسه ومحيطه بكيفيّة التصدّي لمثل هذا الوباء وعياً ومواجهة، ومع الأخذ بالاحتياطات الماديّة والمعرفيّة فإنّه لا يستغني أبدا عن الدعاء فهو من أنفع الأدوية، وهو عدوّ البلاء، يدفعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه أو يُخفّفه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن.

 

 رَوَى الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ، وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، وَإِنَّ الْبَلَاءَ لَيَنْزِلُ فَيَلْقَاهُ الدُّعَاءُ فَيَعْتَلِجَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».

 

ومن أهمّ الأعمال التي يقوم بها العبد المؤمن عند وقوع الأوبئة والأسقام، هي المحاسبة!

 

ولعلّي بهذا أقصد محاسبة الحكومات البائسة في البلاد الإسلامية التي تماهت في إذلال شعوبها في مثل هذه الظروف القاسية، فلم تُحسن رعايتهم صحيا ولا ماديا ولا حتى توعويا، وانجرفت في تتبّع سياسات دول العالم الغربي بالحجر الكامل والعزل الشامل رغم اختلاف الظروف والبيئات، فكانت قراراتها المرتعشة سببا في تعميق الأزمة داخل الشعوب، مع توقيف الحياة الاقتصادية وحجز الناس في بيوتهم وفوق ذلك العجز عن رعاية مصالحهم وأرزاقهم وتوفير أبسط مقومات حياتهم! بالمقابل نجد تهافت هذه الحكومات على تعطيل الأحكام الشرعيّة من صلاة في المساجد وحج وعمرة بحجّة منع التجمّعات، حتى وصل الأمر بالإفتاء بجواز الإفطار بسبب كورونا أو عدم تحرّي هلال شهر رمضان التزاما بالحجر!

 

وقد كانت الاستماتة في تعطيل الأحكام الشرعية واستهدافها بشكل مباشر لدى بعض الحكومات العربية التي جعلت من هذا الوباء متنفّسا لها لمزيد من التضييق عن المسلمين في التزاماتهم الشرعية، وفي مقابله نرى توانيها وتماطلها في توفير حاجيات الناس الصحية والمعيشية.

 

إنّ دور العبد المؤمن في هذا الظرف، ونخصّ حامل الدعوة، هو محاسبة هؤلاء الحكام على استهانتهم بأرواح الناس ومصالحهم وأرزاقهم، لا سيّما أن كورونا قد عرّت كل أوراق التوت عن سياساتهم الفاسدة وفضحت بالمكشوف هشاشة الأنظمة الصحية والمؤسسات القائمة عليها، رغم ما يبذله الأفراد من أطباء وممرضين ومهندسين وغيرهم من جهود حثيثة، إلا أنّنا استشعرنا هذه المرة أكثر من كل مرة حاجتنا لدولة حقيقية تحفظ أرواح الناس وتسعى لحماية مصالحهم وأرزاقهم ورعاية شؤونهم وتبذل كل الجهد والوسع للتصدّي لمثل هذه المصائب وتُحسن التعامل مع الأزمات الاقتصادية والصحية ويكون لها السّبق في توفير العلاج وإيجاد اللقاح، لا أن تبقى في انتظار الغرب كي يمنّ عليها ويذلّها (مثل ما اقترح طبيب فرنسي بتجريب لقاح فيروس كورونا على الأفارقة كما فعلوا في بعض الدراسات حول الإيدز).

 

إنّ حاجتنا في مثل هذه الظروف لتحكيم شرع ربّنا بإقامة دولة عزيزة منيعة، يكون فيها الحاكم خادما لدينه وأمته، يحفظ بيضة الإسلام والمسلمين، ويخاف الله فينا ويرحمنا، هذه الأعمال التي ترفع العبد درجات وتُقرّبه إلى ربه فينال بها المؤمن شرف الدنيا ونعيم الآخرة.

 

أما متى تنتهي كورونا؟ فالمسلم عليه أن يتكيّف مع هذا الوباء باعتباره بلاء من الله، ويتقبّل أقدار الله برضا وطمأنينة دون سخط ولا قلق، وليتجمّل بالصبر ويتحلّ بالرضا ويحتسب الأجر، فالتكيّف مع الوباء يُخفّف من وطأته وحينها سيتوقّف عن هذا السؤال لأنّ الابتلاء طبيعة ملازمة لخلق الله.

 

ولينظر فيما كلّفه الله بعمله لدفع هذه الأوبئة من أعمال فرديّة أو روحيّة أو سياسيّة، خصوصا وأنّنا في مثل هذا الشهر العظيم شهر الرحمة والخير، فلنغتنم شهر التقوى بأحسن الأعمال وأرفعها وهو إقامة شرع الله كاملا في أرضه فننال خيري الدنيا والآخرة.

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

نسرين بوظافري

 

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/cultural/67895.html

 

الثلاثاء, 05 أيار/مايو 2020 22:40
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

القسم النسائي: حملة رمضانية: "من المِحَن... تأتي المِنَح"

 

 

 

ندخل رمضان ليس كأي رمضان مررنا به من قبل. حيث فقد العديد من إخواننا وأخواتنا للأسف أحباءهم بسبب هذا الفيروس على مدى الأسابيع القليلة الماضية، بينما آخرون يدخلون المستشفى بسبب العدوى. كل هذا، بينما تواجه أمتنا في سوريا واليمن وكشمير وغزة وأراكان (ميانمار) والصين وأماكن أخرى هذا الوباء في الوقت الذي تتعرض فيه لوابل من القنابل والرصاص أو بينما تعاني من ظروف لا تطاق من الاضطهاد أو الاحتلال أو مخيمات الموت للاجئين. كما تسببت حالات الإغلاق في الدول في معاناة العديد من إخوتنا وأخواتنا من ضائقة مالية شديدة، في حين إن آخرين بعيدون عن أسرهم وأصدقائهم. والكثير منا محرومون من حلاوة صلاة الجمعة والتراويح والاجتماع للإفطار معاً. في خضم كل هذه السلبية والظلام، يمكن أن يكون من الصعب في بعض الأحيان أن نرى أي ضوء. ومع ذلك، فإننا بوصفنا مؤمنين، يخبرنا ديننا أن الاختبارات والمحن، والضياع والويلات توفر لنا فرصة. يقول الله سبحانه وتعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} لذلك تقدم لنا الاختبارات والويلات كمسلمين فرصة لنثبت لخالقنا سبحانه وتعالى أننا مخلصون لإيماننا بصفتنا مؤمنين، إذا استخدمناها كوسيلة لكسب المزيد من التقرب والخضوع لربنا سبحانه وتعالى. إنها فرصة لتقييم أنفسنا كمؤمنين وكأمة حول نقاط ضعفنا وتقصيرنا في طاعة جميع أوامر ربنا حتى نتمكن من التغلب عليها ونصبح أكثر عبادة لله. ولكنها أيضا فرصة للتفكير في حالة العالم الذي نعيش فيه، والنظم والأيديولوجيات والقوانين التي تحكم البلاد والتي تزيد من حدة الأزمات التي تؤثر على الأمم، بما في ذلك الوباء الحالي، فضلا عن أنها تسبب جبل المشاكل التي نرى البشرية تعاني منها اليوم؛ إنها فرصة للتفكير في كيفية تغيير كل هذا. لذا فإن الاختبارات والمحن هي فرصة لإحداث تغيير إيجابي حقيقي داخل أنفسنا وبلادنا وعالمنا. إذن كيف يمكننا أن نستغل رمضان في الخسارة التي عانينا منها، أو الويلات أو الصعوبات التي نواجهها... لنظهر أقوى؟ وأقوى كأمة في صفاتنا وتفكيرنا وفهمنا لديننا حتى نتولى المكانة التي أرادها الله لنا في هذه الدنيا - شهداء على الناس في سبيل دينه، حتى نتمكن من تحقيق النجاح في هذه الدنيا وفي الآخرة. وسنتناول نحن في القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير هذه المسألة "السعي إلى النجاح في مواجهة البلاء" خلال شهر رمضان المبارك لهذا العام 1441هـ.

 

الدكتورة نسرين نواز

 

مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

 

الجمعة، 01 رمضان المبارك 1441هـ الموافق 24 نيسان/أبريل 2020م

 

https://www.facebook.com/112407406304495/videos/597534954186467/

 

لمتابعة الحملة بلغات أخرى

 

 

الإنجليزية

 

 

http://www.hizb-ut-tahrir.info/en/index.php/hizbuttahrir/19375.html

 

 

 

التركية

 

 

 

http://www.hizb-ut-tahrir.info/tr/index.php/kadinlar-kismi/dava-haberleri/13680.html

 

 

الهولندية

 

http://hizb-ut-tahrir.info/gr/index.php/kampagnen/2383.html

 

 

أردو

 

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ur/index.php/دعوت/سینٹرل-میڈیا-آفس/2273.html

 

لمتابعة الحملة على الصفحة الرسمية على موقع الفيس بوك

https://www.facebook.com/WomenandShariaAR http://www.

 

hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/hizb-campaigns/67595.html

 

#المرأة_والشريعة #محن_ومنح

الجمعة, 01 أيار/مايو 2020 00:34
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

جواب سؤال

 

 

أزمة النفط وتداعياتها

 

 

السؤال: تناولت الأخبار الانخفاض المفاجئ في سعر النفط وخاصة نفط تكساس حتى وصل إلى نحو 30 تحت الصفر، حتى إن خام برنت المشهور بتداوله المنتظم انخفض نحو 9% ليصبح 25 دولاراً للبرميل... وتنوعت الأسباب، سواء أكان ذلك لأن الخزانات للبترول أصبحت مملوءة تماماً بل تكاد تفيض، أم كان ذلك بتأثير فيروس كورونا بحيث أدى إلى انخفاض الاقتصاد ومن ثم انخفاض الطلب على البترول... إلخ، فما هي أسباب أزمة النفط هذه؟ وهل هي مستمرة؟ وكيف تؤثر على الاقتصاد الأمريكي والعالمي؟ الجواب: لإدراك حقيقة أزمة النفط بعامة والنفط الأمريكي (غرب تكساس) بخاصة وتأثيرها على الاقتصاد الأمريكي والعالمي، لا بد من معرفة ثلاثة ظروف اقتصادية وسياسية وتأثيرها الخاص بنفط تكساس، ثم امتداد تأثيرها إلى نفط برنت ثم على الاقتصاد الأمريكي والعالمي: أولاً: تأثير فيروس كورونا على استهلاك النفط: منذ بداية هذا العام حيث انتشار فيروس كورونا بدءاً من الصين ثم انتقاله إلى أوروبا وبعدها إلى أمريكا، ثم ما رافق ذلك من فرض إجراءات الحجر الصحي وتوقف الكثير من قطاعات الاقتصاد في كل بلد، وكذلك حالة الشلل التي أصابت حركة الطيران بسبب حظر السفر بين الكثير من البلدان الرئيسية خاصة أوروبا وأمريكا مخافة انتقال العدوى، يضاف إلى ذلك الارتباك الهائل في التجارة الدولية الناتج عن توقف الطلب بشكل حاد على السلع غير الغذائية والطبية، ومن ثم أثر على حركة النقل... علماً بأن النقل البري والنقل الجوي يستهلكان 68% من المعروض النفطي (إندبندنت عربي، 24/4/2020)، وكل هذا أدى إلى أن يصاب الطلب العالمي على النفط بنكسة كبيرة بسبب كورونا، وكانت هذه النكسة تتعمق أكثر فأكثر مع زيادة تفشي الوباء من بلد لآخر، حيث يرافق تفشي الوباء شلل قطاعات الاقتصاد في كل بلد ينتقل إليه الوباء، لكن علاقة ذلك بالنفط كانت متفاوتةً، فلما انتقل الوباء إلى دول أوروبا الغربية الرئيسية تسبب في انخفاض حاد في الطلب العالمي على النفط، كون هذه الدول مستهلكاً كبيراً للنفط، ولما انتقل الوباء إلى أمريكا وبشكل حاد، وهي التي تستهلك 20% من النفط العالمي، فقد صارت أزمة أسعار النفط وبشكل حاد تتراءى من قريب. ومن ناحية رقمية فإن الطلب على النفط قد انهار بنسبة 30% تقريباً في عالم يستهلك قرابة 100 مليون برميل يومياً، ونأخذ تصريحين فقط من جملة التصريحات التي تؤكد هذا الانهيار في الطلب: 1- التصريح الأول: (توقعت وكالة الطاقة الدولية اليوم الأربعاء 15/4/2020 أن ينخفض الطلب العالمي على النفط بمقدار 29 مليون برميل يوميا على أساس سنوي في نيسان/أبريل، ليسجل مستويات لم يشهدها منذ 25 عاما... موقع صحيفة الوفد في 15/4/2020). 2- التصريح الثاني: (أعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، أن الطلب العالمي على النفط انخفض 20-30 مليون برميل يوميا، قائلا: "بلغنا قاع انخفاض الطلب العالمي على النفط الآن". العربية نت، 22/4/2020). وهكذا انهار الطلب على النفط بنسبة لم تكن متصورة إلا في ظروف الحروب العالمية! وكل هذا حصل في فترة (3-4 شهور) أي خلال أزمة كورونا، حتى وصل نفط تكساس القاع السحيق أي نحو 37 تحت الصفر وذلك يوم 20/4/2020م الذي أُطلق عليه "الاثنين الأسود". ثانياً: الظرف الثاني، وهو الظرف السياسي: لما كان النفط سلعة استراتيجية فإن الدول تستخدمه لضرب دول أخرى، والحديث هنا عن السياسة الأمريكية التي دفعت بالسعودية باتجاه حرب أسعار النفط مع روسيا قبل شهر واحد فقط، وبيان ذلك على النحو التالي: 1- كانت أمريكا تجبر روسيا على خفض إنتاجها النفطي للحفاظ على أسعار عالية للنفط حتى تتمكن شركات النفط الصخري الأمريكية من المنافسة في الأسواق، لأن استخراج النفط الصخري الأمريكي مكلف للغاية، وخلال هذه السياسة نجحت السعودية عبر 3 سنوات من حمل روسيا على مشاركة أوبك خفض الإنتاج ضمن المجموعة الجديدة التي عرفت بـ"أوبك بلس" بمقدار 2.1 مليون برميل يومياً. وكان هذا الاتفاق السعودي المبرم مع روسيا ينتهي بنهاية آذار/مارس 2020. فكان اتفاقاً قبل انتشار كورونا، وتزامنت نهايته مع تفشي كورونا. 2- ومع انتشار فيروس كورونا في الصين وبداية انتقاله إلى إيطاليا وتفشيه فيها، أخذت أسعار النفط تنهار ووصلت 45 دولاراً للبرميل (برنت)، وهذا المستوى السعري والمستمر في الانخفاض خطر لمنتجي النفط الأمريكي ويهدد بإخراجهم من السوق، ولا بد من رفع السعر. وعندها دفعت أمريكا السعودية لممارسة ضغط على روسيا لمزيد من خفض الإنتاج لمواجهة التدني المستمر للطلب العالمي على النفط بسبب الفيروس، فكان اجتماع أوبك بلس 6/3/2020 حين رفضت روسيا أي خفض إضافي في الإنتاج خشية تعويض أمريكا للتخفيض بالنفط الصخري! 3- بفشل اجتماع "أوبك بلس" المذكور انهارت أسعار النفط فوراً بمقدار 10% بسبب انتشار خبر اختلاف مجموعة أوبك بلس. 4- وأشعلت السعودية بعد فشل الاجتماع بأيام قليلة حرب أسعار ضد روسيا لإجبارها على الخفض الجديد بخمس خطوات: أ- الخطوة الأولى تخليها عن الاتفاق الأول (خفض 2.1 مليون برميل) رغم إعلان روسيا التزامها بهذا الاتفاق السابق، ب- والخطوة الثانية زيادة هائلة في إنتاجها للنفط بدءاً من 1 نيسان/أبريل (موعد انتهاء اتفاق الخفض الأول مع روسيا) تصل إلى 12-13 مليون برميل يومياً رغم مشاكل الطلب العالمي على النفط بسبب كورونا، ج- تخفيض لعملائها الآسيويين بمقدار 6 دولارات للبرميل، هو الأول في التاريخ بهذا المستوى من الخصم، د- تقصد التخفيض والمزيد منه للعملاء المتعاملين مع النفط الروسي لأخذ حصة روسيا من السوق، ه- استئجار ناقلات نفط عملاقة لاستخدامها كخزانات عائمة في البحر زيادةً في إغراق السوق بالتخمة النفطية، 5- وبهذه الخطوات من السعودية التي تم الإعلان عنها في الأيام القليلة التي تلت 6/3/2020 (اجتماع أوبك بلس الفاشل) فقد انهارت أسعار النفط بنسبة الثلث (فقدت أسعار النفط ما يصل إلى ثلث قيمتها يوم الاثنين في أكبر خسائرها اليومية منذ حرب الخليج عام 1991 بعد أن أشارت السعودية إلى أنها سترفع الإنتاج لزيادة الحصة السوقية فيما يتسبب تفشي فيروس كورونا بالفعل في فائض بالإمدادات في السوق! ومن ثم تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 22 بالمئة عند 37.05 دولاراً للبرميل بعد أن نزلت في وقت سابق 31 بالمئة إلى 31.02 دولاراً للبرميل وهو أدنى مستوى منذ 12 شباط/فبراير 2016... رويترز 9/3/2020) علماً بأن خام برنت (Brent Crude)‏ يتم استخراجه من حقول النفط في بحر الشمال، و"خام برنت" هو مزيج من زيوت خام -برنت، فورتيز، أوزبيرج، وإيكو فيسك، وهو يستخدم كمعيار لتسعير ثلثي إنتاج النفط العالمي، خاصة في الأسواق الأوروبية والأفريقية... ويصدر أحيانا إلى الولايات المتحدة وبعض الدول الأفريقية، إذا كان السعر مناسباً بعد الأخذ في الاعتبار تكاليف الشحن. ويتم تداول العقود الآجلة لخام برنت عبر بورصة إنتركونتيننتال (ICE) في لندن، أي أن السعودية بخطواتها تلك قد دفعت أسعار النفط للنزول، وبعد 1 نيسان/أبريل حيث أخذت الخطوات السعودية توضع قيد التنفيذ، بعد أن انتهى اتفاق "أوبك بلس" مع روسيا بنهاية آذار/مارس، فإن التخمة النفطية قد صارت تلحظ في السوق بما دفع أسعار النفط (قياساً ببرنت) إلى ما دون 30 دولاراً خلال شهر 4 (نيسان) وقبل 20/4/2020م. 6- لقد كانت هذه السياسة السعودية هي سياسة أمريكية للضغط على روسيا، ولكنها كانت سياسة تم رسمها في واشنطن قبل حوالي الشهرين تقريباً، أي قبل أن تتراءى الأبعاد الجديدة لانهيار الطلب على النفط بسبب استمرار تفشي كورونا وبحدة، خاصة داخل أمريكا، وبنتيجة هذين العاملين (السياسة السعودية المدفوعة أمريكياً، والزيادة الحادة في انهيار الطلب على النفط) فإن معول الهدم الذي صنعته إدارة ترامب ليضرب روسيا قد صار يضرب يميناً وشمالاً بما لا يستثني شركاتها للنفط الصخري! بمعنى أن ما خططت له أمريكا من خفض لأسعار النفط لم يكن يتوقع له أن يبلغ هذا القاع. وأن هذا القاع كان ناجماً عن العاملين معاً: السياسة الأمريكية (السعودية) ضد روسيا، وكذلك الانهيار المستمر في الطلب العالمي على النفط، ذلك الانهيار الذي لم يكن منظوراً بهذا القدر عند وضع السياسة الأمريكية تلك. وأخذ الضغط يشتد داخل أمريكا على شركات النفط الصخري، وأعلنت شركة "ويتينغ بتروليم" في 2 نيسان/أبريل إفلاسها، ووقفت مئة من شركات النفط الصخري على حافة الإفلاس، وذلك أن أسعار النفط في السوق أقل من أسعار تكلفة الإنتاج: (حيث تبلغ التكلفة الحدية للبرميل الصخري نحو 35 دولاراً للبرميل. موقع الأسواق العربية، 11/3/2020) وبحسب إندبندنت عربي، 24/4/2020 فإن العقود الآجلة لنفط غرب تكساس قد تراوحت يوم الخميس 23/4 بين 15 دولاراً تسليم حزيران/يونيو، وقرابة 27 دولاراً تسليم أيلول/سبتمبر، وكانت كافة العقود الآجلة حتى نهاية 2020 تحت سعر 30 دولاراً وهذا يشكل ضغطاً على النفط الصخري... 7- لهذه الظروف الخطيرة التي تمر بها صناعة النفط الأمريكية بسبب تفشي وباء كورونا فقد كثرت إعلانات الإدارة الأمريكية عن عزمها التدخل بين روسيا والسعودية للعودة إلى خفض الإنتاج، وقام الرئيس الأمريكي بالاتصال بالرئيس الروسي الذي سال لعابه لعودة الاتصالات مع أمريكا وطمع بالتنسيق معها (وليس مع السعودية) بخصوص أسعار النفط، كما اتصل ترامب بالسعودية. وقال ترامب (أجرينا حواراً ممتازاً مع الرئيس بوتين. أجرينا حواراً ممتازاً مع وليّ العهد. يورونيوز، 1/4/2020). وبالمجمل يمكن القول بأن إدارة ترامب قد رعت اتفاقاً روسياً سعودياً لخفضٍ في إنتاج النفط، هو الأكبر في التاريخ بنحو 10 ملايين برميل نفط يومياً: (توصل أعضاء منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك) وحلفاؤهم إلى اتفاق قياسي لخفض الإنتاج العالمي للنفط بنسبة 10 في المئة بعد انخفاض الطلب... وما تأكد حتى الآن هو أن أوبك وحلفاءها سيخفضون الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا. بي بي سي، 12/4/2020). وهذا الاتفاق يبدأ تنفيذه في 1/5/2020 ويستمر لمدة شهرين، تنظر بعدها الدول الموقعة عليه في واقع الطلب العالمي من جديد لتقرير الخطوة التالية. فهو اتفاق قصير الأجل، لمدة شهرين بانتظار ارتفاع الطلب العالمي على النفط مع نهاية حزيران/يونيو. لكن الملاحظ أن أزمة أسعار النفط قد بلغت من العمق درجة بحيث لم تستجب الأسواق لهذا الاتفاق الكبير للغاية، فلم ترتفع الأسعار إلا بشكل هامشي، بل وعادت أسعار برنت تنخفض إلى ما دون 30 دولاراً والذي يفسر ذلك أن الطلب العالمي قد انخفض بمقدار 30 مليون برميل يومياً فلا يسعفه خفض الإنتاج بمقدار 10 ملايين برميل يومياً! ثالثاً: الظرف الثالث، مخزون النفط الأمريكي هناك نوعان من مخزونات النفط في أمريكا، الأول المخزون الاستراتيجي للدولة، والثاني مخزون الشركات. وهذا الظرف ساهم مع الظرفين الآخرين في تعميق أزمة النفط: جزء منه يتعلق بحالة المخزون الاستراتيجي فيما الجزء الآخر خاص بنفط غرب تكساس ولتوضيح ذلك: 1- المخزون الاستراتيجي للنفط (الخاص بالدولة) بشكل عام هو عبارة عن خزانات تحت الأرض غالباً لتخزين النفط المستخرج لاستخدامه وقت الأزمات، وقد بنت الكثير من الدول هذه الخزانات بعد توصيات منظمة الطاقة الدولية بسبب أزمة النفط في حرب سنة 1973. ثم لكل دولة من الدول المستهلكة الرئيسية خزاناتها للنفط والتي تتسع لكفاية حاجتها منه لمدة 30-90 يوماً في حال انقطاعه... 2- في عام 1975 سن الكونغرس الأمريكي تشريعا يلزم الحكومة الفيدرالية بإنشاء مواقع لتخزين كميات من الخام كافية لتأمين الطلب عليه في حالة تعرض الإمدادات لأي نوع من المخاطر الحادة. وتقع مواقع التخزين الأمريكية على سواحل ولايتي تكساس ولويزيانا، وتتكلف الدولة تأمين حراسة مشددة لها، وقد بلغت أقصى كمية لهذا المخزون الاستراتيجي في أمريكا 727 مليون برميل سنة 2009. وبالإضافة للمخزونات الفيدرالية تقوم الشركات الأمريكية العاملة في مجال الطاقة بتخزين كميات خاصة بها توازي في مجملها كميات المخزون الفيدرالي، وتكثر مثل هذه الخزانات السطحية للشركات في ولاية تكساس كونها أكبر ولاية ينتج فيها النفط في أمريكا منذ أمد بعيد، والمسمى "خام غرب تكساس"، وكذلك في ولاية أوكلاهوما المجاورة لها والتي ينقل منها نفط تكساس إلى عمق البر الأمريكي... 3- ومع الانهيار السابق لأسعار النفط 6/3/2020 وما تبعها من حرب أسعار بين السعودية وروسيا فقد توجهت الكثير من الدول خاصة أمريكا والصين لملء مخزونها الاستراتيجي من النفط، وكان ترامب قد ابتهج بانخفاض الأسعار وقتها.. وعملت أمريكا على شراء النفط الرخيص من السعودية أو غيرها، وقبل حلول "الاثنين الأسود" كانت خزانات تكساس ممتلئة نوعاً ما، وإن لم يكن كلياً. وهكذا فإن مشكلة مخزون النفط تكون قد وصلت درجة التأزيم والتشبع بحيث إن توجيه المزيد من النفط المستخرج (في حال عدم البيع) إلى التخزين أصبح مسألة معقدة، وأحياناً غير متوفرة، بمعنى إقفال قناة التخزين كحل أمام منتجي النفط خاصة في تكساس... 4- وهكذا فإن مخزون النفط الاستراتيجي الأمريكي قد مُلئ بنسبة كبيرة، وناقلات النفط تعمل في البحر كمرافق تخزين فتفاقمت بذلك مشكلة التخزين حيث امتدت إلى مرافق التخزين الخاصة بنفط غرب تكساس في نقطة تسليمها عند بلدة كاشينغ بولاية أوكلاهوما شمالي ولاية تكساس، (وتتزايد كميات الخام المخزونة في الولايات المتحدة، لا سيما في كاشينغ، حيث نقطة التسليم لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في أوكلاهوما، مع تقليص المصافي أنشطتها في مواجهة الطلب الضعيف. الجزيرة نت، 20/4/2020)، والطاقة التخزينية القصوى لنقطة كاشينغ تبلغ 76 مليون برميل، وفي العادة يمكن لأصحاب عقود النفط استلام عين النفط في كاشينغ عندما يحين أجل تلك العقود ويمكنهم تخزينه فيها بأسعار عادية غير مرتفعة لحين نقله داخل البر الأمريكي إلى الولايات الداخلية، لكن ما حصل: (وفي كاشينغ بولاية أوكلاهوما خصوصا حيث يتم تخزين خام تكساس الوسيط المرجعي، ازداد حجم المخزون خمسة ملايين برميل وبات قريبا من الحد الأقصى. وارتفعت أيضا المخزونات الأمريكية من الوقود والمنتجات المكررة بينما تراجع الاستهلاك الأسبوعي أكثر من 25 بالمئة على مدى عام بسبب إجراءات العزل. رأي اليوم، 25/4/2020)، وهكذا يمكن القول بأن الانخفاض غير المسبوق للطلب العالمي على النفط والمقدر بـ30 % (أي حوالي 30 مليون برميل نفط يومياً) هو السبب الأول والرئيسي لما نشاهده من انهيارات متتالية في أسعار النفط، ولما كانت السياسة الأمريكية - السعودية بالضغط على روسيا صالحة للتطبيق فقط في الأوقات الطبيعية، وليس وقت أزمات الطلب، فقد نتج عنها تفاقم لمشكلة أسعار النفط بشكل صارخ! رابعاً: كل هذا أثر على نفط غرب تكساس فقد تشبعت مرافق التخزين في أوكلاهوما ولم يعد هناك مجال للتخزين إلا بأسعار باهظة للغاية، وصار لا بد من التخلص من تلك العقود بأي ثمن، فكانت أزمة نفط غرب تكساس أو "الاثنين الأسود" 20/4/2020 عندما تم بيع النفط بسالب 37 دولاراً للبرميل، وتكبد المتعاملون بالبورصة في أمريكا خسائر فادحة... والذي أوصل الأمور إلى هذا الحد وزاده تأزماً هو ما ذكرناه آنفاً، أي امتلاء خزانات كاشينغ، فعندما تقترب المخزونات من الحد الأقصى، وهو إجراء نادر للغاية فإن أسعار التخزين تقفز، ولأن آفاق استهلاك النفط بسبب استمرار إغلاق الاقتصاد كانت لا تزال غامضة ومريبة فإن أسعار التخزين في منشآت كاشينغ قد قفزت بقوة وصارت عاملاً آخر يضغط على حاملي عقود نفط أيار/مايو، وصاروا يحاولون التخلص منها بأي ثمن، فنزلت أسعار تلك العقود إلى 10 دولارات، ثم بعدها إلى خمسة، ثم واصلت النزول إلى الصفر في مشهد دراماتيكي، ثم ما لبثت أن نزلت إلى ما دون الصفر لتباع آخر تلك العقود أيار/مايو بسالب 37.6 دولار وسط ذهول كبير لحامليها الذين تكبدوا خسائر فادحة وكذلك ذهول المتعاملين بالبورصة. هكذا حصلت أزمة "الاثنين الأسود" 20/4/2020 لنفط غرب تكساس، وتلك كانت ظروفها التي تجمعت في صعيد واحد لتصنع هذه الأزمة الحادة. ومن ثم حصلت أزمة نفط غرب تكساس، ولم تنفع ابتهاجات ترامب باتفاق أوبك بلس بين السعودية وروسيا حين قال في 12/4/2020 ("سيوفر ذلك مئات الآلاف من وظائف الطاقة في الولايات المتحدة. أود أن أشكر وأهنئ الرئيس الروسي بوتين والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز" CNN عربي، 21/4/2020)، فابتهاجات ترامب كانت بعيدة عن الواقع لأن تهاوي الأسعار بهذه الطريقة الفظيعة التي حصلت أوجد مخاوف كبيرة في العالم وليس في أمريكا وحدها، ومن ثم اشتدت الأزمة الاقتصادية ناهيك عن قطاع الطاقة فقد باتت فقاعاتها قابلة للانفجار! وللعلم فإن خام غرب تكساس المتوسط West Texas Intermediate)) يتم استخراجه من حقول النفط في الولايات المتحدة، ويتم استخراجه بشكل أساسي من تكساس ولويزيانا وداكوتا الشمالية، ثم نقله عبر خط أنابيب إلى كوشينج، بولاية أوكلاهوما للتسليم، ويتم تداول العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط عبر بورصة نيويورك التجارية (NYMEX)، المملوكة لبورصة شيكاغو التجارية (CME)... خامساً: ومن ناحية أخرى، فإن أمريكا منذ بداية أزمة كورونا قد اعتمدت خططاً للدعم أو للإنقاذ أو التحفيز، وكانت تلك الخطط متدرجة، أولها خطة صغيرة بقيمة 8.3 مليار دولار من الإنفاق الطارئ لدعم برامج الصحة وتمكينه من مواجهة تفشي وباء كورونا في أمريكا، وبعد أن أخذ وباء كورونا يضرب الاقتصاد خارج قطاع الصحة، (خفضت الولايات المتحدة أسعار الفائدة إلى ما يقرب من الصفر، وأطلقت برنامجا تحفيزيا بقيمة 700 مليار دولار، في محاولة لحماية الاقتصاد من تأثير فيروس كورونا. بي بي سي، 16/3/2020) فقامت بإغراق الأسواق بالسيولة الدولارية لمواجهة نقص السيولة، ثم بعد ذلك تبني خطة تحفيز بقيمة خيالية 2.2 تريليون دولار في 27/3/2020، وهي أكبر خطة في التاريخ الأمريكي، ومعظمها مخصص لشراء ديون الشركات التي تقف على حافة الإفلاس لمنع انهيارها، وأثناء ذلك (وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي قد أعلن في وقت سابق أنه سيشتري ما لا يقل عن 500 مليار دولار من سندات الخزانة وما لا يقل عن 200 مليار دولار من الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري. كما أعلن البنك المركزي الأمريكى عن إنشاء برنامج جديد سيوفر ما يصل إلى 300 مليار دولار في التمويل الجديد في محاولة لدعم تدفق الائتمان لأصحاب العمل والمستهلكين والشركات. تريدرس أب، 24/3/2020)، ثم إن حجم المصروفات الصحية على مصابي فيروس كورونا يتوقع أن يكون كارثياً في أمريكا وقد يدفع معه شركات التأمين للانهيار، وهي شركات ضخمة للغاية، ثم إن أمريكا تعاني من أزمة شديدة في البطالة، إذ فقد نحو 30 مليون أمريكي وظائفهم تحت وقع تأثير فيروس كورونا، ولأن الشركات التي كانت توظفهم في وضع مالي بائس فإن عودتهم لوظائفهم لن تكون سريعة هذا العام، وهذا الرقم الكبير ينعكس على الموازنة العامة بالحجم الكبير من طالبي الإعانة الحكومية التي سجل لها ما يزيد عن 22 مليون أمريكي عاطل عن العمل، والحبل على الجرار، وإذا ما استمرت الدولة بتبني حزم إنقاذ كبيرة فإن العملة الأمريكية قد تشهد انهياراً فظيعاً تصطلي بناره أمريكا وكافة الدول والشعوب التي تتعامل بالدولار. سادساً: لقد أصابت هذه الأزمة ليس فقط أمريكا وإن كانت هي الأشد لكنها أصابت كذلك دولاً أخرى في العالم: 1- بالنسبة لأوروبا فإن حالها ليس بأحسن من قرينتها أمريكا، فإن تداعيات وباء كورونا قد هددت بنيتها السياسية بجانب التداعيات الاقتصادية، وما نشهده من أزمات هذا الوباء في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا له دلالة واضحة، وقد حذر الرئيس الفرنسي ماكرون في مؤتمر صحفي عبر الهاتف يوم 26/3/2020 "من أن تفشي فيروس كورونا يهدد الدعائم الأساسية للتكتل..." وأضاف "المشروع الأوروبي معرض للخطر... التهديد الذي نواجهه هو القضاء على منطقة الشنغن". (روسيا اليوم 26/4/2020) وقالت المستشارة الألمانية ميركل ("من وجهة نظري يواجه الاتحاد الأوروبي أكبر اختبار منذ تأسيسه... المهم أن يخرج التكتل قويا من الأزمة الاقتصادية التي سببها الفيروس"... رويترز 7/4/2020) وقال رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز يوم 5/4/2020 ("الظروف الحالية استثنائية وتدعو إلى مواقف ثابتة، إما أن نرتقي إلى مستوى هذا التحدي أو سنفشل كاتحاد..." ... فرانكفورتر ألغماينة الألمانية 5/4/2020) وكان قادة الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم عبر الفيديو يوم 23/4/2020 اتفقوا على حزمة إنقاذ فورية بحوالي 500 مليار يورو، ولكنهم تركوا التفاصيل المختلف عليها لتمويل أكبر حتى فصل الصيف... فقد تناقشوا حول تأسيس صندوق للمساعدات، وإصدار سندات كورونا مشتركة. ولكن ألمانيا وهولندا والنمسا وفنلندا أعلنت رفضها لهذه السندات ولم توافق على فكرة الصندوق. بينما فرنسا وإيطاليا وإسبانيا تدعم المشروع وهي الدول الأكثر تضررا. ورفض ألمانيا يرجع إلى أنها تطمح لأن تعطي قروضا باسمها لتكون هذه الدول مدينة لها، لتسيطر على دول أوروبا الأخرى...! 2- وبالنسبة للصين، فقد حذر البنك الدولي من أن تداعيات الاقتصاد العالمي يمكن أن تتسبب في تراجع نمو الاقتصاد الصيني وصولا إلى 2,3% هذا العام مقارنة بنسبة 6,1% في العام 2019" (صفحة الحرة الأمريكية 10/4/2020) ونقلت الصفحة عن مسؤول البنك المركزي الصيني قوله: "إنه يوصي بألا تحدد بكين هدفا للنمو هذا العام، نظرا للشكوك الهائلة التي تواجهها" ونقلت صحيفة "إيكونوميك ديلي" الرسمية عن "ما جون" عضو في لجنة السياسة النقدية في بنك الشعب الصيني قوله "إنه سيكون من الصعب الوصول إلى نمو بنسبة 6%"، مضيفا أن "تحديد هدف يمكن أن يحد من التدابير الرسمية للتعامل مع تداعيات الفيروس". 3- وأما بالنسبة لروسيا، فهي تعتمد على صادرات النفط والغاز بنسبة 60%. فالنفط يعتبر شريان الحياة للاقتصاد الروسي، فأصبح يقاسي من الخسائر التي يتكبدها، وباتت العملة الروسية الروبل على أسوأ حال فانخفض حتى أصبح الدولار يساوي نحو 79 روبلاً عقب حرب أسعار النفط. ففي تقارير من وكالة رويترز عن الوضع في روسيا تنقل عن أحد البنوك الروسية قوله "إن الناتج المحلي الإجمالي قد ينكمش بنسبة 15% إذا ما هبطت أسعار النفط دون عشرة دولارات للبرميل". سابعاً: إن الرأسمالية قد ظهر عوارها بشكل أوضح، وظهر عجزها وارتباكها في التعامل مع أزمة كورونا، وظهرت الأنانية بين دولها، التي تعرضت لضربات شديدة ألقتها أرضا، فما بقي إلا المبدأ الإسلامي العريق والصحيح. فهناك فرصة لانطلاق الأمة الإسلامية من جديد... إلا أن الأنظمة في بلاد المسلمين والقائمين عليها تقف عائقا أمام حركة الأمة، فهؤلاء الحكام يصرون على عداوتها وعلى الارتباط بالدول الاستعمارية الكبرى. والأمة تحتاج إلى قيادة مخلصة صادقة تقودهم وفق الإسلام الحنيف، وهي لا شك تدرك أن حزب التحرير هو الرائد الذي لا يكذب أهله، فلتعمل معه بصدق ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾. أيها الإخوة، إن الأحداث تشير إلى أن الموقف الدولي بعد كورونا ليس كما كان قبله، فالدول التي كانت تعد أنفسها آلهة في الأرض تخط لها شرعا وقوانين على خلاف ما أنزل الله سبحانه على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فتجعل الباطل حقاً والحق باطلاً، هذه الدول قد ثبت عجزها أمام مخلوق صغير صغير لا يكاد يرى فألقاها أرضاً وهي تتخبط في كيفية معالجته، والوقوف أمامه... وهي ما زالت تتخبط في دياجير ظلمها إلى أن يصفعها قول الله القوي العزيز: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾، وسيبزغ فجر الخلافة من جديد، فيضيء الدنيا وينشر الخير في ربوع العالم ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً﴾.

 

السادس من رمضان المبارك 1441ه

 الموافق 29/04/2020م

 

http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/ameer/political-questions/67787.html

 

https://www.facebook.com/HT.AtaabuAlrashtah/photos/a.1705088409737176/2621652308080777/?type=3&theater

 

أسئلة أجوبة منقولة عن صفحة أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة على موقع الفيس بوك

 

http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=6011

الخميس, 30 نيسان/أبريل 2020 01:50
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الكلمة الرئيسية

 

 

هل تستبدل أمريكا سياسة البترودولار؟

 

- لقراءة المقال على موقع ‫#جريدة_الراية▼ https://bit.ly/2yObtxU

 

 

بقلم: الدكتور محمد جيلاني -------------

 

 

 

لقد تداعت مسألة انخفاض الطلب على #النفط وما تبعها من زيادة إنتاج النفط السعودي والروسي وحرب الأسعار بينهما إلى أن هبط سعر برميل النفط في سوق غرب تكساس إلى أقل من دولار، ما يعني أن منتجي النفط اضطروا لدفع 37 دولاراً عن كل برميل للمشترين القادرين على إعادة تسويق النفط أو نقله من خزانات النفط في أمريكا. ولكي ندرك أبعاد هذه العملية التاريخية والتي حدثت لأول مرة في تاريخ تجارة النفط، لا بد من الإشارة إلى عدة أمور. وبداية نشير إلى ردة فعل الإدارة الأمريكية التي لم تكن على مستوى الصدمة والكارثة كما هو متوقع في مثل هذا الأمر. فالرئيس ترامب صرح بأن حكومته ستشتري 75 مليون برميل لإضافتها إلى المخزون الاحتياطي الأمريكي. ومن ثم طلب من الكونجرس الإذن بتعويض شركات النفط عن خسارتها حتى لا تتأثر بالبيع بخسارة. ومن ثم أكد أن هذه الأزمة المتعلقة بالنفط هي مؤقتة. ثم لمحاولة فهم الواقع واستشراف المستقبل لا بد من إعادة الذاكرة إلى الارتباط التاريخي الذي حصل بين النفط والدولار منذ عام 1973. فبعد أن خرج العالم من الحرب العالمية الثانية عملت أمريكا على صياغة النظام العالمي سياسيا من خلال مجلس الأمن الدولي ومن ثم الأحلاف الدولية، وماليا من خلال اتفاقية بريتون وودز وصندوق النقد والبنك الدوليين، حيث ربطت الدولار بالذهب بسعر محدد لأوقية الذهب بحوالي 35 دولاراً، ثم ربطت عملات الدول الأخرى بالدولار بحيث تتمكن هذه الدول من شراء الدولار أولا ثم تحويل ما لديها من دولارات إلى ذهب في حال رغبت بذلك. فضمنت أمريكا بذلك حاجة الدول للدولار وسعيها للحصول على الدولارات إما عن طريق قروض مدفوعة بالدولار، أو بيع بضائعها وخدماتها مقابل الدولار. ومن ثم حصلت أمريكا رسميا على إذن وتصريح بإصدار كمية كبيرة من الدولارات بحجة تغطية حاجة العالم بأسره من الدولارات. ولكن وبعد حوالي 25 عاما وجدت أمريكا أنها تقف أمام معضلة قد تشكل أزمة حقيقية لها وهذه الأزمة تمثلت بوجود كميات كبيرة من الدولارات أصدرها بنك الاحتياط الفيدرالي في أمريكا لصالحه أولا ثم لمصلحة أمريكا. وفي حال تقدمت أي من الدول التي تكدست لديها الدولارات الأمريكية لاستبدال الذهب بها بدلا من شراء صادرات أمريكا من البضائع أو الخدمات، فسوف تجد أمريكا نفسها معرضة لخسارة ما لديها من احتياطي الذهب. وللخروج من تلك الأزمة رأت أمريكا أن تتخلص من اتفاقية بريتون وودز، وقد اتخذ نيكسون في شهر آب سنة 1971 قرارا رئاسيا منفردا يقضي بوقف تحويل الدولار إلى ذهب حسب اتفاقية بريتون وودز واعتبار الذهب سلعة قابلة للتداول كأي سلعة أخرى. ولكن هذا الفصل بين الدولار والذهب أوجد مشكلة سياسية ومالية بالنسبة لأمريكا، فحواها أن الدول في العالم لم يعد لديها أي دافع للحصول على الدولارات، وبالتالي فإن مقدرة أمريكا على ضخ كميات كبيرة من الدولارات سوف تقل، وإلا فإن كل دولار يصدره البنك الفيدرالي إن لم يجد طريقه إلى الأسواق العالمية فإنه سيخلق حالة من التضخم المالي تفوق ما يتحمله الاقتصاد الأمريكي. لذلك كان لا بد من سياسة مالية عالمية جديدة تحفظ للدولار مكانته العالمية. حيث إن أمريكا كانت ولا زالت تعتبر حاجة العالم للدولار سببا رئيسا لتمكنها من إصدار كم هائل من الدولارات لتحتفظ لنفسها بثروة مالية هائلة تستخدمها في أعمالها ونشاطاتها الاستعمارية من أجل الهيمنة على العالم. وقد وجدت أمريكا ضالتها بحاجة العالم الماسة للطاقة وبالتالي للمصدر الرئيس للطاقة المتمثل بالنفط. فإذا ضمنت أمريكا أن تتم تجارة النفط من خلال الدولار حصريا، فسوف تحافظ على مركزية الدولار في العالم، وتستمر بإنتاج الدولارات بكميات هائلة تعادل على أقل تقدير كمية الدولارات الضرورية لشراء وتسويق النفط. وقد اتخذت أمريكا من حرب 1973 وسيلة لرفع سعر النفط أولا من خلال علاقتها مع السعودية ثم تمكنت من عقد اتفاقية في شهر آب من عام 1973 وافقت فيها السعودية على بيع النفط حصريا بالدولار ومن ثم وافقت الدول الأعضاء في أوبك عام 1975 على الانضمام لبيع النفط حصريا بالدولار. وأصبح لزاما على كل دولة تحتاج لشراء النفط أن يتوفر لديها كم كافٍ من عملة الدولار المتفردة في معاملات النفط، ما يعني أن على هذه الدول أن تقبل قروضاً بالدولارات أو تشتري الدولار من الأسواق المالية، أو بأي وسيلة أخرى. المهم أن أمريكا ضمنت استمرار تدفق الدولار، وضمن بنك الاحتياط الفيدرالي استمرار إنتاج الدولار، بغض النظر عن وجود نمو اقتصادي في داخل أمريكا أو عدمه. ومن أجل أن يتم تيسير عملية إنتاج الدولارات بدون قيد أو شرط عمد الرئيس ريغان سنة 1983 إلى تحرير الدولار من قيد آخر وهو النمو الاقتصادي. ومنذ عام 1973 لم يحصل أي تململ أو تمرد أو اعتراض على تجارة النفط بالدولار إلا حديثا، حيث ظهرت بين بعض الدول في العالم مثل روسيا والصين توجهات وآراء وأحيانا تكتلات تدعو للابتعاد عن تجارة النفط بالدولار. صحيح أن كثيرا منها كانت أشبه بمناورات، إلا أنها لا شك توجد القلق لدى السياسة الأمريكية، ويزداد هذا القلق مع تداعيات أزمة كورونا وما يتوقع من انهيارات مالية واقتصادية خاصة في سوق النفط بعد أن انخفض الطلب على النفط بشكل كبير زاد عن 30%. وقد تحدث بعض المحللين الاقتصاديين والسياسيين عن نظام عالمي جديد على المستوى السياسي كما على المستوى المالي. فبينما تحدث كيسنجر في مقالة نشرها في وول ستريت جورنال بتاريخ 2/4/2020 عن تغير في النظام العالمي السياسي، فقد تحدث آخرون عن تغير النظام العالمي المالي. فقد كتب جريج روسالسكي الكاتب في مجلة "مال الكوكب" التابع لمحطة أن.بي.آر الأمريكية، كتب في مقال يوم 21/4/2020 "لماذا يطبع المركزي الأمريكي تريليونات من الدولارات ويوزعها على دول العالم؟"، كتب قائلا "إن قبول الفيدرالي الأمريكي بمهمة الدائن الطبيعي للبنوك المركزية في العالم يعد بمثابة ثورة في النظام المالي العالمي". وقد تحدث المقال عن إنشاء الفيدرالي الأمريكي عن خطوط تبادل (swap lines) بينه وبين بنوك مركزية عالمية (14 بنكا) يتم بموجبها تزويد هذه البنوك بكميات كبيرة من الدولارات مقابل كمية من عملات ونقود الدولة. ويعمل الفيدرالي على ربط 170 بنكاً مركزياً آخر، حيث يعمل على نشر وتوزيع 20 تريليون دولار حول العالم. ويبدو أن بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي يعمل على خطة بديلة عما عرف خلال الخمس وعشرين سنة الماضية بالبترودولار، أي الدولار مقابل النفط. وفي حال انهارت أسعار النفط واستقرت على سعر أقل من 10 دولار للبرميل، فإن كمية الدولارات التي يمكن أن ينتجها الفيدرالي ستنخفض بشكل كبير. وللتوضيح فإن إنتاج العالم اليومي من النفط يصل إلى 100 مليون برميل في الظروف العادية. فإذا كان سعر البرميل 100 دولار فإن الفيدرالي الأمريكي يتمكن من إصدار وطباعة 10 مليار دولار يوميا أي ما يعادل 3.65 تريليون دولار سنويا. فإذا انخفض السعر إلى 10 دولارات للبرميل فإن رصيد البنك الفيدرالي جراء بيع النفط سينخفض إلى 365 مليار دولار فقط، ما يعني أن سياسة البترودولار ستصبح عبئا على البنك الأمريكي المركزي بدلا من أن تكون عامل قوة وحيوية. وبالتالي لا بد من بديل أو العمل على إعادة أسعار النفط للارتفاع كما حصل بعد أزمة 2008 المالية. وقد ذكر بعض المحللين أن الفيدرالي يعمل على استبدال دور البنك وصندوق النقد الدوليين في عملية الإقراض العالمي. بحيث يقوم الفيدرالي في النهاية بتزويد معظم دول العالم بالديون المرتبطة بالدولار. ما يعني أنه في حال تم التوافق مع 170 بنكا مركزيا عالمياً، فإن الفيدرالي سيكون بوسعه إصدار ما يزيد على 10 تريليون دولار سنويا وهو رقم يفوق عدة مرات ما كان يصدره مقابل النفط. على أي حال يبدو أن أمريكا تعمل الآن ضمن المثل اليمني العريق "إذا صلحت فزوج وحمار وإلا فركبة إلى ذمار"، ويعني أن انخفاض سعر النفط إلى أقل من 10 دولارات بل وأقل من صفر كما حصل يوم الاثنين 20/4/2020 من الممكن أن يردع دولا مثل روسيا والصين عن مجرد التفكير بالعزوف عن الدولار في تجارة النفط وتكون أمريكا قد ضمنت استمرار تدفق الدولار وطباعته وإنتاجه دون أي غطاء مطلقا، وإلا فها هي تحضر لبديل أشد سوءاً من سابقه، يتلخص بدولارات مقابل ديون ورهن مقدرات الدول والشعوب ونهب ثرواتها السيادية. وتصبح الشعوب في شتى أنحاء الأرض مستعبدة ومرتهنة لعائلات البنك الفيدرالي. والحقيقة أن العالم لن ينعتق من شرور أمريكا ورأسماليتها وربا بنوكها إلا إذا استعاد الإسلام بنظامه المالي والاقتصادي والسياسي قيادته العادلة للعالم.

الخميس, 30 نيسان/أبريل 2020 01:41
انتباه، فتح في نافذة جديدة. PDFطباعةأرسل إلى صديق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جريدة الراية: مناعة القطيع؛ خيار ثقافي أم إجراء علمي في مواجهة #كورونا؟

 

 

- لقراءة المقال على موقع ‫#جريدة_الراية▼

 

 

https://bit.ly/2VKeFmX

 

 

- بقلم: الأستاذ مناجي محمد

 

 

#Covid19 l #Korona -----------

 

 

 

- أثار مصطلح مناعة القطيع كثيرا من اللغط والجدل والتجاذب الفكري والسياسي. بداية وجب القول إن المصطلح والاستعارة في الفكر الفلسفي والسياسي ليسا البتة تركيبا لفظيا لجمالية اللغة والأسلوب ولا صقلا بيانيا ولا حتى إنشاء بلاغيا، بل للمصطلح المستعار واقع ذهني وسبب وغاية يسعى المفكر والفيلسوف والسياسي لترجمتها في التفكير والواقع. والأخطر في هكذا استعارات هو ما تخفيه من مضامين فكرية وسياسية. ومصطلح مناعة القطيع الذي يعنينا هنا هو من هذا القبيل، فهو ليس مصطلحا مصمتا محايدا بريئا، بل هو مصطلح مثقل مثخن بالحمولة الثقافية لصاحبه، ولما كان مصطلح مناعة القطيع منتجا غربيا، استحال توليد معرفة جادة بشأنه دون معرفة البذور والجذور الفكرية التي أنبتته. أما تحميل المصطلح دلالة علمية خالصة فهو من باب اختلاس النظر، فيبصر الجزء ويبني عليه التصور الكلي، فتوحي لك المناعة بشرائط التجربة وتحاليل المختبر، والتركيب هنا مانع، فمناعة القطيع هي خيار سياسي. والسياسة في طبعها الأصيل ثقافة تستبطن عقائد وأفكارا وآراء ثقافية، فالسياسة ما كانت يوما ما صناعة مخبرية ولا إنتاجا معمليا، بل صياغة ثقافية لقوانين وأحكام مستنبطة من مصادرها الثقافية تم تصييرها سياسات. فمصطلح مناعة القطيع مثقل ومثخن إلى أبعد الحدود وأقصى المسافات بالداروينية السياسية والاجتماعية في الفكر الغربي، وتجد صداها في أفكار داروين وأفكار مالتوس التي حواها كتابه "بحث في مبدأ السكان" وفي آراء جيمس ستيوارت وفي نظرية السكان لكانتيلون، وغيرهم من منظري ومؤسسي الفكر الغربي. فمناعة القطيع هي ترجمة عملية للمفهوم الفلسفي المادي في الفكر الغربي "البقاء للأقوى". تقترح نظرية مناعة القطيع أنه في حالة الأمراض المعدية التي تنتقل من فرد إلى فرد، فإن إعاقة سلسلة العدوى تكون بانتشار الفيروس عن طريق العدوى واكتساب مناعة جماعية ضد الفيروس. أما الشيء المسكوت عنه هو أنه لتحقيق مناعة القطيع هذه سيموت ما معدله 10% إلى 20% من القطيع لضعف مناعتهم. أي مضمونها الثقافي المستبطن أن نترك الشياه وشأنها ترتع وتقاوم قدرها المادي الفيروسي حتى يتم ذاك الفرز المادي الطبيعي بناء على القانون المادي الطبيعي "البقاء للأقوى"، ولا ضير من تغليف الأمر بشيء من الزيف الإنساني فالميكافيلية هي صلاة السياسيين الغربيين. فخطاب بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني: "عائلات كثيرة وكثيرة جدا ستفقد أحباءها سيفقدون قبل أن يحين موعدهم" هو من باب الميكافيلية السياسية لإعداد الرأي العام لتقبل هكذا سياسة. وعليه فالمرجعية الثقافية هي الحاكمة في هكذا سياسات وفي هكذا مصطلحات، فالنظرة المادية في الفكر الغربي تستتبعها قائمتها الخاصة بها من المعتقدات والأفكار والآراء التي تتلاءم وتتجانس معها والتي لا يمكن للإنسان الغربي العلماني المادي الانسلاخ منها، فهي كانت وستبقى قبل كورونا وبعدها، بل قبل طب الطبيب وهندسة المهندس. فهذا الطبيب الألماني بول إرليخ الحائز على جائزة نوبل في الطب سنة 1908 عن أبحاثه في المناعة الذاتية، يحث الحكومات على تقليص تمويل برامج الحد من الوفيات في مؤلفه "القنبلة السكانية"، أي بمادية صماء صارمة اتركوا الناس تموت للحد من هذا الكم السكاني. أي خلف ذاك الرنين والطنين العلمي القريب الخفيف لسماعة الطبيب هناك الصوت الثقافي البعيد العميق لداروين ومالتوس وكانتيلون و... وهذا الأخير هو الأبلغ أثرا والأفعل سلوكا. فالداروينية والمالتوسية هي منشئة ومؤسسة وبانية للفكر الغربي المعاصر ومتجذرة في السياسات الغربية المعاصرة. فقانون التعقيم (منع الإنجاب) في الولايات المتحدة لسنة 1927 كان مصدر إلهام للنازيين في سن قانونهم الخاص بهم للتعقيم سنة 1933. وفي سبعينات القرن الماضي تم إجبار السود والهنود الحمر في أمريكا على التعقيم القسري وتم تغليفه بإجراء طبي، وفي اعتراف القاضي الفيدرالي الأمريكي جيرهالد جيل في عام 1972 في قضية التعقيم القسري للفقراء جاء فيه "على مدى السنوات القليلة الماضية قامت الدولة والهيئات والوكالات الفيدرالية بتعقيم ما بين 100 ألف إلى 150 ألف شخص من متدنيي الدخل الفقراء". وبناء عليه فمناعة القطيع هي النتاج المادي الطبيعي للنظرة الفلسفية المادية وأسسها الداروينية والمالتوسية في الفكر الغربي. فمناعة القطيع فيروس من الفيروسات الفكرية التي أنتجتها حاضنات البعوض الثقافي الغربي، هذا الأخير الذي ما كان لبذره وبيضه أن يتخلق وينمو إلا في المستنقع الحضاري الغربي. وعليه وحتى يتم التخلص من هكذا فيروسات فكرية وجب التخلص من البعوض الثقافي الغربي، ولإنهاء المشكل من جذوره لا يكفي قتل هكذا بعوض ثقافي بل يجب تجفيف المستنقع، أي اقتلاع حضارة الغرب من جذورها فهي قاع المستنقع ومنبع القذارة، ثم تطهير البشرية من هكذا نجس ورجس حضاري بحضارة الإسلام العظيم وبلسمها السياسي خلافتها الراشدة على منهاج النبوة. وإن الزمان قد استدار وما إدبار ليل الغرب وإقبال فجر الإسلام إلا صبر هنيهة من عجلة، ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

الصفحة 23 من 74

النقد الإعلامي

خطر تبعية الإعلام العربي للإعلام الغربي على المرأة المسلمة

خطر تبعية الإعلام العربي للإعلام الغربي على المرأة المسلمة؛ وكالة معاً من فلسطين نموذجاً: مقدمة مـنذ أن اكتشف الغـرب أن قوة الإسلام والمسلمين تكمن في عقيدته وما ينبثق عنها...

التتمة...

قبول الآخر فكرة غربية يراد بها تضليل المسلمين وإقصاء الإسلام عن الحكم

بقلم: علاء أبو صالح تمهيد : الصراع الفكري هو أبرز أشكال صراع الحضارات، واستخدامه يأخذ أساليب وصوراً مختلفة تبعاً لمتطلبات هذا الصراع وأحواله المستجدة. فقد يأخذ الصراع الفكري الحضاري شكل...

التتمة...

استفتاءات الرأي العام الموجهة وحدود الهزيمة

News image

تحت عنوان: "غالبية الجمهور يدعون الرئيس لاتخاذ خطوات أحادية من جانبه ضد إسرائيل"، نشرت وكالة معا نتيجة استفتائها الاسبوعي على الانترنت، حيث ذكرت أنّه "في حال أخذت أمريكا قرار فيتو...

التتمة...

إقرأ المزيد: تقارير النقد الإعلامي

حتى لا ننسى / قضايا أغفلها الإعلام

الأرض المباركة: الفعاليات التي نظمت ضمن الحملة العالمية في ذكرى فتح القسطنطينية

          بسم الله الرحمن الرحيم   الأرض المباركة: الفعاليات التي نظمت ضمن الحملة العالمية في ذكرى فتح القسطنطينية  ...

التتمة...

إندونيسيا: الفعاليات التي نظمت ضمن الحملة العالمية في ذكرى فتح القسطنطينية

    بسم الله الرحمن الرحيم     إندونيسيا: الفعاليات التي نظمت ضمن الحملة العالمية في ذكرى فتح القسطنطينية     بتوجيه من...

التتمة...

عدد قياسي للضحايا المدنيين الأفغان في 2016

News image

  نشرت الجزيرة نت التقرير التالي عن الأمم المتحدة : تقرير: عدد قياسي للضحايا المدنيين الأفغان في 2016 أعلنت الأمم المتحدة أن عدد...

التتمة...

إقرأ المزيد: قضية أغفلها الإعلام

اليوم

الخميس, 25 نيسان/أبريل 2024  
17. شوال 1445

الشعر والشعراء

يا من تعتبرون أنفسكم معتدلين..

  نقاشنا تسمونه جدالا أدلتنا تسمونها فلسفة انتقادنا تسمونه سفاهة نصحنا تسمونه حقدا فسادكم تسمونه تدرجا بنككم...

التتمة...

النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ

نفائس الثمرات النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحـياءُ بــهمْ والسـعدُ لا شــكَّ تاراتٌ وهـبَّاتُ النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ...

التتمة...

إعلام ُ عارٍ

إعلام عار ٍ يحاكي وصمة العار      عار ٍ عن الصدق في نقل ٍ وإخبارِ ماسون يدعمه مالا وتوجيها         ...

التتمة...

إقرأ المزيد: الشعر

ثروات الأمة الإسلامية

روائع الإدارة في الحضارة الإسلامية

محمد شعبان أيوب إن من أكثر ما يدلُّ على رُقِيِّ الأُمَّة وتحضُّرِهَا تلك النظم والمؤسسات التي يتعايش بنوها من خلالها، فتَحْكُمهم وتنظِّم أمورهم ومعايشهم؛...

التتمة...

قرطبة مثلا

مقطع يوضح مدى التطور الذي وصلت اليه الدولة الاسلامية، حيث يشرح الدكتور راغب السرجاني كيف كان التقدم والازدهار في  قرطبة.

التتمة...

إقرأ المزيد: ثروات الأمة الإسلامية

إضاءات

آخر الإضافات

JoomlaWatch Stats 1.2.9 by Matej Koval